كتبت بسمة مصطفى: تسع سجون جديدة، أُنشأت في مصر منذ عام 2013، بخلاف مقرات الاحتجاز داخل أقسام ومراكز الشرطة بكل محافظة والتي تصل إلى 382 مقرًا. وشهد عام 2015 فقط، بناء 5 سجون جديدة شيدتها وزارة الداخلية المصرية بتكلفة 1.2 مليار جنيه، رغم عجز الموازنة الذي وصل إلى 684 مليار جنيه، لتضاف تلك السجون إلى قائمة تضم 42 سجنًا موزعة على 25 منطقة. وفي مطلع عام 2015 افتتح وزير الداخلية السابق محمد إبراهيم، سجن الجيزة المركزي، حيث بُني السجن في مدينة السادس من أكتوبر على طريق «مصر إسكندرية»، الصحراوي، وبدأ استقبال السجناء بدايةً من يناير لنفس العام. وجاء في تصريحات على لسان مدير أمن الجيزة خلال تلك الفترة، اللواء كمال الدالي، أن السجن أُنشأ بسبب الضرورة الملحة لاستيعاب السجناء بأقسام الشرطة بمراكز محافظة الجيزة بعد زيادة أعدادهم مؤخرًا. وأعلنت الوزارة نفسها في بداية يونيو عن افتتاح سجن مركزي جديد على طريق الأوتوستراد بمدينة 15 مايو، يكون تابعًا لقطاع أمن القاهرة. وأوضحت أن السجن يتسع لنحو 4 آلاف سجينًا، ويضم نحو 8 عنابر ويتسع كل عنبر لنحو 400 سجين، وبُني على مساحة 105 آلاف متر مربع في أقل من عام، وبدأت السلطات المصرية في بناؤه منذ أكتوبر لعام 2014، وتم افتتاحه في يونيو من العام 2015. وأسندت وزارة الداخلية مهمة بناء هذا السجن إلى شركة المقاولين العرب المصرية والتي كان يترأس مجلس إدارتها رئيس الوزراء السابق إبراهيم محلب، قبل توليه منصب رئاسة الحكومة، وأعلنت مسبقًا الوزارة أن هذا السجن كلف الدولة نحو 160 مليون جنيه في بنائه. وأعلن محافظ الشرقية سعيد عبدالعزيز في 27 نوفمبر لعام 2015 عن تخصيص قطعة أرض بمدينة الصالحية تقع وسط الحيز العمراني وتبلغ مساحتها 10 أفدنة، لبناء سجن عمومي جديد، بعد طلب الأجهزة الأمنية لذلك. أما «سجن دمياط المركزي»، فقد وافق المجلس التنفيذي لمحافظة دمياط بتاريخ 6 ديسمبر لنفس العام على زيادة مساحة الأرض المخصصة لإنشائه بمنطقة شطا من 19800 إلى 22217.39 مترًا مربعًا. وفي 9 ديسمبر لعام 2015 وافق مجلس الوزراء على مشروع مقدم من رئيس الجمهورية بتخصيص قطعة أرض مملوكة للدولة على طريق «القاهرةأسيوط »، عرب محافظة الجيزة وتبلغ مساحتها 103 فدانًا لوزارة الداخلية، سيبُنى عليها سجن مركزي وملحقاته بالإضافة إلى معسكر لإدارة قوات أمن الجيزة، وكذلك مركز تدريب، وقسم لإدارة مرور الجيزة. وذلك بحسب تقرير للائتلاف العالمي للحريات والحقوق عن زيادة عدد السجون في مصر. وفي نهاية عام 2014 أصدر مجلس الوزراء ببناء سجن آخر في مدينة القاهرة، يُبنى على مساحة 12 ألف متر في منطقة السلام بالقاهرة، وأٌطلق عليه اسم «سجن النهضة» يتكون من طابقين. وفي العام نفسه، أصدرت وزارة الداخلية قرارًا في 16 مارس، حمل رقم 84، وذلك لإنشاء سجنين في محافظة المنيا، الأول «ليمان المنيا»، وتقرر إيداع السجناء المحكوم عليهم بالسجن المؤبد والمشدد فيهما، أما الثاني فهو «سجن شديد الحراسة بالمنيا»، وهو عبارة عن سجن عمومي، ويتبع كلا السجنين دائرة مديرية أمن المنيا. وفي أغسطس لعام 2013، بدأت السلطات في بناء «ليمان جمصة شديد الحراسة»، ويقع السجن الذي أنشىء على مساحة 42 ألف متر مربع بجوار مدخل مدينة جمصة بمحافظة الدقهلية، وتكلف إنشاءه نحو 750 مليون جنيه، حسبما صرحت وزارة الداخلية وقت ذلك. وشهد أواخر سبتمبر من نفس العام إقرار مجلس الوزراء برئاسة رئيسه الأسبق حازم الببلاوي مشروع قرار رئيس الجمهورية بتعديل بعض أحكام القرار الجمهوري رقم 165 لسنة 2007 بشأن إخلاء بعض أراضي السجون وإنشاء سجون بديلة، ونص هذا التعديل على: «يختص صندوق مشروع أراضي وزارة الداخلية باستغلال أراضي السجون التي يتم إخلاؤها والمبينة في المادة الأولى من ذلك القرار في تجهيز سجون أخرى بديلة أو في الأغراض التي أنشئ من أجلها الصندوق». ولفتت «المبادرة الشخصية لحقوق الإنسان»، النظر إلى أن الموقع الإلكتروني لقطاع مصلحة السجون لم يعرض عدد السجون الحقيقية على أرض الواقع، موضحة أن بعض المعتقلات يعتبر مجمعًا ويحتوي أكثر من سجن. وأثارت القرارات الخاصة بإنشاء سجون جديدة موجة من الغضب لدى حقوقيين اعتبروا أن الرسالة مفادها إضافة مزيد من المعتقلين، وأكدوا أن حالة السجون الحالية سيئة للغاية وغير آدمية. وقالت سوزان فياض، الحقوقية بمركز النديم للعلاج والتأهيل النفسي لضحايا التعذيب، إن الترحيب بسجون جديدة كان ممكنًا في بلد ديمقراطي، تُجرى فيها محاكمات عادلة منذ لحظة القبض على المتهم دون تعذيب حتى الموت، ودون أن يكون للقاضي انحيازات سياسية وطبقية. وأشارت «فياض»، في تصريحات خاصة ل «التحرير»، إلى أن الرسالة من إنشاء سجون جديدة هى المزيد من المعتقلين والإجراءات القميعة، مؤكدة أن تكلفة القمع باهظة، وبناء سجون جديدة يزيد من الأعباء الاقتصادية على الدولة، في حين أن تكلفة العدالة أقل بكثير. ومن جانبه، أكد المحامي الحقوقي بالشبكة العربية لمعلومات حقوق الانسان، كريم عبدالراضي، أن مصر في حاجة للعدالة وليست لإنشاء سجون جديدة ولكنها قررت أن تحيا على القمع، لافتًا إلى أن الرسالة واضحة من التوسع في إنشاء سجون جديدة وهى مزيدًا من القمع والاعتقال. وأشار «عبد الراضي»، في تصريحات خاصة ل «التحرير»، اليوم الخميس، إلى إنه رغم الحديث عن ضرورة تحمل الظروف الاقتصادية الصعبة وضرورة التقشف، نجد في المقابل الدولة تتخذ إجراءات متناقضة مع دعواتها للتقشف وذلك يتمثل في رفع معاشات الشرطة والجيش، والقضاء بشكل مستمر، وأيضًا إنفاق أموال طائلة لإنشاء سجون ومقرات احتجاز. ونوه المحامي الحقوقي بالشبكة العربية لمعلومات حقوق الانسان، إلى أن هذه التصرفات توضح طريقة تفكير الدولة المصرية وهى فلسفة قائمة بشكل واضح على استخدام العصا الحلول الأمنية.