يصف فريدرك رافائيل فى كتابه «عيون مُفتحة» تجربته الفريدة مع المخرج ستانلى كوبريك فى أثناء كتابة سيناريو فيلم كوبريك الثالث عشر والأخير «عيون مغمضة - Eyes Wide Shut» ويُعد نهاية المشوار الفنى لهذا المخرج الخاص جدا، الذى فضل الاستيطان بإنجلترا فى عزلة متعمدة بعيدا عن موطنه بالولايات المتحدة. يتناول الكتاب بالتفصيل علاقة عمل المؤلف مع المخرج فى أثناء كتابة السيناريو ولقاءاتهما المعدودة أربع مرات فقط -كل مرة بناء على استدعاء المخرج للكاتب إلى العزبة التى يعزل نفسه بها عن العالم الخارجى- وإلى جانب هذه اللقاءات المعدودة اعتمد الاثنان على المكالمات الهاتفية والفاكسات بينهما طوال ما يقرب من سنتين، حتى إن ارتضى كوبريك بالمعالجة السينمائية التى وصل إليها كاتب السيناريو. فيلم «عيون مغمضة» مأخوذ عن رواية قصيرة نمساوية تدور أحداثها فى العاصمة فيينا بالقرن التاسع عشر، وتتناول العلاقة بين زوجين فى إطار الجنس والغيرة، إلا أن رغبة كوبريك كانت فى تحويل الأحداث إلى الزمن المعاصر وفى مدينة نيويورك. كانت هذه الرغبة من ضمن تحديات كاتب السيناريو، خصوصا أن أخلاقيات مجتمعات القرن التاسع عشر بعيدة تماما عن أخلاقيات مجتمعات الزمن المعاصر، فمثلا فى المعالجة السينمائية نجدها أكثر مباشرة وصراحة فى تعاملها مع الجنس مقابل الحوم حوله وتستره فى الرواية الأصلية. فى كتاب رافائيل يصف المكالمات الهاتفية التى كانت تشمل آراء عامة حول الأفلام والمخرجين والكتب والحركة الثقافية، وكان معروفا عن كوبريك شغفه ومثابرته على متابعة كل الأفلام الجديدة والكتب الحديثة فى شتى المجالات. وقد ظهر كتاب «عيون مفتحة» بعد شهور قليلة بعد وفاة كوبريك وأثار غضب عائلة المخرج ربما لصراحة مؤلفه أو تعريته لشخصية المخرج التى كانت شبه غامضة بالنسبة لكثيرين، وبالرغم من مكانة فريدرك رافائيل كأديب وكاتب سيناريو -حصل قبل ذلك على أوسكار أحسن سيناريو عام 1965 عن فيلم «حبيبتى - Darling» للمخرج جون شليسنجر- فقد تجاهلت الشركة المنتجة دعوته إلى أى من العروض الخاصة للفيلم، غالبا تلبية لرغبة عائلة كوبريك، وكان رد فعل فريدرك وقورا للغاية بأنه يفضل مشاهدته مع الجمهور.