تفتح مراكز الاقتراع في تركيا أبوابها غدا الأحد، أمام الناخبين لاختيار برلمان جديد، ويأمل حزب العدالة والتنمية الحاكم أن يفوز بأغلبية في البرلمان تضمن له إجراء تعديل دستوري، يحول بموجبة تركيا من النظام البرلماني غلى النظام الرئاسي، كما رئيس الدولة رجب طيب أردوغان. تاريخ البرلمان التركي أطلق عليه أيضًا اسم الجمعية الوطنية الكبرى، وهو الهيئة التشريعية في تركيا، والمخولة بإقرار الدستور وتعديله، تأسس في شكله الحالي في عام 1920، إبان ما يعرف بحرب الاستقلال في تركيا ضد دول الحلفاء، يتكون البرلمان من 550 عضوًا مقسمين على 85 دائرة في 81 محافظة تركية، تحوي كل منها على دائرة انتخابية واحدة باستثناء إسطنبول التي تحتوي على 3 دوائر، وأنقرة وأزمير وتحوي كل منهما دائرتين. أسست تركيا البرلمان الأول في تاريخها في عام 1877 في عهد السلطان العثماني عبد الحميد الثاني، وكان يعرف بالمجلس العمومي، وأعطى القانون الأساسي السلطان صلاحية الدعوة لإجراء الانتخابات، وكان البرلمان مشكلًا من غرفتين هما مجلس النواب ومجلس الأعيان، أُغلق هذا المجلس رسميًّا في 11 أبريل 1920 بسب احتلال إسطنبول بعد خروج الدولة العثمانية مهزومة من الحرب العالمية الأولى وتوقيعها على اتفاقية مودرس لوقف الحرب. تنص المادة رقم 108 من الدستور التركي، على إجراء الانتخابات كل أربع سنوات تحت إشراف الهيئات القضائية. النظام الانتخابي أولًا: يشارك في الانتخابات القادمة 20 حزبًا من إجمالي 31 هي عدد الأحزاب السياسية في تركيا، يتنافسون لحصد حصتهم من بين 550 مقعدًا هي عدد مقاعد البرلمان . ثانيًا: يشترط قانون الانتخابات في تركيا تخطي أي حزب سياسي لعتبة انتخابية تبلغ 10% من الأصوات حتى يكون ممثلًا داخل البرلمان، بمعنى أن أي حزب يحصل على أقل من 10% من إجمالي عدد الأصوات لن يكون ممثلًا في البرلمان ويتم إسقاط المقاعد التي حصل عليها في سائر الدوائر. ثالثًا: تشهد هذه الانتخابات لأول مرة مشاركة حزب الشعوب الديموقراطي الكردي بوصفه حزبًا سياسيًّا مستقلًا في الانتخابات (في السابق شارك بعض أعضائه كمستقلين على قوائم أخرى)، ويعتبر المراقبون الحزب بمثابة رمانة ميزان الانتخابات التركية، حيث تشير استطلاعات الرأي إلى إمكان حصوله على ما بين 8- 11% من أصوات الناخبين، وتأمل المعارضة التركية في أن يتخطى الحزب حاجز ال10% لكسر هيمنة الحزب الحاكم. هدف الحزب الحاكم حصل حزب العدالة والتنمية بقيادة رجب طيب أردوغان على أغلبية مريحة في الانتخابات البرلمانية السابقة، إذ فاز ب327 مقعدا داخل البرلمان المكون من 550 مقعدا. وإذا تمكن الحزب من رفع عدد نوابه إلى 330 نائبا، يمكنه إصدار قرار بإجراء استفتاء على التعديلات الدستوري التي يرغب فيها. أما إذا فاز ب367 مقعدا - أي أغلبية الثلثين - فإن ذلك يعني أن الحزب يستطيع تمرير التعديلات التي يريد دون الحاجة إلى استفتاء عام، وذلك بموجب الدستور الحالي. دور أردوغان تشتكي الأحزاب المعارضة من أن أردوغان خرج عن المألوف بدعوة الأتراك لانتخاب حزب العدالة والتنمية، وهو بذلك تصرف كرئيس للحزب وليس رئيسا للدولة غير منحاز لأي طرف. ظل أردوغان رئيسا للوزراء منذ 2003 حتى انتخابه رئيسا العام الماضي. كما ترأس أردوغان اجتماعات وزارية، وهو ما لم يكن يفعله الرؤساء الأتراك إلا في ظروف معينة. وظل أردوغان رئيسا للوزراء منذ 2003 حتى فوزه بالانتخابات الرئاسية العام الماضي. وتظهر استطلاعات الرأي استمرار الدعم للنظام البرلماني المعمول به حاليا في تركيا، حتى بين الناخبين المؤيدين للحزب الحاكم. الأحزاب المشاركة عمد كمال كليجدار أوغلو، زعيم حزب الشعب الجمهوري الذي يمثل المعارضة الرئيسية، إلى تبني سياسيات يسار الوسط بعدما ظل في الوسط. يمثل حزب الشعب الجمهوري، بقيادة أوغلو، حزب المعارضة الرئيسي في تركيا، لكنه يواجه تحديا قويا من حزب الشعب الديمقراطي في وقت كان يأمل فيه الاستفادة من شكاوى البعض من الأوضاع الاقتصادية. ومن المحتمل أن يظل حزب الحركة القومية (أقصى اليمين) ثالث أكبر حزب، وقد خفف زعيمه المخضرم دولت بهجلي من مواقفه المتشددة ضد حقوق الأقليات، لكن الحزب يحظى بقبول بين معارضي سياسة الحكومة الحالية في التقارب مع الأكراد. ويسعى حزب الشعوب الديمقراطي لكسب أصوات الأكراد، كما يتقارب من الطبقة العاملة والحرفيين، تحت قيادة صلاح الدين دميرتاش، الذي ركز على الجدل الأخير بشأن حقوق المرأة والحريات المدنية لتعبئة أصوات الناخبين الشباب وداخل المناطق الريفية. السيناريوهات المتوقعة يحظر إجراء استطلاعات رأي في الأيام العشرة الأخيرة من الحملة الانتخابية، وهو ما يعني أنه لا يمكن رصد أي تغيير في مواقف الناخبين خلال هذه الفترة. ركز حزب الشعوب الديمقراطي، بقيادة صلاح الدين دميرتاش، على حقوق المرأة والحريات المدنية. ولكن إن صدقت آخر استطلاعات الرأي، فإن حزب العدالة والتنمية قد يحوز على 40-44 في المئة من أصوات الناخبين، كما تشير الاستطلاعات إلى احتمال دخول حزب الشعب الديمقراطي للبرلمان، إذ يتوقع أن يحصل على 10 في المئة من أصوات الناخبين المطلوبة ليصبح لديه أكثر من 50 مقعدا في البرلمان. ويعني ذلك تراجع فرص حزب العدالة والتنمية في الحصول على أغلبية. وعلى ضوء أن كل الأحزاب الأخرى تعارض خطط تعديل الدستور، تتراجع فرص الحزب الحاكم في الدفع من أجل إجراء استفتاء عليه. وإذا كان أداء حزب العدالة والتنمية قويا، حتى لو دخل حزب الشعب الديمقراطي إلى البرلمان، سيستطيع الأول الحكم منفردا، لكن ستظل أمامه مشكلة في إجراء الاستفتاء. ومن ناحية أخرى، فإنه إذا كان أداء الحزب اليساري ضعيفا، فإن الحزب الحاكم سيحصل على غالبية 330 مقعدا ويستطيع إجراء الاستفتاء. نزاهة الانتخابات أظهر استطلاع حديث تزايد مخاوف بين المواطنين من احتمال حدوث مخالفات في الانتخابات، وتعتزم مجموعات حقوقية مراقبة الانتخابات المرتقبة.