طلاب KG2 يبهرون الحضور في احتفال مدارس الحسام المتكاملة    وزير الإسكان يستعرض موقف تسليم وتشغيل المشروعات التنموية بالعلمين الجديدة    محافظ القليوبية يتفقد المجازر استعدادًا لعيد الأضحى -صور    بعد انخفاض سعرها الجنوني.. كم تبلغ تكلفة استيراد تسلا سايبر تراك للسوق المصري؟    حماس: نطلق سراح 10 رهائن إسرائيليين ونسلم 18 جثة مقابل عدد من الأسرى الفلسطينيين    رسميا، الأهلي يوجه الشكر ل عمرو السولية    بعد 9 مواسم.. الأهلي يعلن رحيل السولية    بعد رحيله عن ليفربول.. أياكس يعلن التعاقد مع هيتينجا لقيادة الفريق    إنتر ميلان يطارد النجمة الرابعة في نهائي دوري أبطال أوروبا 2025    رغم اقتراب جارسيا.. سكاي: شتيجن يتمسك بالبقاء في برشلونة    نائب وزير الإسكان يتابع جهود التعامل مع تداعيات عاطفة الإسكندرية    في يومين.. إيرادات "ريستارت" تقترب من 7 ملايين جنيه    استخراج بطارية من مريء طفل في مستشفى أطفال بنها    وزارة الصحة تعلن خطة التأمين الطبي لعيد الأضحى المبارك وموسم الاجازات الصيفية بجميع المحافظات    على باب الوزير!    تخفيضات على تذاكر مصر للطيران تزامنا مع إجازات عيد الأضحى المبارك    محافظ أسيوط ووزير الموارد المائية والري يتفقدان أعمال تطهير الترع    وزير التربية والتعليم يبحث مع منظمة "يونيسف" وضع خطط لتدريب المعلمين على المناهج المطورة وطرق التدريس    ماركا: رودريجو أبلغ ريال مدريد برغبته في الاستمرار    وزير الخارجية ل"صوت الأمة": السياسة الخارجية المصرية تستند لمبدأ "الاتزان الاستراتيجي"    وزير التعليم العالي ومحافظ المنوفية ورئيس جامعة المنوفية يفتتحون مركز الاختبارات الإلكترونية بكلية الحقوق بجامعة المنوفية    بدر عبد العاطى وزير الخارجية ل"صوت الأمة": مصر تعكف مصر على بذل جهود حثيثة بالشراكة مع قطر أمريكا لوقف الحرب في غزة    "حياة كريمة" تبدأ تنفيذ المسح الميداني في المناطق المتضررة بالإسكندرية    شبكة المنظمات الأهلية: الاحتلال دمّر بنى اقتصادية ويستهدف المؤسسات الإغاثية    غدا على المسرح الكبير بدار الأوبرا .. مي فاروق تحيي حفلا غنائيا بقيادة المايسترو مصطفي حلمي    أيمن أبو عمر يوضح أعظم العبادات والطاعات في عشر ذي الحجة    رئيس منظمة الطاقة الذرية الإيرانية: نشهد بعض التقدم في المفاوضات غير المباشرة مع أمريكا    من أول ساعة.. كيف يستفيد جسمك من الإقلاع عن التدخين؟    سقوط طالبة من سلم الدور الأول بكلية البنات عين شمس والجامعة تنقلها لمستشفي الطوارئ    شوبير يعلن رحيل عمرو السولية.. ويوجه رسالة ل إدارة الأهلي    خبير شؤون روسية: أوروبا فوجئت بطول أمد النزاع بين موسكو وكييف    بعد انتهاء أزمتها.. آية سماحة توجه الشكر لنقابة المهن التمثيلية    من أجل جودة الحياة بالمناطق الجديدة الآمنة.. الثقافة تنظم فعاليات في الخيالة وأهالينا ومعا    ماذا قالت وكالة الطاقة الذرية في تقريرها عن أنشطة إيران؟    أفضل الأدعية المستجابة عند العواصف والرعد والأمطار    إصابة طالب ومراقب باعياء وتشنج خلال امتحان اللغة العربية للشهادة الإعدادية بالمنيا    رئيس الطائفة الإنجيلية يشارك في حفل تنصيب ريموند سمعان راعيًا للكنيسة بطهنشا    محمد الريفي عن طليقته: ربنا يكرمها ويكرمني.. ومستحيل أتكلم عن الماضي    كيف تعامل مستشفى قنا العام مع حالة الولادة لمصابة بفيروس HIV؟ .. مصدر طبي يكشف ل«الشروق»    مصدر كردي: وفد من الإدارة الذاتية الكردية يتجه لدمشق لبحث تطبيق اتفاق وقّعته الإدارة الذاتية مع الحكومة السورية قبل نحو 3 أشهر    وزير الإسكان يبدأ جولة تفقدية في مدينة العلمين الجديدة    أوبك + تقرر زيادة الإنتاج بمقدار 411 ألف برميل يوميا في يوليو    برأة راندا البحيري من تهمة سب وقذف طليقها    250 مليون نحلة طليقة في الهواء بعد انقلاب شاحنة.. ماذا حدث في واشنطن؟    محافظ الدقهلية يتفقد المركز التكنولوجي بمركز أجا ويصدر 7 توجيهات    المنظمات الأهلية الفلسطينية تحذر من كارثة صحية وبيئية مع استمرار العدوان على غزة    جنايات القاهرة تقضي بالسجن المشدد 7 سنوات لرجل أعمال أنهى حياة زوجته بالتجمع الخامس    رحلة شوق.. محمد مصطفى يحج بقلب المشرف وروح المحب    سحب 700 رخصة لعدم تركيب الملصق الإلكتروني خلال 24 ساعة    لمكافحة التلاعب بأسعار الخبز.. ضبط 4 طن دقيق مدعم بالمحافظات    اليوم.. البابا تواضروس يترأس عشية رشامة 8 أساقفة جدد    «المشروع X».. العمق أم الإبهار؟    عاجل- أمطار غزيرة متواصلة.. محافظة الإسكندرية تتأهب لتداعيات حالة الطقس الجديدة    الإفتاء تكشف كفارات الحج التي وضعها الشرع    أفضل دعاء في العشر الأوائل من ذي الحجة.. ردده الآن للزوج والأبناء وللمتوفي ولزيادة الرزق    سويلم: الأهلي تسلم الدرع في الملعب وحسم اللقب انتهى    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 31-5-2025 في محافظة قنا    تغييرات مفاجئة تعكر صفو توازنك.. حظ برج الدلو اليوم 31 مايو    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



رحم الله المثقف والمحترف والمحتج..
نشر في التحرير يوم 16 - 09 - 2015

لم يهنأ خالد السرجانى بأن يكون مدير المركز الصحفى لمهرجان القاهرة السينمائى ومتحدثا باسمه، بعد أن اختاره رئيس المهرجان، الأستاذ سمير فريد، لهذا المكان، فى ظل تلك الدورة التى كان يستبشر خالد بها كثيرا لتكون إعادة انطلاق للمهرجان، الذى اقترب من الشيخوخة خلال المراحل السابقة، وتجمد، وليعود إليه شبابه.. وإعادة صورة مصر الجديدة إلى العالم.. فلم يمهله القدر حتى يرى فاعليات المهرجان الذى يعود إلى ساحة المهرجانات العالمية.. وكان فخورا بأن يكون متحدثا باسمه.
كما لم يمهله القدر أن يستمتع بزواجه الذى أخرجه من قائمة «أشهر العزاب» فى الصحافة المصرية.
.. فقد عاش خالد السرجانى القادم من بورسعيد «مواليد 1960» محتجا وغاضبا على أمور كثيرة.. وكان يحاول الإصلاح بقدر ما يستطيع فى مشاركته فى العمل العام وطرحه القيم النبيلة بثقافته الواسعة والموسوعية.

.. وقد زادت معرفته من احتجاجه.. فكان دائما ناقدا وغاضبا على «الأمور المايلة»، ومن هنا كان حاضرا فى إبداع الاحتجاج.. وقد بدأ هذا مبكرا عنده، ومنذ تخرجه فى قسم الصحافة بكلية الإعلام بجامعة القاهرة عام 1982 وهو يتسلح بالثقافة فى كل مجالات الحياة، حتى أصبح بالفعل مثقفا كبيرا.

.. فلم يكن خالد يترك أى كتاب جديد حتى يطرقه ويسأل عليه ويأتى به من أى مكان، حتى ولو كلفه الكثير.. فكثيرا ما كان يطلب من أصدقائه المسافرين خارج البلاد سواء فى أمريكا أو لندن أو بيروت كتبا جديدة قرأ عرضا عنها فى صحيفة سيارة أو على موقع إنترنت للكتب الجديدة.. ويقرأها ويهضمها ويناقشها مع كبار القراء والمتابعين لأمور الثقافة، ليست المصرية أو العربية فقط، وإنما كل أنحاء العالم، بما فى ذلك ثقافة أمريكا اللاتينية..

وكما كان يهدى الكثير ممن يناقشونه كتبا تتناول المعرفة.. فقد كان قارئا نهما ولا يبخل على أصدقائه أبدا بالكتب.

وتجده يصاحب الكتاب أينما تجده، فى مكتبه فى الصحيفة -أى صحيفة عمل بها- وفى المواصلات وعلى المقهى.

وكما كان مهتما بأحدث الكتب التى تصدر عن دور النشر.. كان أيضا من مقتنى الكتب القديمة.. وكتب التراث والدوريات المختلفة.. وكان من الشخصيات المعروفة لدى بائعى تلك الكتب والدوريات منذ سور الأزبكية وحتى تعدد هذه الأسوار.. فكان بائعو تلك الكتب يطلبونه ويعرضون عليه ما عندهم.. وهو أيضا كان يبحث عندهم عن طبعات قديمة من كتب لمؤلفين كبار لم تعد تطبع كتبهم..

وكان يضع ميزانية شهرية لشراء الكتب والدوريات الحديثة والقديمة، فقد كان باحثا جادا ودقيقا فى الكتب وطبعاتها المختلفة، وخبيرا فى دور النشر والمكتبات، وصارت مكتبته الشخصية تحمل ما يقرب من 8 آلاف كتاب، غير الدوريات الكبرى القديمة والحديثة، ولعل نقله لمكتبته من شارع الهرم، حيث كان يسكن قبل الزواج بأيام، إلى التجمع الخامس، اختياره الجديد مع الزواج، كان سببا فى إجهاده الكبير الذى بدا عليه قبل الزواج مباشرة.


.. كان محترفا فى الثقافة.. فلم يكن يقف عند الكتب، وإنما كان اهتمامه وعشقه للسينما كبيرا.. فلم يترك فيلما فى قاعات السينما إلا وشاهده، وكان مرجعا أيضا فى الأفلام بخلاف مشاهدة ما كان يقع فى يديه من «سيديهات» و«ديفيديهات» أفلام قادمة إليه من الخارج، وبناء على متابعته وطلبه من أصدقاء كثر له.

وانضم إلى جمعية نقاد السينما فى مطلع الثمانينيات وبعد تخرجه فى الجامعة.. وكذلك إلى جمعية الفيلم.. وقد حملها هموما على ظهره بعد أن خذلها كثيرون فى السنوات الأخيرة، فكان حريصا على نشاط الجمعية التى كان لها حضور كبير بها فى ثمانينيات وتسعينيات القرن الماضى، ومهرجانها السنوى وجوائزها، والذى كان يضعه نجوم السينما «بروش» على صدورهم ودعاية لنجوميتهم وأفلامهم.

وبدأ عمله الصحفى فى مؤسسة دار التحرير «الجمهورية»، حيث عمل بمركز أبحاث الجمهورية..
وانتقل بعد ذلك إلى «الأهرام»، وأسهم فى تأسيس «الأهرام المسائى»، واختاره المفكر البارز المرحوم لطفى الخولى ليعمل معه فى صفحة الحوار القومى، والتى كانت «الأهرام» تحاول وقتها استعادة وجودها القومى بها.

وكانت تلك الصفحة تتخذ من مقولة المفكر الكبير عبد الرحمن الكواكبى «ما بال الزمان يضن علينا برجال ينبهون الناس ويرفعون الالتباس ويفكرون بحزم ويعملون بعزم ولا ينفكون حتى ينالوا ما يقصدون».. شعارا لها.. وكان كثيرا ما يكتب افتتاحية الصفحة.. وكانت منتدى للفكر القومى العربى.. وتواصل وقتها مع كثير من المفكرين العرب.

كل ذلك زاد من ثقافته واحترافه واحتجاجه.

.. وكان ذلك وراء إسناد إبراهيم عيسى إليه، عندما أعاد إصدار جريدة «الدستور» فى عام 2005، مسؤولية صفحة الصحافة، التى وضع لها نموذجا جديدا فى عالم الصحافة والإعلام.. نموذج نقد الصحافة والصحف.. فكانت صفحة مثيرة للجدل وضجة كبيرة وحربا أهلية بين الصحف والصحفيين فى تلك الفترة، للخروج من حالة «التكلس» التى كانت عليها الصحافة القومية ورؤساء تحريرها فى تلك المرحلة فى الموالسة لنظام مبارك والترويج لمشروع التوريث.. فكان الصحفيون ورؤساء التحرير ينتظرون كل يوم أربعاء صدور العدد من الدستور التى كانت تصدر أسبوعيا، ليروا ماذا كتب السرجانى عنهم.

.. فكانت رؤية مبكرة وتأسيس لمنهج جديد فى الصحافة لم تشهده الصحافة المصرية من قبل، وساعد ذلك كثيرا فى فضح الكثير من الممارسات غير المهنية التى كانت عليها بعض الصحف.. وهو ما جعل له خصوم فى تلك الصحف، ومارسوا هجوما حادا عليه وعلى شخصه وبعضهم كان من الجهل حتى يعايروه بأنه حامل الكتب، لكثرة ما كان يصل إليهم من مخبريهم بأنه يشترى كتبا كثيرة، حاملا لها إلى عمله أو فى رحلته إلى منزله يوميا!!

.. وقد دفع ثمنا لمواقفه المستقلة هذه، ولم يسعَ لأى سلطة أو مال.. فلم يكن لأحد أن يستطيع أن يوجه قلمه وكتابته فى أى اتجاه إلا ما يمليه عليه ضميره المهنى ورؤيته وثقافته واحترافه.. واحتجاجه.
.. وكان حاضرا فى كل القضايا المهنية، ومناضلا نقابيا وقف مع زملائه محتجا فى نقابة الصحفيين ضد نظام مبارك فى معركة قانون الصحافة عام 1996، حتى سقط القانون، ومساندا لحرية الرأى والتعبير، ومشاركا فى كل الندوات التى يدعى إليها من أجل الدفاع عن الرأى.

.. وكان حاضرا فى أحداث ثورة 25 يناير 2011 وربما كان من أحد المحرضين على تلك الثورة فى كتاباته ونقده واحتجاجه على مبارك..

.. وكان يرى دورا كبيرا للإعلام فى التغيير بعد الثورة، ومن ثم كان مشاركا فى منظمات كثيرة تدعو إلى وضع تصور جديد للإعلام يناسب المراحل الانتقالية والتحول الديمقراطى.. ومن أجل صحافة حرة ديمقراطية.

وكان كاشفا لجماعة الإخوان مبكرا، حيث كان يراها جماعة متخلفة ورجعية، ولا يمكن أبدا أن تكون ديمقراطية، وذلك فى وقت كان يشجعها البعض ويدعمها ضد نظام مبارك.. إلا أنه كان مصرا على موقفه من الجماعة، ولم يثق أبدا فى كلام قياداتهم -من مناقشات كثيرة معه فى أثناء عملنا سويا فى جريدة «الدستور»- الداعى إلى الديمقراطية وحقوق الإنسان، وقد صدقت رؤيته وبصيرته عندما تولى الإخوان الحكم.

.. وهنا وقف مواجها الجماعة فى اعتدائها على حرية التعبير والصحافة.. فكان له دور عظيم وقاسم مشترك وجسر يجمع شتات كل المنظمات والائتلافات التى انتفضت ضد اعتداء الإخوان على الحرية والصحافة.. والرأى والتعبير.

.. وقد جعل كل ما سبق أن يكون دائما على خلق، وكأنه يترجم حالة الشاعر الكبير أبو الطيب المتنبى:
«علىّ قلق كأن الريح تحتى»
.. والتى استدعاها الشاعر الكبير محمود درويش لديوانه «هى أغنية هي أغنية».

.. فعاش قلقا على مستقبل هذا الوطن فى حريته وديمقراطيته..
.. ومات دون أن يهنأ بأن يرى وطنه، يستعيد كامل إرادته في الديمقراطية، والحرية، لكنه نال احترام الجميع.

رحم الله المثقف والمحترف والمحتج..
رحم الله خالد السرجانى.
(من مقدمة الكتاب الذى صدر عن مهرجان القاهرة السينمائى عن الراحل ويعاد النشر بمناسبة حفل تأبين الراحل في نقابة الصحفيين اليوم الأربعاء 16 سبتمبر)


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.