احتضنت مدينة إسطنبول التركية، أمس السبت، مؤتمرا لتأسيس "تيار غد سوريا" الذي تعتبره الجهات المنظمة أول تنظيم سياسي يجمع العلويين السوريين المعارضين، حيث صرح مؤسس التيار فؤاد حميرة بأنهم يسعون لتفكيك البنية الحاضنة للنظام الحاكم. وأكد منظمو المؤتمر، أن الهدف منه هو الإعلان عن تيار سياسي يجمع السوريين من الطائفة العلوية دون الادعاء بأنه يمثلهم، حيث دُعي للمؤتمر ممثلون من مختلف شرائح الشعب السوري، ممن دعموا إنشاء تيار يضم في عضويته علويين سوريين يعملون إلى جانب قوى المعارضة السورية الأخرى. وقال مؤسس تيار غد سوريا، إنهم يمثلون الصوت الموجه إلى العلويين، والذي يسعى إلى تفكيك البنية الاجتماعية الحاضنة للنظام للتوصل إلى انهياره. ورأى حميرة أن استمرار نزف الشباب العلويين هو أكبر خطأ ارتكبته الطائفة العلوية، لافتا إلى أن الطائفة تدفع أبناءها للموت في كل أنحاء البلاد، إلى أن وصل عدد قتلاهم إلى مئة ألف وفق قوله. وعن تزامن الإعلان عن التيار الجديد مع بدء طرح الحلول السياسية للأزمة، لفت حميرة، إلى أنه "يعمل عليه من 2011، تاريخ بدء الثورة". وخلال المؤتمر، رحب رئيس الائتلاف الوطني السوري لقوى الثورة والمعارضة خالد خوجة، بتشكيل التيار الجديد، واعتبر أنه يأتي لبناء الهوية الوطنية التي فقدها السوريون بسبب النظام، داعيا أبناء الشعب السوري إلى الالتحام. وأشار خوجة، في كلمته، إلى أن هناك توجها إقليميا ودوليا بتعجيل العملية السياسية لحل الأزمة، مضيفا أن المعارضة تجد نفسها أمام عملية سياسية معقدة مع استمرار الحالة العسكرية، ما يدفعها للاهتمام بتوحيد القوى السياسية كلها، معتبرا أن إطلاق تيار غد سوريا يندرج في هذا السياق. وقالت الكاتبة رغدة حسن، إحدى الشخصيات العلوية المؤسسة للتيار: "إن التيار سيمثل صوت الطائفة العلوية سياسيا، وليكون مظلة للنشطاء العلويين المنخرطين في الثورة السورية". وحول تزامن إنشاء التيار مع اقتراب عقد مؤتمر أبها للمعارضة السورية، أوضحت حسن، ل"الخليج أونلاين "، أن فكرة إنشاء المؤتمر جاءت منذ انطلاق الحراك الثوري سعيا ليكون مظلة للعلويين الثوريين وغيرهم"، مشيرة إلى أن "التيار مفتوح لكافة السوريين". واعتبرت رغدة حسن في حديثها أن التدخل الروسي في سوريا عقد الوضع، وأن "توحيد صف المعارضة السياسي مطلوب هذه الفترة، للذهاب بموقف واحد إلى طاولة المفاوضات".
وقال مصدر من الطائفة العلوية مقيم في لندن ل"العرب"، إننا مستعدون للتخلي عن بشار الأسد مقابل ضمانات تمنع الانتقام الطائفي بعد رحيله، مضيفا "نؤيد رحيله بعد تشكيل حكومة انتقالية تشرف على إدارة البلاد وتطمئن جميع مكونات الشعب السوري على أن البلاد تسير نحو الاستقرار".
وأكد المصدر، الذي طلب عدم نشر اسمه، أن هناك أقلية ضمن الطائفة العلوية مازالت متمسكة ببقاء الأسد مهما كان الثمن، لأن مصالحها والمزايا التي تحصل عليها بالشراكة مع النظام السوري ستتعرض للمُساءلة وبالتالي سيكون رحيل الأسد بمثابة رحيلها هي أيضا.
وأشار إلى أن الطائفة العلوية عانت مثل غيرها خلال الحرب، وخصوصا على مستوى التضحيات البشرية، حيث فقدت القرى العلوية أغلب شبابها الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و35 سنة حيث كانوا ضحية كونهم عناصر في الجيش والقوى الأمنية.
واعتبر المصدر ذاته أن الاستنزاف الحاصل في الطائفة العلوية جعل قسما كبيرا من أبنائها يفكر بمستقبل ما تبقى من شبابهم وأطفالهم، لذلك هم مع ضرورة إيجاد حل سياسي حتى لو أدى إلى رحيل الأسد والكثير من القيادات العلوية في الجيش والأمن طالما أن هناك حلا يوقف النزيف السوري ويحمي الأقلية العلوية من الانتقام الطائفي.
ولفت إلى أن الطائفة العلوية واقعة بين نارين، فإن هي بقيت متمسكة بالأسد فإن الحرب ستزيد من فاتورة تضحيات أبنائها وإن تخلت عن الأسد فهي لا تعرف هل ستكون هناك ضمانات حقيقية لمنع الانتقام والهجمات الطائفية ضدها.
ووفقا للصفحة الرسمية لذلك التيار على فيسبوك، يرى مؤسسوه أن العلويين يمتلكون كباقي مكونات الشعب السوري "الرغبة في الانعتاق من الاستبداد"، ولكن جملة عوامل دفعت بأبناء الطائفة ليكونوا وقودا في الآلة العسكرية للنظام الحالي. ومن تلك العوامل، وفق مؤسسي "غد سوريا" منهج تهميش وتجهيل الشعب الذي اتبعه النظام على الطائفة العلوية، وحرص النظام على تعزيز الانتماءات الطائفية والقبلية والعائلية على حساب الانتماء الوطني، وتصاعد حدة الخطاب الطائفي لدى فصائل المعارضة "المتطرفة".