الصراع بين تركيا العلمانية وتركيا المتأسلمة ما زال يقسم هذا البلد العلمانى الذى يشكِّل المسلمون أغلبية سكانه، والذى ما زالت قيادته الإسلامية متخبطة تائهة بين الشرق والغرب. «القُبلة» كانت أحدث عناوين صراع الهُويَّة المشتعل رغم مرور ما يزيد على عشر سنوات على تولى حزب العدالة والتنمية الإسلامى مقاليد السلطة فى تركيا. داخل محطة مترو أنقرة تَجمَّع عشرات النشطاء من الجنسين ليتبادلوا القبلات، فى مظاهرة احتجاجية ضد تعنيف سلطات المحطة من خلال الإذاعة الداخلية شابًّا وفتاة عندما كانا يتبادلان قبلة الأسبوع الماضى، بعدما التقطتهما إحدى الكاميرات. تدخلت الشرطة للفصل بين الشباب والفتيات، وبالفعل تمكنوا من منع عدد منهم، بينما تمكن الآخرون من الإفلات بقبلاتهم لعدة دقائق وتسجيل اعتراضهم على ما يرونه إشارات متتالية من حكومة رئيس الوزراء رجب طيب أردوغان على نيتها أسلمة المجتمع. وفى ما يبدو أنه سلوك متأصل فى حركات الإسلام السياسى التى دأبت على القيام بتحركات مضادة لأى نشاط من جانب معارضيها، فقد ظهرت مجموعة من شباب «العدالة والتنمية» داخل المحطة كذلك لمنع المظاهرة، ووصل الأمر إلى حد التحرش الجسدى بالمحتجِّين، قبل أن تتدخل الشرطة للفصل بين الجانبين. لم يكن هذا كل شىء، فقد قامت مجموعة من مجهولة بالاعتداء على المحتجين خارج محطة المترو، حسبما ذكرت صحيفة «حريت» التركية. ويخشى كثيرون فى تركيا من أن حزب العدالة والتنمية يسعى إلى توسيع دور الإسلام فى المجتمع، وقدت أثارت هذه المسألة غضب بعض نواب المعارضة الذين طلبوا من الحزب الحاكم الكشف عما إذا كان مسؤولو المترو لديهم صلاحيات لأن يتخذوا مثل تلك الإجراءات. يأتى هذا بعدما أقرّ البرلمان التركى يوم الجمعة قانونًا مثيرًا للجدل يحدّ من استهلاك المشروبات الكحولية والدعاية لها، ويحظر القانون على شركات بيع الكحول أن ترعى أى نشاطات، كما يحدّ من الأماكن التى يمكن استهلاك مثل هذه المشروبات فيها، ويمنع بيع الكحول بين العاشرة مساء والسادسة صباحًا. والاستثناء الوحيد هو المهرجانات الدولية التى تهدف إلى الترويج الدولى للمشروبات الكحولية. كما سيمنع القانون الذى تَقدَّم به حزب العدالة والتنمية بثّ المسلسلات والأفلام والفيديوهات الموسيقية التى تمجِّد استهلاك الكحول، وسيتمّ التشويش على صور الكحول تمامًا، كما يتم التشويش على صور السجائر. ويقول مؤيدو القانون الذى يحتاج إلى تصديق الرئيس عبد الله جول ليُنفَّذ، إن الهدف منه حماية المجتمع من أضرار الكحول، لكن معارضيه يرون فيه مؤشرًا على تزايُد الاتجاه المحافظ فى البلاد العلمانية، ويرون أنه يشكل تدخُّلًا فى الحياة الخاصة. ومنذ تولى حزب العدالة والتنمية الحكم عام 2002 اتخذ عدة إجراءات للحدّ من استهلاك الكحول، منها فرض ضرائب مرتفعة عليها.