لقب بشاعر الغلابة وصوت الفقراء، عبر خلال أشعاره عن مشاكلهم وقضاياهم، وتكلم بلسانهم، حاملاً همومهم، وأحلامهم، مشكلاً بكلماته وجدان البسطاء. اليوم، تمر علينا الذكرى الثانية لرحيل أحمد فؤاد نجم، أهم شعراء العامية في مصر، الذي ولد في قرية "كفر أبو نجم" بمدينة أبو حماد بالشرقية، وعُين موظفًا بمنظمة تضامن الشعوب الآسيوية الإفريقية، وأصبح أحد شعراء الإذاعة المصرية، ومع ذلك فقد كان اجتماعيًا غير ميسور الحال، حيث أقام في غرفة على سطح أحد البيوت في حي بولاق الدكرور، وبعد سنوات، اختير سفيرًا لصندوق مكافحة الفقر التابع للأمم المتحدة. يُعد "الفاجومي" ظاهرة شعرية سياسية مهمة، خاصة بعد لقاءه مع الملحن الشيخ إمام عيسى، ليشكلان ثنائي نضال، برزا خلال تظاهرات طلاب الجامعات المصرية، مطلع السبعينات. عُرف "نجم" بقصائده ذات النقد اللازع للنظام، في محاولة الوصول للحرية والعدالة الأجتماعية، لذا عاش أكثر من 18 عامًا في المعتقلات، فقد اعتقل أكثر من مرة في فترة حكم الرئيسين جمال عبد الناصر، وأنور السادات. كتب نجم أول ديوان له، "صور من الحياة والسجن" من داخل أسوار المعتقل، "شبابي راح في الزنازين"، هكذا كان يرى الفاجومى حياته التي قضاها في النضال ضد الظلم. "نيكسون بابا" كانت من أبرز الأشعار التي سُجن نجم بسببها، والتي كتبها أثناء زيارة الرئيس الأمريكي نيكسون إلى مصر بعد حرب أكتوبر، ثم حُكم عليه بالحبس لمدة سنة في 1977؛ بسبب قصيدة "الفول واللحمة" أهم القصائد المناهضة للنظام الحاكم، ودعم مظاهرات الطلاب عام 1977. كان نجم نموذجًا للشاعر المنغمس في قضايا أمته، فمواقفه الشعرية تعد تكريسًا للمواقف السياسية التي تبناها طوال حياته، فمثلت أشعاره جزء من الوجدان الجمعي للجماهير المصرية، حتى لقبه الدكتور علي الراعي ب"الشاعر البندقية"، وقال عنه الشاعر الفرنسي لويس أراون "إن فيه قوة تسقط الأسوار". "ما تخافوش على مصر، النصر قرب من عينينا، الناس قلقانة على مصر، عندنا الشباب دول شياطين، ماحدش حيقدر يضحك عليهم زيينا".. بهذه الكلمات وجه شاعر العامية رسالته قبل وفاته، أملاً في مستقبل أفضل لوطنه، فقد كان يصف الشعب المصري بأنه "أجدع شعب في العالم". قصائد مُنعت وغناها "إمام" رغم أنف النظام كانت قصائد أحمد فؤاد نجم بمثابة "ناقوس خطر" للقضايا المتعلقة بالشعب، فجاءت أغلبها معارضة للنظام الحاكم، حتى مُنع بعضها، ولعل أشهرها القصيدة التي كتبها بعد اغتيال الرئيس أنور السادات عام 1981. "الشاعر البذيء".. هو اللقب الذي أطلقه عليه الرئيس السادات؛ بسبب حملة سخرية تبناها "نجم" ضده، عقب اعتقاله أكثر من مرة. ومن أبرز الأغاني التي سُجن نجم وإمام على خلفيتها، أغنية "نيكسون بابا" عام 1974، ثم حكم عليهما بالحبس لمدة عام؛ بسبب قصيدة "الفول واللحمة". المرأة في حياة "نجم" احتلت المرأة مكانة مميزة في حياة الشاعر الكبير أحمد فؤاد نجم، فقد تزوج من 6 سيدات، أفرد لهن مساحات من شعره. "الست دي ظلمتها أوي، لأنني كنت رجل جهول وظالم، كنت أضربها كل يوم، من منطلق أن الرجل اللي ما يضرب امرأته ضعيف الشخصية ومش رجل، فنزلت فيها ضرب، ومعرفتش هي استحملت الضرب كله إزاي، كنت عايز أطبق الرجولية كما كان يصفها لنا الجهلاء".. بهذه الكلمات، تحدث نجم عن زوجته الأولى فاطمة منصور. أما زوجته الثانية فكانت الناقدة والكاتبة صافيناز كاظم، والتي قالت عنه: "أنا أفهم نجم أكثر مما يفهم نفسه، فنه من النوع الغريب الممتع، وتزوجته من باب الفداء، قلت هذا الرجل يستحق أن أفديه، ولذلك سميت زواجي به عملية استشهادية"، وأنجب منها ابنته "نوارة". الزوجة الثالثة كانت الفنانة عزة بلبع، والتي تعرفت عليه في إحدى الحفلات، وقالت عنه: "شعرت من اللحظة الأولى بعطائه واحتوائه لكل من حوله، وشجاعة كلمته التي لا تخضع لحسابات، وبعد صداقة طويلة، تزوجنا عام 1967، وكنت صغيرة بعمر ابنته وقتها، وتركت عائلتي وانفصلت عنهم، بسبب هذا الزواج، لأنهم كانوا رافضين له، وعشت معه في غرفة بمنطقة (خوش آدم)"، قبل انفصالهما عام 1982. زوجة "نجم" الرابعة كانت صونيا ميكيو، ممثلة المسرح الجزائري الأولى، بينما كانت "حياة الشيمير" هي الخامسة، أما زوجته الأخيرة، والتى ظل معها حتى وفاته، فهى أميمة على عبد الوهاب. أنجب نجم 3 بنات "عفاف ونوارة وزينب"، وقال عن الثانية: "أنا بحب جدًا نوارة لأنها بنت موهوبة، وطالعة خالعة من أمها وأبوها، وأنا رجل على باب الله، البنت دي مش واخدة أسلوب واحد مني أو من أمها، لها كتابات خاصة، مقاتلة وطنية زي أبوها". جوائز وتكريمات حصل الفاجومي على جوائز عدة، وكرِّم في مناسبات كثيرة، ومؤخرًا، فاز بجائزة الأمير كلاوس الهولندية قبل أيام من وفاته. وقالت المؤسسة بعد إعلانها فوزه بجائزتها الكبرى: "منح الشاعر هذه الجائزة يأتي تقديرًا لمساهماته وأشعاره باللهجة العامية المصرية التي ألهمت ثلاثة أجيال من المصريين والعرب، فقد تميزت بحس نقدي ساخر، وبتأكيدها على الحرية والعدالة الاجتماعية". كما حصل على المركز الأول في استفتاء وكالة أنباء الشعر العربي، بالإضافة إلى منحه وسام العلوم والفنون من الطبقة الأولى بعد وفاته. وعقب رحيله عن عالمنا صبيحة يوم 3 ديسمبر 2013 عن عمر يناهز ال83 عامًا، قرر رجل الأعمال نجيب ساويرس، تخصيص أول جائزة في العالم العربي للعامية المصرية، تحمل اسمه، وفاز بها الشاعر مصطفى إبراهيم عن ديوانه "المانيفستو".