ناقشت حلقة اليوم من برنامج "60 دقيقة مع دينا عبد الفتاح"، الذي تقدمه الإعلامية دينا عبد الفتاح، على إذاعة راديو مصر الموازنة العامة للعام المالي الجديد الذي بدأ مطلع يوليو الحالي، والمركز المالي للدولة في ظل تفاقم أزمة المديونية واضطرار الحكومة للاستمرار في برامج الاصلاح والضبط المالي لتقييد النمو في عجز الموازنة بما يخفف الضغوط علي الدين العام. وأوضحت الإعلامية، أن الحكومة بذلت جهودًا واضحة في ضغط نفقات الموازنة قبل إقرارها لتخفيض معدلات العجز ومن ثم اللجوء للاقتراض الداخلي والخارجي لتمويل هذا العجز. وأشارت إلى أن إجمالي مصروفات الموازنة خلال العام الجديد تبلغ 864 مليار جنيه، بينما من المتوقع أن تصل إجمالى إيرادات الحكومة التى يتم تجميعها من خلال الضرائب والجمارك وقناة السويس وغيرها من المصادر إلى 622 مليار جنيه، وبالتالي يصل العجز النقدى للدولة خلال العام المالى الجاري إلى 242 مليار جنيه، وهو الفارق بين المصروفات والإيرادات، يضاف إليه صافي حيازة الأصول بقيمة سالبة 9 مليار جنيه ليصل إجمالى العجز الكلي في موازنة الدولة إلى 251 مليار جنيه. ولفتت، إلى أن الديون النقدية التي يتحملها كاهل الدولة خلال الفترة الحالية، هي نتاج التركة الثقيلة لأنظمة الحكم السابقة والحكومات الماضية، ولاستمرار الدولة في العمل لسنوات طويلة بدون مخططات واضحة، فضلاً عن تدنى حجم الاستثمارات، مشيرةً إلى أن الحكومة إضطرت خلال الفترة الحالية للتوجه لترشيد الإنفاق وتحديد سياسات الدعم بعد أن إرتفع الدين العام إلى 2.3 تريليون جنيه. وأوضحت، أن خطورة ارتفاع الدين العام إلى هذا الحد تكمن في إجمالي قيمة الفائدة التى تتحملها الدولة على تلك المديونيات والتي تصل إلى 240 مليار جنيه سنويا، ومع هذا الارتفاع المتنامي فى قيمة الدين العام تخطت مصر الحدود الآمنة المتعارف عليها والتي تدور حول 60% من إجمالى الناتج المحلي الإجمالي في حين أن نسبة الدين العام المصري إلي الناتج حاليا وصلت إلي 92%. وفى هذا الإطار، أجرت "دينا" اتصالاً هاتفيًا برئيس مصلحة الضرائب المصرية عبد المنعم مطر، لاستعراض خطة العام المالى الجديد في ظل عجز الموازنة خلال الفترة الحالية، الذي أوضح أن هناك خطة جديدة للمصلحة فى حصر المجتمع الضريبى تقوم على الاعتماد على سياسات التوسع الأفقى علي حساب التوسع الرأسي، بمعني تركيز المصلحة علي زيادة أعداد الممولين للضرائب بدلا من الاتجاه لفرض ضرائب جديدة علي نفس الشرائح التي يشملها المجتمع الضريبي. وأشار إلى أن الحكومة تدرس إقرار قانون القيمة المضافة، أو الاتجاه لتعديل ضرببة المبيعات خلال الفترة المقبلة، كما لفت إلى تطورات المصلحة بدراسة ضم القطاع غير الرسمي والاستفادة منه، حيث تقوم المصلحة خلال الفترة الحالية بتفعيل سياسات الربط والعمل المشترك مع كافة المصالح والهيئات الحكومية لتنظيم قواعد المعلومات بشأن القطاعات الاقتصادية غير الرسمية وإدخالها للمنظومة الضريبية بالدولة. وفيما يتعلق بتركة الديون الثقيلة التي تتحملها الدولة خلال الفترة الحالية، أوضحت أن هذه التركة تأتي نتاجا لكافة الحكومات والأنظمة السابقة للحكم بداية من سنة 1952 وحتى الآن، ولا يمكن أن يتم تحميلها على حكومة معينة، إلا أن الرئيس الأسبق حسنى مبارك يعتبر من أكثر الرؤساء التى تزايدت فى عهدهم حجم الديون المحلية والخارجية على الدولة بشكل كبير، فمع بداية حكمه سنة 1981 كانت إجمالى ديون مصر تقدر بنحو 30 مليار دولار، ومع نهاية حكمه خلال 2011 بلغت إجمالى الديون المحلية والخارجية على عاتق الدولة نحو 1000 مليار جنيه أى تريليون جنيه. وأكدت أن ارتفاع الدين العام إلى 2.3 تريليون جنيه خلال الفترة الحالية أي ما يقارب 2300 مليار جنيه، يرجع بالأساس إلى حالة الإضطراب الكبرى التى شهدتها الأوضاع الاقتصادية للدولة عقب ثورة 25 يناير 2011، حيث أدى ارتفاع المطالب الفئوية وزيادة الضغط على الحكومات التى تولت إدارة شئون الدولة خلال تلك الفترة إلى رفع قيمة الدين العام بعدما إضطرت تلك الحكومات للإستجابة للمطالب الشعبية والفئوية المتزايدة لتصل إجمالى الديون إلي هذا الحجم، حيث لم يكن هناك حكومات رادعة تتمكن وضع سياسات ضابطة للتحرك المالى للدولة، الأمر الذى يتطلب الآن وضع خطط أكثر جدية يتحدد خلالها توجهات الدولة والمواطنين وأولويات الإنفاق والدعم المستحق لتمكين الحكومة من تحقيق معدلات النمو المستهدفة دون مزيد من الضغط علي الدين العام. وبشأن سياسات الدعم فى الموازنة الجديدة للدولة، والتي تمثل أحد أهم وأبرز البنود بداخلها، وأوضحت "عبد الفتاح" إرتفاع قيمة الدعم في الموازنة الجديدة مقارنة بالعام الماضي، حيث تصل قيمة الدعم خلال العام المالى الجديد إلى 231 مليار جنيه مقارنة بالعام المالي الماضى والذي وصلت خلاله قيمة الدعم إلى 200 مليار جنيه، كما إرتفعت النفقات الاجتماعية خلال العام الحالى إلى 427 مليار جنيه بدلا من 383 مليار جنيه عن العام المالى السابق. وتابعت: أنه على الرغم من تخفيض الحكومة للدعم الموجه على قطاع البترول بقيمة 34 مليار جنيه تقريبا، إلا أنها إتبعت سياسات جديدة فى توجيه الدعم بصورة صحيحة، حيث سيتم ضخ أموال الدعم فى قطاعات الصحة والتعليم إلى جانب البرامج الاجتماعية الداعمة للفئات المهمشة ومحدودى الدخل، ومنها على سبيل المثال برنامج "كرامة وتكافل" الذى تطلقه وزارة التضامن الاجتماعى ويتم دعمه بقيمة 5 مليار جنيه وفقا لبنود الموازنة الجديدة. وتعتبر قناة السويس أحد أهم الموارد التى ستضيف للموازنة إيرادات جديدة ستصل إلى 20 مليار جنيه خلال العام الحالى، فضلا عن 17.5 مليار جنيه إجمالى ما تقدمه القناة فى صورة الضرائب، ويضاف إلى ذلك الإيرادات الدولارية والتى تدعم قيمة الاحتياطى النقدى الأجنبى للدولة بشكل رئيسى والتى ستصل لأكثر من 6 مليار دولار. وأكدت "عبد الفتاح"، على أهمية تفهم المواطن للبنود الجديدة التى تحملها الموانة العامة للدولة، وسياساتها فى الدعم والإنفاق، خاصة وأن المواطن يمثل الهيكل المحورى الذى تقوم عليه مخططات الدولة، كما يشارك فى صنع القرار خلال الفترة الحالية، مشيرةً لأهمية المُطالبة بإعادة النظر فى سياسات الدعم وصور توجيهها حتى تتمكن الدولة من توصيل الدعم لمستحقيه. وفيما يتعلق بمخططات الدولة للعام المالى الجديد، كشفت عن استعداد الحكومة بثلاثة خطط جديدة خلال هذا العام، الخطة الأولى قصيرة المدى لمدة عام واحد، وتقوم على رفع معدلات النمو إلى 5%، وزيادة قيمة الاستثمار إلى 417 مليار جنيه، إلى جانب تخفيض معدلات البطالة لتصل إلى 11.8% مقارنة بقيمتها الحالية التي تدور حول 12.8%. أما الخطة الثانية متوسطة الأجل وتستمر 4 سنوات بدءًا من العام المالي الحالي 2015/2016 وحتى العام المالي 2018/2019 وتقوم على رفع معدلات النمو إلى أكثر من 6%، وتخفيض معدلات الفقر لتصل إلى 17% بدلا من 25% ، فضلاً عن تخفيض معدل البطالة لأقل من 10% ، إلى جانب توفير 3.3 مليون فرصة عمل جديدة للشباب. وتتمثل الخطة الثالثة في رؤية مصر خلال 2030 المقبل، والتي تستهدف وضع مصر ضمن أفضل 30 دولة على مستوى العالم وذلك على مستوى التنمية الاقتصادية والتي تحتل مصر فيها المركز ال 41، وكذلك على مستوى تنافسية الأسواق التي تحتل مصر فيها المركز ال 118 على الرغم من تزايد التعداد السكانى بمصر وتصنيفها ضمن أفضل الأسواق الإستهلاكية الكبرى، إلى جانب مكافحة الفساد والذى يصل ترتيبنا فيه إلى 114 على مستوى دول العالم. وتستهدف الحكومة وفقا لرؤيتها خلال 2030 القادم رفع مستوى الدولة في مجال إسعاد المواطنين، حيث يصل ترتيب مصر بين دول العالم إلى 130 فى سعادة المواطنين، بينما نجحت دبى للوصول إلى المركز الأول في إسعاد المواطن خلال العام الماضى بفضل قدرتها على التخطيط والعمل والإدارة، ويصل ترتيب مصر فى التنمية البشرية إلى 110 على مستوى العالم، على الرغم من ارتفاع نسبة الشباب بين أعمال المواطنين بالدولة، وهو ما يؤكد أن مصر لديها قوة وطاقة كامنة تستطيع أن تبني عليها خطط المستقبل للوصول إلى وضع أفضل في التنافسية بين دول العالم.