تبدأ أولى جلسات البرلمان المنتخب اليوم الأحد، بحضور كامل أعضائه، فيما تجرى الجلسة الإدارية التي يختار فيها النواب رئيس المجلس ومناصب داخل اللجان المختلفة. ومع بداية إعلان العد التنازلي لإجراء الانتخابات البرلمانية ثارت شكوك عدد من المواطنين حول دور أجهزة الأمن في رسم صورة المجلس المنتخب، أذكاها شكوك السياسيين المستقلين والحزبيين بادعاء إدارة المشهد السياسي من كواليس الغرف الأمنية، واتهام جهاز الأمن الوطني بوزارة الداخلية الذي يضم إدارة خاصة بالأحزاب السياسية بالمسؤولية عن ذلك. وترصد "التحرير" أسباب شكوك المواطن تجاه كواليس المشهد السياسي، والخوف من "لعبة البرلمان"، من خلال تصريحات عدد من النواب، آخرهم اعضو ائتلاف "دعم مصر" مصطفى بكري. وبدأت إرهاصات التخوف من الإدارة الأمنية للبرلمان بعد إعلان اللواء سامح سيف اليزل عن تشكيل ائتلاف "دعم الدولة" تحت القبة البرلمانية، ما أسفر عن انشقاقات وتصدعات بالائتلاف الانتخابي "في حب مصر" واتهام التحالف البرلماني الجديد بأنه تابع لأجهزة أمنية معينة. في المقابل نفى سيف اليزل المقرر العام للائتلاف في أكثر من لقاء صحفي وإعلامي وجود أي تدخل من أجهزة أمن معينة في شؤون تحالف "دعم الدولة". ورغم الحرب الإعلامية ضده دعا "دعم مصر" بعد تعديل اسمه النواب للانضمام إليه، فيما قابل عدد من البرلمانيين الدعوة بالرفض بحجة أن أجهزة أمنية ما تزال تديره في الخفاء. وكانت المفاجأة الصادمة ما صرح به عضو مجلس النواب بمحافظة الدقهلية بدوى عبد اللطيف، بأن جهات أمنية قال إنها "أمن الدولة" تواصلت معهم من أجل الانضمام لتحالف "دعم مصر" مشيرا أنه اضطر إلى الموافقة على طلبهم رغم أنه غير مقتنع بهذا التحالف. وحين سئل بدوي في لقاء صحفي عقب إنهاء إجراءات عضويته، عن من يقصده ب«أمن الدولة»، أجاب: "حضراتكو عارفين كل حاجة، ومش عاوزين نحور في حاجة معروفة". ورغم الاتهامات المتتالية واصل الائتلاف رحلته في رسم التحالف تحت قبة البرلمان، وما أن بدأ في تسمية أعضاء منه بمناصب المجلس حتى نشبت معركة حامية بين عدد من أعضائه تسببت في انسحابات متتالية، كما تلقى ضربات من خارج "التكتل الوليد" وجهها مرشحون مستقلون أبرزهم توفيق عكاشة ورئيس الزمالك اللذين أعلنا سابقا الترشح لانتخابات رئاسة البرلمان. وتنازل رئيس الزمالك إعلاميا للنائب توفيق عكاشة عن الترشح لرئاسة البرلمان، في خطوة مفاجئة، ليترك الأخير بمفرده في ميدان المنافسة السياسية، وسط معركة شديدة صرح خلالها عكاشة بأن أجهزة الأمن تتصل بالنواب من إجل إقصائه من كرسي رئاسة البرلمان.
ولقي النائب توفيق عكاشة نفسه صريعا في البحث عن كرسي البرلمان، بعد أن ادعى أن أجهزة الأمن هي التي تدير الحياة السياسية ومنها تشكيل البرلمان. وصرح عكاشة في لقاء إعلامي سابق بأن الأجهزة الأمنية تريد إقصاءه عن آماله في كرسي رئاسة مجلس النواب، قبل أن يعلن عن انسحابه من صراع "الكرسي" مقابل استمراره في الحياة السياسية، والذي تسبب في طلبه اللجوء إلى ألمانيا -كما زعم سابقا - متهما سيف اليزل بتنفيذ المطلوب منه فقط دون اللعب سياسيا.
وهكذا استخدم مهاجمو تحالف "دعم مصر" اتهامات "الإدارة الأمنية في الكواليس" سلاحا دائما لمحاولة إجهاض التحالف والانتصار لآمالهم في حصد المناصب واستقطاب زملائهم النواب بعيدا عن تعليمات "ائتلاف اليزل". وتزامن مع معركة عكاشة انسحاب عدد من الأحزاب من ائتلاف "دعم مصر" أبرزهم حزب «مستقبل وطن» الذي كان مفاجئا خاصة بعد تصريح ناري أطلقه رئيسه محمد بدران قائلا "إن الحزب دخله مرغما وخرج منه بإرادته"، لكنه ما لبث أن عاد مرة أخرى إلى ربوع الائتلاف.
ولم تكن الحرب على الائتلاف مقتصرة على الأحزاب إذ دخل المعركة صاحب "الصندوق الأسود" النائب عبد الرحيم علي، فصرح أيضا مرارا في لقاءات إعلامية بأن أجهزة أمنية تدير الائتلاف في الخفاء وأن سيف اليزل يسير على درب أحمد عز من جديد. ومع تعدد الجبهات المهاجمة لائتلاف "دعم مصر"، حاول التحالف البرلماني لملمة أشلائه ومداواة جروحه إعلاميا، فتولى قياداته مسؤولية تحسين صورته ونفي شبهة إدارته أمنيا، وكان من أبرز المتصدين للدفاع الائتلاف النائب البرلماني مصطفى بكري، والذي صرح أمام زميله عبد الرحيم علي بأن "كل الخيوط ليست بيد الائتلاف"، ليحاول توضيح جملته الغامضة بأن هناك إدارة تنظيمية بالائتلاف كان من المفترض أن تدعو "صاحب الصندوق الأسود" للانضام إلى نسيجه. وحينما واجه صاحب "الصندوق الأسود" المسؤول بالائتلاف حول الإدارة الأمنية لتحالف "دعم مصر" أجاب بكري: "هذه معلومة يسأل عنها الأستاذ عبد الرحيم علي"، فرد عليه عبد الرحيم علي: "هذه إجابة دبلوماسية". انتفاضة بكري واستبعدت الانتخابات الداخلية بائتلاف "دعم مصر" أمس مصطفى بكري من وكالة رئيس المجلس، بعد خسارته أمام زميله علاء عبد المنعم والسيد محمود الشريف. وأثار إعلان الفائزين بالانتخابات الداخلية انتفاضة النائب مصفى بكري ضد "دعم مصر"، كاشفا عن كواليس المشهد بالتحالف، مصرحا بأن تعليمات جاءت للأعضاء المستقلين بالائتلاف بأن يختاورا الفائزين. للخلف در.. ومع تراجع النائب مصطفى بكري عن هجومه على الائتلاف وتحفظه عن الإدالء بمزيد من المعلومات حول توجيه النواب خلال الانتخابات الداخلية ب"دعم مصر"، يبقى المجلس أمامنا والكواليس من خلفنا ولا يظهر إلا سيناريوهات معدة أو ارتجالية تفاجئنا بها الأيام أبرزها ما أعلن عنه النائب توفيق عكاشة باعتذاره للأفراد والأجهزة والقيادات الذين هاجمهم بالفترة الأخيرة، فقال قبل أن ينسحب من المشهد نفسه: "معلش أنا أسف الخطة كانت كدة".