وزير الدفاع يشهد المرحلة الرئيسية لمشروع مراكز القيادة    زراعة النواب توافق على مشروع موازنة ديوان عام وزارة الري    استمرار أعمال برنامج التوعية بدور الإدارة المتكاملة للمخلفات الصلبة بالدقهلية    بعد تعدد حالات التحرش والخطف.. طلب إحاطة لوقف نشاط شركة أوبر في مصر    اليوم... بدء التشغيل التجريبي ل"التاكسي الكهربائي" داخل العاصمة الإدارية الجديدة    رجال أعمال الإسكندرية تتفق مع وزارة الهجرة على إقامة شراكة لمواجهة الهجرة غير الشرعية    أوامر ملكية بإعفاءات وتعيينات جديدة بالسعودية    الحكومة الكويتية تؤدي القسم وأمير البلاد يوجه كلمة للوزراء الجدد    مدعومة من إحدى الدول.. الأردن يعلن إحباط محاولة تهريب أسلحة من ميليشيات للمملكة    رياضة النواب: لقاء مع 5 وزراء بالحكومة لفض الاشتباك بشأن ولاية مراكز الشباب    الاتفاق السعودي يسعى لضم نجم الدوري الإنجليزي    إصلاح كسر خط وقود وبدء أعمال الضخ في المنيا    إصابة 4 مواطنين في مشاجرة بين عائلتين بالفيوم    جلسة تصوير لطاقم عمل فيلم Le Deuxième Acte بمهرجان كان (صور)    رئيس رابطة الجامعات الإسلامية في جولة تفقدية بمكتبة الإسكندرية.. صور    اعرف قبل الحج.. حكم الاقتراض لتأدية فريضة الحج    صحة المرأة بأسيوط تعلن تركيب اللولب بالمجان أثناء الولادة القيصرية    محافظ جنوب سيناء: تنفيذ 10 محطات تحلية وأنظمة طاقة شمسية لخدمة التجمعات السكانية    عيد الأضحي 2024: متى يبدأ يوم عرفة ومتى ينتهي؟    إصابة عامل صيانة إثر سقوطه داخل مصعد بالدقهلية    المشرف على الحجر الزراعي المصري يتفقد المعامل المركزية بالمطار    ب عروض مسرحية وأغاني بلغة الإشارة.. افتتاح مركز خدمات ذوي الإعاقة بجامعة جنوب الوادي    الحكومة توافق على ترميم مسجدي جوهر اللالا ومسجد قانيباي الرماح بالقاهرة    «الأعلى للإعلام» يهنئ «القاهرة الإخبارية» على فوزها بجائزة التميز الإعلامي العربي    الفنانة سلمى أبو ضيف تعلن خطبتها    على أنغام "حادى بادى" .. المتحدة تحتفل بعيد ميلاد عادل إمام بمشاهد من أعماله    مساعد كلوب في ليفربول يتولى تدريب سالزبورج    وزير التعليم العالي ل النواب: السنة تمهيدية بعد الثانوية ستكون "اختيارية"    «الصحة» تقدم 5 نصائح لحماية صحتك خلال أداء مناسك الحج 2024    ماذا قال مدير دار نشر السيفير عن مستوى الأبحاث المصرية؟    افتتاح مركز خدمات ذوي الإعاقة بجامعة جنوب الوادي    6 يوليو.. بدء امتحانات الفصل الدراسي الثاني بمركز التعلم المدمج ببني سويف    مفتي الجمهورية من منتدى كايسيد: الإسلام يعظم المشتركات بين الأديان والتعايش السلمي    أبرزها «الأسد» و«الميزان».. 4 أبراج لا تتحمل الوحدة    أمين الفتوى: الصلاة النورانية لها قوة كبيرة فى زيادة البركة والرزق    الإفتاء توضح حكم الطواف على الكرسي المتحرك    صور.. كريم قاسم من كواليس تصوير "ولاد رزق 3"    الأمم المتحدة: أكثر من 7 ملايين شخص يواجهون خطر انعدام الأمن الغذائي بجنوب السودان    تحرير (148) مخالفة للمحلات التى لم تلتزم بقرار الغلق خلال 24 ساعة    "التعاون الإسلامي" تؤكد دعمها الثابت لحقوق الشعب الفلسطيني    حكم وشروط الأضحية.. الإفتاء توضح: لا بد أن تبلغ سن الذبح    «الأمن الاقتصادي»: ضبط 13238 قضية سرقة تيار كهربائي ومخالفة لشروط التعاقد    "النقد الدولي" يوافق على قروض لدعم اقتصاد غينيا بيساو والرأس الأخضر    للنهائى الأفريقي فوائد أخرى.. مصطفى شوبير يستهدف المنتخب من بوابة الترجى    «حياة كريمة» تطلق قافلة تنموية شاملة إلى قرية شماس بمركز أبو النمرس    الصحة تشارك في اليوم التثقيفي لأنيميا البحر المتوسط الخامس والعشرين    ضبط 123 قضية مخدرات في حملة بالدقهلية    أحمد مجدي: السيطرة على غرفة خلع ملابس غزل المحلة وراء العودة للممتاز    6 ميداليات لتعليم الإسكندرية في بطولة الجمهورية لألعاب القوى للتربية الفكرية والدمج    بعد الصين.. بوتين يزور فيتنام قريبا    سؤال يُحير طلاب الشهادة الإعدادية في امتحان العربي.. ما معنى كلمة "أوبة"؟    الداخلية: سحب 1539 رخصة لعدم وجود الملصق الإلكتروني خلال 24 ساعة    تشاهدون اليوم.. نهائي كأس إيطاليا وبيراميدز يستضيف سيراميكا    «إكسترا نيوز»: قصف مدفعي إسرائيلي عنيف على عدة مناطق في رفح الفلسطينية    النائب إيهاب رمزي يطالب بتقاسم العصمة: من حق الزوجة الطلاق في أي وقت بدون خلع    قيادي ب«حماس»: مصر بذلت جهودا مشكورة في المفاوضات ونخوض حرب تحرير    بشرى سارة للجميع | عدد الاجازات في مصر وموعد عيد الأضحى المبارك 2024 في العالم العربي    ريال مدريد يكتسح ألافيس بخماسية نظيفة في ليلة الاحتفال بالليجا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تراجع مصر إفريقيا وأسطورة تغير الرؤساء
نشر في التحرير يوم 15 - 08 - 2015

تصدر الرئيس الأمريكى باراك أوباما عقب جولته الأخيرة إلى إفريقيا والتى اختتمت يوم 28 يوليو الماضى، كل رؤساء الولايات المتحدة من حيث عدد مرات زيارة القارة الإفريقية.
ولا يعكس هذا الاهتمام الواضح، وغير المسبوق، من قبل أوباما بإفريقيا حنينا إلى أرض الأجداد، حيث ينتمى والده إلى كينيا، أو محاولة لتعويض القارة عن الظلم التاريخى الذى عانته جراء فقدانها جزءا مهما من قوتها الشابة عبر تجارة الرقيق التى صبت بشكل أساسى فى دعم بناء القوة الأمريكية، بقدر ما يمثل، أى هذا الاهتمام، جزءا من التنافس الأمريكى-الصينى على الوصول إلى ثروات القارة السمراء، لتعزيز قدراتهما الصناعية والتنافسية. وبغض النظر عمن من القوتين سيمكنه خلال السنوات المقبلة جذب القارة السمراء إلى فلكه، فقد أضحى جليا أن إفريقيا باتت قبلة من يبغى تعزيز نموه الاقتصادى.
وإذا كانت القاهرة عُدت فى ستينيات القرن العشرين بمثابة الشمس فى النظام الإفريقى البازغ آنذاك، والكعبة التى يحج إليها كل المناضلين الأفارقة من أجل استقلال دول القارة وتحررها، فإنه لم يعد ممكنا، فى ظل هذا التافس المحموم على إفريقيا، القبول باستمرار التراجع الذى أصاب مكانة مصر ودورها فى القارة طوال ما يزيد على أربعة عقود متواصلة، خاصة وأن التحديات النابعة من هذا الفضاء الإفريقى باتت تمس ركائز الامن القومى المصرى، بقدر ما تعد الاستفادة من الفرص التى تتوفر فى هذا الفضاء شرطا مهما لتحقيق الطموح التنموى المصرى الراهن:
1- التحدى المائى الذى باتت مصر تواجهه بسبب التطلعات التنموية لدول حوض النيل والذى يدفعها، عن حُسن نية من قبل البعض أو عن مكرٍ مُبيت من قبل البعض الآخر يستهدف الإضرار بمصر ومكانتها ومصالحها، للمطالبة بمراجعة نظام الحصص التاريخى. وفى الواقع، فإن هذا التحدى لا ينفصل عن سعى الصين وأطراف أخرى، بعضها عربى، لاستغلال ثروات الحوض المائية وأراضيه ليكون سلة غذاء عالمية، الأمر الذى من شأنه حتما الضغط على موارد الماء المتصرفة فعليا من الحوض حاليا. وفى التحليل الأخير، يبدو أن مياه النيل لم تعد بعيدة عن أى مخططات قد تستهدف الضغط على مصر أو تقويض مكانتها.
2- سعى مصر لتأسيس مركز صناعى عالمى فى محور قناة السويس لا يمكنه أن يبلغ غاية العالمية من دون الاعتماد على موارد المواد الخام الإفريقية الضخمة، والتى يمكنها أن توفر لهذا المحور، إذا ما توافرت طرق نقل كفؤة تربطه بمختلف مناطق القارة، ميزة تنافسية مهمة فيما يتعلق بتكلفة النقل، فضلا عن أن تنوع ثروات القارة سيمنح بدوره أى مركز صناعى فى محور القناة تنوعا يجعله قبلة حقيقية للتجارة الدولية، بينما سيتيح تسارع معدلات النمو فى القارة السمراء خلق سوق مهمة وقريبة لمثل هذا المركز الصناعى.
ترد الأغلبية الغالبة من التحليلات المصرية التى عنيت بتفسير تراجع مكانة القارة الإفريقية فى السياسة المصرية عما كان عليه الحال فى خمسينيات وستينيات القرن العشرين، إلى تغير شخوص الرؤساء المصريين واختلاف توجهات كلا منهم تجاه القارة. وفى الواقع فإنه رغم ما يبدو من ارتباط ظاهرى يعزز هذا التفسير، فإنه يغفل فى الواقع حقيقة هيكلية ثابتة فى السياسة المصرية منذ ثورة 23 يوليو 1952، ألا وهى تحول إفريقيا لتصبح فضاء لممارسة النفوذ السياسى بأكثر مما باتت تعد شريكا تنمويا. يلاحظ فى هذا السياق، أن نظام يوليو تحول سريعا، بعد استقلال السودان فى يناير 1956، عن مواصلة تبنى التوجه التنموى الذى طالما حكم علاقة الدولة المصرية بجنوبها الإفريقى منذ العصور الفرعونية القديمة، وبات نظام يوليو يتعاطى مع فى القارة الإفريقية بعدها، فى المقام الأول، فضاءً لصراعه السياسى مع القوى الاستعمارية الأوروبية بأكثر منها شريكا تنمويا. ويمكن تفسير ذلك بعاملين:
1- تجنب إتاحة فرصة أمام القوى الاستعمارية لتخريب أى علاقة اعتماد متبادل تنموية وثيقة الوشائج بين مصر ودائرتها الإفريقية بما قد يضر فى التحليل النهائى بالمشروع التنموى لنظام الثورة. ويتجلى ذلك فى اختيار إنشاء مشروع السد العالى داخل حدود الدولة المصرية، ومحاولة التحرر قدر الإمكان من الاعتماد فى توفير احتياجات مصر المائية على تطوير مشروعات مائية كبرى فى دول حوض النيل.
2- تحرير دور مصر الرائد فى دعم تحرر دول القارة واستقلالها، من أى شبهة استغلال يمكن أن تروج فى ظل توسع الدور المصرى فى القارة، وتحاول أن تماهى بينه وبين ما كانت عليه أدوار القوى الاستعمارية فيها.
إلا أنه مع تحول أولويات التحالفات السياسية لمصر، عقب نكسة يونيو 1967، والأزمة المالية العنيفة التى واجهتها الدولة المصرية إثرها، تراجعت مكانة إفريقيا على أجندة السياسة المصرية لمصلحة أولويات سياسية أخرى، بينما عزز تخلى الدولة المصرية عن أى توجه تنموى حقيقى مماثل لما كان عليه الحال فى الخمسينيات والستينيات، افتقار السياسة المصرية لأى رؤية تنموية تؤسس علاقات شراكة ومنفعة متبادلة مع القارة الإفريقية. واليوم إذ تقف مصر أمام سؤال التنمية وتحدياتها، فإن أى إجابة كفؤة على هذا السؤال لا يمكنها إغفال أهمية استعادة المكانة التنموية لإفريقيا فى السياسة المصرية من خلال ثلاثة مداخل: أولها، تطوير خريطة دقيقة وشاملة للموارد والفرص الاستثمارية المتاحة فى القارة ودولها والتى يمكنها أن تتكامل مع اى مشروع تنموى مصرى؛ وثانيا، تطوير البنية الأساسية التى تربط مصر بفضائها الجنوبي؛ وأخيرا، إدارة مشروعات التنمية الكبرى التى تتبناها مصر بعدها فضاءات للتكامل مع الدائرة الإفريقية وليست أداة للانغلاق على الذات مجددا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.