محافظ أسوان: تخصيص خط ساخن وواتسآب لتلقّي شكاوى المواطنين بشأن تعريفة الركوب الجديدة    بعد زيادة أسعار الوقود.. نقابة العاملين بالقطاع الخاص تطالب برفع الحد الأدنى للأجور إلى 9 آلاف جنيه    مدبولي يتابع جهود طرح الأراضي والمباني المطلة على كورنيش النيل كفرص استثمارية    إسرائيل تشن سلسلة غارات جديدة على جنوب غزة    زد يقلب الطاولة على بتروجت بثنائية في الدوري    تأجيل محاكمة 62 متهم ب " خلية الشُعب التنظيمية " لسماع أقوال الشهود    تأجيل محاكمة 29 متهما بالهيكل الإداري في السلام    بالصور- اطلالات مهرجان الجونة تثير الجدل    أبو سمبل تتزين استعدادا لاستقبال السياح لمشاهدة ظاهرة تعامد الشمس    تقرير: رافينيا يغيب عن برشلونة في دوري الأبطال من أجل الكلاسيكو    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الأحد 19-10-2025 في محافظة قنا    فيديو.. نقيب الإعلاميين يكشف لأول مرة رأيه في التناول الإعلامي لقضية إبراهيم شيكا    السيسي: ماضون فى تجاوز التحديات وبناء مستقبل مشرق    محافظ القاهرة يفتتح فعاليات ملتقى التوظيف والتدريب    كشف ملابسات مشاجرة بالشرقية بعد تداول فيديو على مواقع التواصل الاجتماعي    موعد بدء امتحانات نصف العام الدراسي 2025-2026 وامتحانات شهر أكتوبر 2025    التحريات : الغاز سبب وفاة عروسين داخل شقتهم بمدينة بدر    الاحتلال يشن غارة ثانية على مخيم النصيرات وسط غزة    إنجاز جديد.. مصر تتوج بلقب بطولة العالم للأساليب التقليدية برصيد 54 ميدالية    الثلاثاء.. محمد الحلو وريهام عبدالحكيم على مسرح النافورة    تفاصيل احتفالية «الغرف السياحية» بفوز خالد العناني بمنصب مدير عام اليونسكو    6 أبراج تفضل أن تتعلم مدى الحياة    المخرج التونسي فريد بوغدير: «يوسف شاهين غير حياتي ونظرتي للسينما»    رئيس البرلمان العربي يهنئ المستشار عصام الدين فريد بمناسبة انتخابه رئيسًا لمجلس الشيوخ    معهد الفلك يكشف موعد ميلاد هلال جمادي الأول وأول أيامه فلكياً    جامعة المنوفية والتأمين الصحي يبحثان الإرتقاء بالمنظومة الصحية    مدرب الزمالك يتقدم باستقالتة والنادي يعلن رحيله    تفاصيل إصابة محمد شريف ومدة غيابه عن الأهلي    شعبة الذهب تقدم نصيحة للمتعاملين.. شراء الذهب الآن أم التأجيل؟    ياسمين الخطيب: «علمني أبي ألا أبكي أمام أحد.. فسترت آلامي كما لو أنها عورات»    منتخب المغرب يرفض مواجهة الأرجنتين لهذا السبب    إصابه سائق ومرافق في حادث انقلاب سياره تريلا محمله بالقمح في المنوفية    الرئيس السيسي للمصريين: اوعوا تنسوا كرم ربنا وفضله على بلدنا والحفاظ عليها    40 ندوة توعوية، محافظ الفيوم يتابع أنشطة الصحة خلال شهر سبتمبر الماضي    مارتينيلي يصف محمد صلاح بأحد أفضل 3 أجنحة فى العالم    اللواء طيار عمرو صقر: نسور مصر قادرون على تغيير الموازين    إبراهيم العامري يكشف تفاصيل انضمامه لقائمة الخطيب في انتخابات الأهلي    «الخارجية» و«الطيران» تبحثان توسيع شبكة الخطوط الجوية مع الدول العربية والأفريقية    الاستخبارات التركية تساهم في وقف إطلاق النار بين باكستان وأفغانستان    نتنياهو يعلن عزمه الترشح مجددا بالانتخابات العامة في 2026    البنك التجارى يحافظ على صعود المؤشر الرئيسى للبورصة بمنتصف التعاملات    «الرقابة المالية» تنظم ورشة لمناقشة تطورات السوق غير المصرفية    زراعة المنوفية: تنقية الحيازات وضبط منظومة الدعم للمزارعين    عصابة العسكر تنتقم…حكومة الانقلاب تعتقل صحفيا بتهمة الكشف عن سرقة أسورة فرعونية من المتحف المصرى    لماذا يُعد الاعتداء على المال العام أشد حرمة من الخاص؟.. الأوقاف توضح    توقيع وثيقة استراتيجية التعاون القُطري بين مصر ومنظمة الصحة العالمية    علاج 1846 مواطنا بقافلة طبية بقرية بالشرقية    وزير الصحة: ميكنة جميع بنوك الدم بنهاية 2026 وربطها بغرفة الطوارئ والأزمات    حالة الطقس بالمنيا ومحافظات الصعيد اليوم الأحد 19 أكتوبر    حكم الوضوء قبل النوم والطعام ومعاودة الجماع.. دار الإفتاء توضح رأي الشرع بالتفصيل    الدفاع الجوى الروسى يدمر 45 مسيرة أوكرانية فوق عدة مناطق    تمهيدا لإدخالها غزة .. قافلة المساعدات ال52 تتحرك باتجاه منفذي كرم أبو سالم والعوجة    دعاء الفجر| اللهم جبرًا يتعجب له أهل الأرض وأهل السماء    حنان مطاوع تخوض سباق رمضان 2026 بمسلسل "المصيدة"    50 جنيهًا للحصة.. إجراءات جديدة من التعليم لتنظيم عمل المعلمين بنظام الحصة في المدارس 2025-2026    المشدد 15 سنة لمتهمين بحيازة مخدر الحشيش في الإسكندرية    «الشيوخ» يبدأ فصلًا تشريعيًا جديدًا.. وعصام الدين فريد رئيسًا للمجلس بالتزكية    أحمد ربيع: نحاول عمل كل شيء لإسعاد جماهير الزمالك    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



وهم دائم الحركة
نشر في التحرير يوم 02 - 01 - 2016

مؤخرًا حدثت ضوضاء من تلك التي صارت مناسبة دورية في حياتنا، عن اختراع وهمي آخر أطلق عليه مخترعه (الوحش المصري). وهو الذي عبر عنه الفنان أشرف حمدي باختصار في موقع مصراوي، بالصورة التالية:

الخبر الذي نشره صحفي غير مدقق كان يوحي كالعادة بأننا سنغير خارطة البحث العلمي في العالم، وكالعادة هناك دول أوروبية عرضت مليارات كي تأخذ الاختراع لكن المخترع رفض. وعندما ترى الفيلم ترى مجموعة من العيال – نفس الحشد الذي يحيط في فرحة بالقنابل الموقوتة بانتظار انفجارها - يدفعون شيئًا أبله هو خليط من أرجوحة مولد وعربة فول وتوك توك .. والمفترض أن هذا الشيء سوف يطير ويسبح في الماء وينطلق بسرعة هائلة. أي انه سيارة من سيارات جيمس بوند، والمفترض كذلك أن عربة الفول هذه كلفت المخترع نصف مليون جنيه. وقد تمت التجربة وسط ضجيج إعلامي وأمني شديدين لابد أن الأخوين رايت لم يظفرا به، وفشلتْ طبعًا، فزعم المخترع أنه لم يستطع الطيران بسبب ازدحام ميدان التحرير. لماذا اختاره للتجرية إذن ؟ . شاهد كلام المخترع عن اختراعه العبثي هنا. وشاهد تجربة (ما تدي زوبة زقة) هنا.
كان من الواضح للجميع منذ البداية أن هذا هراء.. حلقة أخرى من حلقات العته التي يمر بها المجتمع المصري حاليًا، والتي وصفتها هنا في مقال (إجبلانت -1) . فقط أكرر مثل كل مرة: ألا تكفي مصر كل هذه الفضائح والبهدلة ؟ حرام عليكم .. ماذا فعلت لكم مصر بالضبط حتى تجعلوها سخرية العالم، وفقرة ثابتة في برامجه الكوميدية؟. أغنية (ما نقولش ايه اديتنا مصر) قد تحولت إلى (ما تقولوا ليه بتهينوا مصر ؟ ). مشكلة مصر الأولى هي الجهل ثم الإعلام الفاسد الذي لا يفقه شيئًا ولا ضمير له. لقد تكفل رواد مواقع التواصل الاجتماعي بقول كل شيء على كل حال فلم يعد لدي ما أقوله.
فقط لاحظت كلام المخترع المزعوم فوجدت أنه يكرر نغمة شائعة في هذه القصص: " السيارة يتواجد بها 21 وحدة كهربائية، يمكنها توليد الطاقة التى تعمل بها ذاتيا من خلال الأنابيب، التى تتواجد بها عن طريق مرور الهواء داخلها".
في موقع أوقات الشام الإخباري نقابل مخترعًا سوريًا في السبعين من العمر، يقول إنه توصل لاختراع يحول الجاذبية الأرضية لطاقة كهربية. وحسب كلامه: " فكرة الآلية بمثابة محول قدرة له دخل وخرج ، دخله ما يكافىء وزن عشرة كتل تفصل بين كل منها مسافة 2 مترين معلقة بجنزير من جهة واحدة يدور عاموديا ما بين عمودين بطول 20م يرتكزان على الأرض تسقط الكتل سقوطا حرا لمسافة لانهائية مفرملة بعلبة سرعة ومولد كهربائي". ويشير انه بهذه الطريقة يمكن تصميم أبراج مستطيلة يركب عليها الكتل والمصاعد والمهابط بأطوال وأوزان مختلفة تتناسب والحاجة للاستفادة من طاقة الجاذبية كقوة مجانية أبدية لتوليد الكهرباء" . أي أن الرجل يحول طاقة الوضع إلى طاقة كهربائية.
يوجد الكثير من المنطق في هذا الاختراع، وسوف نرى أنه تم اختراع شيء مماثل من قبل، ولا شك أن الرجل على قدر من الوعي يختلف عن مخترع الوحش المصري. لكني تذكرت أن كل هؤلاء المخترعين يدورون في فلك المحرك دائم الحركة .. حلم المخترعين عبر التاريخ الذي فاق حلمهم بتحويل الرصاص إلى ذهب. المحرك دائم الحركة هو آلة وهمية تتحرك بذاتها حركة دائمة وفي الوقت ذاته تنجز عملاً نافعا. العملية تشبه أن تقوم أنت بشد شعرك لأعلى لتطير.
يعاني هؤلاء المخترعون عدم فهم قانون بسيط من قوانين الفيزياء هو: "الطاقة لا تفنى ولا تستخلص من عدم". لقد أضاع عشرات حياتهم على مر التاريخ طلبًا للوصول للمحرك دائم الحركة، وما يحدث في مصر – وسوريا – هو اننا نعيد اختراع العجلة، ونمر بمراحل مر بها المخترعون الغربيون إلى أن تلقوا الدرس. سمعنا عن سيارات تعمل بالماء أو بالهواء أو الجاذبية ...
هكذا تذكرت الكتاب الرائع (الفيزياء المسلية) الذي كتبه الصحفي العلمي السوفييتي ياكوف بريلمان، وهو الكتاب الذي طُبع أكثر من عشرين طبعة وتُرجم لعشرات اللغات. الكتاب الذي راح يدقق في كل وهم فيزيائي نعيش فيه ويصحح عشرات المفاهيم.

أشخاص كثيرون أضاعوا أعمارهم وأفلسوا من أجل هذا المحرك اللعين دائم الحركة. وقد رأى ياكوف بريلمان شابًا يتسول في الشارع شبه عار، وهو يقسم للناس أنه بحاجة لبعض المال كي يصنع النموذج النهائي. أحزنه أن الجهل بمبادئ الفيزياء يمكن أن يقود المرء لهذا..
معظم هذه المحركات التي بدت للناس ناجحة كانت تحتوي على خدعة، ومنها هذه العجلة التي قدمتها الولايات المتحدة ولا تكف عن الدوران. تبين فيما بعد أن هناك محركًا صغيرًا داخلها هو الذي يحركها.
لعب المغناطيس دورًا كبيرًا في تصميمات المحرك دائم الحركة. مثلاً هذا التصميم من القرن السابع عشر يقوم على فكرة أن المغناطيس (أ) يجذب كرة حديدية نحوه، لكن الكرة تسقط في فتحة (ج) تجعلها تهبط في منحدر ثم يجذبها المغناطيس من جديد.
الحقيقة أن انحدار الكرة لأسفل سيكون بطيئًا بسبب جاذبية المغناطيس، وبالتالي لن تملك أبدًا القوة لصعود المنحدر، وسوف تتوقف نهائيًا. ومن الغريب أن ألمانيا سجلت مشروعًا كهذا عام 1878 برغم أنه كان من الممنوع هناك تسجيل أي اختراع يتعارض مع قوانين الفيزياء. من الذي اكتشف فشل الفكرة ؟ صاحبها نفسه الذي كف عن دفع رسوم البراءة فانقرضت فكرته.
فكرة ربط المولد بالموتور الكهربي عتيقة جدًا، وأغرت مخترعين كثيرين. أعط المولد دفعة أولى .. من ثم يقوم بتدوير الموتور الكهربي .. والموتور يقوم بشحن المولد .. وهكذا تشغل كل ماكينة الأخرى إلى الأبد. يمكن أن تنجح الفكرة لو تم إلغاء الاحتكاك نهائيًا، لكن محاولة الحصول على أي حركة خارجية من هذا الجهاز تؤدي لأن يتوقف فورًا. يمكنك الحصول على حركة دائمة لكن لا يمكنك الحصول على محرك دائم الحركة.
كان هناك محرك دائم الحركة يقوم على خدعة ظريفة. صاحب المحرك يتحدى الناس أن يوقفوه فكانوا يضغطون على رافعة بقوة فيجدون أنها تندفع عكس الاتجاه. ما لم يعرفوه هو انهم يشغلون زنبركًا يختزن محاولاتهم ويحولها لحركة دائمة لا تتوقف أبدًا طالما هناك من يجربون.
في العام 1715 سمع قيصر روسيا بطرس الأول عن محرك دائم الحركة، ابتكره من يدعى دكتور أورفيريوس. أرسل القيصر عالمًا اسمه شوماخر كي يتفاوض على شراء هذه الآلة من مخترعها بمبلغ ضخم من المال. قال العالم الذي رأى الآلة: "إنها مضبوطة ولا أحد يستطيع أن ينتقدها .. والدنيا مليئة بالأشرار الذين لا يمكن تصديقهم بأي حال".

قام أحد النبلاء الألمان بتجربة الاختراع بأن وضعه في غرفة مغلقة عليها حراسة لمدة أسبوعين، وقام بختم القفل بالشمع. بعد انتهاء الفترة فتحوا الغرفة ليجدوا أن المحرك مستمر في الدوران. وتكررت التجربة مرارًا. وفي النهاية اشتهر الجهاز الأعجوبة وكتب الشعراء قصائد عنه. الفضيحة أتت من (الحريم) كالعادة .. تشاجرت زوجة المخترع والخادمة فاعترفت الأخيرة بأنها كانت تدير المحرك بحبل مختف هي ورجل آخر. يبدو أن كلام العالم الذي قال إن الدنيا مليئة بالأشرار الذين لا يمكن تصديقهم بأي حال كانت كلمة دقيقة فعلاً.
هناك المحرك ذو الطاقة الممنوحة الذي يعمل بقدر ضئيل من الطاقة، لكن المحرك دائم الحركة مستحيل .. يجب أن ترسخ هذه الحقيقة في أذهان التلاميذ اثناء التعليم، حتى يوفروا على أنفسهم ساعات عصيبة .. أن يخترعوا أكذوبة، ويتلقف الخبر صحفي لا يفقه شيئًا ليتحمس له وينشره .. وفي النهاية هو الخزي والشعور بالخديعة، ثم يقول الناس إن المخترع الفاشل له شرف المحاولة و(عملتوا انتم ايه لمصر ؟) ثم النسيان بانتظار مخترع وهمي آخر.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.