أعلنت وزارة المالية مؤخرًا عن تفاصيل الموازنة العامة للدولة، للعام المالي الجديد 2013 - 2014، عقب مطالبة عدد من الاقتصاديين بكشف تفاصيل الموازنة وعرضها للجمهور وعمل حوار مجتمعي حولها. وأظهرت تفاصيل الموازنة وجود عدد من ''القنابل الموقتة'' التي تهدد تنفيذ الخطة المالية الخاصة بالعام الجديد، سواء على جانب الايرادات المتوقعة والتي قدرت بنحو 497 مليار جنيه، أو في بنود الانفاق والتي قدرت ب 692.4 مليار جنيه.
طموح الضرائب
توقعت الموازنة العامة الجديدة تحقيق ايرادات ضريبية تصل إلى 359.6 مليار جنيه، من إجمالي الايرادات المتوقعة للدولة، مقارنة بنحو 266.9 مليار جنيه خلال موازنة 2012 - 2013، بنسبة ارتفاع تتجاوز 33.7%.
كما ذكر في الموازنة الجديدة أن عوائد ضريبة المبيعات سترتفع بنحو 15% مقارنة بالعام المالي الماضي.
وأشار مشروع الموازنة العامة إلى أن حصيلة الضرائب ستمول ما يزيد عن 70% من إيرادات الدولة خلال العام المالي الجديد، ما يجعلها المصدر الرئيسي الذي ستعتمد عليه الحكومة خلال العام المالي الجديد للحصول على التمويل اللازم للإنفاق على كل أوجه الحياة في مصر.
ولكن.. تثير احتمالية استمرار الوضع الاقتصادي المتردي، وأزمة الغياب الأمني، وحقيقة اغلاق نحو 1400 مصنع أبوابهم منذ ثورة 25 يناير، المخاوف من عدم تحقيق المعدل المستهدف من الضرائب، وبالتالي ارتفاع عجز الموازنة بشكل أكبر من المعلن في مشروع الموازنة.
وكان ممدوح عمر، رئيس مصلحة الضرائب، قد أعلن أمس الخميس، عن تحقيق حصيلة بقيمة 157 مليار جنيه خلال الفترة من أول يوليو 2012 وحتي 30 إبريل الماضي، أي قبل شهرين من نهاية العام المالي الحالي، والذي ينتهي في 30 يونيو 2013.
وكان الدكتور أحمد النجار الخبير الاقتصادي قد هاجم خلال مقاله الأخير الذي نشره على صفحته الشخصية بموقع التواصل الاجتماعي ''تويتر''، اعتماد الموازنة على عائدات الضرائب قائلًا: ''ويتضح ذلك من استعراض الخطوط العامة لهذه الموازنة التي تأتي بإيراداتها من حقوق الدولة في الموارد الطبيعية والشركات العامة القديمة وهي حقوق مملوكة لكل المواطنين بالتساوي وبالتالي تعود غاليبتها الساحقة للفقراء والطبقة الوسطى''.
وتابع: ''كما أن الضرائب التي سترتفع حصيلتها من 267 مليار جنيه، إلى 357 مليار جنيه، يتم تحصيلها من الفقراء والطبقة الوسطى أساسا، حيث أن أرباح الرأسماليين من ملكيتهم للأسهم في شركاتهم المدرجة في البورصة، معفاة من الضرائب بحكم القانون''!.
الديون ومستويات قياسية
أظهر مشروع الموازنة العامة للدولة، أن فوائد ديون مصر ستصل خلال العام المالي الجديد إلى 182 مليار جنيه، مقارنة ب 138 مليار جنيه خلال العام المالي الماض، لترتفع بنحو 36%..
وتستحوذ فوائد الديون على نحو 25% من حجم المصروفات العامة للدولة، وتقوم مصر بسداد فوائد وأقساط الدين خلال شهري يناير ويوليو من كل عام. وأشار النجار أن مجموع ما سوف تستدينه الحكومة خلال العام المالي سوف يتجاوز 312 مليار جنيه، ليصبح إجمالي ما اقترضه الدكتور محمد مرسي منذ توليه الرئاسة أكثر من 601 مليار جنيه، وإذا خصمنا 207,5 مليارات جنيه قيمة ما سدده وسيسدده خلال العامين من ديون عامة، فإن صافي ديونه الإضافية يصبح 393,5 مليار جنيه في عامين فقط. بينما ديون مبارك بعد 30 عاما في الحكم، بلغت نحو 962 مليار جنيه ديون داخلية في أول عام 2011، بينما كانت ديونه الخارجية نحو 35 مليار دولار''.
كما تحدث النجار أن مرسي تسلم الحكم وديون مصر الخارجية تبلغ 34,4 مليار دولار، وبعدها اقترض من إمارة خليجية صغيرة 4 مليارات دولار، أعقبتها 3 مليارات أخرى تم الاتفاق عليها، ثم اتفق على 2,5 مليار دولار كقروض من بنك التنمية الإسلامي وتم سحب مليار منها، واقترض مليار دولار من تركيا، ثم اقترض 2 مليار دولار من ليبيا مقابل تسليمها عدد من اللاجئين السياسيين''.
توقعات متفائلة للعجز اعلنت وزارة المالية خلال مشروعها للموازنة العامة للدولة، في العام المالي الجديد، أن عجز الموازنة كان من المفترض أن يصل إلى أكثر من 300 مليار جنيه، لولا انتهاج المالية لعدد من الاجراءات، التي ستصل بالعجز إلى نحو 197 مليار جنيه. ( للاطلاع على اجراءات التوفير).
وقدرت وزارة المالية العجز (الفارق بين الايرادات والمصروفات) في موازنة العام الحالي بنحو 145 مليار جنيه، الإ أن التقديرات الحالية تشير إلى اقتراب الرقم الحقيقي مع نهاية العام المالي في يونيو القادم، إلى نحو 220 مليار جنيه.
وتكمن أزمة ارتفاع عجز الموازنة في اتجاه الحكومة إلى الاقتراض الداخلي والخارجي في محاولة لسد الفجوة التمويلية، وهو ما يلقي بظلاله على ارتفاع مخصصات سداد فوائد وأقساط الديون، وتراجع الأموال المخصصة لباقي بنود الموازنة، وخاصة المصروفات الموجهة للجوانب الاجتماعية والخدمية والاستثمارية.