البيطريين: إجراء تعديلات شاملة لقانون النقابة وطرحها لحوار مجتمعي    رسالة فكرية وإنسانية.. «أوقاف شمال سيناء» تواصل فعاليات مبادرة «صحح مفاهيمك» في المدارس    الشيوخ يستعد لتشكيل 14 لجنة نوعية وانتخاب هيئات مكاتبها الأسبوع المقبل.. مصادر: تنسيق حزبي وبرلماني للتوافق على المرشحين قبل إجراء الانتخابات    اندلاع حرائق كبيرة بسبب الغارات الإسرائيلية على البقاع    الداعية مصطفى حسنى لطلاب جامعة القاهرة: التعرف على الدين رحلة لا تنتهى    هل يجوز أن يخص الوالد أحد أولاده بالهبة دون إخوته؟ الأزهر للفتوى يجيب    طريقة عمل الأرز البسمتي بالخضار والفراخ، وجبة متكاملة سريعة التحضير    الداخلية تواصل حملاتها لضبط الأسواق ومواجهة التلاعب بأسعار الخبز    لعدم استيفائهم الأوراق.. الهيئة الوطنية للانتخابات تستبعد 3 قوائم انتخابية    عاجل- قرارات جديدة من رئيس الوزراء.. تعرف على التفاصيل    البنك الأهلي يحصد شهادة التوافق لإدارة وتشغيل مركز بيانات برج العرب من معهد «Uptime»    وزير الصناعة: مصر والصين تربطهما شراكة استراتيجية راسخة على كافة المستويا    شراكة وطنية جديدة لتوسيع زراعة القمح ضمن مبادرة «ازرع»    الكنيست يوافق على المناقشة التمهيدية لمشروع قانون ضم إسرائيل للضفة الغربية المحتلة    الاتحاد الأوروبي يفرض عقوبات جديدة على روسيا تستهدف أسطول الظل    أسبوعان على وقف إطلاق النار.. بطء في دخول المساعدات وخروقات بالشجاعية وخان يونس    وزارة الدفاع الروسية: إسقاط 139 طائرة مسيرة أوكرانية خلال الليل    روسيا: نحتفظ بحق الرد على عقوبات الاتحاد الأوروبي    موعد مباراة ليفربول القادمة عقب الفوز على فرانكفورت والقنوات الناقلة    الزمالك يجهز شكوى لتنظيم الإعلام ضد نجم الأهلي السابق    بشير التابعي: زيزو أفضل لاعب في الأهلي    "مخاطر العنف والتنمر" ندوة توعوية ب"فنون تطبيقية بني سويف"    حجز الحكم على البلوجر علياء قمرون بتهمة خدش الحياء العام ل29 أكتوبر    مصرع شخص أسفل عجلات القطار في أسوان    الدفع ب 9 سيارات إطفاء للسيطرة على حريق مصنع أخشاب بالشرقية    غلق كلي لكوبري الأزهر السفلي 3 أيام لتطويره بطبقة الإيبوكسي.. تفاصيل    الحكومة توافق علي إصدار عملات تذكارية ذهبية وفضية بفئات متعددة.. تفاصيل    رانيا يوسف تكشف الفرق الحقيقي في العمر بينها وبين زوجها: مش عارفة جابوا الأرقام دي منين!    حنان مطاوع بعد فيديو والدها بالذكاء الاصطناعي: "اتصدمت لما شوفته وبلاش نصحي الجراح"    السادة الأفاضل.. انتصار: الفيلم أحلى مما توقعته ولا أخشى البطولة الجماعية    اليوم.. الكنيسة القبطية تستضيف اجتماع لجنة الإيمان والنظام بمجلس الكنائس العالمي    تفاوت كبير في سعر الدولار اليوم 23 أكتوبر.. اعرف تحديث البنوك الجديد    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الخميس 23-10-2025 في محافظة الأقصر    القوات المسلحة تشارك عددا من دول الكومنولث الاحتفال السنوي بإحياء الذكرى ال 83 لضحايا معركة العلمين    إنجاز طبي جديد بعد إنقاذ مريض فلسطيني مصاب من قطاع غزة    توقع بروتوكول تعاون بين «المؤسسة العلاجية» و«فاكسيرا» لتعزيز التكامل في الخدمات العلاجية    الصحة توقع مذكرة تفاهم مع الجمعية المصرية لأمراض القلب لتعزيز الاستجابة السريعة لحالات توقف القلب المفاجئ    فاليري ماكورماك: مصر مثال عظيم في مكافحة السرطان والتحكم في الأمراض المزمنة    محمد صلاح.. تقارير إنجليزية تكشف سر جديد وراء أزمة حذف الصورة    ما حكم بيع وشراء العملات والحسابات داخل الألعاب الإلكترونية؟ دار الإفتاء تجيب    من بيتك.. سجّل الآن فى حج القرعة 2026 بسهولة عبر موقع وزارة الداخلية    مصرع فتاة بعد سقوطها من الطابق ال12 بحى غرب أسيوط    أستاذ علوم سياسية: القمة المصرية الأوروبية تعكس مكانة مصر ودورها المحورى    مقتول مع الكشكول.. تلميذ الإسماعيلية: مشيت بأشلاء زميلى فى شنطة المدرسة    اتحاد الثقافة الرياضية يحتفل بنصر أكتوبر وعيد السويس القومي    بعد قليل.. "الوطنية للانتخابات" تعلن القائمة النهائية الرسمية لمرشحى مجلس النواب 2025    ب 5 أهداف.. صلاح محسن يتصدر قائمة الهدافين بعد انتهاء الجولة ال11 في الدوري    أسعار النفط تقفز 3% بعد العقوبات الأمريكية على روسنفت ولوك أويل    سعر اليورو مقابل الجنيه المصري اليوم الخميس 23 أكتوبر 2025 في البنوك المحلية    «لازم تركز شوية».. أحمد شوبير يفاجئ نجم الأهلي برسائل نارية    تصرف محمد صلاح يفجر غصب جماهير ليفربول (تفاصيل)    وليد عبدالعزيز يكتب: المناطق الصناعية والمستقبل    على أبو جريشة: إدارات الإسماعيلى تعمل لمصالحها.. والنادى يدفع الثمن    تهديدات بالقتل تطال نيكولا ساركوزي داخل سجن لا سانتي    روزاليوسف.. ما الحُبُّ إِلّا لِلحَبيبِ الأَوَّلِ    سيصلك مال لم تكن تتوقعه.. برج الدلو اليوم 23 أكتوبر    علي الحجار يتأثر بغنائه «فلسطيني» في مهرجان الموسيقى العربية    مواقيت الصلاة في أسيوط غدا الخميس 23102025    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تحقيق| مختار جمعة.. وزير في «ملاهي الفشل»
نشر في التحرير يوم 17 - 11 - 2015


تحقيق - صلاح لبن وباهر القاضي:
معاركه مع الأئمة وصراعه مع الطيب مسلسل لا تتوقف.. و60 معهدًا لنشر الفكر المتطرف بعلمه
جمعة مكًن الإخوان والسلفيين من المنابر على مدار 25 عامًا.. واجه الإرهاب بالبيانات والشو الإعلامي وترك المساجد للمتطرفين
مسؤول بالأوقاف ل«التحرير»: السيسي لم يتخذ أي إجراء ضد الأزهر والأوقاف رغم فشل تجديد الخطاب الديني على مدار 5 شهور
إبرام صفقات على بيوت الله.. ترك المنابر للمتطرفين لإدارتها في ظل غياب الرقابة على العدد الأكبر من مساجد مصر يعدان من المسائل التي تستلزم فتح الملفات الشائكة داخل وزارة الأوقاف، لاسيما أن هناك عدة قضايا فشل الدكتور محمد مختار جمعة، وزير الأوقاف، في التعامل معها.
ويأتي في مقدمة تلك القضايا عدم القدرة على استرداد مساجد الأوقاف التي سيطرت عليها بعض الكيانات المحسوبة على التيار الإسلامي، بالإضافة إلى فشله في وضع خطة مناسبة لتجديد الخطاب الديني، في ظل مسؤوليته الأساسية عن تأهيل الأئمة لمواجهة الأفكار المتطرفة.
الوزير يبحث كثيرًا عن الترويج لنفسه من خلال الظهور الإعلامي المفرط، والتي تعد من ضمن أدواته لمواجهة الفشل الظاهر في أداء مهمته، كما جعل موقع وزارة الأوقاف بوابة لكسب إعلاميين وصحفيين تاركًا مساحات كبيرة؛ لعرض تقارير ومقالات الإشادة بالوزارة في عهده، ولا يمل جمعة من محاولة الإدعاء بأنه يقف ضد الأصوات المتطرفة بكل قوة مستغلاً بعض المنابر الإعلامية التي تساعده على توصيل رسالته الغير مطبقة على أرض الواقع.
عهد التطرف والإرهاب الفكري
وبلغة الأرقام، يظهر أن وزارة الأوقاف تعاني خللاَ واضحًا في إدارة المساجد عل مستوى محافظات مصر، إذ أن عدد الأئمة في مصر 60 ألف إمام في ظل وجود120 ألف مسجد، ما يكشف عن وجود عجز 60 ألف إمام على الأقل.
ونشرت الجريدة الرسمية قرارًا رقم 51 لسنة 2014 للرئيس السابق عدلي منصور بقانون بتنظيم ممارسة الخطابة والدروس الدينية في المساجد وما في حكمها من الساحات والميادين العامة، والذي ينص على أنه لا يجوز لغير المعينين المتخصصين بوزارة الأوقاف والوعاظ بالأزهر الشريف المُصرح لهم بممارسة الخطابة والدروس الدينية بالمساجد وما في حكمها، ويصدر بالتصريح قرار من شيخ الأزهر أو وزير الأوقاف حسب الأحوال.
ويجوز الترخيص لغيرهم بممارسة الخطابة والدروس الدينية بالمساجد وما في حكمها وفقًا للضوابط والشروط التي يصدر بها قرار من وزير الأوقاف أو من يفوضه في ذلك.
الغريب، أن وزارة الأوقاف كثيرًا ما تعلن عن بناء مساجد جديدة وهو ما يطرح تساؤلات منها، كيف تُدار المساجد الجديدة في ظل وجود أكثر من 60 ألف مسجد يعتمد عليها أصحاب الأفكار المتطرفة في نشر منهجهم؛ لحث الناس على استخدام منهج العنف، وكيف تقدر الوزارة على مجابهة هذا العجز الصارخ.
على مدار 25عامًا، عمل الدكتور محمد مختار جمعة بالجمعية الشرعية، وساهم في وصول الإخوان والسلفيين إلى هدفهم بالسيطرة على المساجد حيث كان يشغل منصب عضو هيئة كبار علماء الجمعية.
أما الأزمة الثانية، تتعلق بتجديد الخطاب الديني، حيث يرى بعض مسؤولي الأوقاف أن عدم الفهم الصحيح من قبل القائمين على العمل والمُعنيين بتجديد الخطاب الديني نتيجة لعدم إدراك المشكلة من الأساس، بالإضافة إلى أن المتحكمين في ملف تجديد الخطاب الديني رجال تجاوزت أعمارهم ال 65 عاما.
دعوة الرئيس عبد الفتاح السيسي المتكررة بتجديد الخطاب الديني، والذي تقع مسؤوليته في المقام الأول على الأزهر والأوقاف، دفعت الأخيرة إلى تبني بعض القرارات فيما يخص الأئمة والدعاة، ومنها قرار بصرف مكتبة لكل إمام وخطيب، ومخاطبة وزارة المالية بالإسراع في صرف كادر الأئمة، وذلك من باب الاهتمام بهم كمحور أساسي في تجديد الخطاب الديني، غير أن تلك القرارات ذهبت أدراج الريح.
ومن جانبه، يقول صبري عبادة، وكيل وزارة الأوقاف، إن النزول إلى القرى والنجوع من الأمور التي يجب أن يتم التركيز عليها في تجديد الخطاب الديني، إلا أن جمعة يدير قضية تجديد الخطاب الديني من الغرف المكيفة بندوات ومؤتمرات, لا تصل للمواطن.
ويُضيف: "نحن في حالة حرب، وتوجد أفكار شاذة تخرج من أدغال مصر، وتنطلق من بعض الأماكن مثل العشوائيات، ولا يمكن مواجهة هذا الخطر إلا عندما يكون لدينا قيادة واعية تعلم كيفية إدارة هذه المرحلة.
وتابع: نحن نمر بمرحلة صعبة تتطلب تجنيد بعض الناس دون وساطة ومحسوبية، ومن خلال عملي في 7 مديريات بالأوقاف، أؤكد أننا نمتلك قدرات متميزة من الدعاة، ولدينا جنود بحاجة إلى لمسة حنان ونظرة عدل".
وحول اختيار لجنة تجديد الخطاب الديني من كبار السن، يوضح: "ليس بأيدينا شئ نفعله، لكن أريد توجيه سؤالاً واحدًا ما الإجراء الذي اتخذ منذ دعوة السيسي للأزهر والأوقاف للعمل على تجديد الخطاب الديني، مؤكدًا أنه لم يتغير أي شئ على أرض الواقع منذ دعوة الرئيس".
ويقول الدكتور أحمد كريمة، أستاذ الشريعة الإسلامية بجامعة الأزهر, إن هناك خطأ في مصطلح تجديد الخطاب الديني، لأنه من المفترض أن يتحول إلى «حقيقة الخطاب الديني» - التي تعني إعادة مسار الخطاب الديني لإطاره الصحيح - بعدما أصيب بأمراض المذهبيات والطائفيات والعصبيات، فحصل تداخل والتباس بين أركان الدين الرئيسة، وما بين علوم الأركان.
ويُشير "كريمة"، إلى أنه للأسف قلً الاهتمام وضعفت العناية بالأركان - الإيمان والإسلام والإحسان - وصار الاهتمام بعلوم الأركان وفق الأطروحات المذهبية، والتي تتضمن العقيدة والفقه والأخلاق، فصار الاحتجاج بأقوال بشرية، وضَعُفَ الرجوع إلى المصادر النصية الإلهية والرسولية.
وتابع: "كان ينبغي أن تكون حقيقة الخطاب الديني رسالة، وليست ثقافة رد فعل أو أزمة، ولكن الملاحظ الآن أنها ثقافة رد فعل، لاسيما أنها لاحت في الأفق عند ظهور عنف سواء فكري أو مسلح"، مشيرًا إلى أن الخطاب الديني بحاجة إلى هيئة قومية مستقلة تكون رابطة بين مؤسسات الدولة (الأزهر مرجعية علمية) و(الأوقاف أداء دعوي مسجدي)، و(الإعلام الديني أداة إعلام تخصصي).
المنصب يُعاني
"نحن بحاجة إلى وزير أوقاف لديه مشروع تجديدي، صانع تجربة، ويملك رؤية جديدة غير منقولة عن كتب التراث".. يقول محمد الدويك، المتخصص في شؤون الحركات الإسلامية، إننا نريد أن يصل إلى هذا المنصب رجل قادر على ترك المكاتب المكيفة، وزير مُجدد، لديه مشروع قادر على تطبيقه.
ويُشير "الدويك"، إلى أنه من ضمن سلبيات مختار جمعة أنه يُمارس عمله كموظف، فهو "عبد المأمور"، يُطبق لوائح باردة جامدة وبالية، لا تمس الواقع بشئ، مطالبًا بآخر أكثر حرية وشجاعة، وأكثر انتماءً للناس، لا للمنصب، بحسب قوله.
وأردف: "الدولة ليس لديها إرادة لتنحية الخطاب السلفي من الساحة، ولا ترغب في استرداد المساجد من السلفيين، حيث تقوم بنفس الدور التي كان تلعبه، مستخدمة السلفيين لتمجيد الحاكم، وهناك عقول في الدولة تستخدم السلفيين كورقة في الصراع السياسي".
وحول فترة وجود وزير الأوقاف في الجمعية الشرعية، وتصعيد السلفيين والإخوان إلى المنابر، يرى محمد الدويك، إنه من الصعب أن ينفصل وجدانيًا عن البيئة الحاضنة التي تربى فيها، لافتًا بأن جزء كبير جدًا من مناهج الأزهر لا تختلف كثيرًا عن السلفيين، حيث أنها قديمة، تكره الطرف الآخر، وتتنكر للحداثة.
مختار جمعة VS الأئمة
على الرغم من القرارات التي أصدرها الوزير لاحتواء غضب الأئمة، إلا أنها في ظاهرها الرحمة وفي باطنها العذاب، حيث لم يوف جمعة بتعهداته التي قطعها على نفسه، ولم يعر للقرار الذي أصدره بشأن صرف مكتبة علمية لكل إمام وخطيب أي اهتمام، وظلت جميع قراراته الداعمة لهم غير ملموسة على أرض الواقع.
الشيخ محمد البسطويسي، نقيب الأئمة والدعاة، كشف عن أن القرار الذي أصدره وزير الأوقاف خلال الأسابيع الماضية بصرف مكتبة علمية لكل إمام وخطيب، لم يطبق على أرض الواقع، فلا يوجد إمام أو خطيب في أي محافظة حصل على أى مكتبة، بل هو قرار في الإعلام فقط.
ويؤكد "البسطويسي"، أن جميع القرارات التي أصدرها الوزير مؤخرًا بشأن الأئمة ما زالت حبيسة الأدراج، ومنها قرار كادر الأئمة، وادعاء الأوقاف زورًا وبهتانًا - على حد تعبيره- بأنها أرسلته إلى وزارة المالية للبت فيها، لا يمت إلى الواقع بِصِلة، إذ أكدت - المالية - أن الوزارة لم ترسل لها أي شىء من هذا القبيل، بل إن هذه القرارات التي يتبناها الوزير من باب التهدئة مع الأئمة أصحاب الحقوق الضائعة والنداءات التي لم يستجب لها أحد سواء من داخل الأوقاف أو خارجها.
معاهد إعداد المتطرفين "على عينك يا تاجر"
وفي محاولة لبسط نفوذها الفكري، ونشر الأفكار بين نفوس وعقول شباب المجتمع المصري، أنشأت الجماعات والحركات التي تختبئ مرتدية سُترة تيار الإسلام السياسي معاهد لإعداد الدعاة في كل محافظة؛ لتكون بمثابة مرتعًا وأرض خصبة لاستقطاب الشباب تحت راية تعاليم الإسلام بعيدًا عن أي رقابة أو إشراف من قبل مشيخة الأزهر أو وزارة الأوقاف، رغم إصدار الأخيرة قرارًا بضم جميع المعاهد لعصمة الوزارة، إلا أنه لا يزال حبيس الأدراج مثل معظم القرارات، وفقًا لمصادر بالوزارة.
"التحرير" تنفرد برصد العديد من معاهد إعداد الدعاة التابعة للجمعية الشرعية والدعوة السلفية وأنصار السنة المحمدية وغيرها من الجماعات والحركات الإسلامية، والتي تجاوزت المعاهد الرسمية التابعة للأوقاف، مُستغلين الحرية الكاملة الممنوحة لهم في هذا الصدد، فقاموا بتدريس كتب تدعو للتشدد والتطرف، ولعل أبرزها: كتب لحسن البنا، والقرضاوي ومحمد بن عبد الوهاب، وغيرهم من أصحاب الأفكار المخالفة لتعاليم صحيح الإسلام.
وأكدت مصادر مطلعة بالوزارة، أن معاهد الجماعات المتطرفة - على حد تعبيرهم - موجودة على مرأى ومسمع المؤسسات الدينية، حيث تضم الجيزة 33 معهدًا، تمتلك الجمعية الشرعية منها 8 معاهد، بينما تأتي الدعوة السلفية في المرتبة الثانية بمعدل 7 معاهد، وتمتلك جماعة الإخوان، وأنصار السنة المحمدية، وجمعية دعوة الحق العدد الباقي.
أما في القاهرة، توجد 5 معاهد، ثلاثة للجمعية الشرعية، واثنان للسنة المحميدية، وآخر للدعوة السلفية ، وفي المنيا توجد 4 معاهد اثنان للدعوة السلفية، ومثلهما للجمعية الشرعية، وفي الإسكندرية توجد7 معاهد، خمسة للدعوة السلفية، وواحد للجمعية الشرعية، وآخر لأنصار السنة المحمدية، أما في السويس، تمتلك الدعوة السلفية معهد واحد، كما يوجد معهدان للدعوة السلفية في بني سويف، ومعهد في البحيرة للسلفيين، وثلاثة بالدقهلية، اثنين للجمعية الشرعية، وثالث لأنصار السنة المحمدية.
وفي الإسماعيلية، يوجد معهدان للدعوة السلفية وجمعية دعوة الحق، ومعهد للدعوة السلفية بقنا، واثنان لجماعة الإخوان بالشرقية، وآخر للجمعية الشرعية بالمنوفية، ومعهد للإخوان بكفر الشيخ، ومثله للدعوة السلفية، أما بالغربية، يوجد معهدان للجمعية الشرعية، وآخر للجمعية الشرعية في سوهاج.
وأكد مصدر مطلع، أن وجود مثل هذه المعاهد بمثابة ال«كارثة»؛ لأنها تُعد أجيالاً من العقول المتطرفة للانضمام إلى جماعات مثل داعش وغيرها، باعتبارها أداة فعالة، ووسيلة قوية في التعاون مع الجماعات الإرهابية التي تستهدف النيل من رجال الجيش والشرطة، مطالبًا بضرورة تدخل الحكومة في هذا الشأن، وعدم الاعتماد على التصريحات الرنانة لوزير الأوقاف.
ويكشف الواقع تواطؤ مديريات الوزارة في التعامل مع هذا الملف، في الوقت الذي قامت بمخاطبة أصحاب وشيوخ المعاهد فقط بضرورة التركيز على تدريس المناهج الوسطية دون تشكيل لجان حقيقية تكشف عن محتوى المناهج وطريقة التدريس.
من جهته، قال مصدر مسؤول بوزارة الأوقاف، إن الكشوف النهائية التي وصلت من مديريات الأوقاف بالمحافظات عن المعاهد التابعة للجمعيات، كشفت عن وجود أكثر من 60 معهدًا تابعًا لهذه الجماعات، مؤكدًا أن عدد المعاهد التابعة لوزارة الأوقاف بمختلف محافظات الجمهورية، يبلغ 19 معهدًا.
ويضيف المصدر، أن الجماعات المتطرفة لجأت إلى معاهد إعداد الدعاة؛ لنشر الأفكار المتطرفة من خلال تدريس كتب للبنا والقرضاوي التي تدعو إلى العنف والتطرف، وأن هذه المعاهد موجودة بمحافظات الجمهورية، وتتبع الدعوة السلفية والجمعية الشرعية وأنصار السنة، وغيرها من الجماعات الأخرى، منوهًا بأن القطاع الديني يدرس وضع خطة استراتيجية للتعامل مع هذه المعاهد، وإحكام السيطرة عليها إعمالاً بقرار ضمها للأوقاف، وإغلاق أي معهد دون النظر إلى من يديره حال ثبوت أية مخالفات سواء من حيث المنهج أو المحتوى أو غير ذلك.
في السياق نفسه، يضع القطاع الديني ضمن خطة إحكام السيطرة، خروج لجان تقوم بالكشف عن تلك المعاهد؛ للوقوف حول ما إذا كانت مطابقة للقانون من عدمه.
جمعة والطيب.. صراع النفوذ
شهدت العلاقة بين شيخ الأزهر أحمد الطيب ووزير الأوقاف محمد مختار جمعة منحنيات خطيرة، كانت كفيلة بنشوب حالة من التوتر بين مؤسستي الأزهر والأوقاف حتى إذا نفى الطرفان ذلك، لاسيما أن هناك شواهد تثبت عدم تفاعل كلا الطرفين مع بعضهما بالشكل الأمثل.
وظل مختار جمعة بطل الصراع، وحاول أن يجعل من الوزارة قوة ونفوذ تهدد مكانة شيخ الأزهر، وهو ما ظهر بانشغاله عن واجبه في الاصطفاف مع المشيخة؛ للعمل سويًا في ملف تجديد الخطاب الديني، وهو ما دفع الطرفان لتنظيم عدة مؤتمرات تطلبت ميزانية كبيرة دون جدوى أو نتيجة مملموسة على أرض الواقع.
الخلاف بين مختار جمعة وأحمد الطيب، حُسم لصالح شيخ الأزهر، حيث تم تكليف مختار جمعة من قبل مؤسسة الرئاسة خلال الأيام الماضية بالذهاب إلى المشيخة في زيارة رسمية؛ لتقديم الاعتذار للطيب، وبالفعل استجاب الوزير للتوجيهات، وقام بتقبيل يد الإمام الأكبر، إلا أن الزيارة لم تسفر عن أية إيجابيات في العمل الدعوي، فما زالت الجهود في قضية النهوض بالدعوة فردية، تفتقد للرؤية أو الخطط الاستراتيجية.
مساجد خارج السيطرة
رغم تصريحات مسؤولي الأوقاف بالسيطرة على مساجد الإسكندرية - معقل الدعوة السلفية - تنشر "التحرير" خريطة المساجد التي يسيطر عليها المشايخ الكبار بالدعوة هناك، والتي شهدت ميلاد الدعوة ورموزها أمثال المفتي الطبيب إسماعيل المقدم، النائب الأول للدعوة السلفية، دائم التردد على مسجد أبو حنيفة في شارع لافيزون في منطقة بولكلي، والدكتور أحمد حطيبة، الذي يحرص على التواجد بمسجد نور الإسلام بباكوس، وكذلك الدكتور ياسر برهامي، نائب رئيس الدعوة السلفية، الذي يسيطر على مسجد الخلفاء الراشدين، ومسجد الحمد بخورشيد الذي يسيطر عليه الدكتور أحمد فريد، أحد مؤسسي الدعوة السلفية.
كما تسيطر الدعوة على مساجد عباد الرحمن بالشاطبي، والدقيدي بكرموز، ويسيطر المشايخ شريف الهواري والقاضي والشحات والروبي على مساجد بالهانوفيل والعامرية والعوايد، وتعتبر مساجد الإسكندرية في قبضة الدعوة السلفية رغم صدور قانون تنظيم الخطابة، وتحرير محاضر ضد مشايخ السلفية أمثال برهامي، لكن حتى الآن ورغم مرور قرابة العام على صدور القانون، لم تصدر أية أحكام بحق أحد من السلفيين أو غيرهم على مستوى جميع المحافظات.
بينما يرى الشيخ محمد عبد الرازق، رئيس القطاع الديني بوزارة الأوقاف، أن الوزارة لديها أجهزة قادرة على متابعة المساجد، ولجان تفتيش تمر على القرى والنجوع، وأجهزة للمتابعة الفنية، وآخر للتفتيش الديني.
وأوضح "عبد الرازق"، أن كل مفتش مسؤول عن مراقبة ما يقرب من 30 مسجدًا، بالإضافة إلى وجود مجالس إدارات، مؤكدًا: "نفرض سيطرتنا على المساجد في مصر، ولا يوجد أي عائق يمنعنا من فرض هذه السيطرة".
وأوضح رئيس القطاع الديني بوزارة الأوقاف: "لدينا وفرة في عدد الأئمة، حيث يوجد لدينا 58 ألف إمام، و40 ألف خطيب بنظام المكافأة، وما يقرب من 20 ألفًا من خطباء المكافأة الذين يحملون مؤهلات أزهرية عليا"، مشددًا: "جميع المساجد في مصر تابعة لوزارة الأوقاف فقط".


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.