في ظل تدفق المهاجرون البائسون الساعون إلى الحصول على حق اللجوء السياسي، بعشرات الآلاف إلى أوروبا، وعدم القدرة على استيعابهم بطريقة منظمة، ربما يبدأ تجريد أوروبا من التزامها بإزالة الحدود القديمة والمرور الحر بين دولها. وفي تقرير بعنوان "أزمة المهاجرين تختبر القيمة الأوروبية - الحدود المفتوحة"، قالت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية "إن الدليل على ذلك بدا جليًا أمس الاثنين بينما عطلت السلطات النمساوية المرور من المجر، متسببة في تكدس على طول 12 ميلًا على الأقل، حيث كان يتم فحص السيارات مخافة أن يكون بداخلها مهاجرين، وكذا هو الحال مع قطارات قادمة من المجر محملة بمهاجرين يسعون إلى اللجوء السياسي من ألمانيا، حيث تعطلت حركة المرور على الحدود النمساوية المجرية لساعات". وأضافت نيويورك تايمز "أن التوضيح الرسمي لذلك كان محاولة لتجنب وفاة جماعية أخرى مثل التي حدثت في شاحنة بالقرب من فيينا الأسبوع الماضي"، مستطردة أن العواقب العملية لهذه الحملة قد تعني أن نظام الحركة الحرة بين المجر والنمسا لم يعد روتينيًا. وتابعت الصحيفة أن القارة التي تعاني بالفعل من أجل التوصل إلى استجابة موحدة حول أزمة ديون اليونان، والحركات الجهادية المتشددة، وتدفق المهاجرين من مناطق الشرق الأوسط وأفريقيا، تزيد من الخلافات المتعمقة، لافتة إلى أن تساؤلات حول من سيهتم بهؤلاء اللاجئين ويراقبهم ويتكفل بنفقاتهم، لم تحل بعد، في ظل معاناة دول مثل اليونان وإيطاليا والمجر من مشكلات اقتصادية كبيرة تجعلهم يستقبلون أعداد قليلة من المهاجرين، ما يدفع كثير منهم إلى التوجه إلى ألمانيا الغنية التي تتوقع أن يصلها 800 ألف لاجئ هذا العام، بحسب نيويورك تايمز. الأزمة أصبحت أولوية، على حد قول الصحيفة، بالنسبة للمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل التي حذرت مؤخرًا من أن حرية السفر بين الدول ال28 في الاتحاد الأوروبي، قد تكون معرضة للخطر إذا لم تتفق الدول الأعضاء على استجابة مشتركة حول أزمة اللاجئين، معربة عن رغبتها أن تستقبل الدول الأوروبية الأخرى مزيد من المهاجرين. وواجهت ميركل تحديًا فوريًا أمس الاثنين من قبل زعماء سلوفاكيا وجمهورية التشيك الذين قالوا إنهم سيسعون إلى تشكيل تحالف مع المجر لمقاومة أي إعادة توزيع المهاجرين بحصص معينة، كما تتهم المجر ألمانيا بوضع تعقيدات جديدة في أزمة اللاجئين وتشجع على تدفقهم. وأشارت "نيويورك تايمز" إلى أن كل هذه التساؤلات ربما تشغل وزراء داخلية الاتحاد الأوروبي الآن، الذين سيجتمعون في جلسة طارئة في 14 سبتمبر الحالي للتوصل إلى حل لأزمة اللاجئين الأكبر التي تواجهها أوروبا منذ الحرب العالمية الثانية. ويعبر معظم المهاجرين من تركيا إلى اليونان ومقدونيا وصربيا قبل دخول المجر ثم منها إلى الدول الشمالية الغنية، بحسب الصحيفة.