تصوير: علي السيوفي يسيرون بمبدأ "على باب الله.. وراضى بكل حال"، فبعضهم ينام دون عشاء، والآخر من أصحاب العمارات والأطيان، وآخرون لا يجدون مأوى أو سكن، ولكن لا يوجد مثيل لجحود الأبناء عندما يطردون مَن حملتهم وهنًا على وهن من بيوتهم وتصبح شريدة تستعطف المارة، للحصول على غذائها.. "التحرير" قررت معايشة طائفة "الشحاتين" ومعرفة تفاصيل حياتهم. «بلبلة»: الشحاتة عندي هواية ونفسي أطلَّع بطاقة تجلس وحدها مبتسمة على رصيف بمنتصف الطريق بشارع السودان في المهندسين، وفور الاقتراب منها تجد الابتسامة تزيد وتتحول إلى ضحكة، قائلة: "إنت ابن حلال وهتراضينى علشان أنا لسه مافطرتش"، وبسؤالها عن اسمها قالت: "أنا بلبلة، وانت اسمك إيه؟" وبالاستفسار عن عمرها قالت في براءة: "أنا مش عارفة أنا اسمي إيه، بس بيقولوا لي أنا عندي 70 سنة". وفي أثناء حديثنا معها لم تفارق الابتسامة وجهها، واستكملت: "أنا باشحت هواية علشان زمان كنت باعمل كده، لكن دلوقتي أنا مش محتاجة حاجة من حد"، واختتمت حديثها: "أنا نفسي أطلّع بطاقة ومش عارفة.. ممكن حد يساعدني". «زكية» تأكل مع القطط.. ومستشفى بولاق طردها علشان معهاش فلوس وعلى الرصيف نفسه وجدنا "زكية"، امرأة في أواخر ال70 من عمرها، لا تجيد الحديث نتيجة حالتها الصحية السيئة، ولم تكمل رحلة علاجها من مرض الصدر نتيجة استنشاقها عوادم السيارات باستمرار، وقام مستشفى بولاق الدكرور بطردها من المستشفى لعدم امتلاكها أموالاً. وبصوت متقطع قالت زكية: "أنا نفسي أتعالج ويكون معايا فلوس أقدر أعيش بها، وتعرف يا ولدي أنا باكل مع القطط من الزبالة"، ثم انقطعت عن الحديث معنا. «صفية»: عيالي طردوني.. وسائقو الموقف يكذبونها: عندها توك توك ومنزلين ولم يختلف الأمر كثيرًا مع صفية محمود، في أواخر السبعينيات من عمرها، كانت تتحدث بصعوبة بالغة، وقالت لنا: "عيالي طردوني من البيت، وأنا اللي باصرف على نفسي، ولو معاك فلوس تساعدني بيها يا ريت". ثم جاء إلينا عدد من سائقي الميكروباصات المتوقفة بالشارع، وقال أحدهم ويدعى مصطفى: "يا باشا دي عندها عمارتين وابنها عنده توك توك بيجيبها كل يوم الصبح ويستنها تخلص وياخدها تاني، دول عالم واصلة سيبك منهم". بينما أيّد أقوال مصطفى أحد السائقين يدعى محمود، إذ قال: "دي مش محتاجة مساعدة، ده أنا اللي عايز مساعدة، دي بتقفّل 500 جنيه في اليوم". «منال»: ابني بيضربني بالجزمة ويسرقني.. واتقبض عليَّ 51 مرة وخطفت الأنظار ربة منزل تدعى منال، جاءت إلينا مسرعة وهى تقول: "أنا يا بني عايزة مساعدة، الحكومة شالت المعاش بتاعي من إمبارح، ده كان 375 جنيهًا، وكانوا بيكفّوا بالعافية، ودلوقتي أعمل إيه بقى". واستكملت منال: "أنا ابني مدمن مخدرات، وكل يوم بيضربني بالجزمة ويطردني من البيت بعد ما ياخد فلوسي، وكل اللي أنا عايزاه يرجعوا المعاش وأقعد في البيت علشان أنا اتقبض عليَّ 51 مرة وحرام كده". «سعاد»: أنا بانام على الكارتون في الشارع والدنيا ساقعة قوي أما سعاد محمد، 69 سنة، فلم يختلف وضعها كثيرًا، إذ وجدناها تجلس على ذات الرصيف، وبصوت مخلوط بالحزن قالت: "لو حد يعرف يساعدني واقعد في البيت وأبطل البهدلة وقلة القيمة دي يا ريت". وأضافت سعاد: "أنا بانام على الكارتون علشان ماليش شقة، والدنيا بتبقى برد وساقعة عليَّ قوي، وأي حد عايز يشوفني بنام تحت كوبرى ناهيا".