أقدمت حركة النهضة الإسلامية الحاكمة فى تونس (الإخوان المسلمين) على خطوة، أقل ما يمكن وصفها بأنها محض غباء سياسى، ففى ظل توتر حاد فى الأجواء فى هذا البلد الذى أشعل انتفاضات الربيع العربى، اختارت الحركة لرئاسة الوزراء، وزير الداخلية، على العريض، وهو الرجل الذى تدور بشأنه علامات استفهام كبيرة، ليس أولها تساهل وزارته مع عنف الجماعات السلفية ضد جماعات المعارضة العلمانية، وليس آخرها اغتيال الزعيم اليسارى المعارض شكرى بلعيد. وقالت حركة النهضة الإسلامية -وهى الحزب الأكبر فى البرلمان التونسى- أمس (الجمعة)، إنها اختارت وزير الداخلية على العريض وهو من صقور الحركة لشغل منصب رئيس الوزراء، خلفا لحمادى الجبالى الذى قدم استقالته قبل يومين، ورفض محاولات «النهضة» لإقناعه بالبقاء فى منصبه، وكلف الرئيس المنصف المرزوقى رئيس الوزراء الجديد بتشكيل حكومته خلال أسبوعين. وقال مسؤول رفيع من «النهضة»: «مجلس الشورى اختار على العريض رئيسا للحكومة المقبلة فى تونس»، وقال زعيم حركة النهضة راشد الغنوشى على صفحته على «فيسبوك» إن العريض اختير لمنصب رئيس الحكومة. وكانت الحركة قد قالت فى وقت سابق إنها اختارت مرشحها لرئاسة الحكومة الجديدة فى تونس بعد مداولات مطولة لمجلس الشورى التابع لها، لكنها تحفظت على ذكر اسم المرشح الذى تم اختياره بدعوى «احترام البروتوكول». وقال رئيس الحركة راشد الغنوشى: «من اللائق أن يطلع رئيس الجمهورية أولا على اسم المرشح ثم يتم الإعلان عنه للرأى العام». وستكون بانتظار رئيس الوزراء الجديد مهمة صعبة، لكنها تكاد تكون شبه مستحيلة، لرأب صدع المجتمع التونسى، لو تأكد اختيار العريض، بالنظر إلى أن قطاعا كبيرا من التونسيين فقد الثقة فى حركة النهضة وحلفائها، فى ظل تدهور الأوضاع الاقتصادية، وانتهاكات حقوق الإنسان المتواصلة. وينظر إلى العريض على أنه من الجناح المتشددة ل«النهضة» التى ترفض عودة الأحزاب المقربة من النظام السابق إلى الحياة السياسية. وواجه العريض انتقادات بقمع الاحتجاجات عندما كان وزيرا للداخلية. وتنتقد المعارضة العلمانية تساهله مع العنف، خصوصا مع المتشددين السلفيين مما أسهم فى تفشى العنف السياسى فى البلاد، وانتهى بمقتل بلعيد على يد مجهول، لكن تونسيين يقولون إنه أظهر صرامة كبيرة فى مواجهة تنظيمات إرهابية تابعة للقاعدة. ومن المقرر أن يبدأ رئيس الوزراء المكلف فور الإعلان عن اسمه بإجراء مشاورات لتشكيل الحكومة الجديدة. ويخشى محللون من أن يغيب التوافق السياسى عن المشاوارت الجديدة مما يزيد من أمد الأزمة فى تونس، فى ظل الخلاف حول الوزارات السيادية التى تتمسك الأحزاب المعارضة بتحييد مطلق لها، خصوصا وزارة الداخلية.