29 طعناً أمام مجلس الدولة على انتخابات النواب    رئيس الوزراء يؤكد أهمية تكامل إفريقيا خلال الإعلان عن إنشاء مركز التجارة الإفريقي لأفريكسيم بنك بالعاصمة الإدارية    طفرة تاريخية فى الصادرات الزراعية |8٫8 مليون طن.. وفاروق: شهادة نجاح دولية    البنتاجون: مقتل جنديين أمريكيين ومترجم في هجوم وسط سوريا    بدر عبد العاطي: مصر ثابتة على رفضها لأي محاولات تهجير الفلسطينيين من قطاع غزة    القيادة المركزية الأمريكية: مسلح منفرد من داعش نفذ كمين تدمر وتم قتله    برلماني أوكراني: البعد الإنساني وضغوط الحلفاء شرط أساسي لنجاح أي مفاوضات مع روسيا    أكثر من سجل وصنع لناد واحد.. محمد صلاح يواصل تحطيم الأرقام في الدوري الإنجليزي    نوال مصطفى تكتب: صباح الأحد    التحفظ على سجائر مهربة وسكر ناقص الوزن خلال حملات تموينية بالقليوبية    أشرف زكي يكشف مستجدات الحالة الصحية ل عبلة كامل وحقيقة دخولها المستشفى (فيديو)    صحة سوهاج تحصد المركز الخامس جمهوريًا في مبادرة دعم صحة المرأة    الزملوط يتابع استعدادات ختام مهرجان الرياضات التراثية بالوادي الجديد    قائمة ريال مدريد - بدون أظهرة.. وعودة هاوسن لمواجهة ألافيس    استشهاد وإصابة 30 فلسطينيا في قصف إسرائيلي غرب مدينة غزة    ضبط 23 شركة سياحية للنصب على راغبى الحج والعمرة    وفاة طبيب أسنان بالشرقية إثر توقف مفاجئ بعضلة القلب    القومي لذوي الإعاقة يحذر من النصب على ذوي الاحتياجات الخاصة    برلماني أوكراني: البعد الإنساني وضغوط الحلفاء شرط أساسي لنجاح أي مفاوضات    الرسالة وصلت    مكتبة الإسكندرية تستضيف "الإسكندر الأكبر.. العودة إلى مصر"    فرحة «هنيدى»    شركة نستلة ترفع أسعار منتجات الآيس كريم بنسبة 25%    موعد صرف معاشات يناير 2026 بعد زيادة يوليو.. وخطوات الاستعلام والقيمة الجديدة    محافظ الغربية يتفقد الشوارع الفرعية بطنطا لمتابعة رفع مياه الأمطار    حبس مدرب أكاديمية كرة القدم بالمنصورة المتهم بالتعدي على الأطفال وتصويرهم    نائب محافظ الأقصر يزور أسرة مصابي وضحايا انهيار منزل الدير بمستشفى طيبة.. صور    "أزهري يوضح حقيقة العلاج بالقرآن وتحديد عدية للقراءة    إعلام عبرى: اغتيال رائد سعد جرى بموافقة مباشرة من نتنياهو دون إطلاع واشنطن    حماس تحذر من كارثة إنسانية بعد عواصف غزة    جامعة أسيوط تنظم المائدة المستديرة الرابعة حول احتياجات سوق العمل.. الاثنين    أهم أخبار السعودية اليوم السبت 13 ديسمبر 2025    كلية الدراسات الإفريقية تنظم ندوة عن العدالة التاريخية والتعويضات    بدء الصمت الانتخابي غدا فى 55 دائرة انتخابية من المرحلة الثانية لانتخابات النواب    إدراج معهد بحوث الإلكترونيات ضمن لائحة منظمة الألكسو لمراكز التميز العربية    لاعب بيراميدز يكشف ما أضافه يورتشيتش للفريق    محافظ الغربية يهنئ أبناء المحافظة الفائزين في الدورة الثانية والثلاثين للمسابقة العالمية للقرآن الكريم    مواقيت الصلاه اليوم السبت 13ديسمبر 2025 فى المنيا    «الجمارك» تبحث مع نظيرتها الكورية تطوير منظومة التجارة الإلكترونية وتبادل الخبرات التقنية    استعدادات مكثفة بمستشفى أبو النمرس تمهيداً لافتتاحه    وصفة الزبادي المنزلي بالنكهات الشتوية، بديل صحي للحلويات    محافظ أسيوط يفتتح المؤتمر السنوي الثالث لمستشفى الإيمان العام بنادي الاطباء    إخلاء سبيل والدة المتهم بالاعتداء على معلم ب"مقص" في الإسماعيلية    فيديو.. الأرصاد: عودة لسقوط الأمطار بشكل مؤثر على المناطق الساحلية غدا    تموين الفيوم يضبط محطتين تموين سيارات يتلاعبان في المعيار الخاص بطلمبة سولار    طلعات جوية أميركية مكثفة فوق ساحل فنزويلا    تعرف على إيرادات فيلم الست منذ طرحه بدور العرض السينمائي    جهاز «شئون البيئة» يترأس وفد مصر فى اجتماع جمعية الأمم المتحدة للبيئة فى نيروبى بكينيا    الأعلى للثقافة: الكشف الأثرى الأخير يفتح ملف عبادة الشمس ويعزز القيمة العالمية لجبانة منف    محافظ أسيوط يقود مفاوضات استثمارية في الهند لتوطين صناعة خيوط التللي بالمحافظة    الأهلي يواجه الجيش الرواندي في نصف نهائي بطولة إفريقيا لكرة السلة للسيدات    جماهير ريال مدريد تنشر لافتات على أسوار النادي لمساندة تشابي    أمانة المراكز الطبية المتخصصة تكرّم إدارة الصيدلة بمستشفى الشيخ زايد التخصصي    مواعيد مباريات السبت 13 ديسمبر - بيراميدز ضد فلامنجو.. وليفربول يواجه برايتون    وزيرة التضامن الاجتماعي تلتقي رئيس الطائفة الإنجيلية ووفد من التحالف الوطني للعمل الأهلي التنموي    تشويه الأجنة وضعف العظام.. 5 مخاطر كارثية تسببها مشروبات الدايت الغازية    المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن : ولازالت مصطبة عم السيد شاهدة ?!    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 13-12-2025 في محافظة قنا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هذا «الفاشوش».. جمال فهمي
نشر في التحرير يوم 01 - 12 - 2012

ربما لا يعلم بعض الناس أن شخصية «قراقوش» التى استقرت فى تراث ووعى المصريين كنموذج لفظاظة وفجاجة ولا معقولية الاستبداد، وأضحت مضرب الأمثال على التعسف والظلم وغباوة الديكتاتورية، إنما هى شخصية تاريخية حقيقية، وأن قراقوش هذا كان أقرب وزراء السلطان الناصر صلاح الدين الأيوبى إليه وأكثرهم تمتعا بثقته، حتى إن صلاح الدين ترك له تماما حكم مصر نيابة عنه، بينما هو مشغول بقيادة جيوش العرب التى تقاتل على جبهات الحرب مع الصليبيين فى الشام وفلسطين، وهو وضع مَنَح الوزير قراقوش سلطات رهيبة مارسها واستخدمها على نحو لامَسَ كثيرا حدود الجنون، فاستحق هذا الانتقام القاسى العابر للعصور والأزمان الذى أمعن فيه المصريون، عندما لاحقوا سيرة ذلك الديكتاتور المأفون بالسخرية والكوميديا السوداء، واتخذوا من وقائعها وحكاياتها (الحقيقية والمختلَقة) قرينة ومثالا على الشذوذ وضيق الأفق، ولم يتركوها تموت بعد أن مات صاحبها وشبع موتا، بل أبقوها حية حاضرة تنهش فى روحه مئات السنين، وتجعله عبرة وعظة لمن يريد أن يتعظ ويعتبر من الحكام الفسدة المستبدين، الذين يتملكهم الوهم ويذهب هيلمان السلطة وقوتها الفادحة الغشيمة بعقولهم وأفهامهم، فيظنون أنهم خالدون وسيبقون بمنأى عن الحساب والعقاب والانتقام.
وعلى رغم جبروت قراقوش وعتوِّه فإن انتقام الناس منه بالتندر والضحك من ظلمه وفحشه لم يتأخر ولم ينتظر رحيله وموته، بل بدأ وهو ما زال جالسا يعربد على سدة الحكم، بل إن تخليد ذكراه السيئة وتوثيقها وتحويلها إلى مضغة تتوارثها ألسنة الأجيال تم فى عهده الأسود، إذ أقدم موظف كبير فى الدولة الأموية (شرف الدين أبو المكارم بن مماتى الذى كان يتولى منصبا يوازى وزير المالية فى عصرنا) على تأليف «كتيّب» فضح فيه ووثّق ممارسات قراقوش الشاذة وعنونه باسم «الفاشوش فى حكم قراقوش»، وقد استهل ابن مماتى كتيّبه بإشارة إلى أنه كان فى الأصل رسالة موجهة إلى «السلطان صلاح الدين، عسى أن يريح المسلمين من شرور تابعه قراقوش»، لأن «حماقته وغباءه وضيق أفقه» لا تصدر عن شخص عادى بحيث تنحصر آثارها فيه شخصيا وفى الدائرة الضيقة من آل بيته، وإنما يقترفها حاكم يتحكم فى عباد الله، فيشيع شره وأذاه ويعم عليهم جميعا.
ونحن لا نعرف بالطبع، إن كان ابن مماتى أرسل الكتاب فعلا إلى السلطان قبل أن ينشره على الملأ أم لم يفعل، لكن التشهير بالوزير العاتى بدا واضحا من العنوان الذى تعمد أن يُصَدّره بلفظة «الفاشوش» التى تعنى «الصفر»، كناية عن الخسارة والإفلاس والخراب، ثم تحت هذا العنوان راح يعدد مظاهر ووقائع الفساد وآيات من «شطط الشياطين» التى أسرف قراقوش فى ارتكابها، ومنها مثلا أن الشرطة جاءته ذات يوم بواحد من غلمانه قتل مواطنا بغير حق فنطق قراقوش للتوّ بحكمه دون تحقيق ولا تمحيص ولا سؤال وقال: اشنقوه.. لكن عندما أخبره أحدهم بأن الجانى هو نفسه الحداد الذى يصنع النعال لفرسه تراجع، وأخذ ينظر ذات اليمين وذات اليسار، فلما رأى عابر سبيل يعمل قفاصا يمر مصادفة بباب قصره، هتف: إذن اشنقوا هذا القفاص واتركوا حدادى!!
وفى مرة أخرى أتاه رجل مدين لرجل آخر يشكو من أنه كلما ذهب إلى هذا الأخير ليسدد دينه لم يجده، لكنه فى الأوقات التى يكون فيها خالى الوفاض يأتيه الدائن مطالبا إياه بالدفع، فما كان من قراقوش إلا أن حكم بإيداع صاحب الدَّين فى السجن حتى يعرف المدين مكان وجوده!!
وفى آية أفظع من الشذوذ والجلافة يُحكى أن قراقوش حكم ذات مرة فى قضية جندى تسبب فى إجهاض امرأة حامل، بأن يأخذ الجندى المرأة ويتولاها بالرعاية والعناية ولا يعيدها إلى زوجها مرة أخرى إلا وهى حامل فى سبعة أشهر، كما كانت حالتها عندما أجهضها!!
(ملحوظة: هذا المقال كُتب ونُشر أيام «الفاشوش» المخلوع، وقد استحضرته من جديد اليوم بمناسبة خطر «الفاشوش» الأعظم الذى يهددنا حاليا).


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.