الجريدة الرسمية تنشر قرارين للرئيس السيسي (تفاصيل)    «الطفل 14 عاما والطفلة 17 عاما».. «الطفولة والأمومة» يبلغ النيابة العامة في واقعة خطوبة طفلين بالغربية    تعاون عسكرى مشترك.. وتحقيق الاستقرار بالشرق الأوسط    رئيس جامعة القاهرة يتفقد الامتحانات بكليات الاقتصاد والعلوم السياسية والآداب والإعلام    إقبال من المواطنين على أسواق الأضاحي بالإسكندرية.. والضأن يتخطى 250 جنيها للكيلو قائم    "بعد تكريمها من الرئيس السيسى" محافظ أسيوط يكرم موظفة بديوان المحافظة من ذوي الهمم    مركز معلومات الوزراء: السياحة الدولية تسجل نموًا بنسبة 5% في الربع الأول من 2025 رغم التحديات العالمية    رئيس "الإرشاد الزراعي" يشارك في فعاليات المؤتمر الدولي للمناخ والبيئة بجامعة الدول العربية    السكة الحديد تعلن تأخيرات القطارات المتوقعة اليوم الأربعاء    آخر مستجدات الشراكة الاستراتيجية.. السيسي وبن زايد يقودان تطور العلاقات المصرية الإماراتية    بمناسبة عيد الأضحى.. محافظ أسيوط يفتتح معرض اليوم الواحد لتوفير السلع الأساسية    خامنئي يرفض مقترح الإدارة الأمريكية بشأن الملف النووي: لن نتخلى عن تخصيب اليورانيوم    استهداف مستشفى شهداء الأقصى.. صحة غزة تطالب بتوفير الحماية العاجلة للمؤسسات الطبية    الولايات المتحدة تحتجز زوجة وأبناء منفذ هجوم كولورادو الداعم لإسرائيل    اليوم.. توقف عمل آلية المساعدات الإنسانية في غزة والمدعومة من واشنطن    بيراميدز يصطدم بالزمالك بحثاً عن الثنائية التاريخية.. والأبيض يراهن على اللقب لإنقاذ موسمه    ماركينيوس: أنشيلوتي يعيد الأمل لمنتخب البرازيل    نادي الخلود السعودي يقرر فسخ التعاقد مع اليو ديانج    السعودية: الحجِاج يتوافدون إلى مشعر منى لقضاء يوم التروية    بالفيديو.. الأرصاد: استقرار في الأحوال الجوية وارتفاعات في درجات الحرارة بدءًا من الغد    نقيب المحامين يوجّه بمتابعة التحقيقات في واقعة مقتل محامي كفر الشيخ    وزير الإسكان يوجه برفع درجة الاستعداد لمتابعة انتظام الخدمات خلال إجازة العيد    ضيوف الرحمن يتوافدون إلى مشعر منى لقضاء يوم التروية    سميحة أيوب تتصدر التريند بعد ساعات من وفاتها    فيلم ريستارت يقترب من تحقيق إيرادات 15 مليون جنيه    أنشطة متنوعة بثقافة السويس احتفاء بموسم الحج    وزير الثقافة يعتمد برنامج فعاليات الوزارة للاحتفاء بعيد الأضحى المبارك بالقاهرة والمحافظات    في يوم التروية.. أدعية مستحبة وفضائل عظيمة لا تفوتها    أيام الرحمة والمغفرة.. ننشر نص خطبة الجمعة المقبلة    «اللهم املأ أَيامنا فرحًا ونصرًا وعزة».. نص خطبة عيد الأَضحى المبارك 1446 ه    تكبيرات عيد الأضحى 2025.. تعرف على حكم التكبير فى العيدين بصيغة الصلاة على النبى    الصحة: 58 مركزًا لإجراء فحوصات المقبلين على الزواج خلال فترة إجازة عيد الأضحى    زلزال بقوة 5.3 درجة يضرب جزيرة سيرام الإندونيسية    شيماء سيف تعتذر عن عدم استكمال مسرحيتها في الكويت    جلسة بين زد ومحمد شوقي لتولي تدريب الفريق خلفًا لحمادة صدقي    مصرع شخص وإصابة 13 آخرين إثر انقلاب ميكروباص بالصحراوي الغربي في أسيوط    وزير خارجية تركيا: نتوقع عقد جولة مفاوضات جديدة بين روسيا وأوكرانيا    سعر الدولار اليوم الأربعاء 4 يونيو 2025    زيادة الرسوم الجمركية الأمريكية على واردات الصلب والألمنيوم إلى 50% تدخل حيز التنفيذ    موعد إعلان نتيجة الصف الثالث الإعدادي 2025 في الجيزة ترم ثاني    كامل الوزير: انتقال زيزو للأهلي احتراف .. وهذا ما يحتاجه الزمالك في الوقت الحالي    وزير خارجية إيران: تخصيب اليورانيوم داخل أراضينا هو خطنا الأحمر    ظهور وزير الرياضة في عزاء والدة عمرو الجنايني عضو لجنة التخطيط بالزمالك (صور)    رسميا.. رفع إيقاف قيد الزمالك    ليلى علوي تنعى الفنانة سميحة أيوب: "كانت الأم المشجعة دايمًا"    حبس مقاول و4 آخرين بتهمة التنقيب عن الآثار أسفل قصر ثقافة الطفل بالأقصر    «بين الصدفة والرسائل المشفرة».. هل تعمد الأهلي وبيراميدز إفساد اللحظات الجماهيرية؟    يُعد من الأصوات القليلة الصادقة داخل المعارضة .. سر الإبقاء على علاء عبد الفتاح خلف القضبان رغم انتهاء فترة عقوبته؟    رئيس حزب الجيل: إخلاء سبيل 50 محبوسًا احتياطيًا من ثمار الجمهورية الجديدة    تعرف على أهم المصادر المؤثرة في الموسيقى القبطية    مسلم يطرح أحدث أغانيه "سوء اختيار" على "يوتيوب"    «الإفتاء» تنشر صيغة دعاء الخروج من مكة والتوجه إلى منى    إرهاق جسدي وذهني.. حظ برج الدلو اليوم 4 يونيو    بمكون منزلي واحد.. تخلصي من «الزفارة» بعد غسل لحم الأضحية    رجل يخسر 40 كيلو من وزنه في 5 أشهر فقط.. ماذا فعل؟    "چبتو فارما" تستقبل وزير خارجية بنين لتعزيز التعاون الدوائي الإفريقي    "صحة المنوفية": استعدادات مكثفة لعيد الأضحى.. ومرور مفاجئ على مستشفى زاوية الناعورة المركزي    ماهر فرغلي: تنظيم الإخوان في مصر انهار بشكل كبير والدولة قضت على مكاتبهم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«مانيفستو» مصطفى إبراهيم.. لعبة الدوائر والنبوءات
نشر في التحرير يوم 07 - 05 - 2013

فى ديوانه الثانى «المانيسفتو» (دار بلومزبيرى 2013)، يقدم مصطفى إبراهيم عدة ألعاب، داخل القصيدة وخارجها، تبنى فى منقضاها ديوانا مخاتلا، لم تعتده القصيدة العاميّة المصرية. فالديوان الذى يتألف من سبعة أقسام، يفتتح كل قسم منهم بقصيدة (من قواعد الدايرة السبعة)، والدائرة هنا، لا يقصد بها فقط التشكيل الذى يتحرك فيه الثوار، كأنسب شكل هندسى يقى من ضربات الأعداء، إنما تبدو الدائرة فى «المانيفستو» كثيمة رئيسية، أو إشارة زاعقة، لحال الثورة المصرية، أو الحياة بشكل أعم.
مصطفى إبراهيم الذى درس الهندسة، وتخرج فى جامعة القاهرة، يوظف الدوائر داخل نصوصه، بشكل يصح معه أن نؤولها على كونها نبوءة: (يا دنيا أنا باكتب/ للى جاى بعديّا/ وأنا جاى بعدى ألوف/ وإن كنت باخد صور/ للقصة مش لِيّا/ فَ أنا نفسى غيرى يشوف). حيث تبدأ النبوءة من عند مُطلِقها، ثم تدور الأحداث، لتثبت مصداقية النبوءة بالعودة إلى قائلها، لتكتمل الدائرة وتنغلق، فيسرى تيار البصيرة فيها، ليكسبها نوعا من الإيحاء بالتحقق. وعدا عن قواعد «الدائرة السبعة» التى هى استهلالات شعرية لكل قسم فى الديوان، يشير الشاعر إلى الدائرة وتأويلها فى عدة قصائد: (الكاميرا جايبة صقر طاير فوق بعيد/ عمال يلف ويرسم دايرة مقفولة/ وكإنه حاسس باللى هينقتل تحته/ وإن الحسين على وش مدبحته..)، من قصيدة «إنى رأيتُ اليوم»، حيث يترك الشاعر مفتاحا لتأويل الدائرة، التى ليست سوى نبوءة لما سيصير. تلك الإشارة الصريحة، ترد خافتة فى نصوص أخرى: (كما كنتم/ بتتمنوا الحياة بالطول/ عشان فاكرينها جايبة جديد/ كرهتوها/ عشان طلعت مهيش فارقة/ هترجّعكو بالتحديد/ كما كنتم) وهنا، نص دائرى، تلتقى فيه البداية بالنهاية فى نقطة واحدة، على إطار الدائرة، التى يواصل إبراهيم عزفه عليها: (كل الدَّاين.. كان مِتْدَاين/ والدّين بيلف بدون ترتيب) من قصيدة «سيب». ويبرهن الشاعر، على فكرة الدائرة، والنبوءة بشكل يبدو مباشر نوعا ما، فى قصيدة (ثم دارت اللمونة) «ثم فجأة الكل يتعب/ ثم إن الجيش هيقتل/ ثم إحنا حمارنا يغلب/ ثم جيم الدومينو يقفل/ ثم مصر عاوزة زقّة/ ثم ناس ماتقولش لأه/ يركبوا ع الثورة تانى/ ثم نخسر.. ثم نكسب». فيأتى دوران الليمونة، كإشارة إلى استمرار أحداث الثورة وتبعاتها، مرورا ببعض التفاصيل، وانتهاء بنبوءة صريحة بانتصار الشعب وثورته.
اللعبة الأخرى التى تبرز فى الديوان الثانى لمصطفى إبراهيم، هى نسج بعض القصائد وفقا لتقنيات سردية، ما يمنح النصوص نَفَسَا حكائيا محببا، تتفاوت تلك التقنيات بين قصائد تقوم على الحوار، مثل قصيدة «ديالوج»، مرورا بقصائد نستطيع أن نسميها «القصة القصيدة» منها قصيدة «المولوية» التى ترصد حوارا بين الشاعر وأحد دراويش الصوفية، والتى يتخللها تكنيكات تشبه تكنيك الحلم فى السرد. انتهاء بقصيدة «إنى رأيتُ اليوم»، والتى تحمل عنوانا فرعيا شارحا (فيلم شعرى)، والتى يجوز لنا وصفها بأنها سيناريو كُتِب شعرا، يحرص على المشهدية ورصد الأصوات، إذ يستعين مصطفى إبراهيم بالكثير من المصطلحات السينمائية: زووم إن، سين، فيد آوت، وتلك المصطلحات، كُتِب بعضها بالعربية، بينما كتِبت فى مواضع أخرى بالإنجليزية.
الملمح الثالث الذى يَسِم «المانيفستو» هو الانحياز المطلق إلى الثورة، لا كتنظيرات، ولا حتى كشعارات زاعقة ومؤدلجة، بل كقصائد كُتبت بروح ميادين الثورة، بل بروح جبهات الاشتباك بين الثوار من جهة، وكل الآخرين ممن ليسوا مع الثورة، من عسكر وتيارات الإسلام السياسى، والمتخاذلين. وربما يكون عنوان الديوان، عتبة مناسبة للخوض فى هذه الزاوية، فالمانيفستو، هو بيان بأهداف تنظيم أو حركة ما، وتبدو تلك الحركة فى قصائد مصطفى إبراهيم، هى حركة الثوار بالتحديد، يقول الشاعر فى قصيدة (فلان الفلانى): «فلان اللى بالفيسبا طالع وداخل/ يجيب اللى يتصاب م الضرب جوّا/ فلان اللى فِ الضرب عند المداخل/ يطلّع صحابه ويستنّى هوّا..».
تبقى الإشارة هنا، إلى أن الشعر الجيد، فى أحد أوجهه نبوءة، وهذا لا يعنى ضرورة أن تحتوى كل قصيدة جيدة، فنيا، على نبوءة ما، لكن الأمر يتعلق برهافة رؤية الشاعر، والتحامه بالهم الجمعى، وهو ما يتجلى فى شعر العامية تحديدا، المنبثق من لغة الشارع فى الأساس، فمثلا يقول الشاعر الكبير أحمد فؤاد نجم فى قصيدته (ورقة من ملف القضية)، التى كتبت منذ سنوات قبل ثورة يناير «يوم خمسة وعشرين الماضى/ إيه مشّاك عند التحرير؟»، بينما يبشر الشاعر الكبير سيد حجاب فى ديوانه (قبل الطوفان الجاى) (2010) بثورة قريبة.. ويبدو أن هذا التقارب بين شعر العامية والواقع، قد يخل فى بعض الأحيان بفنية النص، حال توغل الشاعر فى الوقائع، بالتورط بذكر أسماء بعينها، لينخفض الشعر درجة، فيصير أقرب إلى منشور سياسى، متخليا عن فكرة الخلود، متورطا فى قضايا آنية بعينها، فتموت القصيدة بموت تلك القضايا، وهى الهفوة التى سقط فيها الشاعر فى بعض قصائده، فيذكر شهداء الثورة بالاسم «الشيخ عماد عفت، مثلا»، ويذكر وقائع بعينها «مجزرة محمد محمود»، أو يعرج على مليونيات الإخوان المسلمين، فيقول فى قصيدة ثم دارت اللمونة «ثم قال هانزل لوحدى/ ثم دقن فى كل حتة/ ثم يعمل مليونية/ ثم يمشى الساعة ستة..».
فى المجمل، ينسج مصطفى إبراهيم عالمه الشعرى، بين الثورة والحياة، وتقاطعاتهما مع الدوائر، حريصا على توزيع الديوان بين الثورة ووقائعها، والتأملات المجردة، مانحا نصوصه بعدا قصصيا أحيانا، مع دفقات من التأمل والشجن الشعرى، خالقا فى النهاية ديوانا يحمل من الجدة والفرادة ما يضع الشاعر الشاب فى طليعة شعراء العامية المصرية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.