القصر يُغير البشر وهو باق مكانه.. يدخل الرجال إلى قصر السلطة – فى مصر أم الدنيا طبعا- "معتدلين"..ثم يتفرعنون داخله ويتحولون إلى رجال آخرين يكذبون وينافقون ويضحكون على الشعب. على هذه العتبة يقف الرجلان المحترمان محمود مكى نائب الرئيس وأحمد مكى وزير العدل..هما من كانَ فى أوقاتا كثيرة سندا للقضاء والوطن، إلا إنهما الآن لا يعبران سوى عن نظام غاشم يريد أن يقمع الجميع ويقيد حرياتهم.. ألا يستحى الرجال؟.. ألا يفكر آل مكى فى حالهم –قبل حالنا- ألا يعرفون إلى أين وصلوا بأنفسهم وبنا؟ ألا يفكرون فى تاريخهم ناصع البياض- قبل أن يتولوا مناصبهم الحالية-؟ الكلام القليل الذى خرج وتحدث به المستشار محمود مكى يدعو للاستغراب والدهشة.. رجل "استقلال القضاة" يدفن تاريخه بموقفه، ولايقف بجوار الحق- الذى يعرفه ونعرفه-.. يقول المستشار النائب مكى -وللأسف طبعا- أنه قد راوده بعض القلق من الإعلان الدستورى– لاحظ أنه قلقا فقط ناهيك عن أنه بعض ، لكنه حصل على اجابات شافية من الرئيس تفسر الاعلان فأرتاح له. يا الله.. نائب الرئيس ورجل القانون الذى يحكم بالأوراق ويتحدث عن الأفعال والأحداث الحقيقة لا الكلام المٌرسل، جلس مع الرئيس أستاذ المعادن ليفسر له الإعلان.. وللغرابة فقد اقتنع مكى ويريد أن يقنعنا بإقتناعه. يٌزيد سيادة النائب كلامه المائع بأن المدة الباقية للإعلان هى 13 يوماً وكأنه عرف مسبقاً بنتيجة الاستفتاء ب"نعم" على الدستور، ثم أن الرجل فى حواره مع التليفزيون واصل "هرتلة السلطة" بقوله أنه يعرف الأسباب والبواعث على إصدار الإعلان.. "وكأننا شعب آخر وعدو يريد أن يعرف الحقيقة فيخرج عليه الرئيس ونائبه لكى يؤكدا له "مش هنقولكم..بس احنا عارفين". ويزيد مكى فى تصديق الرئيس ويقول أن مرسى تعهد له بعدم استخدام المواد التى جاءت فى الإعلان.. لكنه لا يسأل نفسه أو يسأل مرسى لماذا أصدر الإعلان إن كان لن يستخدمه ولا هي "تلاكيك"؟، أما الدستور فيعتبره مكى انجازا غير مسبوق وكأن تيار الإسلام السياسى وجماعة الإخوان كتبوا دستورا من الذهب ونحن نرفضه رغبة وحبا فى التراب.. لم يعلق النائب على السلق والحشى الذى فعله الإسلاميون فى الدستور فى ليلتين كاملتين أنهوهما بصلاة الفجر إمعانا فى التدليس والنفاق! ثم أن الرجل وأخيه وهما من أهم قضاة تيار الاستقلال كانا قد وضعا مشروع قانون للسلطة القضائية يقضى باختيار النائب العام من خلال المجلس الأعلى للقضاء، لكنهما الآن وبعد أن أصبحا فى السلطة يريان فى إقالة النائب العام بهذا الشكل شيئ عادي جدا وكأنه يتفق مع مشروعهما.. والآن أيضا يعارض نائب الرئيس والقاضى الذى كان مستقلا اعتصام القضاة الحالي، مذكرا بموقفهم في اعتصام القضاة عام 2006:" وقلنا لن نخذل شعبنا وقلنا إن المواطن لن يدفع الثمن حرصًا على هذا وكانت أعلى نسبة فصل في القضايا في تاريخ القضاء كله كانت في الشهر اللى كان فيه اعتصام القضاء". لا يوجد شك فى أن طالبا فى السنة الأولى بكلية الحقوق يعرف أن اعلان مرسى الدستورى تغّول على سلطات القضاء ولا يحدث سوى فى جزر الموز وحكامها الذين يعيشون فى معزل تام عن شعوبهم.. ولا شك أيضا فى أن هذا الدستور الذى يريد مرسى أن يستفتى الشعب عليه ينفع فقط الفراعنة الذين كانوا يحكمون شعوبهم بالسياط.