كشف تقرير صادر عن مركز القاهرة للدراسات الاقتصادية، عن وجود الكثير من مشروعات القوانين تنتظر البرلمان المقبل لمناقشتها وإقرارها. وقال عبد المنعم السيد مدير مركز القاهرة للدراسات الاقتصادية، إن السياسات التنموية السابقة في تحقيق العدالة وتوزيع مكاسب النمو فاشلة، وهو ما عكسه التباين الواضح في معدلات الدخل والبطالة والفقر بين المحافظات بعضها مع بعض من جهة، وبين المحافظات والعاصمة من جهة أخرى.
وأضاف أنه على جانب آخر التزمت الدولة في المادة 27 من الدستور بتحقيق التنمية المستدامة وبالنمو الجغرافي المتزن، كما نصت المادة 236 على أن تكفل الدولة وضع وتنفيذ خطة للتنمية الاقتصادية والعمرانية الشاملة للمناطق الحدودية والمحرومة، ومنها الصعيد وسيناء ومطروح ومناطق النوبة خلال عشر سنوات من تاريخ العمل بالدستور، مما يتطلب مراجعة التشريعات المعمول بها من تحقيق أهداف التنمية المستدامة، وإنشاء لجان برلمانية لمتابعة ما يستجد بها من قضايا.
واشار إلى أن الدستور استحدث المادة 32 والتى تلزم الدولة بالعمل على الاستغلال الأمثل لمصادر الطاقة المتجددة، وتحفيز الاستثمار فيها وتشجيع البحث العلمى المتعلق بها، وذلك يتطلب إصدار عدة تشريعات تحدد آليات المشاركة بين القطاع الحكومي والقطاع الخاص، مع وضع تشريعات واضحة حول استغلال الأراضى المخصصة للطاقة المتجددة، وتسهيل إجراءات الحصول عليها، بالإضافة إلى تحديد تعريفة شراء الطاقة المنتجة من المشروع.
وأضاف السيد أن هناك بعض القوانين التي لا تتفق في نصوصها مع الدستور الجديد، ومنها قانون البنك المركزي والجهاز المصرفي والنقد رقم 88 لسنة 2003، الذي نص في مادته الأولى على أن البنك المركزي شخص اعتباري عام يتبع رئيس الجمهورية، ويصدر بنظامه الأساسي قرار من رئيس الجمهورية.
وتابع أن الدستور الجديد أكد في المادتين 214 و221 استقلال البنك المركزي في الباب المخصص للهيئات المستقلة، تجنبًا للسلبيات التي ترتبت على تبعية البنك المركزي لرئيس الجمهورية منذ عام 2003 ، وهيمنة السياسة المالية على السياسة النقدية. وأكد أن هذا لا يعني ضرورة وحتمية التنسيق بين السياسات المالية والسياسات النقدية للدولة.
وذكر أن الدستور استحدث المادة 28 ، التي تنص على أن تولي الدولة اهتمامًا خاصًّا بالمشروعات المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر فى جميع المجالات، وتعمل على تنظيم القطاع غير الرسمي، مما يتطلب توفير البنية التشريعية الملائمة لذلك استعانة ببعض التجارب الدولية الناجحة، مثل الهند التي ركزت على توفير شبكة الأمان الصحي للقطاع غير الرسمي، والتجربة الآسيوية التي ركزت على دعم المشاريع الصغيرة لامتصاص العاملين في القطاع غير الرسمي.
ونبه إلى أن هناك ضرورة لتعديل بعض القوانين المنظمة لعمل القطاع الخاص الذي تعول عليه خطط التنمية، لتعظيم مشاركته في النشاط الاقتصادي، حيث أسفر التطبيق العملي لبعض هذه القوانين عن العديد من الإشكاليات، كالقانون رقم 67 لسنة 2010 بشأن تنظيم مشاركة القطاع الخاص فى مشروعات البنية الأساسية والخدمات والمرافق العامة، الذي نص على أن دور القطاع الخاص فى تنفيذ مشروعات المرافق والخدمات العامة لا يقتصر على التمويل والبناء والتجهيز، وإنما يشمل أيضًا التشغيل والصيانة والاستغلال. وتابع "أن عقد المشاركة يمكن أن يتيح للقطاع الخاص إدارة المرافق العامة ومشروعات الخدمات الأساسية من جميع النواحى المالية والإدارية، وبيع المنتج وتقديم الخدمة سواء للدولة أو مباشرة للجمهور، الذى يؤدى لزيادة مساحة التداخل والتشابك بين الأجهزة الإدارية الحكومية والقائمين عليها من جهة، وبين رجال المال والأعمال من جهة ثانية".
وأضاف أنه تم الإعداد لقانون إعادة ترسيم الحدود، استجابة لتأكيد الدستور على ضرورة مراعاة البعد المكاني للتنمية الذي جاء تنفيذًا لاستحقاقات دستورية وردت بالمادة 27 من الدستور، والتي نصت على أن النظام الاقتصادي يهدف لتحقيق الرخاء في البلاد من خلال التنمية المستدامة والعدالة الاجتماعية، كما يلتزم بتحقيق النمو المتوازن جغرافيًّا وقطاعيًّا وبيئيًّا.
وأشار السياد إلى أنه على الرغم من التزام الدولة في المادة 218 من الدستور بمكافحة الفساد، فقد وردت بعض النصوص الدستورية التي تعيق هذا المبدأ، منها على سبيل المثال توسع الدستور في الاعتمادات التي تدرج كرقم إجمالي واحد مرة أخرى، حيث نص في مادته 185 على "أنه تقوم كل جهة أوهيئة قضائية على شئونها، ويكون لكل منها موازنة مستقلة، يناقشها مجلس النواب بكامل عناصرها، وتدرج بعد إقرارها في الموازنة العامة للدولة رقمًا واحدًا، ويؤخذ رأيها في مشروعات القوانين المنظمة لشئونه"، مما يحد من الشفافية ويحول دون الرقابة الشعبية على هذه الموازنات. وأكد أن الدستور حرص على توفير حماية خاصة للثروات الطبيعية والمرافق العامة، مثل الأرض أو المطارات أو الموانئ، مما يستلزم إصدار مجموعة متكاملة من التشريعات الضامنة لهذا النص.
وأشار إلى أن المادة 27 من الدستور ألزمت النظام الاقتصادي بتشجيع الاستثمار، وفي هذا الإطار يجرى حاليًا إعداد المسودة النهائية لمشروع القانون المقترح لضمانات وحوافز الاستثمار الجديد، المقدم من وزارة الاستثمار، ويشمل المقترح 77 مادة موزعة على 5 أبواب، تضم تسوية منازعات الاستثمار، وحوافز الاستثمار، وإصدار التراخيص، وتخصيص الأراضى، بالإضافة إلى المناطق الحرة، والمناطق الاستثمارية، وضمانات الاستثمار. وأضاف أن الحكومة تسعى جاهدة للانتهاء منه مع قرب عقد المؤتمر الاقتصادي المقرر في مارس المقبل، إلا أنه من المفضل إصدار هذا القانون من قبل مجلس نيابي منتخب تحقيقًا للمصداقية وجذبًا لثقة العالم الخارجي.
وتابع أن الدستور استحدث المادة 69 لحماية حقوق الملكية الفكرية، مما يتطلب إصدار تشريع لتنظيم هذه الحقوق وإنشاء جهاز مختص.
وأشار إلى أن قانون حماية المستهلك يعاني العديد من أوجه القصور، حيث إنه يقتصر على حماية المستهلك فيما يتعلق بالمنتجات السلعية، ولا توجد به مواد كافية تمكن جهاز حماية المستهلك من القيام بدوره في حماية المستهلك من الإعلانات المضللة والمنتجات السيئة التي يتم الترويج لها بالخداع، فضلًا عن موضوع السلع المعمرة.