المجلس الأعلى للشئون الإسلامية: الطفولة تمثل جوهر البناء الإنساني    القومي لذوي الإعاقة يحذر من النصب على ذوي الاحتياجات الخاصة    سرعة تنفيذ مشروعات «حياة كريمة» |مدبولى: التعليم والصحة وتحسين الخدمات أولوية    محلل أسواق: تراجع التضخم يعزز فرص خفض الفائدة في مصر ويضخ زخمًا جديدًا بالبورصة    الطرق والنقل بالإسماعيلية تبدأ في أعمال تطهير غرف صرف مياه الأمطار    2.4 مليار دولار تنتظر المراجعتين الخامسة والسادسة لبعثة الصندوق    الاحتلال يوقف استهداف مبنى في بلدة يانوح بعد تدخل الجيش اللبناني    وزير الخارجية يبحث تعزيز العلاقات الثنائية المشتركة بين مصر والإمارات    استشهاد وإصابة 30 فلسطينيا في قصف إسرائيلي غرب مدينة غزة    اغتيال رائد سعد القيادي في كتائب القسام    انطلاق مباراة بيراميدز وفلامنجو في نصف نهائي كأس القارات للأندية    الزملوط يتابع استعدادات ختام مهرجان الرياضات التراثية بالوادي الجديد    قائمة ريال مدريد لمواجهة ألافيس في الدوري الإسباني    ضبط ولي أمر طالبة بتهمة التعدي على موظفة مدرسة بالعمرانية    ضبط 23 شركة سياحية للنصب على راغبى الحج والعمرة    وفاة طبيب أسنان بالشرقية إثر توقف مفاجئ بعضلة القلب    ليلة أدبية وفنية فلسطينية في بيت الشعر العربي، الأحد    برلماني أوكراني: البعد الإنساني وضغوط الحلفاء شرط أساسي لنجاح أي مفاوضات    الرسالة وصلت    مكتبة الإسكندرية تستضيف "الإسكندر الأكبر.. العودة إلى مصر"    فرحة «هنيدى»    إنفلونزا موسمية أم متحور جديد؟ رد حاسم من مستشار الرئيس للصحة (فيديو)    إعلام عبرى: اغتيال رائد سعد جرى بموافقة مباشرة من نتنياهو دون إطلاع واشنطن    موعد صرف معاشات يناير 2026 بعد زيادة يوليو.. وخطوات الاستعلام والقيمة الجديدة    لماذا يثير محمد صلاح كل هذا الغضب؟    محافظ الغربية يتفقد الشوارع الفرعية بطنطا لمتابعة رفع مياه الأمطار    حبس مدرب أكاديمية كرة القدم بالمنصورة المتهم بالتعدي على الأطفال وتصويرهم    "أزهري يوضح حقيقة العلاج بالقرآن وتحديد عدية للقراءة    نائب محافظ الأقصر يزور أسرة مصابي وضحايا انهيار منزل الدير بمستشفى طيبة.. صور    وفاة والدة الدكتور خالد حمدي رئيس جامعة الأهرام الكندية    جامعة أسيوط تنظم المائدة المستديرة الرابعة حول احتياجات سوق العمل.. الاثنين    حماس تحذر من كارثة إنسانية بعد عواصف غزة    حجز شاب متهم بالتحرش بفتاة داخل ميكروباص في الجيزة    لاعب بيراميدز يكشف ما أضافه يورتشيتش للفريق    «الجمارك» تبحث مع نظيرتها الكورية تطوير منظومة التجارة الإلكترونية وتبادل الخبرات التقنية    إدراج معهد بحوث الإلكترونيات ضمن لائحة منظمة الألكسو لمراكز التميز العربية    كلية الدراسات الإفريقية تنظم ندوة عن العدالة التاريخية والتعويضات    محافظ الغربية يهنئ أبناء المحافظة الفائزين في الدورة الثانية والثلاثين للمسابقة العالمية للقرآن الكريم    مواقيت الصلاه اليوم السبت 13ديسمبر 2025 فى المنيا    بدء الصمت الانتخابي غدا فى 55 دائرة انتخابية من المرحلة الثانية لانتخابات النواب    استعدادات مكثفة بمستشفى أبو النمرس تمهيداً لافتتاحه    وصفة الزبادي المنزلي بالنكهات الشتوية، بديل صحي للحلويات    محافظ أسيوط يفتتح المؤتمر السنوي الثالث لمستشفى الإيمان العام بنادي الاطباء    فيديو.. الأرصاد: عودة لسقوط الأمطار بشكل مؤثر على المناطق الساحلية غدا    تموين الفيوم يضبط محطتين تموين سيارات يتلاعبان في المعيار الخاص بطلمبة سولار    طلعات جوية أميركية مكثفة فوق ساحل فنزويلا    إبراهيم حسن يشيد بإمكانات مركز المنتخبات الوطنية.. ومعسكر مثالي للاعبين    تعرف على إيرادات فيلم الست منذ طرحه بدور العرض السينمائي    جهاز «شئون البيئة» يترأس وفد مصر فى اجتماع جمعية الأمم المتحدة للبيئة فى نيروبى بكينيا    الأعلى للثقافة: الكشف الأثرى الأخير يفتح ملف عبادة الشمس ويعزز القيمة العالمية لجبانة منف    محافظ أسيوط يقود مفاوضات استثمارية في الهند لتوطين صناعة خيوط التللي بالمحافظة    الأهلي يواجه الجيش الرواندي في نصف نهائي بطولة إفريقيا لكرة السلة للسيدات    جماهير ريال مدريد تنشر لافتات على أسوار النادي لمساندة تشابي    أمانة المراكز الطبية المتخصصة تكرّم إدارة الصيدلة بمستشفى الشيخ زايد التخصصي    وزيرة التضامن الاجتماعي تلتقي رئيس الطائفة الإنجيلية ووفد من التحالف الوطني للعمل الأهلي التنموي    تشويه الأجنة وضعف العظام.. 5 مخاطر كارثية تسببها مشروبات الدايت الغازية    المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن : ولازالت مصطبة عم السيد شاهدة ?!    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 13-12-2025 في محافظة قنا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«داعش» نبت لعيوب الفكر الإسلامي
نشر في التحرير يوم 15 - 07 - 2015

من أفضال برنامج «منارات» الذي أقدّمه على شاشة «العربية» أنه أتاح لي شرف لقاء كبار مفكّري العالم العربي ورواد تنويره، وهى فرصة للوقوف على الكثير من المفاصل المهمة فى تفسير جزء من أزمتنا الحالية المتعلقة بظهور جماعات جنحت بالدين إلى التشدُّد وأخرجته عن كينونته السمحة.
وربما النقطة الفارقة والمهمة من جملة ما خلصت إليه أن علماء الدين وفقهاءه ودعاته ووعاظه ومؤسساته فى العالم العربى بل وفى الإسلامى، لم ينبروا فى مواجهة فكر «داعش» كما يجب أن يكون، وإنما تركزت انتقاداتهم على شخص أبو بكر البغدادى، وعلى مسمى تنظيم داعش وفقط، وربما هناك مؤسسات كبيرة حتى الآن لم تجرؤ على تكفير «داعش» وفكره.
وكان من المفروض أن يقوم علماء الأمة ووعاظها بتفكيك الفكر العقدى الذى على أساسه تكوَّن «داعش» وإزالة الغطاء الشرعى عنه.
وأهم ما يستند إليه «داعش» هو فكرة الخلافة، فكل ما يرتكبونه فى بلاد المسلمين من أجل تثبيت أركان هذه الخلافة المزعومة، وهذا الوهم.
الحقيقة المؤلمة والمؤسفة أن هؤلاء العلماء والوعاظ والمؤسسات يعتنقون نفس فكر «داعش»، والفرق فقط أنهم اعتنقوا الفكر ولم يطبقوه، و«داعش» أنزله إلى أرض الواقع وحوله إلى حقيقة وإلى فعل.
وأعود هنا إلى لحظة تاريخية مهمة فى تاريخنا الحديث، وتحديدًا عام 1925، حين أصدر العلامة الشيخ الدكتور علِى عبد الرازق كتابه المهم «الإسلام وأصول الحكم»، هذا الكتاب الذى كان نبوءة مهمة وفارقة لما ستكون عليه الأمة بعد كل هذه السنين، هذا الكتاب الذى كشف كمًّا من الزيف والرجعية فى فكرنا وفى تشددنا، حين شنّ الرجعيون هجومًا شديدًا على الشيخ علِى عبد الرازق، وعُقدت محاكمة ظالمة للرجل من هيئة كبار علماء الأزهر، وانتهوا فى حكمها إلى إخراجه من زمرة العلماء وفصله من عمله كقاضٍ شرعى فى المحكمة الشرعية بالمنصورة، وتجريده من شهادة العالمية التى حصل عليها من الأزهر، وكانت هذه المحاكمة بقيادة شيخ الأزهر فى حينها.
تم توجيه سبعة اتهامات إلى الشيخ علِى عبد الرازق، كلها تخرجه عن الملة، وكانت الملحوظة الأولى أن الرجل وقف وحيدًا فى مواجهة جيش كبير ونافذ، لدرجة أن هذا الكتاب قوبل بعدة كتب تنقض ما جاء فيه، أبرزها «نقض كتاب الإسلام وأصول الحكم للشيخ الأكبر محمد الخضر حسين» عام 1926، وكتاب «أصول الحكم فى الإسلام لعبد الرازق السنهورى»، وكتاب «حقيقة الإسلام وأصول الحكم» للمفتى وقتها، محمد بخيت المطيعى.
حتى سعد زغلول نفسه وقف ضد الشيخ علِى عبد الرازق وهاجمه. ولم يجد الرجل مَن يقف بجواره ويدافع عنه سوى عباس محمود العقاد، ومحمد حسين هيكل صاحب رواية «زينب»، وعبد العزيز فهمى وزير الحقانية فى حينها، والذى استقال من وزراته مساندة للشيخ علِى عبد الرازق.
ماذا كان يقول الرجل فى كتابه؟
ولماذا كانت كل هذه الهجمة الشرسة ضده؟
كان العلامة الشيخ علِى عبد الرازق يقول بالدليل إن الخلافة ليست جزءًا من العقيدة، وهى مجرد شكل من الأشكال التى كانت عليها الدولة الإسلامية فى زمن النشأة والتكوين، وليس هناك فى الشريعة، سنةً وقرآنًا، ما يثبت أنها ضرورية، بل ودعا إلى فكرة مدنية الدولة.
وبعد تداول الأيام انكشفت أسباب هجمة علماء الأمة وقتها والأزهر على الشيخ علِى عبد الرازق، حيث كان وراءها الملك فؤاد الذى كان مهووسًا بأن يكون خليفة للمسلمين بعد أن ألغى مصطفى كمال أتاتورك نظام الخلافة الإسلامية فى 3 مارس 1924.
الملك فؤاد وجدها فرصة لأن ينال هذا اللقب، لدرجة أنه شحن كل طاقات الأمة من أجل ذلك، وعقد مؤتمرًا ضخمًا فى مصر تحت عنوان «من أجل الخلافة»، وأصدر مجلة اسمها «الخلافة الإسلامية»، لدرجة أن العلماء وقتها وصل بهم الأمر إلى أنهم نفوا عن المسلمين إسلامهم بسبب عدم وجود خليفة للمسلمين.
فى هذا التوقيت نفسه خرج صوت إسلامى تنويرى عاقل اسمه االشيخ علِى عبد الرازق، ليقول: ما تدعون إليه ليس ضرورة فى الإسلام وفى العقيدة، يقول إن الذى تدعون إليه سيكون يومًا سببًا لسفك دماء المسلمين، وهدم الدول وتشريد الشعوب وضياع الدين، وكأن الرجل كان يقرأ المستقبل، يقرأ ما جاءت به القاعدة ودولة أسامة بن لادن فى أفغانستان، وما عليه «داعش» الآن.
كان يريد الشيخ علِى عبد الرازق أن يقول إنه سيأتى عليكم رجل اسمه أبو بكر البغدادى، يذبح ويقطع الرؤوس ويحرق الأجساد من أجل وهم اسمه الخلافة، نظام كان صالحًا لزمانه وفقط، حين كان هناك أبو بكر وعمر، وحين جاء عثمان وعلِى انقسمت الأمة ووقعت الفتنة الكبرى بكل آثارها السيئة.
صوت الشيخ علِى عبد الرازق دفن وقبر فى مكانه ومن قبل مَن؟! من قبل علماء الدين الذين كان عليهم أن يقوموا بقضية التجديد للدين فكرًا وخطابًا.
ومن قِبل مؤسسات عريقة.
لذا كيف ستعارض هذه المؤسسات نفسها الآن؟
كيف ستقول إن أبو بكر البغدادى وفكرة الخلافة ليسا ضرورة فى الإسلام؟
كيف ستكذب علماءها الذين فعلوا ما فعلوه فى علّامة بحجم الشيخ علِى عبد الرازق؟!
علِى عبد الرازق الذى تخرج فى الأزهر، ثم سافر إلى بريطانيا ليحصل على الدكتوراه من إكسفورد، وهو من بيت علم مشهود له ولأبيه، فأخوه الشيخ مصطفى عبد الرازق واحد من علماء الأمة وكان شيخًا للأزهر.
***
القضية المقلقة أن علماء الأمة تحرَّكوا ضد الشيخ علِى عبد الرازق بتحريض صريح من الملك فؤاد، وقتها وكانوا مخلصين لأوامر السلطان.
والآن علماء الأمة يتحرَّكون بأوامر السلطان أيضًا تحت شعار كبير اسمه تجديد الخطاب الدينى، وكأن علماء الأمة ومؤسساتها الدينية رهنت نفسها وربطت نفسها بكرسى السلطان تنتظر أوامره وتعليماته.
مع أنه من المفروض أن تسير عكس الحاكم، لأنها تمثّل مجموع الأمة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.