كُتِب على جيل ثورة 25 من يناير، أن يعيش بين نارين، نار الشوق لأصدقاء رحلوا دفاعًا عن الحرية، أو لهيب الانتظار لأصدقاء خلف قضبان السجون، في انتظار خروجهم. واليوم رحل أحد أبناء الثورة، الصحفي والمدون، البراء أشرف، بعد إجراء عملية جراحية، عن عمر 30 عامًا. خبر وفاة «البراء» كان مثل الصدمة سواء على من لا يعرفونه أو لا، فعمره الصغير جعل الشباب في مثل عمره يفكرون في قرب الموت منهم. دون محبوه كلمات الفراق والحزن، ما بين الأصدقاء والإعلاميين وحتى من لا يعرفوه، متأثرين بسيرته العطرة التي تحدث عنها أصدقاؤه، والمواقف الطيبة التي رووها.
كتب الإعلامي يسري فودة عبر حسابه الشخصي على موقع التواصل الاجتماعي «فيس بوك»:«شيء ما في موت براء بيفكرني بموت باسم، شيء غير إن هما الاتنين ماتوا صغيّرين، شيء غير إن هما الإتنين كتبوا بمنتهى العمق الإنساني عن لحظة الوصول لسن معين، شيء غير إن هما الإتنين كانوا طيبين مؤدبين حالمين ومليانين طاقة إيجابية وفاتحين عقولهم وأرواحهم لكل الناس، شيء غير إن هما الإتنين كانوا دقيقين في شغلهم ودايمًا بيحاولوا يكونوا عادلين، شيء غير إن هما الإتنين كانوا في منتهى الغزارة في الكتابة والإنتاج و كأنهم كانوا مستعجلين حاجة معينة، شيء من نفَس مصر الأصيلة وجذور الإنسانية بيخلّيك في لحظة مش قادر تفرّق بين واحد من اليمين وواحد من اليسار ماشيين هما الإتنين في اتجاه واحد. البراء أشرف وباسم صبري.. شكرًا». ودون الكاتب الصحفي الدكتور محمد فتحي: «هتوحشني يا براء، بيننا كلام ما كملش، وخناقات ما اتخانقناهاش، وتوصيلة لسه ماوصلتنيش فيها، وقعدة بتأخر عليك فيها، وابني اللي اتلخبط ما بيننا لما شافك في التليفزيون، ولو كنت قلتلك إني هعيط عليك ماكنتش هتصدقني، بس بكيتك كما لم تتخيل وكما لم ترجو وكما لم تنتظر وكما لم تريد، ربنا يرحمك ويغفرلك ويطبطب عليك ويدخلك الجنة ويباركلك في بناتك ويحفظهن ويبدلك دارًا خيرًا من دارك وأهلًا خير من أهلك ووطنًا خير من وطنك ويرزقك صحبة من أحببت وذبت فيهم عشقًا في جنة عرضها السماوات والأرض أعدت للمتقين ولا نزكي على الله أحدًا يا حبيب ولو لم تشعر وقريب ولو لم تصدق وغالي ولو لم تنتظر، ولا نقول إلا ما يرضي الله، إنا لله وإنا إليه راجعون، ونكمل كلامنا قريبًا إن شاء الله». وحكى الإعلامي محمد الدسوقي رشدي موقف جمعه بالبراء في مطار القاهرة: «لما خلصت مشكلة براء الأخيرة في المطار قاعدين بنهزر وبقوله أنا كنت هجهز لافتات عاوزين أختنا براء، رد بهدوء غريب لا جهز يافطة، الله يرحمك يا براء أنا مش مكمل السنة دي وأنا عارف كده».
ونعاه الفنان نبيل الحلفاوي، عبر حسابه الخاص بموقع التواصل الاجتماعي «تويتر»: «رحمه الله، وألهم أهله الصبر والسكينة».
وكتب الفنان حمزة نمرة عبر صفحته الشخصية على «تويتر»: «عايز أقولك يا براء إنك بإذن الله ارتحت، وفي مكان أحسن وأرحم من اللي أحنا فيه، البراء أشرف في ذمة الله وإنا لله وإنا إليه راجعون». وقال الدكتور محمد محسوب، القيادي في حزب الوسط، عبر «فيسبوك»: «ولعلنا نلتقي قريبًا، آخر رسالة تلقيتها منه ردًا على رسالة مني، لم أره كثيرًا، لكني ربما أعرفه كثيرًا فكلماته في مقالاته عبرت عن جيل كامل فصنعت مرايا تعكس آلامًا وآمالًا وأحلامًا، حملها البراء حتى السادس من سبتمبر 2015، وعلقها في أعناق كل جيله». وذكر رئيس حزب مصر القوية، الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح: «الصحفي البراء أشرف كان مثل جده أخي الكريم جابر رزق في النقاء والإخلاص والشجاعة رحمة الله الواسعة عليك وعلى جدك والصبر الجميل لأسرتك ومحبيك».
فيما أعاد الكثير من مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي مقال البراء أشرف والذي حمل عنوان «30 عامًا» وقال فيه "أحيانًا، أنظر إلى سنوات عمري السابقة فأراها قليلة جدًا، بالأمس القريب كنت طفلًا، وقد اختبرت عددًا محدودًا من المشاعر واللحظات، كأني أريد أن أطلب من الذين يظنوني كبيرًا أن يتوقفوا عن المبالغة، فقط لدي من العمر 29، وهذا رقم مازلت أراه قليلًا جدًا. صوت ابنتي الكبرى في الهاتف يصفعني عدة مرات، لديها من العمر سبع سنوات وبضعة أشهر إضافية، وأختها الصغرى لديها عامان وبضعة أشهر أخرى، بحسبة بسيطة، أنا أملك ثلاثة أضعاف سنوات عمر الطفلتين، وأجدني مازلت مشغولًا، بأمور تشبه ما يشغل صاحبة الصوت الرقيق على الهاتف: «بابا، عايزة ألعب». أنا أيضًا أريد أن ألعب، أنا أيضًا أمر أحيانًا على قسم ألعاب الأطفال في المحلات الكبرى، وأجد فيها ما لا يزال قادرًا على لفت انتباهي وإثارة فضولي ورغبتي في اللعب، أنا أيضًا أشعر أنني لم أحصل على قدر مناسب من اللعب، الوقت كان ضيقًا ولا يزال، بحيث كانت هناك دائمًا أمور أكثر أهمية من اللعب، وأنا الآن على أعتاب الثلاثين أشكك في أهمية كل ما أنهى وقت اللعب مبكرًا، اللعب أهم، دون شك. وقال خلال مقاله "وأرجو، لو كان رحيلي سهلًا، سلسًا، بسرعة دون ألم يخصني أو يخص الذين سيملكون وقتًا وقلبًا للتألم على رحيلي وأريد أن يسامحني بعض الأشخاص، ويحبني بعضهم، ويكرهني بعضهم، على أن تكون الأفعال السابقة حقيقية جدًا، لا زيف فيها ولا إدعاء».