"تمثال الحرية يطأطيء الرأس من الأسى".. تغريدة على تويتر كتبتها إليس لابوت، مراسلة الشؤون العالمية في شبكة "سي إن إن" الأمريكية، يوم الإثنين الماضي، تعبر فيها عن تعاطفها مع محنة اللاجئين السوريين الذين تقطعت بهم السبل بسبب الحرب، وانتقادها لتصويت مجلس النواب الأمريكي الذي يسيطر عليه الجمهوريون، لصالح قانون يزيد من صعوبة دخول اللاجئين السوريين إلى الولاياتالمتحدة، لكن لابوت لم تكن تعرف بأن تعبيرها عن رأيها الذي تدعمه القيم الأمريكية المعلنة، سوف يجلب لها قرارا إداريا بوقفها عن العمل لمدة أسبوعين، بدعوى أن تغريدتها تخالف قواعد عمل مراسلي سي إن إن. لكن قبل ثلاثة أيام على قرار إيقاف لابوت، غضت سي إن إن الطرف عن قيام جون فوس، مذيع المحطة الأمريكية الذي اللوم للمسلمين بزعم أنهم أخفقوا في بذل الجهد الكافي قبل وبعد هجمات باريس، وهو ما أثار انتقادات واسعة النطاق. ومع هذا، اضطرت لابوت إلى الاعتذار عن تغريدتها، بعد تعرضها، فضلا عن القرار الإداري، لانتقادات من عدد من الصحفيين الأمريكيين ومن بينهم، الكاتب بالواشنطن بوست، إريك ويمبل، الذي قال إن تغريدة لابوت كشفت عن تعصب. في حين رد صحفيون آخرون بأن ما كان على لابوت أن تعتذر، معتبرين أنها لم تعبر عن رأي بل عن مشاعر إنسانية مشروعة. وكتب الصحفي مايكل كوهين على تويتر يقول، "المشكلة مع تصرفات سي إن إن هي أننا نرى احتضانا لسياسات الخوف من الأجانب المفضوحة ضد المسلمين. هل ستصمت المؤسسات الإعلامية مثل سي إن إن؟" بينما قال الصحفي آدم جولدمان، "لو أنني كتبت تغريدة في عام 1938 بأنه من الخطأ إبقاء اليهود خارج الولاياتالمتحدة في مواجهة اعتداءات النازي، هل كان ذلك ليصبح أمرا سيئا؟ هل كان سيتم إيقافي عن العمل؟" فيما كتب بول داناهار: "ليس هناك شي أفضل لإظهار المناخ المحموم في الولاياتالمتحدة من وقف إليس لابوت لمجردها تعبيرها عن تعاطفها مع اللاجئين". وقرار سي إن إن بوقف لابوت عن العمل، كما تلاحظ صحيفة الهافنجتون بوست اليسارية، ينسجم مع طفرة تشدد ملموسة في لهجة عدد من وسائل الإعلام الأمريكية، وبخاصة المحافظة منها، ومن جانب سياسيين، لاسيما الجمهوريين، ضد ما هو عربي ومسلم، منذ الهجمات الإرهابية التي ضربت العاصمة الفرنسية باريس، فبعض المرشحين المحتملين للرئاسة الأمريكية، مثل الملياردير دونالد ترامب وجراح الأعصاب المتقاعد بن كارسون يتخذون مواقف متطرفة سياسيا ضد المسلمين منذ وقوع هذه الهجمات، وقد دعا ترامب إلى إنشاء قاعدة بيانات لتعقب المسلمين الذين يعيشون في الولاياتالمتحدة، بينما وصف بن كارسون اللاجئين السوريين ب"الكلاب المسعورة". وسبق للشبكة الأمريكية طرد صحفيين بسبب مواقفهم السياسية، فقد طردت سي إن إن الصحفية المخضرمة، اللبنانية الأمريكية أوكتافيا نصر، لأنها عبرت عن حزنها لرحيل المرجع الشيعي محمد حسين فضل الله. كذلك أنهت الشبكة عمل المراسلة ديان ماجناي التي كانت تغطي النزاع الفلسطيني -الإسرائيلي في يوليو 2014، بعدما وصفت على تويتر، الإسرائيليين الذين هددوها وضايقوها، بأنهم "حثالة". وفي يناير الماضي، اضطر جيم كلانسي، الذي قضى أكثر من 3 عقود من العمل لدى سي إن إن، إلى ترك المحطة بعد اشتباكه على تويتر مع مؤيدين لإسرائيل حول هجمات مجلة شارلي إبدو، حيث اتهمهم كلانسي باستغلال الحدث لترويج بروباجندا خاصة. وكذلك فقد أحيلت عميدة المراسلين في البيت الابيض الراحلة، هيلين توماس، اللبنانية الأصل على التقاعد بعد مهاجمتها إسرائيل علنا.