التسريبات التي نُشرت خلال الفترة الماضية عبر العديد من شاشات الفضائيات، لعدد من المعارضين لسياسات الدولة، وحتى المرضي عنه، تطرح تساؤلات كثيرة عن حقيقة الجهة التي تمتلك إمكانية التنصّت على تلك الشخصيات.. لكن الأهم الآن.. هل تتجسس الدولة بالفعل على تليفونات نواب البرلمان ؟! أربع أسباب ترجّح إمكانية التنصّت على النواب السبب الأول: التجسس على المواطنين بات أمرًا مقننًا بأمر الحكومة، خاصة بعدما صدر قانون الإرهاب الذي أقرّه الرئيس عبدالفتاح السيسي في 16 أغسطس، والذي سمح بأن يتم مراقبة وتسجيل المحادثات والرسائل التي ترد على وسائل الاتصال السلكية واللاسلكية وغيرها من وسائل الاتصال الحديثة، ونصّت المادة 46 من قانون مكافحة الإرهاب "للنيابة العامة أو سُلطة التحقيق المختصة، بحسب الأحوال في جريمة إرهابية، أن تأذن بأمر مسبب لمدة ﻻ تزيد على 30 يومًا قابلة للتجديد مدة أو مددًا أخرى مماثلة، بمراقبة وتسجيل المحادثات والرسائل التي ترد على وسائل اﻻتصال السلكية واللاسلكية، وغيرها من وسائل اﻻتصال الحديثة، وكذلك تسجيل وتصوير ما يجرى في الأماكن الخاصة، أو عبر شبكات اﻻتصال، أو المعلومات، أو المواقع الإلكترونية وما يدوّن فيها، وضبط المكاتبات والرسائل العادية أو الإلكترونية والمطبوعات والطرود والبرقيات بجميع أنواعها، ويجوز تجديد الأمر المشار إليه في الفقرة الأولى من هذه المادة، مدة أو مدد أخرى مماثلة". السبب الثاني: لم يحاسب أحد حتى الآن على جرائم انتهاك الحرية الشخصية، سواء في التسجيلات التي أُذيعت على الفضائيات، وحتى الآن لم يعاقب أحمد موسى على نشره صورًا خاصة للنائب خالد يوسف على الفضائيات. السبب الثالث: الأمن قام بالفعل من قبل بمراقبة هواتف نواب تحت البرلمان، ولعل الواقعة الأشهر كانت لوزير الداخلية السابق، زكي بدر، والد وزير التنمية المحلية الحالي، أحمد زكي بدر، ففي إحدى جِلسات المجلس، عرض وزير الداخلية وقتها على المجلس أحد التسجيلات الصوتيه للنائب صلاح أبو إسماعيل، والد المرشح الرئاسي السابق، حازم صلاح أبو إسماعيل، ويكشف التسجيل تورّط النائب صلاح في تجارة العمله. وفي الجِلسة نفسها، أودع زكي بدر تقريرًا عن عدد من النواب الذين تقدّموا باستجوابات لوزير الداخلية عن التعذيب وسوء معاملة المسجونين، وقال فيه إنه أحضر معه "تسجيلات لأعضاء مجلس الشعب اللي مقدّمين فيه الاستجواب مع نسوان" على حد تعبيره في فيديو شهير للجِلسة. السبب الرابع: ما نشرته جريدة القدس العربي في يوليو 2015، بخصوص بعض الوثائق التي تم تسريبها، ونشرها موقع «ويكيليكس» العالمي، وأظهرت الوثائق أن أجهزة الأمن العربية أبرمت عقودًا بالملايين من أجل شراء أنظمة وخدمات تتيح لها التجسس على مواطنيها. ومن بين الدول التي استخدمت تلك الأجهزة "مصر" ، بعدما كشفت الوثائق، أن مصر اشترت برمجيات وفيروسات خبيثة بقيمة 750 ألف يورو "850 ألف دولار"، أي ما يعادل 6.5 مليون جنيه مصري. ومن بين الوثائق كذلك، فاتورة بقيمة 130 ألف يورو قامت الحكومة المصرية بتسديدها مقابل حصولها على نظام "RCS" الذي يتيح لجهاز الأمن الدخول إلى أي جهاز هاتف محمول والتجسس على محتوياته. الدستور يمنع التنصت على الاجتماعات لم يمنع الدستور التنصّت على الهواتف فقط؛ إنما منع التنصّت على الاجتماعات التي يعقدها المواطنون، واعتبر أن هذا أمر لا يجوز لرجال الأمن القيام به، ونصت المادة 73 من الدستور على أن "للمواطنين حق تنظيم الاجتماعات العامة، والمواكب والتظاهرات، وجميع أشكال الاحتجاجات السلمية، غير حاملين سلاحًا من أي نوع، بإخطار على النحو الذي ينظّمه القانون، وحق الاجتماع الخاص سلميًا مكفولًا دون الحاجة إلى إخطار سابق، ولا يجوز لرجال الأمن حضوره أو مراقبته، أو التنصّت عليه". ..ويجرم التنصت على المواطنين نص الدستور على تجريم أي اعتداء على الحرية الشخصية للمواطنين، والتي من بينها حرية استخدام وسائل الاتصال، ونص على أن الدولة تكون مكلّفة بتعويض المواطن الذي تعرّض لهذا الانتهاك، وأن يُبلغ المجلس القومي لحقوق الإنسان النيابة العامة بهذا الانتهاك، وهو ما ورد في المادة 99 من الدستور التي نصّت على أن "كل اعتداء على الحرية الشخصية أو حُرمة الحياة الخاصة للمواطنين، وغيرها من الحقوق والحريات العامة التي يكفلها الدستور والقانون، جريمة لا تسقط الدعوى الجنائية ولا المدنية الناشئة عنها بالتقادم، وللمضرور إقامة الدعوى الجنائية بالطريق المباشر، وتكفل الدولة تعويضًا عادلًا لمن وقع عليه الاعتداء، وللمجلس القومي لحقوق الإنسان إبلاغ النيابة العامة عن أي انتهاك لهذه الحقوق، وله أن يتدخل في الدعوى المدنية منضمًا إلى المضرور بناءً على طلبه، وذلك كله على الوجه المبيّن بالقانون".