الشعب المصرى قام.. خرج هادرًا، لانتزاع حريته بيديه وقلبه وجسده من بين أنياب قطعان ذئاب جائعة أوهمها قادتها المساكين أننا فريسة سهلة.. فريسة مخلية جاهزة لعشاء لذيذ.. وأؤكد أن الشعب لن يعود من التحرير والاتحادية إلا منتصرًا مضيئًا مغرّدًا.. ودليلى هو إيمانى بالله، ومصائر الطغاة وتاريخ مصر.. فرعون مصر ظلم وكذب وتجبّر على المصريين وسخّرهم وأذلّهم.. ولما صرخ الشعب إلى الله مستنجدًا، استجاب الله.. وأرسل الله موسى النبى وهارون إلى فرعون إحدى عشرة مرة يطلب منه إطلاق أسر شعبه ليعبدوه وإلا سيعاقبه.. بعد كل عقاب يبكى فرعون نادمًا ويوافق كاذبًا ثم يلحس وعوده ويضاعف استغلال وإذلال الشعب، فيضربه الله ضربة جديدة موجعة، ينساها بسرعة ويعود إلى غباء جبروته.. ظل انتقام الله رحيمًا، وأخيرًا شق البحر ليخرج شعبه آمنًا، ثم ابتلعت المياه فرعون وجنوده ومركباته وهم يطاردون الشعب.. الله رأى أن قلب فرعون شرير ومخادع وفاقد الرحمة، فأعمى بصيرته ليتمادى فى غبائه وظلمه، ليكون انتقام الله خالق الكون جبارًا يليق بمجده وقدرته. والعائلات المصرية التى خرجت ترفض حكم المرشد، وتواجه سيوف وخناجر وغوغائية ميليشيات الإخوان بالغناء للوطن وبالتراتيل، هى نجوم غطّت أرض وسماء مصر.. نجوم كثيفة مبهرة شقت غيومهم السوداء كما انشق البحر زمان.. فرأينا وجه الله فى الاتحاد والمحبة.. واستضاءت قلوبنا وتشدّدت عزائم كل المصريين.. مصر هى وطننا وعشقنا ومثوانا الأخير.. والحرب للرب الذى أسدل سلامه عليها.. وأرسل إليها رسله معلمين ومبشرين.. سيعود السلام إلى الأرض الطاهرة.. وسنضيف إلى التاريخ قصة جديدة عن عصابة تصوّرت أنها ربطت حبلًا حول الكرة الأرضية، وعاشت فى وهْم أنها قادرة أن تجذب الكرة إلى الخلف، وأن تغيّر مسارها ومصيرها.. هل هو وهْم ناجم عن مرض عقلى، أو خوف من الفشل، أو هو غضب العاجزين بسبب غيبوبة الجهل التى عزلتهم فى كهوف مظلمة، فعادوا بشرًا بغرائز حيوانية فقط.. أم هم توليفة من ذاك وتلك.. الله أعلم. ولكن الأكيد أن كتاب التاريخ فتح صفحة جديدة، تبدأ بإجابة تساؤلات تحيّرنا الآن.. مثل ماذا كان يحوى صندوق عمر سليمان؟.. وأين الصندوق؟.. وهل محاكمة مبارك هى مسرحية كلاسيكية من إنجازات المخابرات الأمريكية لأنه التزم بعدم تعمير سيناء لكنه لم يسلّمها لحماس؟.. وهل تفى أمريكا بوعودها للإخوان أم ستغدر بهم، لأن الشعب انقلب عليهم ورفض حكمهم؟.. ومثل عملية اغتيال كيندى 1962 لمعارضته حرب فيتنام، واغتيال ديانا ودودى عام 1997 بخطة مخابراتية فرنسية - بريطانية نفّذتها إسرائيل لمنع زواج أم وريث عرش إنجلترا من مسلم.. سيسلّى التاريخ أحفادنا ويفتح بصيرتهم ليختاروا حياة الحرية.. والحرية هى مصدر السلام والعدل والأمان، والإنسان الحر فقط يستحق حريته.. أما عبيد الديكتاتور فمصيرهم مثله.. والثورات الشعبية الناجحة التى أطاحت بحكام استبدوا وطغوا وسرقوا حياة شعوبهم هى وقود ثورتنا.. ربما تضيف ثورة مصر إلى صفحات التاريخ صورة مشابهة للجنرال سوهارتو ديكتاتور إندونيسيا الذى طالت محاكمته ست سنوات بتهمة تضخّم ثروته واختلاس 571 مليون دولار لتمويل مشروعات أسرته.. وتوفى فى 2008 قبل صدور الحكم عليه.. أو صورة من ثورة رومانيا التى أطاحت بالديكتاتور نيكولاى تشاوشيسكو فى ديسمبر 89، وأعدمته وزوجته بعدها بشهرين فقط، بعدما طارده الفلاحون الثوار فى مخبأه السرى بإحدى مزارعه وسلّموه إلى الحكومة.. أو ثورة أوكرانيا التى دعّمها الغرب ضد التدخل الروسى بوهم وحلم ديمقراطية الشعوب، وحوكمت فيها رئيسة الوزراء السابقة التى كانت أحد قادة الثورة عام 2004 بتهمة الانقلاب على الثورة، واستغلال السلطة فى النهب والسلب والتربح بتوقيع اتفاق الغاز مع روسيا فى 2009 بأسعار أعلى من المعدلات العالمية، فكبّدت البلاد مليارات الدولارات خسائر، تشبه خسائر بورصتنا، وضرب السياحة أهم مصادر الدخل لمصر بدعاوى وفتاوى هدم الآثار.. وفرحة الانتصار والزهو لمّا «مولانا» قرأ بند تعريب التعليم فى مسوّدة الدستور الجديد أمام المستشار الغريانى ليطيب آذانه ويشجيه بحلو الكلام ويخلع قلوبنا هلعًا على مسح حضارتنا ومستقبل أولادنا.. لأنه بند يبنى جدارًا عازلًا بينهم وبين تقدم العلم والمعرفة والطموح الإنسانى فى العالم، وبين حياة الحرية والعدالة الاجتماعية التى قامت الثورة وماتوا أولادنا من أجلها.. لكنه يضاعف إشعال الغضب والرفض، وحماس التضحية بالنفس مقابل حياة آدمية كريمة، ما دام الظلام هو مخططهم وأملهم الذى يجاهدون من أجله. على فكرة، هذه القصص تذكرنى بالفلوس التى تبرّع بها المصريون بنقاء قلب، لمشاريع وطنية وخيرية وإنسانية وهمية، وجمعتها دقون سرقت الثورة وتعمل لمصلحتها حسب شريعتها، وتتسلح لأمنها هى، وتغذّى شراهتها للمال والسلطة والانتقام، وتقتل مَن يعارضها بالسيف وتقطع أوصاله بالمناشير.. وتجاهد لسد أفواه الإعلام ليتم حبس الشعب فى كهوفها المظلمة، وهى تطلق صواريخ الكفار وتهتف الله أكبر!