مرسى فقد شرعيته بعد أحداث «الاتحادية» مرتين.. مرة بالقتل وأخرى بتعرية مواطن وسحله مظاهرات واحتجاجات واعتقالات.. دعاوى لوقف العنف ومبادرات للحوار، شهداء ومصابون وانفلات أمنى وغلاء لا يتوقف وتراجُع اقتصادى واجتماعى حادّ.. أضف إلى كل هذا مشهد أول من أمس الذى ظهر فيه القتل والسحل، قتل شباب كان فى يوم من الأيام من مناصرى مرسى وسحل مواطن وتعريته فى مشهد نقله العالم أجمع، بما يعنى أن محمد مرسى الرئيس الإخوانى فقد شرعيته بالأمس مرتين، مرة بالقتل وأخرى بالسحل وتعرية المصريين. هذا باختصار هو المشهد الذى تعيشه مصر منذ وصول الرئيس محمد مرسى إلى الحكم، فقد ثبت بالدليل القاطع أن الإخوان لا يملكون مشروعا واضحا لحل أزمات مصر المتفاقمة، وظهر فى تصريحات قيادات جماعة الإخوان أنفسهم أن مشروع النهضة لم يكن أكثر من وعود انتخابية، وأن الأمر كله أن الإخوان فقدوا ثقة الغالبية العظمى من المصريين بعد أن انكشف الأمر كله أمام الناس الذين حاصروا قصر الاتحادية أكثر من مرة، وعاد الهتاف الشهير مرة أخرى ليؤكد أن «الشعب يريد إسقاط النظام»، وبدت ثقة المعارضة فى السلطة الحاكمة وفى الرئيس محمد مرسى متراجعة إلى أبعد الحدود، والأزمة الحقيقية أن كل المبادرات والحلول المطروحة للخروج من الأزمة التى تعيشها مصر الآن لا تُرضِى الشارع الثائر ولا تعبِّر بالقَطْع عن الغالبية العظمى من شباب الثورة، فعزل حكومة هشام قنديل والدخول فى حوار بين السلطة والمعارضة وغيرها من الحلول المطروحة ليست إلا مسكِّنات لوضع متأزم إلى أبعد الحدود، أضف أنه لا حوار مع الدم، فقد ظهر بجلاء أن الأزمة تكمن فى أن السلطة الحالية لا تعبِّر عن الثورة ولا مبادئها، وقد ثبت بالدليل القاطع أنها تسير على نفس خُطَى النظام الساقط، لا سيما فى بُعدِها عن البسطاء وانحيازها الاجتماعى الواضح إلى رجال الأعمال فى مواجهة الأغلبية الساحقة من الفقراء، أضف إلى كل هذا استبدادها وعداءها الذى ظهر بوضوح للحريات العامة وحرية الصحافة والإعلام ومحاولتها السيطرة على القضاء. إذا أصبح واضحا أن المطلوب الآن ليس مجرَّد مسكِّنات، بل إن حصار الآلاف أمس لقصر الاتحادية إضافة إلى المشهد السياسى والاجتماعى المتفجر يؤكد بما لا يدع مجالا للشك أننا فى حاجة إلى انتخابات رئاسية مبكرة، وأن هذه الانتخابات أضحت الحل الوحيد للخروج من الأزمة الراهنة، فإما جددت الجماهير المصرية ثقتها بمرسى وحكمه، وإما اختارت طريقا جديدا لاستكمال الثورة وأهدافها فى الحرية والعدالة الاجتماعية والكرامة الإنسانية.. أما مبادرات الحوار وغيرها من المسكِّنات فلن تُجدِى نفعا، وظنى أن الوقت والأحداث قد تجاوزتها بكثير جدا.