الأطباء احتشدوا أمام نقابتهم بسبب اعتداءات الداخلية.. المثقفون نددوا بقمع الحريات بعد حبس ناجي وآخرين.. الأبواق الإعلامية المؤيدة أصبحت معارضة لسياسات النظام.. المحامون اعتصموا عده مرات بسبب ممارسات الداخلية.. حقوقيون نددوا باستمرار جرائم القتل والتعذيب ف أزمات عديدة وصدمات متوالية شهدتها الدولة في العديد من القطاعات على مدار الأشهر القليلة الماضية، الأمر الذي فرض تساؤلاً حول تأثير هذه الأزمات على شعبية الرئيس عبد الفتاح السيسي. "التحرير" ترصد ست أزمات لحقت بالوطن، لبيان هل لها تأثير على شعبية الرئيس، الذي انتخب رئيسًا عقب ثورة 30 يونيو بنسبة انتخاب فاقت 96% أمام منافسه حينها حمدين صباحي. الأزمة مع الأطباء "1" في 12 فبراير الجاري، خرج آلاف الأطباء محتشدين أمام مقر نقابتهم بدار الحكمة لعقد جمعية عمومية طارئة تنديدًا بتجاوزات واعتداءات أمناء الشرطة المستمرة على الأطباء ورفضًا لممارساتهم، لا سيَّما بعد واقعة اعتداء أمناء الشرطة على "أطباء المطرية". توحَّد الأطباء في قضيتهم خلف مطلب واحد وهو حماية كرامتهم ضد انتهاكات أمناء الشرطة، مؤكدين رفضهم للمارسات ما أسموها "دولة الأمناء"، ورفعوا خلالها لافتات وشعارات منها "المحاكمة الفورية لأمناء المطرية"، و"كرامة الطبيب خط أحمر"، و"الدكتور في السجن ليه؟"، و"الحرية للدكتور أحمد سعيد الذي تذكر جرحى وشهداء محمد محمود"، و"الحرية للدكتور طاهر مختار الذى طالب بالرعاية الطبية"، ورفضوا رفع شعارات سياسية. قرر الأطباء، خلال الجمعية، الامتناع عن تقديم أي خدمة بأجر للمواطن في المستشفيات الحكومية، وتحويل الخدمة الطبية بالكامل بالمجان، والإغلاق الاضطراري لأي مستشفى يتعرض لاعتداء من أي بلطجية وإغلاقها تمامًا وتفويض مجلس النقابة بذلك، ومطالبة وزير الصحة بالاستقالة وإحالته للمحاكمة في آداب المهنة داخل نقابة الأطباء تمهيدًا لسحب لقب طبيب منه بسبب تصريحه بأنَّ عددًا كبيرًا من الأطباء لا يصلحون لمزاولة الطب. الأزمة مع المثقفين "2" تحوَّل موقف العديد من المثقفين وكتاب الرأي من التأييد الكامل لنظام السيسي إلى ما يشبه "القطيعة والعداء"، بعد سلسلة أحكام قضائية بحبس عددٍ من أصحاب الرأي والفكر، وفي مقدمتهم الباحث إسلام بحيري وفاطمة ناعوت، الذين اتهما بازدراء الدين الإسلامي، وأيضًا الكاتب أحمد ناجي الصادر حكمٌ قضائي بحبسه عامين لاتهامه ب"خدش الحياء العام" عن روايته "استخدام الحياة". كثيرٌ من الأدباء والكتاب اعتبروا الحكم بحبس أحمد ناجي بمثابة انتكاسة لحرية الرأي والتعبير ومخالفة واضحة وصارخة للدستور، ونوع من أساليب الاستبداد وقمع الحريات. ورأى بعض الكتاب: "هذا الحكم يدل على أنَّنا دولة ذات وجهين، وجه ينادي بسيادة الدستور والقانون، والآخر لا يعترف لا بدستور ولا بقانون ويعيد إصدار الأحكام الفضائية التي أودت بحياة نصر أبو زيد وفرج فودة، وفي نفس القضية قاضٍ يبرئ وآخر يصدر حكم مشين وهذا أمر يجعلنا نسأل أنفسنا عن معتقدات القضاة الحقيقية ما بين المؤيد لدولة مدنية حديثة وآخر إخواني الهوى، والحكم فضيحة أخرى تضاف لفضيحة قضية إسلام البحيري وفاطمة ناعوت". الأزمة مع الإعلام "3" تسبَّبت ممارسات أمناء الشرطة التي تصاعدت مؤخرا ضد المواطنين، في تحول موقف العديد من الإعلاميين المحسوبين على النظام من دعم السلطة والوقوف بجوارها في كل ما تتخذه من خطوات وتحركات إلى موقف النقيض، حيث خرج العديد من مقدمي البرامج والكتاب في بعض الصحف الخاصة لتهاجم النظام الحالي بصفة عامة ورأس الدولة بصفة خاصة، للحد الذى وصل إلى تحذير البعض للرئيس من حدوث ثورة جديدة بسبب تجاهله ممارسات أفراد الشرطة وتجاوزاتهم المتكررة ضد المواطنين. وتحوَّلت بعض الفضائيات التي كان يصفها البعض بمثابة أبواق اعلامية مؤيدة للرئيس إلى منصات هجوم عليه، وأبرز ما يدلل على ذلك ما قاله الإعلامي يوسف الحسيني مقدم برنامج "السادة المحترمون" على فضائية "ONTV"، حينما خرج ليهاجم الرئيس السيسي بعد واقعة تعدي أمين شرطة وقتله مواطنًا بالدرب الأحمر، قائلاً: "يا فندم الناس بتقول مش ده اللي إحنا انتخبناه.. الناس منتظرة من حضرتك الكثير يا فندم، والتقارير اللي بتوصلك من النس المقربة إليك، ومن المصادر التابعة ليك، تقارير مضروبة ومفبركة وغير دقيقة"، متابعا الناس اللي بتنقدك هي اللي بتخاف على مصلحتك". وهاجمه أيضًا الإعلامي عمرو أديب مقدم برنامج "القاهرة اليوم" على فضائية "اليوم"، قائلاً: "الإفتراء هو اللي بيوقع الأنظمة، وصابرين وبيقولوا مش السيسي اللي بيعمل كده، بيقولوا هو أكيد هيجيبلنا حقنا، هو كويس لكن اللي تحته وحشين، لكن أنا بس عايز أقولك معلومة، الناس صابرة عليك فعلًا". وعلى صعيد الصحافة، تشهد الجماعة الصحفية حالةً من الغليان الواضح بسبب تجاهل الحكومة إصدار مشروع القانون الموحد للصحافة والإعلام الذي أصدرته لجنة الخمسين المشكلة لعددٍ من الجهات الصحفية والإعلامية، ممثلةً في نقابة الصحفيين والإعلاميين واتحاد الإذاعة والتلفزيون وعدد من الشخصيات الإعلامية. الأزمة مع الشباب "4" رغم الوعود التي قطعها الرئيس السيسي على نفسه قبل توليه رسميًّا رئاسة الجمهورية، بالاهتمام بالشباب وتقليدهم المناصب العليا في الدولة والعمل على تأهيلهم وتنميه قدراتهم، إلا أنَّه في الفترة الأخيرة تزايدت موجات القبض على العديد من الشباب، لا سيَّما شباب ثورة 25 يناير بحجه الانضمام لجماعات محظورة أو وفقًا لقانون التظاهر أو بسبب آراء معارضة للنظام. وعلى سبيل المثال.. ألقت أجهزة الأمن، مؤخرًا، القبض على الشاب "محمود السقا" بتهمه الانضمام لجماعة محظورة "25 يناير"، وكذلك الباحث والكاتب الصحفي إسماعيل الإسكندراني بتهمه الانضمام لجماعة الإخوان المحظورة والترويج لأفكارها، والقبض على الناشط السياسي محب دوس فضلاً عن حبس العديد من شباب ثورة يناير. خرجت منظمات حقوقية كثيرة لتكشف عن وجود العديد من حالات الاختفاء القسري خلف القضبان بعد اقتيادهم على أيدى أجهزة الأمن، دون أن تفصح تلك الأجهزة عن حقيقة ما لديها من حالات اختفاء قسري مثل "أشرف شحاته" الذى أثير حوله حالة من الجدل مؤخرًا بين وزارة الداخلية والمجلس القومي لحقوق الإنسان ولم يتضح مكان اختفائه حتى الآن. الأزمة مع المحامين "5" لا يزال سجل وقائع اعتداء ضباط وأفراد الشرطة على المحامين حافل بالعديد من التجاوزات والانتهاكات، فلم تكن واقعة اعتداء ضابط على محامٍ بدمياط، هي الأولى والأخيرة في الصراع الدائر بين "رجل القانون.. ومنفذيه". مؤخرًا, اندلعت نيران الأزمة بين الطرفين عقب واقعة اعتداء نائب مأمور قسم شرطة فارسكور بالضرب بالحذاء على محامي بالنقض، وهو ما نتج عنه إصابة المحامي بإصابة بالغة أعلى العين اليسرى، استلزمت إجراء جراحة "ثماني غرز" لوقف النزيف. الواقعة أدَّت الى ثورة غضب عارمة بين المحامين، ليخفف الرئيس من وطأة الواقعة بتقديمه اعتذارًا للمحامين، فضلاً عن صدور حكم من محكمة جنح فارسكور بمعاقبة الرائد أحمد عبد الهادي نائب مأمور مركز فارسكور بالحبس ثلاثة أشهر وغرامة ثلاثة آلاف جنيه في القضية المعروفة إعلاميا ب"واقعة الحذاء". الأزمة مع الحقوقيين "6" حالةٌ من السخط والغضب عبَّرت عنها المنظمات الحقوقية مؤخرًا في تقاريرها الرسمية تنديدًا بمستقبل الحريات في مصر، بعد تزايد "حملات القبض على الشباب واحتجازهم، فضلاً عن تلفيق رجال الأمن القضايا للمواطنين، إلى جانب تزايد قبضة أمناء الشرطة بوزارة الداخلية ووقوع أكثر من حالة قتل خلال الشهر الماضي، فضلاً عن أزمة مقتل الطالب الإيطالي "جوليو ريجيني" والتى اعتبرتها صحف عالمية بمثابة تهديد للحريات في مصر وتزايد للسطوة الأمنية وتراجع للحريات في مصر، فضلاً عن واقعة الحكم على طفل يبلغ من العمر أربع سنوات بالسجن 28 عامًا بتهمه قتل أربعة أفراد. واتفقت المنظمات الحقوقية على أنَّ هذه الأساليب والممارسات بمثابة عودة واضحة لما قبل 25 يناير، نظرًا لاستخدام نفس الأساليب في التعاطي مع تلك القضايا الرئيسية بالدولة.