ما الذى يقف فى طريق العلاقات المصرية الألمانية؟ علامة استفهام ارتفعت مؤخرًا فى أعلى عِلِّيين وعلى هامش الإعداد والترتيب لزيارة الرئيس السيسى القادمة لألمانيا، خصوصًا بعد الموقف غير المفهوم وغير الديمقراطى من قِبل رئيس البرلمان الفيدرالى هناك «نوربرت لامرت» والمتعلق برفض مقابلة السيسى، مع أن السيسى لم يطلب لقاءه من الأصل! والمؤكد أن التصريحات الرسمية التى صدرت عن المستشارة الألمانية ميركل ووزارة الخارجية الألمانية قد أكدت جميعها أهمية تلك الزيارة، وعمق العلاقات الألمانية المصرية، إلا أن المشهد لا يخلو من خلفيات تاريخية توضح لنا كيف أن الدوائر الغربية، أمريكية كانت أو ألمانية، قد تلاعبت بفكرة الإسلام السياسى خدمةً لمصالحها، وعليه فقد وجد أتباع هذا التيار من العرب والشرق أوسطيين فى ألمانيا خير ملاذ لهم، ولهذا يبقى نفوذ الإخوان المسلمين أمرًا مفهومًا على الأراضى الألمانية. فى كتابه كشف جونسون عن قصة مسجد أقيم فى ميونخ بألمانيا. أما فكرة إنشاء المسجد فترجع إلى فترة الحرب الكونية الثانية، وبمساعدة «وكالة الاستخبارات المركزية» الأمريكية، أضحى المسجد لاحقًا مَوْئِلَ الإسلامويين الراديكاليين، ومعهم أعضاء جماعة الإخوان المسلمين الذين بسطوا هيمنتهم ونفوذهم على امتداد القارة الأوروبية. لم يكن لمؤسسى «مسجد ميونخ» ما يربطهم بكتلة المهاجرين المسلمين إلا لمامًا.. إذ خلص المؤلف إلى قيام مجموعات ثلاث بدعم المسجد وتوطيد أركانه بهدف بلوغ مسارب بعينها. فكانت طائفة تضم مفكرين نازيين عمدوا إلى التخطيط لاستخدام «الإسلام» سلاحًا سياسيًّا إبان الحرب الكونية الثانية ليستأنفوا الاستراتيجية ذاتها خلال سِنى الحرب الباردة. وطائفة كان سوادها أفرادًا من وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية، شرعوا فى انتهاج المنحى النازى ذاته والإفادة منه أملًا فى استخدام الإسلام لمحاربة الشيوعية وكسر شوكتها. وطائفة ثالثة كان قوامها حفنة من إسلامويين راديكاليين رأوا فى المسجد موطئ قدم لهم فى الغرب. وقد انتظم تلكَ الطوائفَ عنصرٌ مشتركٌ: فلم يكن الهدف إنشاء دار عبادة أو مسجد بقدر ما كان إرساء قاعدة لأنشطة سياسية قد لا تخلو من عنف ممنهج. ولوهلة أولى يبدو الأمر ذا نبرة مألوفة ونغمة معروفة، فخلال سبعينيات القرن العشرين وثمانينياته عمدت الولاياتالمتحدةالأمريكية إلى محاولة تعبئة المسلمين لمجابهة السوفييت فى أفغانستان، الأمر الذى أفضى إلى نشأة تنظيم القاعدة. أما «مسجد ميونخ» فقد اختمرت فكرة إنشائه قبل ذلك بثلاثة عقود لَدَى مُفْتَتَح الحرب الباردة، لا عند قرب نهايتها. كذا فقد كان الهدف من وراء إنشاء المسجد جد مختلفًا. ففى بلدان كأفغانستان، تم توظيف الإسلام لخوض حرب انتظمت جنودًا وعتادًا. أما هنا فى ألمانيا فقد سيق المسلمون نحو حرب سيكولوجية، حرب مذاهب وأفكار لا حرب دروع وأوتار. وهنا تبدى للكاتب جليًّا أن وقائع ميونخ وأحداثها كانت نذيرًا بتطورات ستجرى أحداثها لاحقًا.. مستجدات أيديولوجية وعسكرية شمل نطاقها العراقوأفغانستان. ما أشبه الليلة بالبارحة! تكتيكات أتت بنتائج عكسية بمثل ما قد جنت على نفسها براقش. فالحرب التى خاضها مسلمو ميونخ قد تمخض عنها أيديولوجية خبيثة بوجه الغرب «الإسلاموية».. وما أدراك ما هى؟! إنها ليست العقيدة الإسلامية التليدة كدين، بل هى نظام فكرى شديد العنف بالغ التسييس.. نظام خرجت نبتة الإرهاب البغيض من بين ثناياه. إنه الإرهاب والعنف اللذان اكتوت كل من نيويورك وواشنطن بنيرانهما خلال هجمات الحادى عشر من سبتمبر 2001. أما التنظيم الإسلاموى الأبرز فهو جماعة «الإخوان المسلمين».. تلك الجماعة التى جعلت «مسجد ميونخ» خلية سياسية لخدمة أهدافها ومآربها. لقد جعلت المجتمعات الغربية إنعام النظر هذا تبعةً ثقيلةً ومهمة وبيلة، وعلى العموم فإن وثائق وكالات الاستخبارات وملفاتها حول «الإسلام السياسى ودوائره» لم يفرج عنها بعد. هل تريد معرفة عميقة لأسباب دعم الإخوان المسلمين فى فرنساوألمانيا والسويد وغيرها من دول أوروبا اليوم وتقاطعاتها مع حركات الإسلام السياسى، وبخاصة الإخوان المسلمون؟ عليك بقراءة صفحات هذا الكتاب.