الآن - "نيسان صني 2024" تكنولوجيا القيادة اليابانية على أرض مصرية    نيويورك تايمز: إسرائيل خفضت عدد الرهائن الذين تريد حركة حماس إطلاق سراحهم    القنوات الناقلة لمباراة الهلال والاتحاد في نصف نهائي كأس الملك والمعلقين    نجم الزمالك السابق: جوميز مدرب سيء.. وتبديلاته خاطئة    هل ذهب الأم المتوفاة من حق بناتها فقط؟ الإفتاء تجيب    تراجع أسعار النفط مع تكثيف جهود الوصول إلى هدنة في غزة    مجلس الدولة يلزم الأبنية التعليمية بسداد مقابل انتفاع بأراضي المدارس    حماية المستهلك: الزيت وصل سعره 65 جنيها.. والدقيق ب19 جنيها    تعرف على موعد إجازة عيد العمال وشم النسيم للعاملين بالقطاع الخاص    فيديو| مقتل 3 أفراد شرطة في ولاية أمريكية خلال تنفيذ مذكرة توقيف مطلوب    محلل سياسي: أمريكا تحتاج صفقة الهدنة مع المقاومة الفلسطينية أكثر من اسرائيل نفسها    ولي العهد السعودي وبلينكن يبحثان التطورات في قطاع غزة    قتلى وجرحى إثر غارات جوية روسية على أوديسا وخاركيف    نظافة القاهرة تطلق أكبر خطة تشغيل على مدار الساعة للتعامل الفوري مع المخلفات    د. محمود حسين: تصاعد الحملة ضد الإخوان هدفه صرف الأنظار عن فشل السيسى ونظامه الانقلابى    العثور على جثة طفلة غارقة داخل ترعة فى قنا    مؤسس صفحة «أطفال مفقودة» يكشف تفاصيل العثور على توأم كفر الزيات بعد 32 عامًا (فيديو)    وجد جثمانها في مقلب قمامة.. قصة طفلة سودانية شغلت الرأى العام    موعد عيد شم النسيم 2024.. حكايات وأسرار من آلاف السنين    فتوى تحسم جدل زاهي حواس حول وجود سيدنا موسى في مصر.. هل عاصر الفراعنة؟    أشرف زكى: "هناك نهضة فنية فى معظم الدول العربية لكن لا يزال الفن المصرى راسخًا فى وجدان الأجيال"    رئيس مجلس إدارة مؤسسة أخبار اليوم يشهد الختمة المرتلة بمسجد السيدة زينب    شقيقة الأسير باسم خندقجي: لا يوجد أى تواصل مع أخى ولم يعلم بفوزه بالبوكر    مواقيت الصلاة اليوم الثلاثاء 30 أبريل في محافظات مصر    أستاذ بجامعة عين شمس: الدواء المصرى مُصنع بشكل جيد وأثبت كفاءته مع المريض    مفاجأة صادمة.. جميع تطعيمات كورونا لها أعراض جانبية ورفع ضدها قضايا    «جامعة القناة» تُطلق قافلة طبية لحي الجناين بمحافظة السويس    ندى ثابت: مركز البيانات والحوسبة يعزز جهود الدولة في التحول الرقمي    بمشاركة 10 كليات.. انطلاق فعاليات الملتقى المسرحي لطلاب جامعة كفر الشيخ |صور    أهم أخبار العالم والعرب حتى منتصف الليل.. انهيارات جليدية وأرضية إثر أمطار غزيرة شمالي الهند.. عائلات الأسرى لنتنياهو: لقد سئمنا.. شهداء وجرحى فى غارات إسرائيلية على غزة والنصيرات بقطاع غزة    النيابة تنتدب المعمل الجنائي لبيان سبب حريق شب داخل مطعم مأكولات سوري شهير بالمعادي    حكم الشرع في الوصية الواجبة.. دار الإفتاء تجيب    دعاء في جوف الليل: اللهم اجعل لي نصيباً في سعة الأرزاق وتيسير الأحوال وقضاء الحاجات    رسميا.. بدء إجازة نهاية العام لطلاب الجامعات الحكومية والخاصة والأهلية بهذا الموعد    السجيني: التحديات عديدة أمام هذه القوانين وقياس أثرها التشريعي    كوافيرة لمدة 20 سنة حتى الوصول لمديرة إقليمية بأمازون.. شيرين بدر تكشف التفاصيل    «المقاطعة تنجح».. محمد غريب: سعر السمك انخفض 10% ببورسعيد (فيديو)    مصطفى عمار: القارئ يحتاج صحافة الرأي.. وواكبنا الثورة التكنولوجية ب3 أشياء    عفت نصار: أتمنى عودة هاني أبو ريدة لرئاسة اتحاد الكرة    ضبط 575 مخالفة بائع متحول ب الإسكندرية.. و46 قضية تسول ب جنوب سيناء    ميدو: عامر حسين ب «يطلع لسانه» للجميع.. وعلى المسؤولين مطالبته بالصمت    تصريح زاهي حواس عن سيدنا موسى وبني إسرائيل.. سعد الدين الهلالي: الرجل صادق في قوله    مصدران: محققون من المحكمة الجنائية الدولية حصلوا على شهادات من طواقم طبية بغزة    المتحدث باسم الحوثيون: استهدفنا السفينة "سيكلاديز" ومدمرتين أمريكيتين بالبحر الأحمر    «هربت من مصر».. لميس الحديدي تكشف مفاجأة عن نعمت شفيق (فيديو)    بعد اعتراف أسترازينيكا بآثار لقاح كورونا المميتة.. ما مصير من حصلوا على الجرعات؟ (فيديو)    ما رد وزارة الصحة على اعتراف أسترازينيكا بتسبب اللقاح في جلطات؟    تعيين إمام محمدين رئيسًا لقطاع الناشئين بنادي مودرن فيوتشر    إيهاب جلال يعلن قائمة الإسماعيلي لمواجهة الأهلي    درجات الحرارة المتوقعة اليوم الثلاثاء 30/4/2024 في مصر    تموين جنوب سيناء: تحرير 54 محضرا بمدن شرم الشيخ وأبو زنيمة ونوبيع    برلماني يطالب بالتوقف عن إنشاء كليات جديدة غير مرتبطة بسوق العمل    برج القوس.. حظك اليوم الثلاثاء 30 أبريل: يوم رائع    أخلاقنا الجميلة.. "أدب الناس بالحب ومن لم يؤدبه الحب يؤدبه المزيد من الحب"    تقديم موعد مران الأهلى الأخير قبل مباراة الإسماعيلى    خليل شمام: نهائى أفريقيا خارج التوقعات.. والأهلى لديه أفضلية صغيرة عن الترجى    بالرابط، خطوات الاستعلام عن موعد الاختبار الإلكتروني لوظائف مصلحة الخبراء بوزارة العدل    خالد الجندي: هذه أكبر نعمة يقابلها العبد من رحمة الله -(فيديو)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حوار| علام: إثيوبيا تتقدَّم في مفاوضات سد النهضة.. ومصر تزداد انبطاحًا
نشر في التحرير يوم 03 - 11 - 2015

وزير الري الأسبق: المسار الحالي للمفاوضات يعود بنا إلى المربع «صفر».. ولا بديل عن وقف بناء السد.. وإثيوبيا نجحت في بناء أكثر من 50% من السد.. ومصر لا تجد مكتبًا استشاريًّا بعد أكثر من 8 أشهر مباحثات.. وهناك تعتيم شديد على 5 سدود جديدة تقوم إثيوبيا ببنائها
توقَّع الدكتور محمد نصر الدين علام، وزير الموارد المائية والري الأسبق، فشل مفاوضات سد النهضة الجارية حاليًّا بين مصر وإثيوبيا والسودان، والمقرر لها 7 نوفمبر المقبل، قائلًا "إن المباحثات لن تنتهي إلى شيء"، مشيرًا إلى أنه يتوقع مطالبة الحكومة المصرية إثيوبيا بوقف بناء سد النهضة بعد انتهاء المرحلة الأولى منه، فالمسار الحالي للمفاوضات سيعود بنا إلى المربع صفر، خصوصًا أن هناك صعوبة حاليًّا للتوفيق بين الشركتين الفرنسية والهولندية، مما سيؤدي إلى طرح الدراسات المقرر إجراؤها لسد النهضة، وهى الدراسات البيئية والاقتصادية والاجتماعية والمائية، على شركة جديدة، وسيستغرق ذلك عامَين على الأقل ستكون انتهت خلالهما المرحلة الأولى من بناء السد. وتابع "لا بديل عن وقف إنشاء سد السد"، منوهًا بأن إثيوبيا سترفض وقف بناء السد، مما سيؤدي إلى تصاعد الأزمة بين البلدين، وكشف علام، في حواره ل"التحرير" عن أن الوضع المائي في مصر أصبح هشًّا للغاية، وأن أزمة سد النهضة لن تحل بالطريقة التي تديرها الحكومة حاليًّا، حيث إنه حتى الآن لم يتم الانتهاء من اختيار المكتب الاستشارى بعد أكثر من 8 أشهر مباحثات، وإثيوبيا نجحت في بناء 50% من سد النهضة، واصبح الوقت يداهمنا ونحن محلك سر، فإثيوبيا تجيد إدارة دفة إطالة المباحثات بشكل جيد، بينما مصر تعاملت بحسن نية مبالغ فيه في أزمة سد النهضة، مشددًا على ضرورة إيجاد مبادرة سياسية بدعم من الفنيين، وليس بتشكيل لجنة فنية من الدول الثلاث لبحث موضوع خطير يضر مصر مثل سد النهضة. وأشار علام إلى أن هناك انبطاحًا مصريًّا أمام المفاوض الإثيوبي ووزارة الري والموارد المائية التي أعلنت عن تأجيل المباحثات بين مصر وإثيوبيا والسودان، حول سد النهضة إلى 20 أكتوبر الماضي للانتهاء من تشكيل الحكومة الإثيوبية، وتم تأجيل المباحثات مرة أخرى لإعطاء وزير الري الإثيوبي فرصًا لبحث الأمور والاطلاع على الموضوع، ثم تم تأجيل الاجتماع مرة أخرى إلى 7 نوفمبر القادم، في حين أن المفاجأة تتمثل في أن الخبراء فقط هم مَن سيجتمون وليس وزراء الري بالدول الثلاث، فما جدوى كل هذا التأجيل سوى استنزاف وإطالة الوقت لحين الانتهاء من بناء سد النهضة.. وإلى نص الحوار:
ما رأيك في الوضع المائي في مصر حاليًّا؟
الوضع المائي في مصر هش للغاية، ونصيب حصة مصر من المياه، التى تصل إلى 96% من مياه مصر، ثابتة منذ عام 1959، وتقدر ب 55.5 مليار متر مكعب، وزاد عدد السكان منذ هذا التوقيت من 26 مليون مواطن إلى 90 مليون مواطن، والمساحة الزراعية زادت من 5.5 مليون فدان إلى 9 ملايين فدان، وهناك توسعات هائلة في مجال الصناعة تصل إلى 3000% عما كان عام 1952، وهناك توسعات عمرانية هائلة نتيجة الزيادة السكانية، وهناك زيادة كبيرة وهائلة جدًّا في مياه الشرب، حيث يصل إلى 95 % من المصريين، وذلك على حساب الرصيد المائي الموجود حاليًّا.
نصيب الفرد من المياه والأراضي الزراعية
قل نصيب الفرد من المياه في مصر من 2600 متر مكعب في السنة إلى 625 متر مكعب في مصر، وأصبح نصيب الفرد من الأراضي الزراعية في مصر 1 من عشرة فدان، بما يقدر ب 2.5 قيراط، وتصل الدول المنتجة زراعيًّا إلى فدانَين للفرد، ونحن رغم أننا مثل كوريا الجنوبية واليابان مع الفارق الكبير جدًّا، فإن كوريا عندما قامت بنهضتها الاقتصادية قالوا ليس لدينا مياه رغم أن المياه التي لديهم أكثر مما لدينا بكثير جدًّا ولديهم أمطار طوال العام ويقومون بزراعة الأرز بالبرك، ورغم ذلك حققوا تقدمًا اقتصاديًّا صناعيًّا كبيرًا جدًّا، وأصبحت موديلات العربات التي لديهم أكثر من موديلات الملابس التي لدينا، وأصبحت دولة صناعية كبرى من النمور الآسيوية وفيتنام التي دمرت بالكامل، أصبحت من الدول الصناعية ومصر "محلك سر".
حيث تدهورت كل المصانع التي أنشأها الرئيس جمال عبد الناصر وتملكها الدولة وأغلبها من الصناعات الثقيلة ستباع خردة، فمصانع النسيج جارٍ إغلاقها ومصانع الطائرات والسيارات أُغلقت كما أغلقت مصانع البطاريات والكاوتش والأسمدة والكيماويات والموجود الآن هو الصناعات الاستثمارية، لكنها لا تمثل قاعدة صناعية ثقيلة تخدم الشعب المصري وتحافظ على أمنه واستقراره، حتى إسرائيل بدأت زراعيًّا وتقدّمت صناعيًّا وبدأت بالصناعات المتعلقة بالبرمجة، وتقوم بتصدير التكنولوجيا للعالم بينما مصر قضت على صناعاتها القديمة واستوردت صناعات اخرى من خلال الاستثمار، وهي صناعات تتعلق بتجميع المنتجات فقط (وفرحانين بها)، ونحن ما زلنا نتحدّث عن المليون فدان رغم أن لدينا أزمة مائية ونقصا شديدا في المياه.
مصر تستورد غذاء سنويًا بقيمة 60 مليار جنيه
وتواجهنا تحديات مائية كثيرة في ظل الفجوة الغذائية التي تتزايد يومًا بعد يوم نتيجة محدودية الموارد المائية والرقعة الزراعية، فأصبحت الفجوة الغذائية تتراوح من 7 إلى 8 مليارات جنيه مصري، حيث نستورد سنويًّا الغذاء بقيمة 60 مليار جنيه مصري، وذلك في الوقت الذي توقفت فيه مشاريع قومية كبرى أنفقت عليها المليارات متوقفة نتيجة عدم وجود مياه، مثل مشروع ترعة السلام وتوشكى وترعة الحمام.
ما أهم التحديات التى تواجه مصر؟
هناك سد النهضة الذى يهدد أمن مصر المائي، وخطة السدود التي تنوي إثيوبيا إنشاءها على النيل الأزرق، فضلاً عن اتفاقية عنتيبي التى وقعها أغلب دول المنابع التي لا تعترف بحصة مصر المائية وترغب في إعادة تقسيم المياه بين دول حوض النيل، هذا فضلا عن التلوث الحالي الحادث في نهر النيل بفرعيه وجميع الترع والمصارف نتيجة إعادة استخدام المياه لأكثر من 4 مرات، مما أدّى إلى تلوثها، وهو ما يهدد الصحة العامة للمواطنين وإصابتهم بأمراض خطيرة وأوبئة، مثل السرطان والفشل الكلوي والكبدى وموت الأطفال.
مصر تعيش وضعا مائيًا متأزمًا
وهناك محافظات المياه بها غير جيدة، مثل بعض المناطق بالدقهلية والبحيرة ورشيد والسويس، وهو ما يوضح المؤشرات الخطيرة للوضع المائي في مصر، ونحن نعيش بأقل من الحد الأدنى للفقر المائي، وهناك علامات خطر كثيرة في معظم نهايات الترع، حيث تعاني من أزمات مائية ونزاعات بين الفلاحين تصل في بعض الأحيان إلى حد القتل، ونعيش وضعًا مائيًّا متأزمًا، حيث إن هناك بعض المدن تعيش بالكامل على التحلية، مثل شرم الشيخ وبعض مدن الغردقة، لكن يبدو أن الحكومة لم تسمع عن هذا الوضع.
ما رأيك في الطريقة التي تدير بها الحكومة ملف سد النهضة؟
أزمة سد النهضة لن تحل بالطريقة التي تديرها الحكومة حاليا، حيث إنه حتى الآن لم يتم الانتهاء من اختيار المكتب الاستشارى بعد أكثر من 8 أشهر مباحثات، وإثيوبيا نجحت في بناء 50% من سد النهضة، وأصبح الوقت يداهمنا ونحن محلك سر، فإثيوبيا تجيد إدارة دفة إطالة المباحثات بشكل جيد، بينما مصر تعاملت بحسن نية مبالغ فيه في أزمة سد النهضة، ولا بد من ضرورة إيجاد مبادرة سياسية بدعم من الفنيين، وليس بتشكيل لجنة فنية من الدول الثلاث لبحث موضوع خطير يضر مصر مثل سد النهضة كما أن وزارة الرى والموارد المائية أعلنت عن تأجيل المباحثات بين مصر وإثيوبيا والسودان، حول سد النهضة إلى 20 أكتوبر الماضى للانتهاء من تشكيل الحكومة الإثيوبية، ثم تم تأجيل المباحثات مرة أخرى لإعطاء وزير الري الإثيوبي فرصة لبحث الأمور والاطلاع على الموضوع، ثم تم تأجيل الاجتماع مرة أخرى إلى 7 نوفمبر القادم، في حين أن المفاجأة أن الخبراء فقط هم مَن سيجتمون لا وزراء الري بالدول الثلاث، فما جدوى كل هذا التأجيل سوى استنزاف وإطالة الوقت لحين الانتهاء من بناء سد النهضة.
أداء الدولة لا يعكس «حنكة سياسية» في تعاملها مع «سد النهضة»
وفي الحقيقة ملف سد النهضة هو أزمة دولة. وأرى أن أداء الدولة في ملف سد النهضة غير مجدٍ على الإطلاق ولا يعكس حنكة سياسية أو فهما فنيا عميقا للملف ولا فهما للتاريخ على مدى العقود العديدة الماضية، إذ يعتقد القائمون على الملف أنهم سيبدؤون الملف من بدايته دون الاستفادة من جميع الخبرات السابقة منذ عهد محمد علي حتى الآن، ونصيحتي لكل القائمين على ملف سد النهضة أن يقرؤوا التاريخ والسياسة والأوضاع الداخلية لدول حوض النيل ومعرفة الآثار والتداعيات لنكسة السد على مصر إذا استمرت إثيوبيا في تحقيق هذه المكاسب العظيمة في مفاوضاتها مع القاهرة، خصوصًا أن هناك انبطاحًا مصريًّا شديدًا أمام المفاوض الإثيوبي، مما سيؤدّي إلى عواقب وخيمة لا يستطيع تخيلها المسؤولون الحاليون لأنهم ليسوا على دراية كافية أن يتخيلوا المستقبل وتأثير السد على مصر، لأنهم لو تخيلوا ذلك لن يستطيعوا أن يناموا.
ماذا لو انتهت الأزمة وَفق المسار الحالي للمفاوضات؟
لو استمر المسار الحالي الذي يسيطر عليه الضحك أمام الكاميرات وأمام سد النهضة وعدم اكتمال الدراسات الخاصة بالسد وصور الأحضان ومسك الأيادي بين الأطراف، سيكتمل السد كما تريد إثيوبيا وبدعم كامل من السودان، وبالتالي ففي ظل هذا الانبطاح المصري خلال المباحثات مع إثيوبيا وسوء إدارة أهم ملف قومي للدولة ستكون هناك آثار وخيمة ومن الصعب حتى تخيلها وستقوم إثيوبيا تباعًا بإنشاء باقي مخططها لإنشاء السدود الكبرى على النيل الأزرق، وكذلك السدود الوسطى والصغرى على النيل الأزرق ونهرَى عطبرة والسوباط، وسوف تقوم دول الهضبة الاستوائية من خلال استثمارات أجنبية ودولية بالتوسع في الزراعات المروية والسدود الكبرى والمتوسطة وسوف تقوم جنوب السودان بالانضمام إلى اتفاقية عنتيبي والقيام بمشاريع استقطاب فواقد النهر وبيع المياه لمصر في ظل دعم إقليمي ودولي، وسوف تتوسع السودان في الزراعات على النيل الأزرق، خصمًا من حصة مصر المائية وستنضم السودان إلى اتفاقية عنتيبي وسيتم افتتاح مفوضية حوض النيل بمدينة عنتيبي بأوغندا، وسوف يتم تقسيم مياه النيل بين دول الحوض، بينما مصر ستكون في ذلك الوقت عيونها زائغة ولا تدري ما الذي يجب أن تفعله والهجمات ستأتي إليها من كل الجبهات وهذا هو نتيجة السير في المسار الحالي للمفاوضات.
ما الذي يجب أن تفعله الحكومة الآن لتصحيح هذا المسار الذي تسير فيه خلال مفاوضاتها مع إثيوبيا؟
على الحكومة أن تعترف بالخطأ أولا لأن توقيعها على وثيقة سد النهضة المعروفة ب"إعلان المبادئ" خطأ استراتيجي كبير اعترفت فيه مصر بسد النهضة، وتجنبت التحدث فيه عن سعة السد واعترفت لإثيوبيا بحقها في استخدام مياه النيل الأزرق والنيل الرئيسي واعترفت بمبدأ الاستخدام المنصف والعادل للمياه، وهو ما يعني الاعتراف بحصة مائية لإثيوبيا خصمًا من حصة مصر والسودان، وفي نفس الوقت أعطينا لإثيوبيا اليد العليا في إقرار ما تريد فعله في مياه السد، واستخدام هذه المياه في أغراض مختلفة، مثل الصناعة والشرب والزراعة، بعد أن كانت كل ما تطالب به هو استخدام السد في توليد الكهرباء فقط.
ووافقت مصر من خلال وثيقة سد النهضة الموقعة بين رؤساء الدول الثلاث، مصر والسودان وإثيوبيا، على استخدام سد النهضة في ما سمى بأغراض تنمية أخرى.. فعلنا كل ذلك ولم نحصل على اي مكاسب، وذكرنا في الوثيقة أن إنهاء الدراسات والتوافق حولها يستغرق 15 شهرًا، ومرت 6 أشهر ولم يحدث شيء ولم نتعاقد مع المكتب الاستشاري الذي سيقوم بإجراء الدراسات على سد النهضة لقياس تأثيره على دولتي المصب مصر والسودان، وفي الغالب سيتم طرح الدراسات لمكاتب استشارية أخرى تستهلك 6 أشهر أخرى، وهناك تخدير للشعب المصري في ما يتعلق بملف سد النهضة من خلال كلام وزير الري المعسول حول ذلك الملف.
هل تعمل وثيقة سد النهضة التى وقعتها مصر مع إثيوبيا على إعادة توزيع حصص المياه، وذلك من خلال اعترافها بمبدأ الاستخدام العادل والمنصف للمياه؟
اتفاقية إعلان المبادئ أو وثيقة سد النهضة لم يتم إعدادها من الجانب المصري بشكل جيد وبه العديد من الأخطاء الاستراتيجية، وفيه رضوخ واضح للمشيئة الإثيوبية، وتم فيه حصر مشكلة سد النهضة في سنوات التشغيل المبدئي والتخزين مع تجاهل واضح للسعة التخزينية للسد رغم أنها مصدر المخاوف المصرية، ولأول مرة على مدار التاريخ في مصر الحديثة والقديمة، ووافقت مصر من خلال هذه الوثيقة على الحق المطلق لإثيوبيا في استخدام مياه النيل في أغراض الزراعة والشرب والصناعة وتوليد الكهرباء، فضلاً عن الاعتراف بحصة مائية لها في الوقت الذى لم يتطرق فيه البيان إلى حصة مصر المائية.
لم يتطرق البيان إلى مبدأ الإخطار المسبق من جانب إثيوبيا كدولة من دول المنابع قبل إنشاء أي سدود على النيل الأزرق، ولم يتطرق البيان إلى وقف بناء السد لحين الانتهاء من الدراسات، كما لم يتطرق الاتفاق إلى سعة وحجم السد محل الخلاف مع أديس أبابا رغم أن السعة التخزينية الضخمة للسد التي تصل إلى 74 مليار متر مكعب تمثل أزمة حقيقية لمصر لأنها ستؤثر على حصتها المائية وعلى تبوير آلاف الأفدنة من الأراضي الزراعية، فضلاً عن التأثير على الكهرباء المتولدة من السد العالي بنسبة 40%، وعمومًا فإعلان المبادئ هذا غير ملزم للدول التي وقعت عليه، لأنه لا يشمل آلية لتحديد الاستخدمات العادلة والمنصفة للمياه والضرورية لتقييم الأضرار المائية على مصر والسودان وإثيوبيا لا تعترف أصلاً بحصة مصر المائية وعندما نطالبها بذلك ستجرنا إلى اتفاقية عنتيبي للاتفاق على حصة جديدة لمصر تنتقص من حصتها الحالية، كما لا يشمل الاتفاق الخاص بالمبادئ آلية لالزام الدول على ما جاء فيه، وأنا هنا لا ألوم إثيوبيا بل ألوم المسؤولين في مصر.
كيف يمكن تغيير المسار الحالي للمفاوضات؟
أقترح البدء في مسار سياسي يدعمه مسار فني من خلال مبادرة مصرية تطالب إثيوبيا بالتوقف عن إنشاء سد النهضة بعد الوصول إلى ارتفاع 120 مترًا أو أكثر قليلا، بحيث لا تتجاوز سعة السد نصف السعة الأصلية، حيث أثبتت الدراسات العلمية العالمية أن السد الأصغر يستطيع توليد نفس كمية كهرباء السد الضخم بتكلفة أقل كثيرًا، وبعد الاتفاق على وقف إنشاء السد تستمر دراسات اللجنة الوطنية الثلاثية لسد النهضة ويبدأ بعد الانتهاء منها التفاوض حولها، فإذا كان السد سيسبب أضرارًا لمصر، وهذا شيء أكيد، تقوم إثيوبيا بالالتزام بسياسات التشغيل لتقليل هذه الأضرار وتعوض مصر عن الأضرار التى تعرضت لها، ولو ثبت عن هناك خسائر تعرضت لها إثيوبيا نتيجة بناء سد أصغر تعوضها مصر عن هذه الخسائر، ثم يتم بعد ذلك التفاوض حول إجراءات استكمال إنشاءات السد من عدمه والتوصل إلى تسوية نهائية لهذه الأزمة، وفي مرحلة أخيرة يتم الاتفاق حول إطار عام للتعاون والتوافق بين الدولتين بالنسبة إلى السدود الأخرى التي تنوي بناءها إثيوبيا.
ما توقعاتك للمفاوضات التي ستجرى بالقاهرة 7 نوفمبر الحالي؟
أتوقع فشل مفاوضات سد النهضة الجارية حاليا بين مصر وإثيوبيا والسودان، "إن المباحثات لن تنتهي إلى شيء"، كما أتوقع مطالبة الحكومة المصرية إثيوبيا بوقف بناء سد النهضة بعد انتهاء المرحلة الأولى منه، والمسار الحالي للمفاوضات سيعود بنا إلى المربع صفر، خصوصًا أن هناك صعوبة حاليًّا للتوفيق بين الشركتين الفرنسية والهولندية، مما سيؤدّى إلى طرح الدراسات المقرر إجراؤها على سد النهضة، وهى الدراسات البيئية والاقتصادية والاجتماعية والمائية، على شركة جديدة، وسيستغرق ذلك عامين على الأقل ستكون انتهت خلالهما المرحلة الأولى من بناء السد، وبالتالي "لا بديل عن وقف إنشاء سد السد".
ماذا لو إثيوبيا رفضت وقف إنشاء سد النهضة؟
إثيوبيا سترفض بالفعل وقف بناء السد، مما سيؤدي إلى تصاعد الأزمة بين البلدين، وعلى مصر هنا أن تلجأ إلى مجلس الأمن وتقديم شكوى بأن السد سيؤثر على السلام والأمن الإقليميين بحوض النيل، مع التأكيد أن مصر سارت في المفاوضات لمدة 5 سنوات دون جدوى وحتى الآن السد قد اقترب على الانتهاء ولم تبدأ دراساته ونحن نخشى من تداعياته كما نخشى أيضا من انهياره، ولدينا اتفاقيات سابقة تؤيد حقوق مصر المائية فى مياه النيل، ثم نبدأ في التحرك سياسيًّا أمام العالم كله، لكسب الدعم والتأييد العالمي لعدالة القضية المصرية، أما إذا فشلنا على المستوى الدولي فلا يجب أن نقر بسد النهضة، ونترك الأمر للأجيال القادمة، حيث قد يأتي من هو مثل السادات ويستطيع استرداد حقوقنا بشكل أو بآخر، أما إذا استسلمنا لهذا الأمر فإثيوبيا ستكمل مخططها لبناء كل السدود على النيل الأزرق.
ما رأيك في الموقف السوداني؟
الموقف السوداني هو موقف داعم لإثيوبيا وسيزيد هذا الدعم في المستقبل وإذا ما استمرت مصر في هذا الانبطاح أمام إثيوبيا سيتنصل من اتفاقية عام 1959 الموقعة مع مصر، وسيذهب للتوقيع على اتفاقية عنتيبي التي لا تعترف بحصة مصر المائية وسيحصل على حصة مائية أكبر.
ما رأيك في هرولة دول المنابع للتوقيع على اتفاقية عنتيبي؟
هذا من أجل طمعهم في حصة مائية سيقومون ببيعها إلى مصر في المستقبل أو سيستخدمونها لتهديد مصر.
بعض الخبراء يؤكدون أن إثيوبيا لم تجرِ الدراسات اللازمة لأمان سد النهضة؟
هذه الدراسات يقول وزير الري المصري إنه اطلع عليها، لكننى أشك في أن تكون إثيوبيا قد قامت بهذه الدراسات أو تكون أرسلتها إلى مصر.
ماذا عن السدود الإثيوبية التي تقوم إثيوبيا ببنائها حاليًّا؟
هناك تعتيم شديد على 5 سدود جديدة تقوم إثيوبيا ببنائها حاليًّا، منها اثنان على نهر السوباط، وآخر على عطبرة يعد أضخمها، وآخر على أحد روافد عطبرة والآخير على أحد روافد النيل الأزرق رغم أن وزارة الري تعلم بها وعندما طلبت من إثيوبيا إعطاءها بيانات عنها رفضت إثيوبيا، وقالت للمسؤولين في وزارة الري "فوتوا علينا بكرة".
هل ستلتزم إثيوبيا باحترام دراسات سد النهضة؟
إثيوبيا لا تعترف بحصة مصر المائية أصلا ولن تلتزم بنتائج دراسات سد النهضة وهي لا تعترف باتفاقية 1902 التي وقع عليها البرلمان الإثيوبي، وإذا أثبتت الدراسات أن مصر ستتأثر مثلا بنقص في حصتها ب10 مليارات متر مكعب، فإنها لن ترى ذلك يمثل ضررا على مصر لأنها تعتبر أن انتقاص هذه الحصة من حصة مصر المائية حق لها وفق مبدأ الاستخدام العادل والمنصف للمياه.
كيف تعامل رؤساء مصرالسابقين مع هذا الملف؟
جمال عبد الناصر رفض إشراك إثيوبيا في مفاوضات 1959، والسادات هدد إثيوبيا بالضرب والحرب إذا قامت ببناء هذا السد، وفي أيام المشير أبو غزالة كان هناك موقف حازم تجاه هذا السد أيضا، وقد رفضت كل السدود الإثيوبية عندما كنت وزيرًا للري، حيث رفضت دراسات الجدوى الخاصة بالسدود الإثيوبية التي وافق عليها وزير الري الذي كان قبلي وأرسلنا وفدا من الخارجية والري إلى أوروبا لمنع تمويل السدود الإثيوبية وقتها، وهو ما دعا الرئيس الإثيوبي ميليس زيناوي، وقتها، إلى أن يقوم بسبّي واعتبرني من أعداء إثيوبيا أنا وعمر سليمان رئيس المخابرات الأسبق. والمسؤولون الحاليون لم يستطيعوا منذ 4 سنوات البدء في إجراء دراسات السد.
في عام 2010 جمّدت مصر أنشطتها في مبادرة حوض النيل؟
السودان هو الذي أعلن عن تجميد أنشطته في المبادرة ورفض وقتها مبارك أن أقوم بالإعلان عن تجميد مصر أنشطتها خلال اجتماع لوزراء مياه دول حوض النيل في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا، ورفضنا التوقيع على الميزانية ومعنا السودان، وعندما عدنا إلى مصر طلبت أن نجمد أنشطتنا دون أن نعلن عن ذلك، وكان هناك جناحان داخل الدولة، جناح من الصقور وجناح من الحمائم، فكان هناك جناح يرى الاستثمار في إثيوبيا، فكان ردي عليهم أننا استثمرنا بقيمة 2 مليار دولار، وبعدها وقعت إثيوبيا على اتفاقية عنتيبي، فالأمر ليست له علاقة بالاستثمارات بل بمصالح كل دولة وشعوبها ومصر حتى الآن ليس لها دور واضح في المبادرة "مبادرة حوض النيل"، وهناك تخبُّط في هذا الشأن.
كيف يمكن أن نعود إلى القارة الإفريقية؟
العودة إلى القارة الإفريقية ضرورية، وهناك تحركات إيجابية شديدة في هذا المجال، ولدينا الآن رئيس دولة أكثر شبابًا ولديه قدرة حركية عالية أكثر من مبارك الذي كانت تمنعه ظروف سنّه وحالته الصحية ومحاولات اغتياله في أديس أبابا أدت إلى تدهور العلاقات مع الدول الإفريقية، خصوصًا أن عدم وجود زعيم الدولة في مؤتمرات الاتحاد الإفريقي يؤذى البلد إيذاء شديدا جدا لأن الوجود بين زعماء القارة مهم للغاية بسبب تبادل المصالح والمقايضات السياسية والاتفاقات الثنائية لكن المشكلة في مصر الآن أننا لا نتحرك وَفق رؤية متكاملة، بل تحركاتنا تتم وفق رؤية أمنية، والرئيس يهتم بالنواحي الأمنية أكثر نظرًا لأن ذلك تخصصه كما أننا لدينا قيادات أمنية كبيرة، فالرئيس عشرة على عشرة فى الأمن، لكن مَن يحيطون بالرئيس غير قادرين على وضع رؤية متكاملة للدولة حتى الآن في ما يتعلق بمستقبل مصر، ومنها ملف المياه، حتى مسار التنمية الداخلية غير مكتمل الرؤية وتعزيز الاقتصاد القومي المصري والعلاقات الخارجية ودور مصر الإقليمي والدولي غير واضح الرؤية أيضا.
هل تطمع إسرائيل في حصة مائية من نهر النيل؟
نعم، لكنها لن تستطيع لمدة 50 عاما قادمة على الأقل، ويعد إضعاف مصر هدفا استراتيجيا لإسرائيل، وهي تهدف لحصار مصر من الجنوب، لأنها تعلم أنها خطر عليها، وتأتي بعدها تركيا وإيران، وهي تحرض دول حوض النيل ضد مصر وحصارها دوليا ومنع السلاح الحديث عنها، وإسرائيل متخصصة في المؤامرات.
ما رأيك في إعادة إحياء قناة جونجلي بين مصر وجنوب السودان؟
الحديث عن إحياء مشروع قناة جونجلي "تهريج" وخيالي، لأن الوضع الأمني والسياسي هناك غير مستقر وهناك تحالف إثيوبي أوغندي لمنع مصر من إقامة هذه المشروعات المائية بحجج مائية وسياسية مختلفة، ولن يتم إلا من خلال تسوية سياسية كاملة بين مصر وإثيوبيا وأوغندا وجنوب السودان.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.