كتب - صديق العيسوي وأحمد البرماوى السكك الحديدية.. "مرفق" من أقدم السكك الموجودة في العالم بعد المملكة المتحدة "بريطانيا"، وهي أول خطوط سكك حديد يتم إنشاؤها في إفريقيا والشرق الأوسط، ورغم أهمية هذا المرفق وحيويته إلا أنَّ الأزمات تحاصره من من كل حدبٍ وصوب. الأزمات التي "تخنق" السكة الحديد تتنوع ما بين حوادث يسقط فيها العديد من الضحايا، أو خسائر مالية تزيد من الأعباء على الدولة، أو العشوائية في إدارته، وكذا العمالة الكثيفة في الهيئة. تقريرٌ صادرٌ عن المعهد القومي للنقل، في 2014، قال إنَّ 50% من خطوط السكك الحديدية يستخدم كأماكن انتظار للقطارات القديمة المتهالكة، و95% من عربات نقل البضائع لا تستغل بالشكل الأمثل، و50% من عربات الركاب خارج الخدمة وتحتاج إلى عملية إحلال سريعة، و60% من جرارات قطارات السكك الحديدية خارج الخدمة، وأشار إلى أنَّ السكك الحديدية تحتاج إلى ثمانية مليارات و200 مليون جنيه لتنفيذ خطط تطوير الخدمة بها. حوادث السكة الحديد مزلقانات ومعابر السكة الحديد تشهد في الوقت الحالي حالة من التقصير والانفلات الأمني، حيث تعانى إهمالاً يؤدي إلى وقوع الحوادث بشكل مستمر، إضافةً إلى أنَّ سائقي التوك توك والدراجات البخارية دائمو المرور دون التزام التعليمات، ما يرفع من تعداد الحوادث والكوارث، بالإضافة إلى محاصرة الباعة الجائلين حرم السكة الحديد وإلقائهم المخلفات على القضبان والمزلقانات حتى أصبحت لا ترى من كثرة القمامة. في 2015، وقعت 158 حادثةً منفصلةً في السكة الحديد في 20 محافظة، سقط فيها 149 قتيلاً و114 مصابًا، ووقعت 19 حادثةً بالسكك الحديد بالمحافظات المركزية، و73 بمحافظات الدلتا، وحادثتان بمدن القناة، و61 بمحافظات الصعيد، فيما ترواحت أسباب الحوادث ما بين الاصطدام بوسائل مواصلات أو خروج القطار عن مساره أو اشتعال النيران بالقطار أو الاصطدام بالمواطنين.
وجاء عدد الحوادث الناتجة عن الاصطدام بالمواطنين 123 حادثة، وإجمالي الوفيات بها 106 وفيات، فيما وصلت الحوادث الناتجة عن الاصطدام بوسائل مواصلات إلى 11 حادثة، أمَّا القطارات التي خرجت عن مسارها فكان عددها 6 قطارات.
وقوع حوادث القطارات ترجع لعدة أسباب، وفق تحليلات، السبب الأول عيوب فنية والثاني أخطاء بشرية والثالث أسباب مشتركة، أمَّا العيوب الفنية فقد بلغت نسبتها في حوادث القطارات نحو 7% من نسبة الحوادث، والأخطاء البشرية فقد ساهمت بنسبة 68% من حوادث السكة الحديد، والأسباب المشتركة بين عدة عوامل فقد بلغت نسبتها 25% تقريبًا. وفي دراسة حديثة لهيئة السكة الحديد ثبت أنَّ 32% من حوادث القطارات بسبب العبور الخاطئ من أماكن غير قانونية أي مزلفانات غير رسمية، وأنَّ 28.3% من حوادث مزلقانات السكة الحديد نتيجة اقتحام بعض السيارات للمزلقانات وهي مغلقة، وأنَّ 11.8% من هذه الحوادث نتيجة اصطدام قطارين ببعضهما، وأنَّ و18.9% بسبب خروج القطار عن القضبان، وأنَّ و5% بسبب سقوط الركاب من القطار. خسائر الهيئة وفقًا للتقرير النهائي لختام الموازنة العامة لهيئة السكة الحديد لعام 2014 -2015، بلغ صافي خسائر الهيئة خمسة مليارات جنيه، وبلغت مصروفات الهيئة سبعة مليارات جنيه، في حين بلغت الإيرادات مليارين و111 مليون جنيه. المهندس وجدي رضوان معاون وزير النقل للسكة الحديد يقول إنَّ خسائر الهيئة في آخر أربع سنوات بلغت 12 مليار جنيه، وإنَّ مصروفات الهيئة بلغت 20 مليار جنيه خلال تلك الفترة، مقارنة بنحو ثمانية مليارات جنيه إيرادات فقط.
وأضاف رضوان ل"التحرير" أنَّ الزيادات التي وقعت في الفترة الأخيرة شملت تذاكر القطارات المكيفة فقط والتي تمثل 15% من إجمالي أسطول الهيئة، مؤكِّدًا أنَّه لم يتم الاقتراب من قطارات الدرجة الثانية المميزة أو المطورة.
وأوضح أنَّه تمَّت مراعاة توزيع نسب الزيادة، بحيث يتحمل راكب الدرجة الثانية التي تمثل 70% من إجمالي الدرجات المكيفة عشرة جنيهات فقط، والدرجة الأولى 20 جنيهًا حتى أسوان لمسافة ألف كيلو متر. ولفت رضوان إلى أنَّ الزيادة تأتي في إطار عملية التطوير التي تجريها الهيئة، وتتمثل في شراء 212 عربة مكيفة جديدة بتكلفة مليارين و300 مليون جنيه، والتي سيبدأ تشغيلها اعتبارًا من شهر ديسمبر المقبل، وأيضًا مشروع كهربة إشارات السكة باستثمارات خمسة مليارات جنيه. ديون على السكة الحديد الدكتور أسامة عقيل أستاذ الطرق والمرور بجامعة عين شمس قال إنَّ السكة الحديد تنقل 1.5% من حجم نقليات البضائع في مصر، وإنَّ السكة الحديد لو تمَّ الاهتمام بدورها في نقل البضائع يمكنها أن تنقل حوالي 22% بسهولة وتكلفة بسيطة، مشيرًا إلى أنَّ أطوال السكة الحديد تبلغ تسعة آلاف كيلو متر منها 5200 كيلو متر وعليها 1333 مزلقانًا شرعيًّا وحوالي 4000 مزلقان غير شرعي بإجمالي 5300 مزلقان. وأضاف عقيل أنَّ ديون الهيئة زادت عن 20 مليار جنيه، وأنَّ أعباء خدمة الدين أكبر من ايرادات الهيئة السنوية، مشيرًا إلى أنَّ السكة الحديد تنقل في المتوسط مليون راكب يوميًّا، بينما قدرات السكة الحديد "خطوط ومحطات وقطارات وأعداد عاملين" يجب أن تنقل في المتوسط ستة ملايين راكب يوميًّا. وأوضح أنَّ أجور العاملين في السكة الحديد تشكِّل ما يقرب من 75% من إيرادات الهيئة، لافتا إلى أنَّ هيئة السكة الحديد تملك 200 مليون متر مربع أراضي فضاء غير مستغلة، معظمها تمَّ التعدي عليه ولا تتحرك السكة الحديد لاستردادها. وعن الأصول المعطلة في السكة الحديد، إفاد عقيل بأنَّ 40% من خطوط السكة الحديد تستخدم لتخزين القديم والهالك 200 مليون متر مربع أراضٍ غير مستغلة، كاشفًا أنَّ هناك مليار جنيه مخزون مهمات مشتراة غير مستخدمة بالإضافة إلى خردة بمئات الملايين مخزونة لا فائدة منها، وأنَّ هناك 95% من عربات البضائع لا تعمل، فضلاً عن مليار جنيه مديونيات معدومة، ومئات الملايين تخريب وسرقات لكل عناصر المرفق، و200 جرار معطل ومئات عربات الركاب معطلة ولا تعمل، وفق تعبيره. وأشار عقيل إلى أنَّ أقساط "الإهلاكات" السنوية تبلغ 600 مليون جنيه سنويًّا، وتكاليف سنوية للصيانة تبلغ 650 مليون جنيه، ومجموعهم أكبر من إيرادات الهيئة. 62 ألف عامل بالسكة الحديد عبد الفتاح فكري رئيس النقابة العامة للعاملين بالسكة الحديد قال إنَّ هناك 62 ألف عامل بالهيئة، لافتًا أنَّ الهيئة تنظِّم 1100 رحلة يوميًّا على جميع الخطوط. وأضاف فكري: "حوادث السكة الحديد لن تنقطع طالما هناك عنصر بشري يتدخل في المنظومة سواء باقتحامات المزلقانات أو التعدي على حرم القطارات بفتحات في الأسوار لمرور المشاة بالرغم من وجود وسائل عبور آمنة". وأوضح فكري: "ميزانية الأجور السنوية ملياران و100 مليون جنيه، وإيراد الهيئة السنوي يقارب ملياري جنيه، والمرتبات أعلى من الإيرادات، والهيئة تعاقدت مع الهيئة العربية للتصنيع من أجل تصنيع 212 عربة مكيفة VIP خرج منهم ثلاثة قطارات حتى الآن ويخرج بمعدل قطار كل شهر للخطوط".