قال الدكتور يسري جبر، من علماء الأزهر الشريف، إن النبي صلى الله عليه وسلم أرشدنا في الحديث الشريف: «لو دُعِيتُ إلى ذراعٍ أو كُراعٍ لأجبتُ، ولو أُهدي إليَّ ذراعٌ أو كُراعٌ لقبلتُ»، إلى أهمية قبول الدعوة أو الهدية جبرًا لخاطر الداعي أو المهدي، دون النظر إلى قيمة الطعام أو الهدية، ما دام مصدرها حلالاً طيبًا. وأوضح خلال حلقة برنامج «أعرف نبيك»، المذاع على قناة الناس اليوم الجمعة، أن النبي صلى الله عليه وسلم استخدم مثال "الذراع والكراع" للدلالة على أبسط وأقل أنواع الطعام، التي لم يكن الناس يقدّرونها في زمانه، ليبيّن أن قيمة الدعوة لا تُقاس بما يُقدّم فيها، بل بنية صاحبها ومحبته، وأن رفضها لمجرد بساطتها قد يسبب كسرًا لخاطر المسلم، وهو أمر عظيم عند الله. وبيّن الدكتور جبر أن من آداب التعامل الإسلامي قبول الهدية مهما كانت قليلة، مع إظهار الفرح بها، ثم بعد ذلك يمكن للإنسان أن يتصرف فيها كيف يشاء، فإن لم يرغب في الانتفاع بها فليُعطها لغيره، لكن دون أن يُشعر مُهديها بالرد أو النفور، لأن جبر الخاطر من الخصال الموجبة للجنة، وكسر الخاطر من الخصال الموجبة للنار. وأضاف أن المسلم إذا دُعي إلى طعام من شخص يُعرف أن ماله من مصدر حرام أو مشبوه، فله أن يعتذر عن الدعوة أو يرفض الهدية، خاصة إن كان فيها نوع من المنّ أو التودد لغرض دنيوي، مبينًا أن النصيحة واجبة ولكن من غير فضيحة، وبأسلوب لين رحيم بعيد عن التحقير أو التعالي. وأشار إلى أن من الحكمة أن يقبل الإنسان الدعوة أحيانًا جبراً لخاطر الداعي، حتى إن لم يأكل من الطعام، كأن يعتذر بلطف بأنه صائم ويصلي في بيته، فينزل في البيت بركة الصلاة والذكر، لعل ذلك يكون سببًا في هداية صاحب البيت وإيقاظ ضميره. وأكد على أن الشفقة والرحمة هي أساس التعامل مع العصاة والمذنبين، معتبرًا أن الداعية الصادق يتعامل مع أصحاب المعاصي كطبيب يعالج مريضه لا كقاضٍ يحكم عليه، وأن هذا الخلق النبوي الكريم كان سببًا في هداية القلوب وتحول الكفار إلى أولياء وصحابة ببركة أخلاق الحبيب صلى الله عليه وسلم.