يعد سلاح الغواصات، واحدًا من أخطر الأسلحة لأنه يعمل تحت الماء ومن الصعب اكتشافه، وتعتبر الغواصات سلاح الدول الفقيرة لأنها ليست باهظة التكاليف مثل الطيران، كما إنها لا تحتاج لحماية، حيث تتمتع بحماية طبيعية من الماء، وعندما تختفي لا يستطيع أحد أن يحدد مكانها، وتظل تحت الماء حتى تصل لهدفها في ميناء العدو، هذا ما ذكره لي اللواء ياقوت حسين قائد لواء الغواصات في حرب أكتوبر، مضيفا أنه حتى عام 56، لم تكن مصر تمتلك غواصات، وكانت أمنية حياتنا كضباط بحرية أن نري الغواصة التي نشاهدها في السينما فقط، ودخلت أول غواصة مصر عام 1957عقب صفقة الكتلة الشرقية التي عقدها الرئيس عبد الناصر، وكانت هذه أول صفقة سلاح روسي تدخل مصر، وتمت الصفقة في سرية، كما تم تدريب أطقم الغواصة في بولندا زيادة في السرية. وقاد اللواء ياقوت حسين أول غواصة مصرية قامت بمهمة استكشافية في سواحل إسرائيل، في أبريل عام 1968، وظل يؤدي مهمته طوال 22 يوما دون أن يعلم أحد عن الغواصة شيئا، ونجح في تحقيق المهمة التي وصفت بأنها تشبه "الهبوط على سطح القمر" وتكررت عملياته بعد ذلك في ميناء العدو الإسرائيلي خلال حرب الاستنزاف. أما عن دور الغواصات في حرب أكتوبر فقال: مهمة الغواصات في أي سلاح في العالم؛ هي أن تحرم العدو من استحدام قواته البحرية خارج حدوده، إما بحصار الغواصات أو ببث ألغام بحيث تحد من تحركات العدو، فعلى الغواصات أن تتعرض لمواصلات العدو التجارية بحيث يتم ضرب الأساطيل والسفن التجارية للعدو وإغراقها، وبذلك يتم حرمانه من الإمدادات الاستراتيجية أثناء الحرب. مضيفا أنه خلال حرب أكتوبر كان أمامنا مسرحان للعمل البحر المتوسط من الإسكندرية إلى إسرائيل، والبحر الأحمر من برديس ورأس بنياس حتى آخره. مشيرا إلى أن ترتيب عمل الغواصات في ألمانيا وروسيا كان يقضي بالاشتراك في المعركة بالثلث فقط ويخصص الثلث للتدريب والثلث الأخير يكون مستعدا للعمليات التي يكلف بها في أي لحظة. لكننا في مصر قررنا أن ندفع بكل ما نملك من غواصات في الحرب، وعندما أصدرنا أعلانا طبقا للقانون الدولي بحظر الملاحة في المنطقة كذا، حتى تتنبه المراكب المحايدة إلى عدم الدخول لمنطقة الحرب، حولت إسرائيل كل خطوط مواصلاتها القادمة من غرب أوروبا إلى الدوران من كريت وقبرص، وأنخفض معدل الملاحه هناك من 100٪ إلى 6٪. ويذكر أن إسرائيل شكلت حكومة صغيرة أسمتها "حكومة المطبخ" مكونة من رئيسة الوزراء جولدا مائير، ووزير الخارجية ووزير الدفاع ومدير المخابرات مهمتها إدارة الحرب، وكانت هذه الحكومة في اجتماع دائم بشقة خاصة بجولدا مائير، عبارة عن غرفة كبيرة ومطابخ صغيرة، وكانت جولدا مائير تقوم بعمل القهوة لهم، ولذلك أطلقوا عليها "حكومة المطبخ". وقال موشي ديان لجولدا مائير: المصريون جادون في حرب الغواصات، وعندما بدأنا الهجوم توقفت الملاحة الإسرائيلية تماما. وقد استمرت حرب الغواصات حوالي شهر. مع ملاخظة أننا بدأنا الحرب مبكرا قبل كل الأسلحة . وذكر ذلك الرئيس السادات في أحد خطبه قائلا : هناك ناس في القوات المسلحة عرفوا الحرب قبل ميعادها بعشرة أيام، وكان يقصد القوات البحرية، لأننا حتى نقوم بعملية التلغيم في حيفا وأشدود مثلا فلا بد أن نجهز الألغام، ولا بد أن نصل قبل ميعاد الحرب بيوم. كما ذكر الفريق سعد الدين الشاذلي رئيس أركان حرب القوات المسلحة، أن الغواصات أبحرت في أول أكتوبر لتتخذ أوضاع القتال، وأن اللواء ذكري قائد القوات البحرية اتصل به قبل أن تخرج الغواصات للبحر، وقال:ستخرج الغواصات للبحر الآن، وأني أؤكد لك مرة أخرى أنه ليس هناك من وسيلة للاتصال بهم لإجراء أي تعديل في التوقيت. هل أعطي لهم الأمر بالخروج ؟ قلت له نعم لا تغيير في أي شئ. كانت كل أسلحة وجنود الجيش المصري يعزفون لحن النصر بصبر ويقين حتي تحقق الانتصار العظيم، لكن يبقي السؤال، كيف يفشل الشعب الذي حقق هذا النصر المدوي في تعمير سيناء أو حتى في تنظيم المرور؟!.