مازال نهر الثورات العربية يتدفق. مازالت دماء شعبنا العربي تجري في منحنيات النهر.. ومازال الأمل قائماً في حتمية انتصار الشعب العربي علي حكامه الفاسدين الطغاة.. رغم ما تمر به بعض الشعوب العربية من عثرات في طريقها نحو الحرية. وهذا ما يؤكده ما جري خلال الأسبوع الماضي من أحداث بعضها حلو والآخر مُر في ثوراتنا العربية.
أجمل ما حملته الأخبار خلال الأسبوع الماضي كان خبر مقتل المجنون الليبي القذافي. تابع ملايين البشر عبر الفضائيات مشهد إلقاء القبض عليه داخل ماسورة مجاري مصاباً.. واقتاده ثوار ليبيا الأحرار من قفاه وهم يهتفون »الله أكبر«.. بينما الطاغية مستسلماً ذليلاً يستعطف الثوار قائلاً: حرام عليكم أنا أبوكم لا تقتلوني! كم غمرت السعادة قلوب الشعب العربي كله من المحيط إلي الخليج لهذه الكلمات الذليلة التي خرجت علي لسان الطاغية الذي كان قبل أشهر قليلة يهدد ويتوعد الثوار قائلاً لهم: من أنتم يا جرذان!! هل علمت يا طاغية من نحن؟ هل عرفت الآن من هم الجرذان؟ هل علم أمثالك من الطغاة نهايتهم؟
خبر آخر سعيد حمله الأسبوع الماضي، وهو إقامة أول انتخابات حرة في تونس مفجرة ثورات الربيع العربي وفوز حزب النهضة بالأغلبية. هاهي ثمار الحرية تطرح علي الأراضي التونسية وهاهم التوانسة يتنفسون نسمات الكرامة والعزة بعدما أذاقهم الديكتاتور بن علي العذاب طيلة 32 عاماً. مبروك لتونس وثوارها جني أولي ثمار الحرية.
أما الأخبار غير السعيدة فهي تأتينا من سوريا واليمن وللأسف الشديد مصر. سوريا.. مازال العالم يتفرج علي مذابح بشار ضد شعبه ولا أحد يحرك ساكناً.. ولكن لينظر بشار جيداً لمصير القذافي ويعلم أن الشعوب لا تموت وكلما قتل منهم سيخرج غيرهم ليواصلوا المسيرة وسيزداد انتقامهم. اليمن.. الشاويش علي عبدالله صالح الذي تم حرقه.. عليه أن يكتفي بما جري له ويكف عن تقليب الشعب العربي في اليمن وإثارة الفتن بين شماله وجنوبه.
وأخيراً.. مصر صاحبة الصورة الأشهر في العالم. ثورة 25 يناير التي أطاحت بالطاغية مبارك في 18 يوماً وهدمت المعبد علي رأس الفرعون وأعوانه في 4 أيام فقط. الأخبار في مصر ليست جميلة خاصة في ظل انفلات أمني متعمد.. وفوضي تتوغل في كل فئات المجتمع بفعل فاعل وحكومة مترددة تحاول حماية البلاد من مخاطر داخلية وخارجية والحفاظ علي بياض الثورة الناصع حتي لا تتحول إلي ثورة دموية. مصر تعيش حالياً فترة عصيبة. فلول النظام السابق يقاتلون بكل طاقتهم لإجهاض الثورة، ويحاولون الوقيعة بين فئات الشعب المصري تارة بإثارة الفتن الطائفية، وتارة بتغليب الإضرابات والمطالب الفئوية علي مصلحة البلاد.
رغم ما يجري في مصر.. فإنني كلي ثقة وأمل أن الطريق الذي بدأناه بإزاحة الطاغية مبارك وعصابته وهدم نهاية توريث السلطة لابن مبارك سيكتمل للنهاية.. ومصر العزيزة ستنهض مرة أخري رغم تعثرها الآن. الشعب المصري لا يمكن توقع ما سيفعله. هذا درس من التاريخ.