أصدرت محكمة استئناف طرابلس في وقت سابق اليوم الثلاثاء، حكما غيابيا بإعدام سيف الإسلام نجل معمر القذافي بتهم ارتكاب جرائم حرب تشمل قتل متظاهرين خلال الاحتجاجات عام 2011 التي انتهت بإسقاط القذافي. وقال رئيس قسم التحقيقات بمكتب النائب العام بالعاصمة طرابلس، إن "المحكمة حكمت أيضا بالإعدام رميا بالرصاص على سبعة مسؤولين سابقين آخرين في نظام القذافي بينهم رئيس المخابرات السابق عبد الله السنوسي ورئيس الوزراء السابق البغدادي المحمودي". وحكمت المحكمة ببراءة أربعة من المتهمين الذين بلغ عددهم الإجمالي 37 شخصا في حين صدرت أحكام قصيرة ومتفاوتة بالسجن على الباقين. ووجهت إلى المتهمين تهم تتراوح بين استخدام القوة المفرطة ضد متظاهرين غير مسلحين فضلا عن الفساد. قانون العفو وبعد ساعات قليلة على إصدار محكمة استئناف العاصمة الليبية طرابلس، أحكاما مشددة بالإعدام على سيف الإسلام وبعض المسؤولين السابق في النظام السابق، أقر مجلس النواب المعترف به دوليا قانونا للعفو العام. وقالت مصادر ليبية رسمية، "إن القانون الجديد جاء في إطار ما وصفته ب "المماحكات السياسية بين البرلمان الشرعي والسلطات غير المعترف بها دوليا والتي تسيطر على مقاليد الأمور في العاصمة الليبية طرابلس". وصوت 99 نائبا من أصل 200 نائب، منهم عشرين في حكم المنقطعين نهائيا عن حضور جلسات لمجلس، لصلح القانون الجديد الذي صدر خلال جلسة عقدها المجلس بمقره المؤقت بمدينة طبرق في أقصى الشرق الليبي، وفقا لما أعلنه النائب طارق الجروشي.
ونصت المادة الأولى من القانون على "العفو العام والشامل على كل الليبيين منذ تاريخ 15 فبراير عام 2011 وحتى تاريخ اليوم". واشترط القانون "تقديم تعهد مكتوب من قبل المعفي عنه يفيد بعدم عودته للإجرام مرة أخرى وإرجاع المال محل الجريمة إضافة إلى التصالح مع المجني عليه وولي الدم بالنسبة للقتل". كما استثنى القانون من اسماهم بمجرمي الإرهاب ممن نص عليهم قانون الإرهاب الذي اعتمده مجلس النواب أخيرا، بالإضافة إلى تجار المخدرات والمتهمين في جرائم اغتصاب وهتك العرض بالقوة، والقتل علي الهوية و الخطف و التعذيب، وجرائم الحدود الشرعية، جرائم الفساد بأنواعه. اعتراض أممي على الإعدام وفي نفس السياق، أعربت بعثة الأممالمتحدة للدعم في ليبيا، عن قلقها إزاء أحكام الإعدام الصادرة، اليوم، عن محكمة جنايات طرابلس بحق تسعة من مسؤولي نظام القذافي. وقالت البعثة في بيان لها «يُعد الحكم الصادر في محاكمة 37 من المسؤولين السابقين في نظام القذافي، والذي أعلنته محكمة جنايات طرابلس اليوم مبعثًا للقلق البالغ؛ حيث أن المحاكمة لم تستوف المعايير الدولية للمحاكمة العادلة في عدد من الجوانب بحسب ما قال كلاوديو كوردوني، رئيس قسم حقوق الإنسان والعدالة الانتقالية وسيادة القانون لدى بعثة الأممالمتحدة للدعم في ليبيا». وأشار البيان إلى أن نجل القذافي تمت محاكمته بالمحكمة من خلال «الفيديو» من الزنتان بأربع جلسات فقط من أصل 24 جلسة، لم تمتثل ليبيا لقرار المحكمة الجنائية الدولية بتسليمه. وأكد البيان أن البعثة ستقوم بمراجعة الحكم حال نشره كاملاً خلال الفترة المقبلة قبل الانتهاء من تقييمها الكامل للمحاكمة، وأنها تؤكد على أهمية إدخال الإصلاحات القانونية لتعزيز معايير حقوق الإنسان وسيادة القانون. تدمر المناخ السياسي رفض أحمد قذاف الدم، المسؤول البارز في حكم القذافي، الحكم، قائلا، إن "ما يحدث هو أن عصابات تمارس الإجرام وتحكم بالإعدام خارج القانون أمام المجتمع الدولي الذي لا يزال صامتا". وأضاف إن "هذه الأفعال تنسف بشكل نهائي كل أمل في الحوار والتقارب، وتفتح الباب على مصراعيه لعودة العنف بكل أشكاله"، مضيفا أنه يتوقع ردود أفعال "تأكل الأخضر واليابس". وحمل قذاف الدم السلطات الليبية مسؤولية سلامة 40 ألفا من الرجال والنساء، الذين تغص بهم السجون الليبية "دون وجه حق ولا محاكمة عادلة" على حد قوله. انتقاد حقوقي وانتقد أحمد عبد الحكيم حمزة، مقرر اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان بليبيا، تلك الأحكام، معربا في حديث عن استيائه من منطوق الأحكام الصادرة عن محكمة استئناف طرابلس. و قال حمزة، هي أحكام تعسفية، وذات طابع انتقامي وتتنافي مع أسس وقواعد المحاكمات العادلة. وأضاف، محاكمات رموز وقيادة وأنصار النظام السابق ما هي إلا محاكمات سياسية ومحاكمات انتقائية وانتقامية بحتة، تعيق وتعرقل مشروع المصالحة الوطنية الشاملة وتحقيق الوفاق الوطني والاجتماعي لإحلال السلام والاستقرار بليبيا. وقال عضو مجلس النواب الليبي، طارق الجروشي، إن أعضاء البرلمان غير راضيين عن الأحكام التي صدرت من محكمة في طرابلس اليوم ضد رموز نظام القذافي و التي وصلت للإعدام. وأضاف الجروشي، أن طرابلس خاضعة لحكومة موازية و مليشيات فجر ليبيا بالتالي جميع المؤسسات الحكومية هناك غير قادرة حاليا علي أداء واجبها بشكل صحيح في ظل حكم السلاح. تنديد قومي وندد حزب التيار الشعبي التونسي ذو التوجهات القومية الناصرية، بالأحكام. وقال عضو المكتب السياسي في التيار محسن النابتي، في تصريحات صحفية له "إن التيار الشعبي يرفض رفضا قاطعا ما سمي بحكم الإعدام الذي أصدرته المليشيات الإرهابية التي تسيطر على طرابلس في حق البغدادي المحمودي رئيس الوزراء السابق في ليبيا و سيف الإسلام القذافي، وغيرهم ويعتبرها عملية اغتيال لهم". وطالب النابتي، المجتمع الدولي بالضغط على قوات فجر ليبيا التي وصفها ب"الإرهابية" للتراجع عن ما أسماه "عملية الاغتيال المزمع تنفيذها بناء على مهزلة سميت محكمة". المرزوقي يتبرأ من جانبه أصدر المنصف المرزوق، الرئيس التونسي السابق بيانا تبرأ فيه من مسؤولية تسليم "المحمودي" رئيس وزراء نظام القذافي إلى السلطات الليبية قبل أكثر من عامين. ودعا "المرزوقي" في بيانه الذي نشره على صفحته الرسمية على موقع التواصل فيسبوك، في وقت سابق، "السلطات الليبية عدم تنفيذ الحكم الصادر ضد المحمودي نظرا لتبعاته السلبية الكثيرة على صورة ليبيا وعلى حظوظ الحوار الوطني الليبي". كما ذّكّر المرزوقي بأنه "رفض الموافقة على تسليم المحمودي حتى ضمان شروط محاكمة عادلة خلال أداء مهامه كرئيس جمهورية وأن تسليمه تم دون علمه ودون موافقة "مكتوبة أو شفوية منه" وذلك من طرف رئيس الحكومة والوزراء المباشرين للقضية ما أدى إلى أزمة في منظومة الحكم حينها أوشك خلالها على تقديم استقالته". أما دوليا فقد أعلنت مفوضية الأممالمتحدة لحقوق الإنسان، اليوم أنها "منزعجة بشدة لأحكام الإعدام الصادرة في ليبيا على مسؤولين سابقين في نظام معمر القذافي". و في بيان لها نشر علي موقعها الرسمي قالت المفوضية الأممية "راقبنا عن كثب الاحتجاز والمحاكمة ووجدنا أن معايير المحاكمة الدولية النزيهة لم تتوفر". واشارت المفوضية إلى "عدم تحديد المسؤولية الجنائية لكل فرد وعدم السماح للمتهمين باستشارة المحامين ومزاعم عن سوء المعاملة وإجراء المحاكمة غيابيا". النيابة تدافع وردا على كل ذلك دافع الصديق الصور، رئيس قسم التحقيقات بمكتب النائب العام ممثل النيابة في الدعوى ضد مسؤولي النظام السابق، عن الأحكام الصادرة اليوم، مؤكداً أن من "حكم عليهم بالإعدام اليوم بإمكانهم الطعن في الحكم خلال 60 يومًا". وقال الصور، في تصريحات صحفية تناقلتها وسائل الإعلام الليبية أن " المحاكمة بدأت من نوفمبر 2011 وتعاقبت عليها الحكومات والسلطات التشريعية ولم تتدخل أي منها في عمل القضاء". وأشار إلي أن "حكم المحكمة اليوم لم يأت هباء فقد جاء بناء على نتائج التحقيقات التي بدأت من نوفمبر 2011 وما حوته من عشرات المستندات المقدمة للنيابة وأيضًا شهود النفي سواء الذين قدموا شهادات مكتوبة أو تم حضورهم شخصيًا للمحكمة وكافة الضمانات المنصوصة في قانون الإجراءات الجنائية". ويحتجز فصيل مسلح في الزنتان سيف الإسلام والذي اعتقله مسلحون بالقرب من بلدة أوباري جنوب غرب البلاد عام 2011 ويرفض تسليمه. وكان سيف الإسلام يبحث عن طريق آمنة للهروب الى النيجر مع عدد من مرافقيه. وتشير تقارير إلى أن المسلحين قطعوا بعض أصابع يد سيف الإسلام اليمنى التى لوح بها للمتظاهرين مهددا. جدير بالذكر أن شقيق سيف الإسلام الأصغر الساعدي القذافي يحاكم أمام محكمة في طرابلس ايضا بعد اعتقاله جنوب البلاد.