تتواصل تبعات الاعتداء على السفارة الأمريكية بمصر. وتزداد نبرة الحديث عن “صمت” الرئيس مرسي و”تردده” حدة وبالطبع “غياب” الأمن المصري في حماية السفارة يثير العديد من التساؤلات والانتقادات. ما نشر وقيل عن المكالمة التليفونية الى أجراها الرئيس الأمريكي باراك أوباما مع الرئيس المصري محمد مرسي “لفت انتباه وأثار حيرة المراقبين”. وجاءت تصريحات أوباما ل”تيليموندو” الشبكة التليفزيونية الأمريكية باللغة الأسبانية لكي “تضع النقاط فوق الحروف” أو”توصف طبيعة الأجواء”. “لا أعتقد بأننا نعتبر مصر دولة حليفة وليست دولة معادية” هكذا قال أوباما في حديثه التليفزيوني مضيفا “علينا الانتظار لنرى كيف سيتعاملون مع هذه الحادثة. نتوقع أن يتجاوبوا (المصريين) مع طلبنا بتوفير الحماية للسفارة وأفرادها”. وأشار أيضا “اذا تبين لنا أنهم لا يتحملون هذه المسؤولية كما تتحملها سائر الدول التي لنا فيها سفارات فتلك مشكلة كبيرة”. وكما جاء في سياق الحديث التليفزيوني ذاته وصف أوباما للحكومة المصرية الجديدة أنها “مشروع قيد الانشاء” وأنها مازالت تتلمس طريقها. واذا كان البيت الأبيض قد أصدر صباح الخميس الباكر بيانا حول حديث هاتفي تم بين أوباما والرئيس المصري محمد مرسي فان هذا البيان لم يشر الى تقدير لموقف القيادة المصرية مثلما كان الأمر مع ليبيا ( ومحادثة مماثلة تمت مع المقريف). وذكر البيان أن أوباما شدد على أهمية أن تتمسك مصر بالتزامها للتعاون مع الولاياتالمتحدة في ضمان أمن منشآت وأفراد الدبلوماسية الأمريكية. وقد بدأت ردود الأفعال تجاه مصر تتردد في أجواء واشنطن . وقد تقرر أن تعقد جلسة استماع بالكونجرس صباح يوم 20 سبتمبر الجاري لمناقشة مستقبل العلاقات الأمريكية المصرية أمام لجنة الشؤون الخارجية بمجلس النواب برئاسة النائبة اليانا روس ليتنن. وكانت روس ليتنن في بيان لها أدانت ما حدث في ليبيا ومصر وقالت “أن ليس هناك مبرر لقتل الدبلوماسيين الأمريكيين وليس لدينا شئ يجب أن نعتذر عنه. كما أن مرتكبي هجمات هذه الجولة الحديثة من 11 سبتمبر يجب أن يتم محاسبتهم” ويرى المراقبون أن الأزمة مع مصر تزداد حدة والتحدي الذي تواجهه واشنطن في مصر أكبر مما هو في ليبيا. وقد عكس الدبلوماسي المعروف مارتن انديك “الشعور العام لدى دوائر عديدة في واشنطن” عندما قال “سياسيا فان الأمر الأكبر أو الأعقد هو مصر من جهة لم يقتل أمريكيين هناك ولكن هذه هي المرة الرابعة التي يتم الاعتداء فيها على السفارة في القاهرة بينما لم يفعل الأمن المصري الا القليل” مضيفا ” وأين كانت ادانة الرئيس مرسي لما حدث؟”وتساءل ستيفن كوك الخبير في الشؤون المصرية بمجلس العلاقات الدولية “كيف يمكن للرئيس أن يذهب الى الكونجرس ويقول نريد أن نسقط مليار دولار من ديون مصر؟” ثم أضاف ” وما يزيد الأمر تعقيدا ان هذا يحدث قبل ستة أسابيع من الانتخابات الأمريكية. وان الأشياء التي تريد الادارة أن تفعلها من أجل مصر صارت حملا أثقل” وبعد أن نوه دينيس روس الخبير المعروف بشؤون المنطقة بأن الرأى العام الليبي بشكل عام “غير معاد” أو “متعاطف” مع أمريكا فان الأمر في مصر مختلف اذ أن “مرسي والاخوان المسلمين يواصلون العيش حسب واقعهم الخاص بهم. واذا كانوا يريدون جذب أي كمية من الدعم الاقتصادي والاستثمار من الخارج يجب عليهم أن يخلقوا مناخا آمنا” وشهد واشنطن سجالا ما بين رجال حملة رومني ومؤيدي الرئيس أوباما حول لغة التخاطب مع هذا الأمر الشائك. وتحديدا باللجوء الى مفردات تعني “الاعتذار” ( أو ما شابه ذلك) في حين أن الموقف يقتضي (حسب رأيهم) لغة مواجهة وتحديد لمواقف وعدم التردد في مواجهة العنف والارهاب. وفي هذا السجال أشير أكثر من مرة الى البيان الصادر من السفارة الأمريكية في القاهرة في بداية الأزمة وبدء تفاقمها.وكيف أنه كان مهادنا و”كأننا نعتذر عن القيم الأمريكية التي نعتز بها”. وذكر من ضمن ما ذكر في اطار الرد على هذا الاتهام بأن هذا البيان الصادر من السفارة لم يتم اعتماده من جانب الخارجية ولا يعكس تماما ما تقوله الادارة وأن تم صياغته والسفيرة الامريكية باترسون خارج مصر. ومن المتوقع أن هذا البيان بمضمونه وصياغته وتوقيت صدوره سيثير الكثير من التساؤلات وأيضا المساءلات داخل الخارجية والادارة بشكل عام. وفي حوار تليفزيوني حول هوية صانع الفيلم المسئ للرسول نفى جيفري جولدبرج الكاتب الصحفي بمجلة “ذي اتلانتيك” والمتابع لملف الفيلم والقضية المثارة حوله وجود شخص باسم سام باسيل سواء في الولاياتالمتحدة أو في اسرائيل.وأشار الى هناك العديد من الصحفيين الاستقصائيين يقومون حاليا بالتحقيق المعمق من أجل التوصل الى تفاصيل أكثر وأدق وأشمل حول الفيلم وصانعه وظروف وملابسات انتاجه. ومع بدء الحديث عن تحركات عسكرية وأمنية في اتجاه ليبيا تساءل بعض المراقبين حول طبيعة هذه التحركات وأهدافها وهل يمكن أن تشهد الأيام المقبلة عملية عسكرية أمريكية بهدف القضاء على عناصر مسلحة كانت وراء الاعتداء على القنصلية الأمريكية ببنغازي. خاصة أن السفينتين الحربيتين اللتين تحركتا في اتجاه ليبيا تحملان صواريخ كروز. كما ذكر أيضا زيادة وتكثيف الطلعات الاستطلاعية ل “درون” (طائرات بدون طيار) مما قد تستخدم في مطاردة مرتكبي الحادث وربما القضاء عليهم. وحسب ما قيل حول هذا الأمر فمن المحتمل ألا نجد معارضة رسمية ليبية طالما الهدف محدد والعملية قصيرة الأمد.