أتوقع وأرجح، كما أغلب الناس فى هذا البلد، أن «جماعة الشر» وأتباعها وخدامينها الأذلاء سيختتمون اليوم مهرجان التزوير الفاجر الذى بدأ السبت الماضى بمزيد من التزوير وسيصنعون «فضيحة كاملة» ولوحة عار وشنار أكثر مسخرة وأشد فحشا وقبحا مما جرى فى المرحلة الأولى. هذا التوقع لا يستند فحسب إلى أن أغلب من تبقى من قضاة مصر الأجلاء الشرفاء قرروا النأى بأنفسهم عن هذا الوسَخ التاريخى، ومن ثم سيتركون أماكنهم فى لجان الاقتراع لمزيد من المزورين وحرامية الغسيل الذين يجلبونهم من فوق الأرصفة ويلبسونهم «جاكتات» و«بِدَلاً» رثة، ويضعونهم على رأس اللجان لكى ينفذوا الجريمة الرهيبة بفجاجة وبجاحة تليق بلصوص الأوطان الذين استأجروهم. لكن السبب والعامل الأهم الذى يدفع كثيرين إلى ترجيح أن يكون تزوير إرادة المصريين وسرقة ضمائرهم اليوم أبشع وأشد هولا مما رأيناه الأسبوع الماضى، ليس سببا أو عاملا واحدا وإنما اثنان متكاملان ومتصلان، أولهما أن «عصابة الشر» تعتبر تمرير دستورها الكارثى المشوه (يشبه تماما من طبخوه فى الظلام) مرحلة حاسمة فى عملية «نشل» مصر مجتمعا ودولة، ويصيبها مس من الجنون الشيطانى عندما يلوح أمام عيونها العمياء أى إشارة (ظهرت فى المرحلة الأولى كالشمس فى رابعة النهار) بوضوح يخزق، تشى بأن أغلبية واضحة ومتزايدة من المصريين -حتى البسطاء الغلابة- اكتشفوا وجهها القبيح وتأكدوا بسرعة من فشلها الذريع وخيبتها القوية وخطرها المروع، لهذا فقد اغتنموا فرصة الاستفتاء الباطل لكى ينفثوا عن رغبتهم فى تقيُّئها والكيد لها من خلال التأشير فى خانة «غير موافق».. أمام هذه الحقيقة فإن جماعة من طينة الإخوان وطبيعة الحالة العقلية لقادتها، تستسهل أن تلوذ وتهرب فورا إلى خداع النفس، فتراها تُمعِن فى التزوير والتدليس وتصنع كذبة هائلة سرعان ما تصدقها وتعيش عليها حتى يداهمها قدر الهزيمة والاندحار. فأما العامل الثانى فهو مشدود إلى الأول ويتجسد فى واقع أن «الجماعة» المذكورة «شريرة» فعلا ومهجوسة بوهم «الاستحلال»، بمعنى أن أى جرائم وأية فواحش أخلاقية ترتكبها ليست حراما بل حلال، لكنها مع طبعها الشرير جاهلة وغبية جدا كذلك، لهذا فإنها عادة لا تكتفى باستخدام أدوات ووسائل عصابات المجرمين بل تستعير أيضا عقل النشال البائس وطريقة تفكيره وتصيبها الأعراض نفسها التى تصيبه وهو ينفذ جرائمه، فعندما يشعر هذا الأخير أنه على وشك الوقوع و«القفش» بيما هو يدس يده فى جيب ضحيته، يستشرس ويجن أكثر ويرتكب جريمة أثقل وأفدح من النشل.. فقد يستلّ مطواة قرن غزال يعوّر بها الضحية أو يقتله، فيمثل أمام العدالة بتهمة ارتكاب جريمة سرقة مقترنة بالقتل، وهى جناية رهيبة تصل عقوبتها إلى الإعدام ولا مقارنة بينها وبين الجريمة الأصلية التى تدرب عليها النشال وسعى لاقترافها، فهى مجرد جنحة «سرقة بسيطة» تبدأ عقوبتها من الحبس أشهرا قليلة، ولا تزيد عاى سنة واحدة بالكتير! هل فهمت من السطور السابقة أننى متشائم؟ أبدا والله، أنا متفائل، بل متفائل جدا بنصر قريب، لسببين اثنين: أولا: ثقتى بكرم ورحمة المولى تعالى الذى أعمى بصائر الفاشيين الأشرار وجعلهم وتوابعهم لايدركون المفعول الانتحارى لتوليفة «الشر والغباوة» التى يهبطون ويغوصون فى مستنقعها ساعة بعد أخرى. ثانيا: هذه المقاومة الضارية الباسلة التى يبديها مجتمع المصريين حاليا فى مواجهة أكبر وأخطر عملية بلطجة وسطو مسلح على هذا الوطن فى كل مراحل تاريخه المعاصر والحديث.