بالأسماء، صدور قرارات جمهورية بتعيين قيادات جامعية جديدة    أسعار المأكولات البحرية والجمبري اليوم الخميس 30-10-2025 في محافظة قنا    سعر الذهب اليوم الخميس 30 أكتوبر فى مصر    سعر الريال السعودى مقابل الجنيه اليوم الخميس 30-10-2025    أسعار الحديد اليوم الخميس 30-10-2025 في أسواق محافظة قنا    رئيس جهاز العلمين الجديدة يستقبل أوائل طلاب مطروح    الرئيس السيسى يوافق على اتفاق تمويل دراسة امتداد الخط الأول لمترو القاهرة    كامل الوزير: الأجندة الإفريقية على رأس أولويات السياسية الخارجية المصرية    هجوم روسي واسع استهدف منشآت الطاقة في عدة مقاطعات بأوكرانيا    ارتفاع ضحايا إعصار ميليسا إلى 50 قتيلًا.. الكاريبى يغرق فى الدمار والعزلة.. فيديو    طريق بين الضباع والحملان. عن تفكيك حلقات النار بخبرة الماضى لا بوعيه القديم    الكنيست: 279 جنديا إسرائيليا حاولوا الانتحار خلال عام ونصف بسبب حرب غزة    موعد مباراة نيوم والخلود بالدوري السعودي    المشدد 10 سنوات لعاطلين بتهمة سرقة شاب بالإكراه وحيازة سلاح أبيض في النزهة    ماس كهرباء وراء اندلاع حريق بمحل مفروشات في النزهة    السجن المشدد 10 سنوات لعاطلين لسرقة شاب بالإكراه وحيازة سلاح أبيض بالنزهة    التصريح بدفن جثث 4 شباب ضحايا الصعق الكهربائي فى قنا    افتتاح المتحف الكبير.. مصر تعيد رسم الخريطة الثقافية للشرق الأوسط    هالة صدقي عن حفل افتتاح المتحف المصري الكبير: "فخورة بافتتاح أهم متحف في العالم"    نص الكلمة الموحدة عن المتحف المصري الكبير في الفقرة الإذاعية بالمدارس    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الخميس 30-10-2025 في محافظة قنا    السجن المشدد وغرامة 10 ملايين جنيه عقوبة بيع الآثار خارج مصر    الدعم السريع تسيطر على دارفور وتقسم السودان: هل قلبت الإمارات ميزان الأمن القومي المصري؟    إلزام صاحب العمل بإنشاء حضانة أو تحمل تكاليفها.. أهم مكتسبات المرأة العاملة بالقانون الجديد    مواقيت الصلاة اليوم الخميس 30-10-2025 في الشرقية    المستشار الألماني يلتقي الرئيس التركي في أنقرة اليوم    انتهاء العمل بالتوقيت الصيفي منتصف ليل الخميس 30 أكتوبر 2025    مواقيت الصلاه اليوم الخميس 30اكتوبر 2025فى محافظة المنيا...تعرف عليها بدقه.    متحدث رئاسة الوزراء: أكثر من 40 رئيسًا يحضرون افتتاح المتحف المصري الكبير    دوري أبطال أفريقيا.. كواليس جلسة رئيس بيراميدز مع اللاعبين قبل مواجهة التأمين الإثيوبي    طريقة استخراج جواز سفر مصري 2025.. التفاصيل كاملة    سر الخلطة المقرمشة..طريقة عمل البروستيد في المنزل بمذاق كنتاكي الأصلي    طريقة عمل الطحال، أكلة شعبية وقيمتها الغذائية عالية    «محافظ على مستواه لا بيهاجم ولا بيدافع».. إبراهيم سعيد يسخر من نجم الأهلي    محمد عبد المنعم يصدم الأهلي بهذا القرار.. مدحت شلبي يكشف    رحمة محسن تتصدر تريند جوجل.. لهذا السبب    انطلاقة ساخنة لدور الانعقاد.. «الشيوخ» يشكّل مطبخه التشريعي    بالشراكة مع عدة جامعات.. صيدلة المنيا ضمن مشروع بحثى ممول من الاتحاد الأوروبي    إعلام فلسطيني: تجدد غارات إسرائيل على خان يونس جنوبي غزة    التصريح بدفن ضحايا انقلاب سيارة في ترعة بطريق بنها - طوخ    «مش هسيبكم».. زوجة خالد الصاوي تفتح النار بعد مصرع المصورين ماجد هلال وكيرلس صلاح    «الهيئة العامة للرقابة الصحية» تختتم برنامج تأهيل المنيا للانضمام للتأمين الصحي الشامل    بايرن ميونخ يسحق كولن برباعية ويتأهل بثقة إلى ثمن نهائي كأس ألمانيا    نبيل فهمي: سعيد بخطة وقف إطلاق النار في غزة.. وغير متفائل بتنفيذها    التحفظ على جثة المصور كيرلس صلاح بمستشفى القنطرة شرق العام ب الإسماعيلية    محامي شهود الإثبات: الأيام القادمة ستكشف مفاجآت أكبر في القضية التي هزت الإسماعيلية    وكيل لاعبين: النظام المتبع فى الزمالك يسهل فسخ العقود من طرف واحد    فاهمة الحياة كويس.. أهم 3 أبراج حكيمة وعاقلة ترى ما بعد الحدث    موناكو يقلب الطاولة على نانت في مهرجان أهداف في الدوري الفرنسي    وكيل صحة شمال سيناء يتفقد عيادات التأمين الصحي بالعريش    إنتر ميلان يستفيق من كبوة نابولي بفوز كبير على فيورنتينا    بالصور.. تكريم أبطال جودة الخدمة الصحية بسوهاج بعد اعتماد وحدات الرعاية الأولية من GAHAR    خلافات في العمل.. حظ برج الدلو اليوم 30 أكتوبر    مطروح تستعد ل فصل الشتاء ب 86 مخرا للسيول    سوهاج تكرّم 400 من الكوادر الطبية والإدارية تقديرًا لجهودهم    هل يجوز للزوجة التصدق من مال البيت دون علم زوجها؟.. أمين الفتوى يجيب    انطلاق الاختبارات التمهيدية للمرشحين من الخارج في المسابقة العالمية للقرآن الكريم    محاكمة صحفية لوزير الحربية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



رحم الله المثقف والمحترف والمحتج..
نشر في التحرير يوم 16 - 09 - 2015

لم يهنأ خالد السرجانى بأن يكون مدير المركز الصحفى لمهرجان القاهرة السينمائى ومتحدثا باسمه، بعد أن اختاره رئيس المهرجان، الأستاذ سمير فريد، لهذا المكان، فى ظل تلك الدورة التى كان يستبشر خالد بها كثيرا لتكون إعادة انطلاق للمهرجان، الذى اقترب من الشيخوخة خلال المراحل السابقة، وتجمد، وليعود إليه شبابه.. وإعادة صورة مصر الجديدة إلى العالم.. فلم يمهله القدر حتى يرى فاعليات المهرجان الذى يعود إلى ساحة المهرجانات العالمية.. وكان فخورا بأن يكون متحدثا باسمه.
كما لم يمهله القدر أن يستمتع بزواجه الذى أخرجه من قائمة «أشهر العزاب» فى الصحافة المصرية.
.. فقد عاش خالد السرجانى القادم من بورسعيد «مواليد 1960» محتجا وغاضبا على أمور كثيرة.. وكان يحاول الإصلاح بقدر ما يستطيع فى مشاركته فى العمل العام وطرحه القيم النبيلة بثقافته الواسعة والموسوعية.

.. وقد زادت معرفته من احتجاجه.. فكان دائما ناقدا وغاضبا على «الأمور المايلة»، ومن هنا كان حاضرا فى إبداع الاحتجاج.. وقد بدأ هذا مبكرا عنده، ومنذ تخرجه فى قسم الصحافة بكلية الإعلام بجامعة القاهرة عام 1982 وهو يتسلح بالثقافة فى كل مجالات الحياة، حتى أصبح بالفعل مثقفا كبيرا.

.. فلم يكن خالد يترك أى كتاب جديد حتى يطرقه ويسأل عليه ويأتى به من أى مكان، حتى ولو كلفه الكثير.. فكثيرا ما كان يطلب من أصدقائه المسافرين خارج البلاد سواء فى أمريكا أو لندن أو بيروت كتبا جديدة قرأ عرضا عنها فى صحيفة سيارة أو على موقع إنترنت للكتب الجديدة.. ويقرأها ويهضمها ويناقشها مع كبار القراء والمتابعين لأمور الثقافة، ليست المصرية أو العربية فقط، وإنما كل أنحاء العالم، بما فى ذلك ثقافة أمريكا اللاتينية..

وكما كان يهدى الكثير ممن يناقشونه كتبا تتناول المعرفة.. فقد كان قارئا نهما ولا يبخل على أصدقائه أبدا بالكتب.

وتجده يصاحب الكتاب أينما تجده، فى مكتبه فى الصحيفة -أى صحيفة عمل بها- وفى المواصلات وعلى المقهى.

وكما كان مهتما بأحدث الكتب التى تصدر عن دور النشر.. كان أيضا من مقتنى الكتب القديمة.. وكتب التراث والدوريات المختلفة.. وكان من الشخصيات المعروفة لدى بائعى تلك الكتب والدوريات منذ سور الأزبكية وحتى تعدد هذه الأسوار.. فكان بائعو تلك الكتب يطلبونه ويعرضون عليه ما عندهم.. وهو أيضا كان يبحث عندهم عن طبعات قديمة من كتب لمؤلفين كبار لم تعد تطبع كتبهم..

وكان يضع ميزانية شهرية لشراء الكتب والدوريات الحديثة والقديمة، فقد كان باحثا جادا ودقيقا فى الكتب وطبعاتها المختلفة، وخبيرا فى دور النشر والمكتبات، وصارت مكتبته الشخصية تحمل ما يقرب من 8 آلاف كتاب، غير الدوريات الكبرى القديمة والحديثة، ولعل نقله لمكتبته من شارع الهرم، حيث كان يسكن قبل الزواج بأيام، إلى التجمع الخامس، اختياره الجديد مع الزواج، كان سببا فى إجهاده الكبير الذى بدا عليه قبل الزواج مباشرة.


.. كان محترفا فى الثقافة.. فلم يكن يقف عند الكتب، وإنما كان اهتمامه وعشقه للسينما كبيرا.. فلم يترك فيلما فى قاعات السينما إلا وشاهده، وكان مرجعا أيضا فى الأفلام بخلاف مشاهدة ما كان يقع فى يديه من «سيديهات» و«ديفيديهات» أفلام قادمة إليه من الخارج، وبناء على متابعته وطلبه من أصدقاء كثر له.

وانضم إلى جمعية نقاد السينما فى مطلع الثمانينيات وبعد تخرجه فى الجامعة.. وكذلك إلى جمعية الفيلم.. وقد حملها هموما على ظهره بعد أن خذلها كثيرون فى السنوات الأخيرة، فكان حريصا على نشاط الجمعية التى كان لها حضور كبير بها فى ثمانينيات وتسعينيات القرن الماضى، ومهرجانها السنوى وجوائزها، والذى كان يضعه نجوم السينما «بروش» على صدورهم ودعاية لنجوميتهم وأفلامهم.

وبدأ عمله الصحفى فى مؤسسة دار التحرير «الجمهورية»، حيث عمل بمركز أبحاث الجمهورية..
وانتقل بعد ذلك إلى «الأهرام»، وأسهم فى تأسيس «الأهرام المسائى»، واختاره المفكر البارز المرحوم لطفى الخولى ليعمل معه فى صفحة الحوار القومى، والتى كانت «الأهرام» تحاول وقتها استعادة وجودها القومى بها.

وكانت تلك الصفحة تتخذ من مقولة المفكر الكبير عبد الرحمن الكواكبى «ما بال الزمان يضن علينا برجال ينبهون الناس ويرفعون الالتباس ويفكرون بحزم ويعملون بعزم ولا ينفكون حتى ينالوا ما يقصدون».. شعارا لها.. وكان كثيرا ما يكتب افتتاحية الصفحة.. وكانت منتدى للفكر القومى العربى.. وتواصل وقتها مع كثير من المفكرين العرب.

كل ذلك زاد من ثقافته واحترافه واحتجاجه.

.. وكان ذلك وراء إسناد إبراهيم عيسى إليه، عندما أعاد إصدار جريدة «الدستور» فى عام 2005، مسؤولية صفحة الصحافة، التى وضع لها نموذجا جديدا فى عالم الصحافة والإعلام.. نموذج نقد الصحافة والصحف.. فكانت صفحة مثيرة للجدل وضجة كبيرة وحربا أهلية بين الصحف والصحفيين فى تلك الفترة، للخروج من حالة «التكلس» التى كانت عليها الصحافة القومية ورؤساء تحريرها فى تلك المرحلة فى الموالسة لنظام مبارك والترويج لمشروع التوريث.. فكان الصحفيون ورؤساء التحرير ينتظرون كل يوم أربعاء صدور العدد من الدستور التى كانت تصدر أسبوعيا، ليروا ماذا كتب السرجانى عنهم.

.. فكانت رؤية مبكرة وتأسيس لمنهج جديد فى الصحافة لم تشهده الصحافة المصرية من قبل، وساعد ذلك كثيرا فى فضح الكثير من الممارسات غير المهنية التى كانت عليها بعض الصحف.. وهو ما جعل له خصوم فى تلك الصحف، ومارسوا هجوما حادا عليه وعلى شخصه وبعضهم كان من الجهل حتى يعايروه بأنه حامل الكتب، لكثرة ما كان يصل إليهم من مخبريهم بأنه يشترى كتبا كثيرة، حاملا لها إلى عمله أو فى رحلته إلى منزله يوميا!!

.. وقد دفع ثمنا لمواقفه المستقلة هذه، ولم يسعَ لأى سلطة أو مال.. فلم يكن لأحد أن يستطيع أن يوجه قلمه وكتابته فى أى اتجاه إلا ما يمليه عليه ضميره المهنى ورؤيته وثقافته واحترافه.. واحتجاجه.
.. وكان حاضرا فى كل القضايا المهنية، ومناضلا نقابيا وقف مع زملائه محتجا فى نقابة الصحفيين ضد نظام مبارك فى معركة قانون الصحافة عام 1996، حتى سقط القانون، ومساندا لحرية الرأى والتعبير، ومشاركا فى كل الندوات التى يدعى إليها من أجل الدفاع عن الرأى.

.. وكان حاضرا فى أحداث ثورة 25 يناير 2011 وربما كان من أحد المحرضين على تلك الثورة فى كتاباته ونقده واحتجاجه على مبارك..

.. وكان يرى دورا كبيرا للإعلام فى التغيير بعد الثورة، ومن ثم كان مشاركا فى منظمات كثيرة تدعو إلى وضع تصور جديد للإعلام يناسب المراحل الانتقالية والتحول الديمقراطى.. ومن أجل صحافة حرة ديمقراطية.

وكان كاشفا لجماعة الإخوان مبكرا، حيث كان يراها جماعة متخلفة ورجعية، ولا يمكن أبدا أن تكون ديمقراطية، وذلك فى وقت كان يشجعها البعض ويدعمها ضد نظام مبارك.. إلا أنه كان مصرا على موقفه من الجماعة، ولم يثق أبدا فى كلام قياداتهم -من مناقشات كثيرة معه فى أثناء عملنا سويا فى جريدة «الدستور»- الداعى إلى الديمقراطية وحقوق الإنسان، وقد صدقت رؤيته وبصيرته عندما تولى الإخوان الحكم.

.. وهنا وقف مواجها الجماعة فى اعتدائها على حرية التعبير والصحافة.. فكان له دور عظيم وقاسم مشترك وجسر يجمع شتات كل المنظمات والائتلافات التى انتفضت ضد اعتداء الإخوان على الحرية والصحافة.. والرأى والتعبير.

.. وقد جعل كل ما سبق أن يكون دائما على خلق، وكأنه يترجم حالة الشاعر الكبير أبو الطيب المتنبى:
«علىّ قلق كأن الريح تحتى»
.. والتى استدعاها الشاعر الكبير محمود درويش لديوانه «هى أغنية هي أغنية».

.. فعاش قلقا على مستقبل هذا الوطن فى حريته وديمقراطيته..
.. ومات دون أن يهنأ بأن يرى وطنه، يستعيد كامل إرادته في الديمقراطية، والحرية، لكنه نال احترام الجميع.

رحم الله المثقف والمحترف والمحتج..
رحم الله خالد السرجانى.
(من مقدمة الكتاب الذى صدر عن مهرجان القاهرة السينمائى عن الراحل ويعاد النشر بمناسبة حفل تأبين الراحل في نقابة الصحفيين اليوم الأربعاء 16 سبتمبر)


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.