لم يكن أحد يدرى أن تصبح آيات الرحمن رأى العين في الطاغية حسنى مبارك وزمرته الفاسدة ولم يعرف التاريخ المصري مثيلا لتلك المحاكمة المعجزة التي أبهرت العالم وأثبتت قدرة المصريين – بفضل الله تعالى – على التحدي وصنع المستحيل , وستظل ثورة المصريين في الخامس والعشرين من يناير تجنى ثمارها تترى وتعمق سيادة القانون فى بلد انتهك نظامه القانون عقودا من الزمان . هذا هو الإنجاز الثاني المبهر للثورة المصرية بعد إنجاز الاستفتاء على التعديلات الدستورية . تحقق قول الله تبارك وتعالى فى الفرعون المستبد حسنى مبارك حين قال تعالى ( ونريد أن نمن على الذين استضعفوا فى الأرض ونجعلهم أئمة ونجعلهم الوارثين , ونمكن لهم فى الأرض , ونرى فرعون وهامان وجنودهما منهم ما كانوا يحذرون ) لعل الصدور قد ارتاحت ولعل القلوب قد هدأت ولعل النفوس قد سكنت للآلاف الذين اعتقلوا وسجنوا في عهد المستبد حسنى مبارك حيث لبسوا الزى الأبيض ووقفوا خلف القضبان لأوقات طويلة ومتكررة وهم يهتفون حسبي الله ونعم الوكيل , وهاهم يرون بأعينهم من ظلمهم في قفص الاتهام ويرتدى الزى الأبيض هو وولديه علاء وجمال . الذين نهب مبارك أموالهم وشرد أبناءهم وروع أسرهم ولفق لهم الاتهامات يرون الآن هذا الظالم خلف القضبان باتهامات حقيقية بإهدار المال العام ويرون ولديه يحاكمان بنفس التهمة . أمهات الشهداء والثكلى والمصابون يرمقون الديكتاتور وهو جاثم على سرير طبي وتوجه له الاتهامات بقتل الثوار مع سبق الإصرار والترصد . مبارك متهم ببيع الغاز للعدو الصهيوني بثمن بخس وهو الذي سرق أموال رجال الأعمال الشرفاء وأغلق شركات وطارد الأحرار . إن فرعون ( حسنى مبارك وولديه ) وهامان ( حبيب العادلى ) وجنودهما ( مساعدو حبيب العادلى على رأسهم حسن عبد الرحمن رئيس مباحث أمن الدولة ومن قام بتنفيذ أوامرهم ) كانوا خاطئين وهم الآن قابعون خلف القضبان يخضعون لمحاكمة عادلة . دروس وعبر لا تحصى من محاكمة العصر: 1 - صدق وعد الله ومنّ على الذين استضعفوا فى الأرض ومكن لهم من محاكمة حسنى مبارك وأصبحوا أحرارا خارج القضبان والمستبد الفاسد خلف القضبان يشرب من نفس الكأس الذي أذاقها للأحرار الشرفاء . 2 – وريثه الذي كان يعده لخلافته أصبح خلف القضبان لا هو فى طريقه لحكم مصر ولا هو يعيش حرا ولا هو يحقق أملا وإنما يجنى الذل والعار بعد العناد والاستكبار . 3 – القاعة الذي ظهر فيها مبارك لآخر مره كرئيس للجمهورية بكل ما أوتى من قوة وغرور ويحيطه العادلى ورجالة فى احتفال عيد الشرطة التي استخدمها مبارك فى قمع شعبه هي نفس القاعة ونفس المكان الذي يحاكم فيه مبارك والعادلي ورجاله وهذه عبرة لمن يعتبر . 4 – رغم مشهد السرير الطبي الذي ينام عليه الديكتاتور إلا أنه لم يجلب أي تعاطف يذكر من شعب مصر الكريم اللهم إن كان بعض الفلول والبلطجية الذين استفادوا من نظام حكمه المستبد ولابد للقصاص العادل من غير رحمة ولا شفقة ومن يقول أنه خدم مصر أو كان صاحب الضربة الجوية فهذا لا يعطيه صكا مجانيا للفساد والإفساد وقتل الشعب المصرى . 5 – شهد له العدو الصهيونى الذى كان يعتبره ( كنز إسرائيل الاستراتيجى ) وقال عنه صديقه بنيامين بن عازر الصهيونى ( لقد أدار الشعب المصرى ظهره لرجل وطنى خدم بلده سنوات طويلة ) والكيان الصهيونى هو الذى عرض عليه اللجوء من دون دول العالم وهذا دليل على أن مبارك كان يعمل لخدمة الأعداء وليس لخدمة بلده . 6 – لا شئ مستحيل على الله عز وجل وأن نصره قريب جدا وأن أخذه إذا أخذ يكون أخذ عزيز مقتدر فلا يأس ولا تيئيس وما يبشر به الله عباده هو الصدق وهو الحقيقة وغير ذلك هو السراب ولو كان من أعتى قوى الأرض . 7 – أحلام الأمس حقائق اليوم وأحلام اليوم حقائق الغد . 8 – دوام الحال من المحال ولله فى خلقه شئون ( وتلك الأيام نداولها بين الناس ) 9 – أراد الله لمصر أن تدخل التاريخ من أوسع أبوابه لأنها أول محاكمة فى التاريخ العربى والإسلامي لحاكم ديكتاتور يحاكم بإرادة شعبية ليرسى بعد ذلك للأمن والأمان وسيادة العدل والقانون . 10 – من كان محظورا أصبح يتمتع بالشرعية القانونية ومن كان يحظر أصبح هو المحظور بالقانون ومن كان رئيسا يصول ويجول أصبح ذليلا متهما ومطاردا من العدالة ومهددا بالموت بسبب جرائمه فى حق الشعب ومن كان يعيش فى القصور أصبح يعيش سجينا مهانا وربما كان مصيره إلى القبور .... فهل من معتبر ؟