توفي رئيس حزب المؤتمر الشعبي السوداني المعارض حسن الترابي، مساء اليوم، بعد أن تعرض صباحا لغيبوبة نقل إثرها إلى أحد مستشفيات الخرطوم وهو في حالة حرجة. الترابي، مفكر وزعيم سياسي إسلامي سوداني، عُرف بكتاباته في مجالات الفكر والدعوة، لكن شهرته كانت في ميدان السياسة التي تقلب في مناصبها وتحالفاتها -منذ 1964- فأدخلته السجن عدة مرات. النشأة ولد حسن عبد الله الترابي يوم 1 فبراير 1932، في مدينة كسلا شرق السودان، لأسرة متدينة ميسورة تنتمي إلى قبيلة البديرية، وقد توفيت أمه صغيرا، وكان والده قاضيا وشيخ طريقة صوفية فحفّظه القرآن الكريم بعدة قراءات، ودرّسه علوم اللغة العربية والشريعة. تلقى الترابي تعليمه الأساسي والثانوي بمناطق مختلفة من السودان، ودرس القانون بجامعة الخرطوم فتخرج 1955، ثم نال الماجستير من جامعة أكسفورد البريطانية 1957، ودكتوراه الدولة من جامعة السوربون الفرنسية 1964. اتقن الترابي، الإنجليزية والفرنسية والألمانية، واطلع على العلوم والثقافة الغربية. التوجه الفكري تعرّف أثناء دراسته بجامعة الخرطوم على فكر جماعة الإخوان المسلمين، فانضم إليها وأصبح من زعماء الإخوان في السودان سنة 1969، لكنه انفصل عن الجماعة فيما بعد واتخذ سبيله مستقلا. الحياة المهنية بعد إكماله دراسته في الخارج، عاد إلى بلده فاشتغل بالتدريس في كلية القانون بجامعة الخرطوم، وتولى عمادتها 1965 فأصبح أول سوداني يشغل هذا المنصب. عُين 1979 رئيسا للجنة مراجعة القوانين لأسلمتها، ثم وزيرا للعدل 1981 فمستشارا لرئيس الدولة للشؤون الخارجية 1983. وصار 1988 نائبا لرئيس الوزراء الصادق المهدي ووزيرا للخارجية في حكومته الائتلافية. أسس 1991 المؤتمر الشعبي العربي الإسلامي ليشكل منبرا للقضايا الإسلامية تتلاقى فيه عشرات التنظيمات بالعالم، واختير أمينَه العام. انتخب 1996 رئيسا للبرلمان السوداني في عهد "ثورة الإنقاذ"، كما اختير أمينا عاما للمؤتمر الوطني الحاكم 1998. وأسس -إثر مغادرته الحكم سنة 1999- "المؤتمر الشعبي" وأصبح أمينه العام. الحياة السياسية بدأ الترابي حياته السياسية عضوا بجبهة الميثاق الإسلامية التي كانت تحالفا سياسيا إسلاميا يقوده الإخوان، وتولى أمانتها العامة 1964. وكانت ثورة أكتوبر 1964 على حكم العسكر بالسودان منعطفا مهما في مسيرة الترابي، إذ نقلته من قاعات الدرس الأكاديمي إلى أتون السياسة وصراعاتها. اعتقِل أعضاءُ جبهة الميثاق 1969، إثر الانقلاب العسكري الذي قاده جعفر نميري فدخل الترابي في عهده السجن ثلاث مرات، وغادره 1977 بعد مصالحة بين الإسلاميين والنميري أفضت إلى إعلان تطبيق الشريعة الإسلامية 1983. سقط نظام النميري 1985 بثورة شعبية فتحت الطريق أمام قيام حكم منتخب، فأسس الترابي 1986 الجبهة الإسلامية القومية التي ترشحت للبرلمان فحلت ثالثة ودخلت الحكومة الائتلافية برئاسة الصادق المهدي. وفي سنة 1989 قاد عسكريون لهم صلات بالحركة الإسلامية انقلابا على حكومة المهدي، وأقاموا نظام حكم جديدا كان الترابي القائد الفعلي له وإن اختير المشير حسن البشير ليرأس الدولة. بقي الترابي يقود النظام من خلف الكواليس إلى أن نشب خلاف بينه وبين البشير، تطور حتى وقع انشقاق في كيان النظام 1999، فخُلع الترابي من مناصبه الرسمية والحزبية، وأسس 2001 "المؤتمر الشعبي" حزبا معارضا فسُجن مرات. مؤلفات الترابي له مؤلفات ومقالات شتى، منها: "تجديد الدين"، و"التفسير التوحيدي"، و"منهجية التشريع"، و"المرأة بين تعاليم الدين وتقاليد المجتمع"، و"السياسة والحكم: النظم السلطانية بين الأصول وسنن الواقع"، و"ضرورة النقد الذاتي للحركة الإسلامية".