فنان قرر أن يضع كل أدوات الرسم المتعارف عليها جانبًا، ويسرح مع مخيلته، ليخرج من غرفته إلى عالم الطبيعة، ليجد الألوان متناثرة على قارعة الطريق، فالطبيعة أجمل على كل حال.
شغفه للرسم والألوان كان أكبر من أدوات تتحكم فيه، فكسر قاعدة قلم الرصاص وألوان الزيت، وأخذ جولة في منزله، فمن المطبخ أخرج أدوات «الكاتشب، القهوة، الكارى، والشطة الحمراء»، وجعل منهم أدوات تزيين لوحاته، فبالقهوة أسدل شعر فتاة، وكحل عيونًا، وأخذ حمرة الكاتشب والشطة كلون في لوحاته.
ومن المطبخ، إلى الحمام، ليتخذ معجون الأسنان، والفرشاة أدوات يرسم بهما على لوحة داكنة السواد، ليخرج أجمل لوحاته، وبيتادين الجروح، وزهرة الغسيل، والمساحيق المنظفة، وأخذ يتجول فى باقى الشقة، فطالت يديه الورنيش فكون به لوحه غاية فى الجمال، ورسم بالقلم الجاف الأزرق، ومن القطر أخذ يفرغ رسوماته فظهرت رسمة واضحة، ثم أخذ المنكير وأقلام الروج من غرفة أخته، وفاجأنا بإبداعاته، إنه الفنان التشكيلى أحمد عارفين.
«أنجح الرسومات بالعدة كانت البيتادين والقهوة والروج».. هكذا أفصح «عارفين» عن أدواته الغريبة، المختلفة، التى كانت سببًا فى إخراج فن تشكيلى رائع، ذلك الفنان صاحب الخامسة والعشرين من عمره، خريج كلية الفنون التطبيقية قسم الديكور، والذى يعتبره أساتذته فى الجامعة شخصا مميزا بفنه، وطور من نفسه فخرج من عباءة الديكور إلى الجرافيك والتصوير الفتوجرافى كهواية له.
بدأ الرسم من سن الخامسة، بمجرد أن تحسست أنامله الورقة والقلم، ومن عجائب عدته كون فكرة «عارفين العدة» وكانت مشروعه الشاغل في فترة من حياته، واتخذ منها بيدجا على موقع التواصل الاجتماعى «فيسوك»: «الفكرة جت من أسئلة الناس على الرسومات بالأدوات العادية وكأن الأداة هى اللى هتطلع الرسمة»، فتحدى نفسه وغيره باستخدام أدوات من الطبيعة سهل اقتنائها لتكون هى أساس لوحاته.
«زمان كانوا بيطلعوا الألوان من الطبيعة فى أى حاجة ليها لون هتنفع عادى».. حاول أن يسهل على الفنانين فكرة اقتناء أدوات بسيطة من الطبيعة، ولكن توقف عن مشروعه «عارفين العدة» منذ فترة قريبة، والسبب «الناس برضو بتسأل عن الأدوات مفيش فايدة».
أحمد هو وليد عائلة فنية، فلم يطرق الفن بابه فجأه، فوالده تخرج من كلية التربية الفنية قسم تصوير زيتي، ووالدته تخرجت من كلية تربية الفنية قسم خزف، فشابه أباه.
من مشروع «عارفين العدة» إلى «رسم الأبراج بالزخرف» فى الفترة الحالية يعمل أحمد على مشروع جديد، طريقة رسم بنوع مميز من الزخارف، لم يعمل بها أحد قبله، «بارسمها من حوالي 10 سنين»، طورها مع الوقت، وأضاف لها فلسفات وقواعد زخرفيه خاصة به، إلى أن ظهر إلى النور بشكل متميز على شكل رسومات بتكوين موزون وله موضوع مفهوم. في بادئ الأمر أخذ يضيف الزخارف فى مجموعات مثل: «الشطرنج»، فأضاف الزخارف فى «الحصان والطابية والفيل»، إلى أن نمت فى رأسه فكرة رسم الأبراج الفلكية وتزيينها بالزخارف، ليرسم برج الجوزاء، والميزان، والعقرب، والدلو، وبقيتهم، فوجد فيها مظهرا جماليًا خاصا بالزخارف، وكان المشروع. «هوصل النوع ده من الزخارف أنها تبقى مدرسة فنية».. الفكرة تتخذ طورًا جديدًا، فهدفه أن يكون لزخارفه مدرسة فنية تماثل مدارس الفن فى العمارة والديكور وغيرهما، فالزخارف بالنسبة له مادة خام يمكن تطبيقها وتجريبها على الرسومات، ووحدات الإضاءة، وتصميم الأثاث، والمعمار، فخطوته المقبله تجريب الزخارف بالمنتجات البسيطة، ثم ينتشر فى بقية الفروع بالتدريج.
رغم فنه المتميز، فإنه لم يفتح له بابًا ولم يلق نورًا، فإلى الآن لم يسوق إلى شغله، «الفترة القادمة هحول اللوحات لمنتجات»، فبسبب إلحاح الكثير من معجبيه قرر بيع نسخ من لوحاته، فالرسم هو شغله الشاغل فى حياته، فيستغرق فى اللوحة الواحدة من يوم إلى شهور، على حسب اللوحة والحالة.