قليلة هي المشاريع التي تتعاقب على مدار التاريخ، وقليل منها ما يترك بصمة ويظل محفورًا في أذهان المصريين، ولعل السكك الحديد بمصر من أهم المشاريع على مدار قرن كامل من الزمن، وذلك لأن وقت إنشائها كان طفرة وسبقًا لكثير من دول العالم.. أنشأها محمد علي.. واستغلها الإنجليز.. وطورتها ثورة 52 أنشئت السكك الحديد فى عهد محمد علي، وتحديداً عام 1834، حيث وصلت القضبان بين السويس والإسكندرية؛ من أجل الربط بين البحرين الأبيض والأحمر، ثم توقف العمل بسبب اعتراض فرنسا. وفى منتصف القرن الثامن عشر تم إنشاء أول خط حديدى فى مصر يوم 12 يوليو عام 1851، وبدأ التشغيل رسميًّا عام 1854، وكان المشرف على مشروع بناء السكك الحديدية المصرية المهندس الإنجليزى روبرت ستيفنسون، وهو ابن مخترع القاطرة الشهير جورج ستيفنسون. وخلال الحرب العالمية الأولى فكرت إنجلترا فى إقامة خط سكك حديدية بين مصر وفلسطين لنقل الجنود من مصر إلى فلسطين، وبدأ العمل فى بناء الخط من القنطرة شرق على الضفة الشرقيةلقناةالسويس وحتى غزة. وعقب ثورة يوليو 1952 اهتمت الدولة بتطوير خطوط السكة الحديدية، وزاد هذا الاهتمام خلال بناء السد العالى، حيث امتدت خطوط السكة الحديد إلى الصعيد من أجل نقل الركاب والمعدات والعاملين المشاركين فى هذا المشروع الكبير، وأصدر الرئيس الراحل جمال عبدالناصر قراراً بإلغاء القطارات البخارية، وبدأت القطارات منذ هذا القرار تعمل بالوقود. الإهمال يغزو السكك الحديد على مدار عقود لم تسلم هيئة السكك الحديد من أزمات تعصف بها من حين لآخر، تؤثر عليها وتحولها من أول هيئة تم إنشاؤها فى الشرق الأوسط إلى قطاع يضرب الإهمال في جذوره ويزيد من مشاكله وخسائره. فى ظل غياب دور رجل المرور المعين لخدمة المزلقان، تشهد المزلقانات حالة من الانفلات الأمني ،حيث تعانى تكسيراً يؤدى إلى وقوع الحوادث بشكل مستمر، إضافة إلى غفلة سائقى التوك توك والدراجات البخارية ومرورهم أثناء عبور القطار؛ ما يتسبب فى العديد من الكوارث، كما أن الباعة الجائلين يحاصرون حرم السكة الحديد ويلقون المخلفات على القضبان والمزلقانات حتى أصبحت لا ترى من كثرة القمامة، ولم يكتفِ الباعة بإلقاء مخلفاتهم، بل قاوموا بإشعال النيران للتخلص منها، ما يهدد باشتعال القطارات التي يوجد بها مواد ملتهبة كالبنزين والزيوت، بجانب الأدخنة الكثيفة التي تتصاعد وتحجب الرؤية. وفي الآونة الأخيرة بلغت خسائر هيئة السكك الحديد ملياراً وسبعمائة ألف جنيه من موازنة الدولة العام الماضى، إضافة إلى سرقة قضبان السكك الحديدية، كما حدث فى سكك حديد سفاجا، ما يترتب عليه اصطدام القطارات وتعطل الحركة. وأكد مسئولون في هيئة السكة الحديد أن آلاف الأطنان من القضبان الحديدية قطعت وسُرقت، وقد خلفت عمليات السطو خسائر تجاوزت ال700 مليون جنيه، أي ما يعادل نحو 100 مليون دولار. وقال تقرير صدر عن المعهد القومى للنقل إن 50% من خطوط السكك الحديدية يستخدم كأماكن انتظار للقطارات القديمة المتهالكة، و95% من عربات نقل البضائع لا تستغل بالشكل الأمثل، و50% من عربات الركاب خارج الخدمة وتحتاج إلى عملية إحلال سريعة، و60% من جرارات قطارات السكك الحديدية خارج الخدمة، وأشار التقرير إلى أن السكك الحديدية تحتاج إلى 8.2 مليار جنيه لتنفيذ خطط تطوير الخدمة بها. حوادث السكك الحديد في 2015 وخلال عام 2015 وقعت 158 حادثة منفصلة في السكة الحديد، في 20 محافظة، سقط فيها 149 قتيلاً و114 مصابًا، علماً بأنه تم رصد وأرشفة حوادث القطارات عبر الخطوط الحديدية أو في المزلقانات من التي نجم عنها خسائر بشرية أو تلفيات كبيرة فقط، وهي لا تشمل حوادث الطرق وباقي وسائل النقل البري. فمنذ بداية 2015 وحتى وقتنا الحالي، وقعت 19 حادثة بالسكك الحديد بالمحافظات المركزية و73 بمحافظات الدلتا وحادثتان بمدن القناة و61 بمحافظات الصعيد، فيما ترواحت أسباب الحوادث ما بين الاصطدام بوسائل مواصلات أو خروج القطار عن مساره أو اشتعال النيران بالقطار أو الاصطدام بالمواطنين. وكان عدد الحوادث الناتجة عن الاصطدام بالمواطنين 123 حادثة، وإجمالي الوفيات بها 106 وفيات، فيما وصلت الحوادث الناتجة عن الاصطدام بوسائل مواصلات إلى 11 حادثة، أما القطارات التي خرجت عن مسارها فكان عددها 6 قطارات. الاهتمام بالقطارات الفاخرة.. لا حل الأزمات ومؤخرًا أطلقت السكك الحديد ثالث قطار تجريبى VIPخدمة جديدة فاخرة وثانى قطار على خطوط الوجه القبلى (القاهرة/ أسوان) وبالعكس، وذلك بعد استلامه من مصنع سيماف، والتأكد من إجراءات السلامة. وجاء ذلك بناء على توجيهات وزير النقل الدكتور / سعد الجيوشى لتقديم وتحسين الخدمة المقدمة للركاب. وصرح المهندس أحمد حامد رئيس الهيئة أنه تقرر اعتبارًا من بداية أكتوبر القادم تشغيل القطار للجمهور بين القاهرةوأسوان وبالعكس، ويقف بمحطات (القاهرة / أسيوط / قنا / الأقصر / أسوان) وذلك ضمن خطط تطوير الهيئة لتقديم خدمات مميزة للمسافرين من الركاب والارتقاء بمستوى الخدمة المقدمة. وأضاف رئيس الهيئة أن هذا القطار الثالث ضمن عقد ال 212 عربة مكيفة المتعاقدة عليها مع مصنع سيماف التابع للهيئة العربية للتصنيع، والذى يتم تصنيعه بأيدٍ مصرية، ووصلت فيه نسبة المكون المحلى لأكثر من 50%.