العيد الثانى لميلاد ثورتنا العظيمة، كان فرصة سانحة للهجوم على كل ما حدث فى مصر بعد الثورة، بل والهجوم على الثورة ذاتها، وأنكر البعض حقيقة أنها ثورة شعبية تلقائية، غيَّرَت مسار الأحداث تماما، وكانت نقطة فاصلة فى تاريخ مصر العريق، فشعبنا الأبىّ بعد ثورة يناير النبيلة، غيره قبلها، وما كان يمكن أن يحدث قبل ذلك، من مظالم ومفاسد ومهازل واستبداد، لا يمكن أن يقبله الناس بعد ذلك، ولن يسكتوا عليه أبدًا، فالثورة كسرت حاجز الخوف داخل نفوس المواطنين، وأيقظت الروح المصرية الأصيلة داخل كل مصرى حر شريف. وعلينا أن نعترف أن شعبنا الصبور تَحمَّل الكثير، والكثير جدا، خلال فترة العامين الماضيين، فمعاناة الناس تضاعفت، وصعوبات الحياة اليومية زادت بشكل كبير للغاية، ومن ثم بدأ بعض من يُسمَّون ب«حزب الكنبة»، ممن لم يشاركوا فى الثورة بأى قدر من المشاركة، يصرخون قائلين إن أوضاعنا قبل 25 يناير 2011، كانت أفضل بكثير مما حدث لنا بعد ذلك، من دمار وخراب، وقتال وحشى فى الميادين، وسفك دماء الأبرياء فى الشوارع، وفوضى فى كل مكان فى البلد، وانهيار أمنى وسياسى واقتصادى واجتماعى وأخلاقى. حتى تَصوَّر البعض أن الحل فى عودة المخلوع، أو نظامه الفاسد! أو عودة تلميذه الهارب خارج البلاد! أو إعلان الوحدة بين الثوار والفلول لمواجهة جماعة الإخوان! أو اليأس من كل شىء، والاستسلام تماما للمعنى الذى قاله كاتبنا الكبير محفوظ عبد الرحمن من أن «مصر لن تخرج من ولاية الإخوان المسلمين إلا بعد 30 ألف سنة»! وهذه كلها أوهام وأباطيل، فلا عودة للمخلوع أبدا، ونظامه الإجرامى لا مكان له على أرض المحروسة الثائرة، وهذا اللص الهارب من العدالة لن يعود إلى مصر حتى لا يحاكَم على جرائمه فى حق الوطن، أما جماعة الإخوان فلن تستمر فى الحكم طويلًا. وهذه ليست أمانى، ولا أحلام يقظة، ومن حقك يا صديقى أن تختلف معى تمامًا، لكنى سأطلب منك أن تنظر إلى الأجيال الجديدة من الشباب والفتيات، وتسألهم عن رأيهم ورؤيتهم، وسترى بنفسك أن ثمة أجيالًا حرة، لا تقبل بالظلم أبدا، ولا بالفساد، ولا بالاستبداد. وإذا كان البعض منا غير قادر على احتمال المصاعب الاقتصادية، وصعوبات الحياة اليومية، فلا يصح لنا أن ننسى شهداءنا الأبرار، الذين ضحوا بحياتهم من أجل كرامتنا، وحريتنا، وشرفنا الإنسانى. وكذلك شبابنا الأبطال الذين ضحوا بنور عيونهم، والذين فقدوا أحد أطرافهم، ومن أصيبوا بإصابات خطيرة أقعدتهم عن العمل، ومنعتهم من الحركة، كما لا بد أن نذكر أمهات الشهداء وآباءهم، وأهالى مصابينا، وعائلات جرحانا. وحديث المعاناة الاقتصادية هذا من كلام «حزب الكنبة»، أما من شاركوا فى الثورة، وشاهدوا بأعينهم التضحيات الكبرى، فلا يقولون مثل هذا الكلام، وإنما يُعلِنون استعدادهم لتقديم مزيد من الشهداء والدماء والتضحيات، من أجل تحقيق أهداف ثورتنا المجيدة.