رحمة: بابا عند ربنا وماما رجعلها اتكسرت وأنا بصرف على البيت.. مش عايزة أصعب على حد تجلس وحيدة، لا تطلب مساعدة من أحد وتضع أمامها عدد من أكياس المناديل الورقية، تعرضها للبيع داخل أحد محطات مترو الأنفاق، وعندما تقترب منها تجدها مشغولة في كتابة بعض الأشياء في كراستها من كتاب دراسي وهو الواجب المدرسي. بصوت رقيق قالت: "أنت عايز مناديل ياعمو؟" ومن هنا جاءت الفرصة للتحدث مع "رحمة عادل" 9 سنوات من سكان بولاق الدكرور، تلميذه بالصف الثالث الابتدائي بأحد المدارس الحكومية بالجيزة، وفي بداية حديثها قالت: "أنا مش عايزة أصعب على حد ولا أنا بشحت من حد وكل اللي بيديني فلوس لازم ياخد مناديل". واستكملت التلميذه الصغيره سرد قصتها: "بابا عند ربنا ومحدش بيصرف على البيت علشان ماما مش عارفه تطلع المعاش بتاعه ولاقيت ماما بتعيط فى يوم علشان مش عارفة تجيب لنا الأكل أنا وأخواتى الصغيرين ومن بعدها لاقيت ماما بتشتغل في غسيل سلالم المنازل". وهنا نزلت دموع طاهرة من عيونها وانخفض صوتها قليلًا: "أمي رجليها اتكسرت وهي في الشغل ومحدش بقى يجبلنا فلوس وملقتش حد يساعدنا، وأحد قرايبنا قالي انزلي بيعى المناديل في المترو وأنتى هتصعبى على الناس ودة اللى حصل بس أنا مش بحب أصعب على حد". وقالت رحمة: "أنا بروح المدرسة الصبح ولما بخلص بروح على المترو وبقعد هنا وقدامي المناديل وبقعد أكتب الواجب علشان لما أروح أعرف أساعد ماما في شغل البيت وعلى فكرة انا من بولاق والبيت مش بعيد وكل يوم أنا اللي بجيب الأكل من فلوس المناديل وبشتري البضاعة من محل في المنطقة وباخدها معايا في شنطة المدرسة". وهنا اختتمت الطفلة حديثها، قائلة: "أنت بتسأل دة كله ليه؟ خلاص ماتشتريش مني مناديل وسبني علشان عايزة أخلص الواجب"! صورة الطفلة رحمة في مترو الأنفاق