فرانس 24: القرض متنفس مالي ثمين لمرسي سيترتب عليه إصلاحات سياسية واجتماعية صعبة بعد مفاوضات استمرت لعام ونصف العام تقريبا، وبعد معارضات ثم موافقات من الإسلاميين، انتهت مرحلة الأخذ والرد وجاءت على حصانها الذهبي، مديرة صندوق النقد الدولي الفرنسية كريستين لاجارد، لتمنح الإدارة المصرية الجديدة، الموافقة على قرض الصندوق بقيمة 4.8 مليارات دولار، وعلق الإعلام الفرنسي مبرزا آراء المشجعين والمنتقدين. التقرير الذي أعدته وكالة الأنباء الفرنسية ونقله عنها الموقع الإعلامي الشهير لراديو مونت كارلو وقناة «فرانس 24» التلفزيونية الإخبارية، نقل آراء خبراء اعتبروا أن قرض صندوق النقد الدولي لمصر «سيوفر متنفسا ماليا ثمينا لحكومة الرئيس محمد مرسي غير أنه سيرغمها على تطبيق إصلاحات صعبة على الصعيدين السياسي والاجتماعي». «فرانس 24» قالت إن مصر تمر بمرحلة من أسوأ ما شهدته البلاد اقتصاديا بسبب فساد نظام مبارك بخلاف التباطؤ الاقتصادي الذي شهدته البلاد عقب خلعه، مع ميراث الدعم الحكومي الذي يثقل كاهل الموازنة، مع الفقر الذي يعاني منه أكثر من 40 % من السكان، وأضيف كل هذا إلى انخفاض انخفاض احتياطي البنك المركزي المصري من العملات الصعبة بأكثر من النصف ليزيد من ضعف ميزانية البلاد وتهديد قدرتها على استيراد المواد الأساسية مثل الوقود والقمح. وأتى التباطؤ الاقتصادي الذي شهدته مصر إثر الاطاحة بالرئيس السابق حسني مبارك في فبراير ليضاف الى سلسلة صعوبات اقتصادية موروثة من العهد السابق ومنها الدعم الحكومي للمواد الاساسية الذي يثقل كاهل الموازنة والفساد المستشر في معظم الدوائر العامة والفقر المدقع الذي تعاني منه شريحة كبرى من السكان اذ ان 40% من المصريين يعيش الواحد منهم باقل من دولارين في اليوم. عجز الموازنة العامة سيرتفع في السنة المالية الجارية بحسب التقديرات الرسمية إلى 12.5 % ليصل إلى حوالي 22.5 مليار دولار أما قطاع السياحة الذي يعيش على عائاته 10% من المصريين، سواء بشكل مباشر أو غير مباشر، فلم يستعد عافيته بعد، ووكالة ستاندارد آند بورز العالمية للتصنيفات المالية للدول فحذرت من أن الدعم الدولي «الضروري جدا» لمصر قد «يضعف إذا أظهرت السلطات عجزها عن مواجهة التحديات الاقتصادية». مديرة الصندوق الدولي، التي تدرك بالطبع كل تلك الملابسات قالت إنها راغبة في أن «يواكب الصندوق مصر على طريق نهوضها الاقتصادي»، لكنها لم تعلن التزاما نهائيا بقيمة القرض الذي سيمنحه الصندوق لمصر، كما لم تتطرق إلى البرنامج الإجرائي المرافق الذي يتعين على حكومة قنديل تنفيذه، مشددة على أن المحادثات بين الجانبين في هذا الشأن ما زالت في بداياتها، وهذا رغم أن الحكومة المصرية أعربت عن أملها في إبرام اتفاق القرض قبل نهاية العام. وأكدت مديرة الصندوق في الوقت نفسه على أهمية أن يسير الدعم المالي مع برنامج إجراءات من المفترض أن تقره الحكومة المصرية وأن تطبقه “تطبيقا صارما” وهو ما سيتطلب منها «شجاعة سياسية». وهكذا نرى سيل الشروط الذي بدأ بالتساقط على مصر وكأنما ليذكر بمندوبي التفتيش الانجليز والفرنسيين بالوزارات المصرية في عهد ما بعد ديون الخديو اسماعيل، ونرى أيضا أن الصندوق «يتدلل» في شروطه لمنح القرض بعد أن كان هو الذي قدم العرض سابقا. تقرير الإعلام الفرنسي رصد أبرز التعليقات المصرية مبرزا تشكيكها في استخدام الحكومة لمبلغ القرض من أجل تحسين معيشة المصريين على المدى الطويل. ويستعير التقرير الفرنسي بعضا من فقرات مقال رئيس تحرير الجريدة عن القرض فيقول «في هذا كتب ابراهيم عيسي في صحيفة التحرير أن «هذا القرض سيتم إنفاقه على تغطية النفقات الشهرية المطلوبة للبنزين والسولار والكهرباء واستيراد القمح والأكل والشرب على كام منحة للموظفين، حتى يدخل الإخوان الانتخابات وسط هدوء اقتصادي وهمي مزيف بفعل مخدرات القرض.قرض الصندوق لمرسي هو مجرد مسكن ينقذ الاخوان من أي إجراءات اقتصادية قد تؤثر على فرص حزب الجماعة وجماعة الحزب في الانتخابات البرلمانية القادمة، والتي قرر الإخوان أن يدفع الشعب المصري من جيبه ومن قروضه ثمن شراهة الجماعة للحكم والاستحواذ على كل مقدرات البلد (…) وادفع يا شعب». ونقل التقرير كذلك عن أحمد جلال الخبير في مركز الابحاث الاقتصادية بالقاهرة قوله إن مصر بحاجة إلى 10 مليارات دولار لبدء النهوض من الأزمة، وعليها ايضا ان «تحرك موارد اخرى»، بخلاف قرض الصندوق، مضيفا أن الحصول على القرض يجب أن يترافق مع برنامج إصلاحات داخلية يمتد على مدار سنوات عدة، ومؤكدا أنه «على المدى القصير يجب اعادة تشغيل العجلة الاقتصادية وخلق فرص عمل. وعلى المدى المتوسط يجب اصلاح نظام التعليم وتحديث البنى التحتية». وختمت فرانس 24 برأي الخبير الاقتصادي انجوس بلير من معهد سيجنيت ومقره القاهرة، الذي يقول إن مسألة رفع الدعم الحكومي عن المواد الأساسية «20% من الموازنة العامة للدولة يذهب لدعم أسعار الوقود» يتصدر سلم الاصلاحات الواجب اقرارها لكنه لن يكون اجراء شعبيا على الأرجح. ويقول «يجب حل مسألة الدعم حتى يذهب الى مستحقيه فقط».