شدَّد الرئيس عبد الفتاح السيسي على "عزم مصر الجاد لتعزيز علاقاتها بالدول الآسيوية والارتقاء بمستوى التعاون إلى آفاق أرحب ومستوى أكثر تميزًا". وقال، في الكلمة التي ألقاها الرئيس السيسي خلال الغداء مع رجال الأعمال السنغافوريين، الاثنين، إنَّ "مصر تولي اهتمامًا كبيرًا بتحسين مناخ الاستثمار ليصبح جاذبًا لمزيدٍ من الاستثمارات الأجنبية من واقع الإدراك لحجم التحدي الذي تواجهه في هذا المجال". وفيما يلي نص الكلمة، وفق بيان رئاسي: بسم الله الرحمن الرحيم السيدات والسادة، إنه لمن دواعي سروري أن أكون بينكم اليوم.. كأول رئيس مصري يزور سنغافورة منذ استقلالها.. وأؤكد لشعبكم الصديق عزم مصر الجاد لتعزيز علاقاتها بالدول الآسيوية الصديقة.. والارتقاء بمستوى تعاوننا معها إلى آفاق أرحب ومستوى أكثر تميزًا. السيدات والسادة، إن زيارتي لسنغافورة تعكس استعدادًا جادًا لفتح آفاق تعاون متميزة ولإقامة شراكة حقيقية تستهدف تحقيق التنمية والمنفعة المشتركة في البلدين. وبالتوازي مع البعد السياسي لخارطة المستقبل وإرساء المؤسسات الديمقراطية في مصر.. كان من المهم الاستجابة لمطالب شعب مصر بإجراء تغيير في منهج الإدارة الاقتصادية للدولة بهدف زيادة معدلات النمو وتحقيق تنمية شاملة وعادلة ومتوازنة. ولما كان التحدي هائلاً فقد أطلق طاقات عظيمة لدى أبناء الشعب لمواجهته وهو ما قمنا به من خلال صياغة خارطة طريق اقتصادية تهدف إلى مساعدة الاقتصاد الوطني على التعافي جراء الأزمات التي واجهته خلال السنوات الماضية. ومن خلال تطبيق إصلاحات هيكلية لمعالجة المشكلات المزمنة التي أعاقت تحقيق معدل نمو يتماشى مع الإمكانيات المتاحة، ومن أبرز هذه الإصلاحات ترشيد دعم الطاقة بقيمة ستة مليارات دولار، وتبني سياسة مالية تهدف لزيادة الاستثمارات الحكومية، وإعلان عدد من المشروعات التنموية العملاقة بالتوازي مع إتاحة فرص استثمارية للشركات الصغيرة والمتوسطة بهدف تقليل معدلات البطالة، ولعل نجاحنا في إنجاز مشروع قناة السويس الجديدة التي نعتبرها هدية مصر إلى العالم دليل واضح على ما تعتزم مصر القيام به من نهضة اقتصادية شاملة خلال الفترة المقبلة. وتواصل الحكومة المصرية جهودها لتنفيذ استراتيجية التنمية المستدامة بعيدة المدى حتى عام 2030 التي تهدف إلى تحقيق التنمية في مصر من خلال إطلاق مشروعات تنموية كبرى تكون قاطرة للتنمية.. وتسهم في إنعاش الاقتصاد المصري، وتتضمن: مشروع التنمية بمنطقة قناة السويس، ومشروع الشبكة القومية للطرق، ومشروع استصلاح وتنمية مليون ونصف المليون فدان، ومشروعات تطوير البنية التحتية، وجميعها مشروعات نتطلع أن يشارك فيها أصدقاؤنا الذين تربطنا بهم علاقات شراكة مثل سنغافورة، بما يعود بالنفع المشترك علينا جميعًا خاصة أن سنغافورة من الدول التي نجحت في تحقيق إنجازات هائلة في مجال التنمية الاقتصادية والصناعية وتطوير البنية التحتية، ولديها تجارب ناجحة نأمل أن يسهم القطاع الخاص السنغافوري في نقل خبراته فيها إلى السوق المصرية الواعدة. السيدات والسادة، لقد بدأنا نلمس مردودًا إيجابيًّا كبيرًا، محليًّا ودوليًّا، للجهد الذي بدأناه في مصر حيث تزايد الدعم الشعبي الكبير للإصلاحات الحكومية، وقامت مؤسسات التصنيف الإئتماني الدولية الكبرى بتحسين التصنيف الإئتماني لكل من الحكومة والبنوك التجارية المصرية وعدلت نظرتها المستقبلية للاقتصاد المصري من سلبية إلى مستقرة، وأضحت مصر تشغل المرتبة الثانية على مستوى العالم من حيث ارتفاع العائد على الاستثمار. السيدات والسادة، تولي الدولة المصرية اهتمامًا كبيرًا بتحسين مناخ الاستثمار ليصبح جاذبًا لمزيد من الاستثمارات الأجنبية ومن واقع إدراكنا لحجم التحدي الذي نواجهه في هذا المجال.. تقوم الحكومة بجهد مستمر لاستعادة ثقة المستثمرين الوطنيين والعرب والأجانب في الاقتصاد المصري، والفرص الواعدة التي تتيحها، وأود هنا أن أستعرض أبرز الخطوات التي اتخذتها الحكومة استجابة لمتطلبات المستثمرين: أولاً: قانون الاستثمار الجديد وهو قانون يراعي تطورات أسواق المال واحتياجات المستثمرين. ثانيًا: تطوير آلية لفض المنازعات التي تنشأ بين الحكومة والمستثمرين وطرح العديد من السبل للتوصل لتسويات عادلة قبل الاحتكام للقضاء. ثالثًا: تطوير الشراكة بين القطاعين العام والخاص والذي يعد أكثر المجالات الواعدة لتطوير الاقتصاد المصري لتنفيذ العديد من المشروعات التنموية التي ستساهم في توفير المزيد من فرص العمل وتطوير الكفاءة الإنتاجيةوزيادة الإنتاج. وقد أدت استعادة الاستقرار السياسي وبدء خطوات الإصلاح الاقتصادي المشار إليها إلى تشجيع العديد من كبريات الشركات العالمية على تنشيط استثماراتها في مصر في مختلف المجالات الإنتاجية والخدمية، كما وقعت الحكومة 29 اتفاقًا جديدًا للتنقيب عن البترول والغاز الطبيعي بقيمة أساسية تبلغ ملياري دولار، وتم الإعلان مؤخرًا عن اكتشاف أكبر حقل للغاز الطبيعي في البحر المتوسط، كما انعكست خطوات الإصلاح التي اتخذتها الحكومة المصرية إيجابيًّا على أداء الاقتصاد المصري الذي بدأ يسترد عافيته، وبدأت مؤشرات الأداء الاقتصادي في التحسن بشكل متزايد وهو ما تعكسه التقارير الصادرة عن أداء الاقتصاد المصري التي تشير إلى زيادة الاستثمار الأجنبي المباشر إلى نحو "5.7" مليارات دولار خلال الفترة من يوليو 2014 إلى مارس 2015 فقط، ووصول معدل النمو إلى "4.1%" في 2014 - 2015، ومن المتوقع أن يصل إلى "5.2%" في العام المالي الحالي 2015 - 2016، كما أسفر مؤتمر دعم وتنمية الاقتصاد المصري عن إبرام عقود تقدر قيمتها بثلاثة وستين مليار دولار فضلاً عن التوقيع على مذكرات تفاهم بشأن تنفيذ مشروعات تبلغ قيمتها مائة مليار دولار. أشكركم.. وأؤكد تطلعنا لاستقبالكم قريبا في مصر ضيوفًا أعزاءً لنشهد سويًّا إطلاق مشروعات مشتركة ترسى نموذجًا واعدًا للتعاون وتبادل الخبرات فيما بين الدول النامية.