■ ما تشوفلى علبه تانيه غير دى يا معلم.. ■ اللى معاك إيه؟ ■ معايا سرطان اللسان.. ■ عندى غرغرينا القدم والراجل العجوز.. ■ هاتلى الراجل العجوز! إذا سمعت هذا الحوار أمام أحد أكشاك السجائر وكنت غير مدخن.. فلا تتعجب.. ولا تتهم صاحب الكشك والرجل الذى يختار المرض ذو الصوره الأقل قماءه ليشتريه بالجنون.. فالشارى لا يريد شراء مرض من الكشك ولا حاجه.. كما أن صاحب الكشك كذلك لا يتاجر فى الأمراض.. وإنما بقى حنعمل إيه فى مدى أخلاقية الأجهزه المسؤوله عن صحتنا كمواطنين وعن صحة سلامتنا الجسديه والعقليه كبنى آدمين.. حنعمل إيه بقى فى الأجهزه المحترمه والمسؤولين اللى ضميرهم صاحى.. إنهم شرفاء للدرجه التى جعلتهم يشلفطون علبة السجائر بتشكيله منتقاه من أبشع الصور وأكثرها فجاجه.. ويؤكدون لنا ببنط أعرض من بنط ماركة السجائر نفسها على أن التدخين يسبب الوفاه.. يا نهار اسود ع الصراحه.. يا نهار اسود ع الشرف.. يا نهار اسود ع الأخلاق.. ولكن.. وفى هذا الصدد.. لماذا وقع إختياركم على المنتج الوحيد الذى نعلم جميعاً الأمراض التى يسببها وقررتم كتابة كل تلك التحذيرات عليه؟!.. ألم يكن أجدر بكم أن تحذروننا من المنتجات الأخرى التى لا نعلم بالظبط الأمراض التى تسببها والتى ليس من المفترض فيها أصلاً أن تسبب أمراضاً لمتعاطيها إلا أنها ولظروف غامضه تسبب الكثير والكثير من الأمراض؟!.. وفى هذا الصدد.. لماذا لم تطرحوا حنفيات فى السوق على هيئة رئه مهترئه من المياه المسرطنه والملوثه وغير الصالحه للشرب التى سوف تندفع منها؟!.. لماذا لم تشترطوا على بائعى الخضر والفاكهه لصق ستيكرز على كل خيارايه وطماطمايه ويوستفنديايه مكتوباً عليه تحذير من أن تلك الخضروات والفواكه مرويه بمياه المجارى والصرف الصحي؟!.. لماذا لم تكتبوا تحذيرات على بوابات مدارسنا الحكوميه تؤكد أن نظام التعليم المصرى يسبب التخلف العقلى والهطل وانعدام القدره على إتخاذ القرار أو التفكير المرتب المرتكز على أسس علميه وهبوط معدل الإدراك مما يفضى بالعيل أو العيله من دول فى النهايه إلى الإنضمام للقطيع وتبنى نفس الأفكار غير المنطقيه التى تتبناها مجتمعاتهم وبالتالى مافيش حاجه تتغير؟!.. لماذا لم تكتبوا تحذيرات على المستشفيات الحكوميه تحذرنا من عدم صلاحيتها لعلاج البنى آدمين؟!.. لماذا لم تكتبوا تحذيرات على بوابة مجلس الشورى تحذرنا من أن ذلك المجلس ماحدش إنتخبه أصلاً وأن نسبة التصويت فيه كانت أقل من 5% ؟!.. لماذا لم تكتبوا تحذير على مؤسسة الرئاسة.. «إحترس.. هذه المؤسسة كوموفلاج واللى بيحكم بجد مكتب الإرشاد»؟!.. لماذا إخترتم المنتج الذى نعرف أضراره وأخذتم تحذروننا منه بكافة الطرق القميئه والمتخلفه والهمجيه بينما تركتم المنتجات الضاره بجد والتى لا نعرف شيئاً عن أضرارها بدون أن تحذروننا منها ولو حتى بشكل غير مباشر؟! لماذا لم يطبق المسؤولين نظرية السماح ببيع السجائر مع تشويه العلبه بالكثير من التحذيرات الفجه على أى شيء آخر فى البلد غير السجائر بخلاف الثوره؟!.. لماذا الثوره فقط هى التى سمح المسؤولون ببيعها لنا مع تشويهها بالكثير من التحذيرات الفجة التى ينص دور الإخوان فى المسرحية على تأكيدها لنا؟!.. أعتقد أن أحداً لا ينتظر الإجابة.. فنحن الآن فى زمن الأسئلة وليس زمن الإجابات.. إلا أن الشعب دوماً سوف تبقى له الكلمة الأخيرة.. وخصوصاً الشعب المصرى الإور اللى ما بيغلبش.. والذى بدأ فى التعامل مع تلك الصور القميئه كقدر ينبغى عليه التحايل عليه.. وبناءً عليه إزدهرت تجارة علب السجائر.. كما إزدهرت أيضاً تلك التجارة الجديدة المتمشيه مع الأحداث والمتمثله فى حتة كرتونة بحجم ثلثى علبة السجائر عليها أشكال مختلفه تلبسونها للعلبه لتتكفل بتغطية كل تلك الهرطشة التحذيرية التى سوف تبدو للوهله الأولى أنها أخلاقية بينما للوهله الثانية سوف تبدو أنها الهمجية بعينها وقد تجسدت على هيئة تحذير.. كما لجأ البعض الآخر من المدخنين إلى سياسة أخرى تماماً.. سياسة تكبير الدماغ وترك العلبة كما هى مع تحاشى النظر إليها وإعتبار أن تلك الصور القميئة مجرد مكون آخر قمىء من مكونات تلك الحياه الخدعة.. لهذا.. ما جاتش يعنى على السجاير اللى حيطفحوهالنا بالسم الهارى.. خاصةً وأن الحياه أصلاً ليست سوى جرعة سم هارى كبيرة مقسمة على سنين حياتنا.. نتناولها جميعاً بمنتهى الصدق والإخلاص والمواظبة حتى يسرى مفعولها بداخلنا.. وبمجرد أن نبدأ فى الشعور بها.. نموت!