أحداث متتالية حدثت فى الفترة الوجيزة الماضية تدعو إلى الدهشة والتأمل ومحاولة القراءة، أولا يظهر محمود غزلان فجأة بعد طول غياب، وهو رقم مهم فى مكتب الإرشاد بعد غياب جمعة أمين واختفاء محمود عزت وحبس الشاطر وبديع ووهدان، وخصوصًا أن محمود غزلان نسيب خيرت الشاطر ومن المؤكد أنه على تواصل ما على المستوى العائلى. كتب مقالا يعد عودة للخلف خطوات كبيرة بالدعوة إلى السلمية وأنها خيار أساسى، منتقدا من اتخذ العنف طريقا، ومؤكدا أنه خيار خاطئ، بعد سنتين من الغياب تكتشف فجأة أن السلمية خيار وحيد واستراتيجى، من المؤكد أن هذا شىء مثير للدهشة، وبعد يومين يظهر فجأة محمود عزت ويتم اختياره كمرشد جديد، رغم أن هذا الاختيار مخالف للائحة، إذ يجب أن يتم اختيار المرشد من قبل مجلس شورى الجماعة وبحضور 80% على الأقل من مجلس الشورى، وهذا غير متوفر بالطبع، لأن بعضهم داخل السجن وبعضهم هارب خارج السجن وداخل مصر، ولذلك يصعب تجميع هذا العدد، ولكن ما علينا، فقد تم اختياره مرشدا، وفى نفس اليوم يصدر بيان غريب موقع من 150 عالما كما يقولون، على رأسهم يوسف القرضاوى والزندانى، ويحمل البيان بعبارات تحريضية مباشرة، من عينة الانتقام والثأر والقصاص، ويحدد مؤسسات بعينها، أو فلتقل كل مؤسسات الدولة، فهو يذكر القضاء باللفظ وكذلك المؤسسة العسكرية والشرطة ولم ينسَ الإعلاميين والسياسيين والأزهر والمفتى، فقد جعل الجميع فى مرمى النيران، بل ويصبغ عليها صبغة شرعية، ويعتبرها واجبا شرعيا، هكذا بكل وضوح. هذه الأحداث المتناقضة تدعو إلى التأمل، فمن المستحيل أن يتحرك هذا العدد من العلماء بشكل فردى بعيدا عن إرادة من دول عربية ودولية ما، فلا أعتقد أن القرضاوى أو الزندانى أو الجماعة كلها لها قرار مستقل فى تلك اللحظات الحرجة، ولكن وبشكل واضح أصبح القرار تحت إمرة المصالح العالمية فى المنطقة ووفق توازنات وتفاهمات معقدة، لا يستطيع الإخوان ولا من يدعمهم أن يتجاوزوها، وهذا البيان المحرض بهذا الشكل الواضح وإعطاء الانتقام مظلة شرعية بهذا العدد الكبير من المسمى زورا «اتحاد علماء المسلمين»، هذا التحريض موجه بشكل خاص للذئاب المنفردة، أو الملتحمين بالحالة الربعاوية من المحبين والمؤيدين، لأن التنظيميين لا يأخذون أوامرهم من بيانات أو من الإعلام بشكل عام، وكل هذا يوحى أن الدولة المصرية مستهدفة بشكل كبير من النظام العالمى، فحيث تلتهب حدودها الشرقية والغربية والجنوبية يحاولون إشعال الداخل بعد هدوء نسبى على الساحة الداخلية، فهم يريدون إشعالها من جديد، وهنا تثار علامة استفهام كبيرة، فخلال الفترة الماضية لا تصرح الجماعة بالعنف، وعندما صدر بيان واضح بالعنف تم سحبه بعد مدة قصيرة، واضطرت الخارجية الأمريكية إلى إدانة البيان، أما الآن فلم نسمع أى تصريح رسمى، خصوصا أن البيانات الرسمية الأمريكية والبريطانية ما زالت تؤكد أن الإخوان غير «داعش» وغير «بيت المقدس»، رافضين تصنيفهم كجماعة إرهابية، ففى الوقت الذى تبذل فيه جهود لجذب السعودية إلى صراع طائفى بعد تفجيرات الطائف، يتم حدوث هذا فى مصر، وفى نفس التوقيت ينزل نداء من «بيت المقدس» إلى شباب الإخوان بالإتيان إلى سيناء للوقوف بجانب تنظيم بيت المقدس ضد الدولة المصرية، مما يؤكد أن مخطط الشرق الأوسط المفتت يسير على قدم وساق، من المؤكد أن هذا يدعونا إلى الاصطفاف الداخلى لمواجهة هذا المخطط، ولذلك فأنا أثمّن لقاء الرئيس بعدد من الأحزاب المهمة، لسماع وجهة نظرهم، وليس معنى الاصطفاف أن نرى الخطأ ولا نشير إليه، بل على العكس، فنحن ننتقد للفت النظر إلى ثغرات الاصطفاف التى يرتكبها النظام بسبب انحيازات اجتماعية غير متوازنة، فتباين الآراء هنا فى صالح الوطن، فالكل داخل الوطنية المصرية، فنحن نحب هذا البلد ونخاف عليه فى نفس الوقت، وندعو الله أن يتم نعمته على هذا البلد، وبمعونة الله وجهد أبنائه المخلصين قادرون إن شاء الله على الوقوف ضد هذه المخططات، والله الموفق والمستعان.