استعدادا لشم النسيم ..رفع درجة الاستعداد بالمستشفيات الجامعية    سعر الدينار الكويتي اليوم الأحد 5-5-2024 مقابل الجنيه في البنك الأهلي بالتزامن مع إجازة عيد القيامة والعمال    وزير المالية: 3.5 مليار جنيه لدعم الكهرباء وشركات المياه و657 مليون ل«المزارعين»    وزيرة إسرائيلية تهاجم أمريكا: لا تستحق صفة صديق    تشكيل ليفربول المتوقع ضد توتنهام.. هل يشارك محمد صلاح أساسيًا؟    الاتحاد يواصل تدريباته استعدادًا لمواجهة الأهلي.. وأتوبيسات مجانية للجماهير    الأهلي يجدد عقد حارسه بعد نهائي أفريقيا    مصرع شخص وإصابة 10 آخرين في حادثي سير منفصلين بالشرقية    الإسكان: 98 قرارًا لاعتماد التصميم العمراني والتخطيط ل 4232 فدانًا بالمدن الجديدة    «الري»: انطلاق المرحلة الثانية من برنامج تعزيز التكيف مع التغيرات المناخية في الساحل الشمالي والدلتا    الإسكان تنظم ورش عمل حول تطبيق قانون التصالح في مخالفات البناء    استقرار ملحوظ في سعر الدرهم الإماراتي مقابل الجنيه المصري اليوم    العمل: توفير 14 ألف وظيفة لذوي الهمم.. و3400 فرصة جديدة ب55 شركة    ماكرون يطالب بفتح مجال التفاوض مع روسيا للوصول لحل آمن لجميع الأطراف    مسؤول أممي: تهديد قضاة «الجنائية الدولية» انتهاك صارخ لاستقلالية المحكمة    أوكرانيا تسقط 23 طائرة مسيرة روسية خلال الليل    رئيس الوزراء الياباني: ليس هناك خطط لحل البرلمان    قصف مدفعي إسرائيلي على الحدود اللبنانية    يصل إلى 50 شهاباً في السماء.. «الجمعية الفلكية» تعلن موعد ذروة «إيتا الدلويات 2024» (تفاصيل)    البابا تواضروس خلال قداس عيد القيامة: الوطن أغلى ما عند الإنسان (صور)    اتحاد القبائل العربية: نقف صفًا واحدًا خلف القيادة السياسية والقوات المسلحة «مدينة السيسي» هدية جديدة من الرئيس لأرض الفيروز    فيديو.. شعبة بيض المائدة: نترقب مزيدا من انخفاض الأسعار في شهر أكتوبر    مختار مختار يطالب بإراحة نجوم الأهلي قبل مواجهة الترجي    كرة طائرة - مريم متولي: غير صحيح طلبي العودة ل الأهلي بل إدارتهم من تواصلت معنا    «شوبير» يكشف حقيقة رفض الشناوي المشاركة مع الأهلي    شوبير يكشف مفاجأة حول أول الراحلين عن الأهلي بنهاية الموسم    ارتفاع أسعار الدواجن اليوم الأحد في الأسواق (موقع رسمي)    الزراعة: حديقة الأسماك تستعد لاستقبال المواطنين في عيد شم النسيم    المديريات تحدد حالات وضوابط الاعتذار عن المشاركة في امتحانات الشهادة الإعدادية    ضبط دهون لحوم بلدية غير صالحة للاستهلاك الآدمي في البحيرة    حدائق القاهرة: زيادة منافذ بيع التذاكر لعدم تكدس المواطنيين أمام بوابات الحدائق وإلغاء إجازات العاملين    التصريح بدفن شخص لقي مصرعه متأثرا بإصابته في حادث بالشرقية    السيطرة على حريق التهم مخزن قطن داخل منزل في الشرقية    وفاة كهربائي صعقه التيار بسوهاج    نجل الطبلاوي: والدي كان يوصينا بحفظ القرآن واتباع سنة النبي محمد (فيديو)    يعود لعصر الفراعنة.. خبير آثار: «شم النسيم» أقدم عيد شعبي في مصر    تامر حسني يدعم شابا ويرتدي تي شيرت من صنعه خلال حفله بالعين السخنة    سرب الوطنية والكرامة    الكاتبة فاطمة المعدول تتعرض لأزمة صحية وتعلن خضوعها لعملية جراحية    حكيم ومحمد عدوية اليوم في حفل ليالي مصر أحتفالا بأعياد الربيع    رئيس «الرعاية الصحية» يبحث تعزيز التعاون مع ممثل منظمة الأمم المتحدة للطفولة    صحة الإسماعيلية تنظم مسابقات وتقدم الهدايا للأطفال خلال الاحتفال بعيد القيامة (صور)    أخبار الأهلي: تحرك جديد من اتحاد الكرة في أزمة الشيبي والشحات    وزير شئون المجالس النيابية يحضر قداس عيد القيامة المجيد ..صور    إنقاذ العالقين فوق أسطح المباني في البرازيل بسبب الفيضانات|فيديو    كريم فهمي: مكنتش متخيل أن أمي ممكن تتزوج مرة تانية    مخاوف في أمريكا.. ظهور أعراض وباء مميت على مزارع بولاية تكساس    مصر للبيع.. بلومبرج تحقق في تقريرها عن الاقتصاد المصري    توقعات الفلك وحظك اليوم لكافة الأبراج الفلكية.. الأحد 5 مايو    حزب العدل يشارك في قداس عيد القيامة بالكاتدرائية المرقسية    الآلاف من الأقباط يؤدون قداس عيد الميلاد بالدقهلية    دار الإفتاء تنهي عن كثرة الحلف أثناء البيع والشراء    حكم زيارة أهل البقيع بعد أداء مناسك الحج.. دار الإفتاء ترد    صناعة الدواء: النواقص بالسوق المحلي 7% فقط    أبو العينين وحسام موافي| فيديو الحقيقة الكاملة.. علاقة محبة وامتنان وتقدير.. وكيل النواب يسهب في مدح طبيب "جبر الخواطر".. والعالم يرد الحسنى بالحسنى    هل يجوز السفر إلى الحج دون محرم.. الإفتاء تجيب    شم النسيم 2024 يوم الإثنين.. الإفتاء توضح هل الصيام فيه حرام؟    رسالة دكتوراة تناقش تشريعات المواريث والوصية في التلمود.. صور    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حوار|حرب: الدولة تنتهك القانون إذا لم تقبض على أحمد موسى
نشر في التحرير يوم 30 - 05 - 2015


حوار: صابر العربي
محلب ليس الأفضل لمصر حاليًّا.. وعلاقته بالسياسة «هامشية» للغاية
النظام السياسى الحالى لا يعادى الديمقراطية.. لكنه متخوف منها ومن عواقبها
لا أعتقد أن تأجيل الانتخابات عن عمد.. و«الخيبة» فى التشريعات لا تقل خطورة عن التعمد فى التأجيل
الدولة «متميعة» مع «النور» كأنها لم تتعلم من «خازوق» الإخوان.. واختفاء الأحزاب غدًا لن يؤثر فى شىء
حالة من الجدل انتابت عددا من المهتمين بالشأن السياسى، على خلفية إصدار محكمة الاستئناف حكمها بتأييد حبس الإعلامى أحمد موسى عامين، لسبه الدكتور أسامة الغزالى حرب، رئيس مجلس أمناء حزب المصريين الأحرار، والخبير بمركز الأهرام للدراسات السياسية، ليكون دافعا لكى تقترب «التحرير» من تفاصيل هذه القضية، من ناحية الطرف الذى تعرض للسباب، وهو الدكتور أسامة الغزالى حرب، وذلك من خلال حوار مطول، يكشف خلاله عن عدد من آرائه فى القضية سالفة الذكر، وعدد من الأمور التى تهم المصريين، لا سيما تقييمه لأداء الرئيس السيسى بعد عام من حكمه، وعرض ما للرئيس من إيجابيات، والكشف عما عليه من سلبيات، فضلا عن الحديث عن رأيه فى أداء الحكومة برئاسة المهندس إبراهيم محلب، والنظر إلى البرلمان المقبل، وما يُحاك ضد مصر من مؤامرات من عدد من الدول الأجنبية التى تهدف إلى هدم الدولة المصرية، بالإضافة إلى الدخول فى تفاصيل أخرى عديدة.
بداية.. حدِّثنا عن الخلاف القائم بينك وبين الإعلامى أحمد موسى؟
هو أمر خاص جدا، البداية كانت بكتابتى مقالة فى «الأهرام»، تحت عنوان «ثورة مضادة»، معترضا على هجوم موسى الشرس على ثورة ال25 من يناير، واعتباره أن كل من أسهم وشارك فى ثورة يناير عملاء، وتم تدريبهم فى الخارج، فكان الرد منه بسبى والتلفظ على شخصى، وأن الجميع يعرف من أنا، فضلا عن قوله شيئا مضحكا، وهو أن حزب الجبهة الديمقراطى الذى كنت رئيسه قبل دمجه مع «المصريين الأحرار»، خرج منه كل الشباب الذين نفذوا «التخريب» فى 25 يناير، وهذا شىء يشرفنى وأنا أفخر بأن الشباب الذين أشعلوا ثورة 25 يناير معظمهم خرج من حزب الجبهة الديمقراطى، لكنه يعتبر هذا أمرا شائنا.
ما سبب تصاعد الخلاف والوصول إلى ساحات المحاكم؟
تغاضيت عن كل السخافات التى كانت تصدر منه سابقا، إلا عندما قال إنى كنت أجلس مع السفير الأمريكى من أجل إبلاغه بأخبار البلد، وفى هذه الحالة على الفور توجهت إلى القضاء، وكسبت القضية، وتم صدور حكم ثانى درجة من محكمة الاستئناف بحبسه سنتين، ولن أتنازل عن حقى فى القضية، نظرا لكون القضية الآن ليست «شخصية»، بل هى قضية رأى عام.
كيف تقيّم عدم إلقاء القبض على أحمد موسى.. حتى الآن؟
سألت وعرفت أنها مسألة قانونية، وأحمد موسى أمامه فترة، على ما أظن شهرا كحد أقصى، وهى فترة المعارضة الاستئنافية، وتتيح له القدرة على «اللعب» فيها.
وماذا بعد انتهاء هذه المدة دون تحرك موسى؟
لا بد من إلقاء القبض عليه، وفى حالة عدم حدوث ذلك، تكون الدولة هى من تنتهك القانون، وأحمد موسى فى مأزق لا يحسد عليه.
ما رؤيتك للقاءات الرئيس مع الأحزاب.. التى كان آخرها الأربعاء الماضى؟
الحوار بين الرئيس والأحزاب مطلوب، وبالتأكيد سيكون مفيدا وليس مضرا، وأولها أن يتعرفوا على الرئيس بشكل جيد، وكذلك يتعرف عليهم الرئيس، لأن الرئيس لا بد أن يكون على دراية بالرأى العام، من القوى السياسية بلاشك، وفى نفس الوقت يعطى دفعة للأحزاب السياسية، لأنها من المفترض أن تكون عماد الديمقراطية، وكانت من النتائج الإيجابية إحالة مقترحات الأحزاب إلى لجنة الإصلاح التشريعى والاهتمام الكبير بالمبادرة التى طرحت من الأحزاب بخصوص تعديل القوانين الانتخابية.
مر عام من حكم الرئيس السيسى للبلاد.. ما تقييمك له؟
لا شك فى أن التوقعات المرتبطة بحكم الرئيس، ارتبطت بالظروف التى فيها الرئيس، فكما نعلم جميعا أن السيسى تولى الحكم بعد منافسة على منصب الرئيس فى ما بينه وبين حمدين صباحى، لكن قبل ذلك وهو الأهم، أنه قدم نفسه للرأى العام باعتباره قائدا للجيش الذى تدخل استجابة للإرادة الشعبية فى مواجهة الإخوان، وهو الذى قاد عملية الخلاص من الإخوان، وبادر بخارطة الطريق، التى كانت تتضمن الانتخابات الرئاسية والبرلمانية، التى نسير نحوها الآن.
هل كان السيسى على قدر طموحات المصريين؟
أول شىء يجب أن يأخذ فى الاعتبار، هو التوقعات الهائلة والكبيرة، لدى المواطنين من السيسى، لأنه جاء فى ظل هذه الظروف العصيبة، وحُمل منذ اللحظة الأولى بشعبية جارفة لا يمكن إنكارها، وأنا شخصيا شاهد على هذا، باعتبارى فى حزب المصريين الأحرار، وموجود فى الحياة السياسية، والسيسى فى لحظة معينة وصل إلى ذروة شعبية ربما لم يصل إليها من قبله جمال عبد الناصر، فصور السيسى موجودة فى كل ميادين مصر، من الصعيد إلى وجه بحرى وصولا إلى سيناء، وفى كل بقاع الجمهورية بمصر، فعبد الفتاح السيسى وصل إلى الحكم محملا بشعبية هائلة، وهذه هى نقطة التحدى.
وهل حافظ السيسى على هذه الشعبية، فاستطاع بالفعل أن يحافظ على الزخم الذى جاء به للحكم؟
فى المعتاد عندما يصل شخص ما إلى منصب من هذا النوع، فيكون من الطبيعى وجود مجموعة تتقبله ومجموعة لا تتقبله، إنما تصل وأنت محمل بكل هذه الشعبية الجارفة، فهذا الأمر يجعل الحفاظ على الشعبية تحديا فى منتهى الصعوبة، ولا أستطيع أن أقول نعم حافظ على الشعبية، فالممارسة كان بها الكثير من السلبيات، وكثير من التحفظات.
هل معنى هذا أن السيسى يفقد شعبيته؟
نعم، فشعبية الرئيس قلت نسبيا، ورصيده بينخفض، وهناك عدة أسباب لتناقص هذه الشعبية.
لماذا تناقصت شعبية الرئيس من وجهة نظرك؟
لعدة أسباب، وذلك لأن مشكلات مصر ليست هينة، فهى كبيرة جدا، وكانت على رأسها المشكلة الاقتصادية، والرئيس أدرك هذا، ولذلك لم يكن مصادفة أن يتم عقد المؤتمر الاقتصادى، ومع ذلك فالوضع الاقتصادى لا يستطيع أحد أن يدعى أنه تحسن، بالطريقة التى كان يتصورها أو ينتظرها المصريون، فالمؤتمر رافقته العديد من التوقعات والتكهنات، وحديث عن استثمارات وعن وعود، إنما ما الذى تحقق حتى الآن؟ لا نعرف وغير واضح، وبالتأكيد هناك فجوة بين حجم التوقعات وما أنجز بالفعل على أرض الواقع.
وماذا عن باقى الأسباب التى أدت إلى الانتقاص من شعبية الرئيس؟
سبب آخر، هو أخطرها على الإطلاق، يتمثل فى اعتماد الرئيس فى الحكم على شخصه وعلى ذاته فقط، وإذا كان هناك مستشارون، فهم عبارة عن مجموعة ضيقة من العسكريين، ورجال المخابرات الحربية، باعتباره قادما من القوات المسلحة، فهم الذين اعتاد عليهم، فالرئيس لم يهتم بأن يحيط نفسه بمجموعة من المستشارين المدنيين بالمعنى الحقيقى والفعال، فأين من يقدمون إلى الرئيس النصح والاستشارة الحقيقية، فمصر لم تعدم الكفاءات، ولديها ما لا يقل عن 60 اسما محترمين جدا فى كل المجالات، ومن الممكن الاستعانة بهم فى الرأى، وفى السياسات الداخلية وسياساته الخارجية، وربما كان إحدى الحقائق التى تفسر كثيرا من هذا الخلط والمشكلات، هو الانشغال الكبير للدولة بمواجهة الإرهاب، لأن مواجهة الإرهاب استنزفت كثيرا من الجهد والطاقة وجعلت المجتمع منتبها نحو شىء بعيد، وقطعا أن الرئيس السيسى تحمل العبء الأكبر فى مواجهة الإرهاب.
هل من الخطأ أن يستعين الرئيس بمستشارين من القوات المسلحة؟
لا شك أن إحدى خصائص الرئيس السيسى أنه يثق ثقة مطلقة فى القوات المسلحة، فيعتقد أنها مؤسسة استثنائية، وهو محق فى هذا، ولها قدرتها ولها كفاءتها، إنما أن يصل هذا إلى أن تصبح القوات المسلحة هى القوة الأساسية لإحداث كل التغيرات فى البلد، وهى التى تنفذ المشروعات الكبرى، وهى التى تقوم بكثير من الأعمال والمشاريع التى من المفترض أن تقوم بها قوة مدنية، فهذا يعتبر علامة استفهام مهمة، وبالفعل بدأ ذلك يحدث نوعا من التساؤل عند كثيرين، فرجال الأعمال يعتقدون أن الجيش ينافسهم، وأنشطة كثيرة دخل فيها الجيش، فهذه المسألة من الممكن أن تحدث عائدا معينا عند درجة معينة، لكن عندما تزيد فيصبح الجيش هو البديل، فهذا يؤدى إلى مشكلة حقيقية.
تحدثت عن عدم وجود مستشارين مدنيين للرئيس.. رغم وجود أربعة مستشارين؟
المستشارون الأربعة ومنهم السفيرة فايزة أبو النجا، واللواء أحمد جمال الدين، فضلا عن وجود اثنين آخرين لا أتذكرهما، فحالى كحال المواطنين، فمستشارو الرئيس مجهولون لدى المواطن، وذلك أكبر دليل على أن وجودهم شكلى لا أكثر، وافتقاد الكفاءات المدنية حول الرئيس سببه عدم وجود خطة أو تصور سياسى للمستقبل بشvكل واسع، وهذا الأمر ليس على الرئيس فقط، ولكن يفتقدها النظام السياسى بشكل عام.
ماذا تقصد بعدم وجود رؤية أو تصور سياسى؟
تذكر أن أيام حكم الإخوان كنا نسخر من مشروع النهضة، حين ظهر أنه لا يوجد مشروع نهضة على الإطلاق، واختفى «اللا مشروع»، الذى كان يسمى النهضة، إذن فما مشروع السيسى؟ ففى الحقيقة لم نجد رؤية لمستقبل البلد، فأى رئيس يصل إلى الحكم فعليه أن يقدم إلى الرأى العام رؤية، ولا يقتصر على تقديم الخطب والأحاديث، التى تتناول بعض القضايا اليومية دون رؤية كاملة، وهذا الأمر انطبق على كل رؤساء مصر، فجمال عبد الناصر فى فترة معينة خرج ب«الميثاق الوطنى»، وأنور السادات اشتغل على «ورقة أكتوبر»، وحسنى مبارك عمل «مؤتمر العمل الوطنى» فى بداية حكمه، فبالتالى مثل هذه الوثائق والرؤية الشاملة، بالتأكيد، مفتقدة بالنسبة إلى الرئيس السيسى.
لكن هل هذه الوثائق والرؤية انعكست بشكل إيجابى على المواطن.. من قِبل الرؤساء الثلاثة السابقين؟
على الأقل كان يحدث نوعا من الرؤية التى يحاسب عليها، لكى يتم المقارنة بين ما هو مطروح فى هذه الرؤية وما تم تنفيذه بالفعل، إنما كلام الرئيس عام، فالسيسى قال إنه ليس لديه برنامج انتخابى، وهذا ينعكس على عدم وضوح منهج معين نسير تجاهه، لتنفيذ سياسات نحو حل مشكلات المجتمع.
وما مشكلات المجتمع؟
البطالة والتعليم والصحة والإسكان، وهذه هى القضايا الأربع الكبرى التى تشغل المواطن، فكل مواطن يريد أن يعمل، والتعليم متدهور، والصحة تحتاج إلى نفقات هائلة، والمجتمع المصرى يعانى من مشكلات صحية عديدة، والإسكان مشكلة مزمنة فى مصر، ويعد الإسكان أكثر مشكلة، وتوجد لها محاولات لحلها جذريا، وتحتاج إلى مئات المليارات، وآلاف المبانى فى هذا القطاع، وذلك لأن الإسكان «أسهل حاجة»، أما فى ما يخص قضية التعليم، التى فى تقديرى هى رقم «1 و2 و3»، رغم أن السيسى أشار إلى التعليم أكثر من مرة وتحدث عنه وعما تحتاجه مشكلة التعليم من نفقات كبيرة، وأشير إلى أن قضية التعليم هنا لأن من الصعب أن نتحدث مع الرئيس السيسى، كرئيس فى ظروف عادية، فيجب أن لا ننسى أن السيسى جاء بعد ثورتين، وبالتالى المصريون بعد هاتين الثورتين المهمتين لديهم آمال عريضة نحو التغيير.
هل هناك سياسات معينة يطرحها الرئيس؟
الإجابة «مافيش»، لكن طبعا هناك بعض اللقاءات والاجتماعات، وانعقاد مجالس للعلماء مع الرئيس، أما أن نتكلم فى ما يخص وجود مؤسسات مستمرة وموجودة تطرح رؤية وتتابعها، ويتابعها الرئيس، فهذا الأمر غير موجود، فلذلك إحساس الناس بأن تغييرا مهما قد حدث فى حياتهم أقل بكثير من توقعاتهم، وفى العلوم والدراسات السياسية، أكبر مصدر للخطر على النظام السياسى هو الفجوة بين التوقعات وما هو ملموس على أرض الواقع، وعندما تحدث هذه الفجوة تحدث القلاقل، والناس متوقعة أن يحدث إنجاز عظيم، ومستوى المعيشة سيرتفع والأمور ستكون أفضل، وهذا لم يحدث.
هل هذا من الممكن أن يدفع إلى نزول المواطنين إلى التظاهر ضد السيسى؟
أنا لا أتوقع أن يحدث هذا بسهولة، وذلك لسبب بسيط، وهو، أولا: المصريون مروا بتجربتين لثورتين شديدتين، من الصعب أن تتكرر مرة أخرى، والمواطنون بعد هذه الفترة متعبون ومنهكون، وهذا الأمر لن يجد تجاوب من الغالبية العظمى للمواطنين، فالحديث الآن عن نوع من الخروج والتوجه نحو الأفضل، فالمواطن الآن يريد فى طوى هذه الصفحة، ويرغب فى العمل والشغل.
كيف ترى انطباع المواطن البسيط على أداء الرئيس؟
حتى الآن المصريون يصرفون من رصيد السيسى لديهم، لأنه لا يزال له رصيد من الحب لدى المصريين، إنما هذا الرصيد يتناقص، ولم يصل بعد إلى النقطة الحرجة.
كيف ترى أداء جهاز الشرطة ووزارة الداخلية؟
هذا هو أحد الملامح المهمة لحكم الرئيس السيسى، وهو توقعات بعودة توحش الأمن مرة أخرى، فرجال الشرطة وعناصر جهاز أمن الدولة، والعناصر الأمنية المنتشرة فى كل مكان من حولنا، وهذه مسألة فى منتهى الخطورة، وأنا أقول هذا الكلام بمناسبة القضية الأخيرة، فى ما يخص مشكلتى مع أحمد موسى، وبرنامج عبد الرحيم على، على سبيل المثال، فضلا عن تصرف الأمن فى القضية الأخيرة لطالب الهندسة «عطيتو»، وما يتم انتهاجه مع النشطاء، وهذا الأمر فى منتهى الخطورة، وابتدت ملامح كثيرة للنظام القديم تعود من جديد مرة أخرى، والكلام عن عودة سوء المعاملة فى أقسام الشرطة، وعن سوء تصرف بعض رجال الشرطة، هذا الأمر قد يؤجج الوضع وينتج عنه كثير من المشكلات وتراكمها، وتؤدى إلى كوارث فى المستقبل بلا شك، فالناس بدأت تتحدث عن الشرطة بنفس الطريقة القديمة، ورأيت وتابعت، مثل باقى المصريين، عن تعامل رجال الشرطة فى منطقة الزرايب يوم الاثنين الماضى، وحسب رواية المواطنين عن الطريقة التى يتعامل بها الضابط، وكأن ما قام به هو أمر طبيعى، من نزوله وسبابه للمواطنين وإطلاقه للنار بطريقة غير مسؤولة مما خلف مقتل سيدة.
بماذا تفسّر هذا النهج من قِبل الشرطة؟
أنا فى حقيقة الأمر «مذهول»، لأن المفروض أن الشرطة تعلّمت الدرس، إنما يبدو أن هناك تقاليد فى الشرطة تستعصى على الإصلاح، أو يصعب إصلاحها إلا من خلال عمل وجهد حقيقيين من جانب أجهزة الشرطة نفسها، وأنا شخصيا كنت معاصرا لعمليات إصلاح حقيقى لجهاز الشرطة بعد 25 يناير، وذهبت إليهم وأعطيت محاضرات لرجال أمن الدولة الذين تغيّر جزء كبير منهم، وتحولوا إلى الأمن الوطنى، وتعاملت مع كثير منهم، وقالوا إنهم غيروا كل الطرق القديمة، وإنهم انتهجوا منهجا جديدا وأساليب جديدة، إنما يبدو أن المسألة ليست إلى هذا الحد، فكل شىء رجع كما كان، لأنه توجد تقاليد عتيقة، ولهذا فإن تعبير الدولة العميقة، ليس تعبير «هزار»، والإصلاح ليس بالسهولة فى جهاز الأمن، وكذلك الأمر ينطبق على الأجهزة الإدارية بالدولة، فالأمر يحتاج إلى تغيير منظم ومخطط ومقصود.
ما نصيحتك لرجال الشرطة؟
لا بد من التذكرة أن ثورة 25 من يناير، كانت فى يوم عيد الشرطة، كدليل على خروج المصريين احتجاجا على أداء الشرطة، وبالتالى إذا كان الوضع سيعود مرة أخرى على نفس الأداء، وتعود الشرطة وعملاء الشرطة ومخبرو الشرطة، وعودة كل العناصر البوليسية لتسيطر من جديد، وتلعب نفس الدور القديم أو أسوأ، فقطعًا أعتقد أنه سيكون أكبر مصدر للخطر على حكم السيسى، لأن هذه المظاهر هى التى أسقطت نظام مبارك، وفى الحقيقة هذا الكلام أقوله وأنا حزين، لأن الشرطة بلا شك كانت أكثر جهاز دفع ثمن محاربة الإرهاب، وسقط منه شهداء، بداية من الأفراد والعساكر الصغار، وصولا إلى اللواءات ومساعدى وزير الداخلية، فضلا عن الشهداء من خبراء المفرقعات.
هل هناك مأخذ على حكم الرئيس السيسى بخلاف ما سبق؟
هناك مسائل تبدو صغيرة فى تعامل السيسى مع الشعب، لا بد أن تؤخذ فى الاعتبار، ولا بد أن يكون هناك وعى بها، ومنها على سبيل المثال الخطاب الذى قرر الرئيس أن يكون شهريا للمواطنين، فالفكرة رائعة بلا شك، إنما أن تتم فى شكل خطاب منفذ له عملية «مونتاج»، وبمعرفة القوات المسلحة، فهذا قلل كثيرًا من قيمة الحوار. وجزء كبير من شعبية السيسى مرتبط بطريقته التلقائية، والحديث مع الناس، حتى فى أخطائه ومبالغاته، وبساطته فى الحديث، وقوله «إنتو نور عنيّا»، فكل هذه الأمور زادته شعبية.
حدّثنا عن رأيك فى أداء الرئيس السيسى الخارجى؟
أداء السيسى الخارجى أفضل من الداخلى، بمعنى أن السيسى بشكل عام حافظ على القواعد الأساسية للسياسة الخارجية والمصالح المصرية، خصوصا أن السياسة الخارجية المصرية فى الحقيقة الخلاف حولها أقل منه فى الخلاف عن الأوضاع الداخلية، فالسيسى لديه وعى بالدوائر الأساسية للسياسة الخارجية، والتى تمثلت فى الحفاظ على عروبة مصر، وهو ما بات جليا من دور مصر فى عاصفة الحزم. والعلاقات الإفريقية حافظ عليها، والعلاقات الدولية تسير بشكل جيد، لا سيما أنه بدأ العمل فى مناخ مضاد تماما له، وفى مناخ مسموم صنعه الإخوان المسلمون، لأنهم ألحوا على العالم بأن ما يحدث فى مصر هو انقلاب عسكرى، وأن السيسى انقلب على الشرعية الدستورية، وهذا الظرف بطبيعته من الصعب أن يتفهمه إلا المدركون لحقائق الأوضاع فى مصر.
كيف حارب الإخوان السيسى والنظام السياسى المصرى فى الخارج؟
عن طريق أنشطة الإخوان فى كل بلاد أوروبا وأمريكا، والحرب من خلال دعاية سياسية مكثفة، وفى هذا الجو السيسى يعمل فى ظروف ليست سهلة، وخير دليل على هذا هو ما حدث معه فى زيارته المرتقبة لألمانيا، من قِبل رئيس البرلمان الألمانى، وهو ما يعتبر تحديا خارجيا أمام السيسى، وذلك يرجع لكون ألمانيا بها تجمع إخوانى خطير جدًّا، وألمانيا كانت من أوائل الدول التى وجدت بها المراكز الإخوانية، ولذلك هذه الزيارة ستكون محملة ببعض مهاترات من جماعة الإخوان.
لماذا كانت ألمانيا أولى الدول التى بها تجمعات إخوانية؟
ألمانيا هى أكثر بلد أوروبية يوجد بها إخوان مسلمون، ويوجد كتاب لمؤلف يُدعى يان جونسون، تحت عنوان «مسجد فى ميونخ»، فى الغالب تمت ترجمته إلى العربية، ويتحدث عن القصة الحقيقية والقديمة للمخابرات الأمريكية والإخوان، والتى تجسدت فى بناء مسجد ميونخ فى الستينيات فى حقبة الرئيس عبد الناصر، حيث كان يوجد هناك سعيد رمضان، الذى كان من قيادات الإخوان المسلمين، وصدر ضده حكم إعدام، فالعلاقة قديمة بين المخابرات الأمريكية والأوروبية والإخوان، إنما الإخوان يجيدون أن يكونوا عملاء مباشرين فى علاقتهم مع الأوروبيين والأمريكان، وفى خطاباتهم داخل مصر يهاجمون أمريكا وأوروبا، ويرفعون شعار الإسلام.
ما تحليلك لرفض رئيس البرلمان الألمانى لقاء الرئيس السيسى؟
لأنه يعتبر النظام المصرى غير ديمقراطى، والبرلمان الألمانى برر عدم لقاء الرئيس السيسى بكيفية الترحيب برئيس جمهورية ليس لديه برلمان، هم لهم نظرتهم الشكلية بقوة لمسألة الديمقراطية، وما دام لا يوجد برلمان فلا توجد ديمقراطية.
وهل عدم وجود برلمان يعنى عدم وجود ديمقراطية؟
طبعا، هذا صحيح إلى حد كبير، ونحن نعلم أنه توجد ظروف معينة حالت دون انتخاب البرلمان، وأن البرلمان قادم، وأن مصر تعيش فى فترة استثنائية عقب ثورة 30 يونيو، إنما فى جميع الحالات لا بد من الانتهاء بأسرع وقت من هذه الفترة الاستثنائية، والوصول إلى حكم مستقر حقيقى، ويتم إجراء الانتخابات البرلمانية، وتوجد مؤسسة سياسية، مثل المتعارف عليه فى العالم المتقدم، ونغلق الباب نهائيًّا أمام ما يثار عن انقلاب أو غيره من هذا القبيل.
هل هناك تنسيق بين قطر وتركيا مع أجهزة مخابرات أجنبية ضد مصر؟
أعتقد أن يكون هناك تنسيق تام بينهم، لأنه من العبث أن تتكلم فى السياسة الخارجية، وأنت تعزل أى جهاز مخابرات فى هذا النوع من السياسة، والتعاون مع أجهزة المخابرات الأمريكية والإسرائيلية ممكن جدًّا، بهدف إجهاض الدولة المصرية.
كيف يمكن التصدى لمثل هذه التدخلات فى الشأن الداخلى المصرى؟
بمجرد أن نستكمل مؤسسات الدولة الديمقراطية، فإن جانبا كبيرا من هذه الدعاية ضد النظام السياسى فى مصر، وضد السيسى، سوف يختفى إلى حد كبير، وقطعا وجود مجلس شعب سيكون خطوة حاسمة تجاه هذا الأمر، لأنه السلطة التشريعية.
ما تقييمك لحكومة إبراهيم محلب؟
مع تقديرى الكامل للمهندس إبراهيم محلب، وهو بالتأكيد شخص وطنى ودؤوب جدا ويبذل أقصى جهد، بل بالعكس هو فى الحقيقة قدرته على العمل تكاد تكون استثنائية، إنما نحن بدأنا ندرك معنى غياب الرؤية السياسية لرئيس الوزراء، ففى النهاية فإن رئيس الوزراء ينبغى أن يكون أكثر من منفذ، فمحلب منفذ ويقول إنه كذلك، وعلاقته بالسياسة «هامشية» للغاية، فهذه ميزة وعيب، وفى النهاية رئيس الوزراء يجب أن يكون مسيّسًا، ويجب أن تكون أعماله متجهة نحو أهداف معينة وواضحة، والحكومة الحالية هى أقرب إلى حكومات تسيير الأعمال، وهذا يتكامل فى الحقيقة التى تظهر فى أن الرئيس نفسه ليس له برنامج واضح ومعلن ومكتوب، فكذلك لم نرَ لمحلب خطة محددة، فهو فقط يسيّر الأعمال، فمحلب دائما يهتم بالعمل الميدانى، وليس معنى الاهتمام بالأعمال الميدانية أن لا تكون لك رؤية بعيدة المدى للتصدى للمشكلات الكبيرة.
معنى هذا أنك ضد استمرار محلب رئيسا للوزراء؟
نعم، لأنه ليس الأفضل لمصر حاليا، إذ تحتاج قطعًا إلى رئيس وزراء محنك سياسيا، وله أفق سياسى واضح، ويستجيب إلى ما يريده الناس، بالإضافة إلى رؤية اقتصادية واضحة أيضًا، فرئيس الوزراء يجب أن تكون عنده رؤية سياسية واقتصادية شمولية، إنما محلب رجل يؤدى وينفذ على أعلى مستوى، وهذا لا يكفى فى حد ذاته، وطبعًا هذا ينعكس على اختيار الوزراء.
متى يبدأ المواطن الشعور بتحسُّن يعود عليه فى ظل ما يعانيه، لا سيما بعد الأعباء الزائدة عليه؟
كل هذا مرتبط بالوضع السياسى والاستقرار، والقضاء على الإرهاب، ومرتبط بثقة المجتمع الدولى فى مصر، وثقة المستثمرين الأجانب فى الأوضاع المصرية بالداخل، وثقتهم أنهم يقيمون مشروعاتهم ويستثمرون بأمان، دون مشكلات، وكلها حلقة متواصلة وتحتاج إلى وقت، ولا يمكن أن نتصور أن يصدر السيسى غدا قرارا بتخفيض الأسعار.
هل كان من الممكن تأجيل زيادة الأسعار المقررة أول يوليو؟
أرى أن رفع الدعم ليس سهلا على الإطلاق، ولا بد فى النهاية أن يتحمل المواطن المصرى بعض الشىء، شريطة أن الدولة على المدى البعيد تعود إلى المواطن بمزيد من الاستثمار والدخل والعمالة، وللأسف الأوضاع الاقتصادية غير الأوضاع السياسية، فلا يمكن أن تحدث فى 24 ساعة، فبناء مصنع يحتاج إلى سنوات.
كيف ترى الأحزاب المدنية الموجودة على الساحة الآن؟
الأحزاب فى مصر موجودة من 100 عام، ومع ذلك فإن هذه الأحزاب للأسف ليس لها وزن فى الحياة السياسية، ومعيار ثقل الأحزاب يتلخص فى فرض واحد فقط، وهو لو اختفت الأحزاب السياسية غدا ما الذى سيحدث فى مصر؟ «لا شىء نهائيا»، وعند سؤال أى من المواطنين عن أى من الأحزاب، ستستمع إلى إجابات غريبة الشكل، فالأحزاب ليست العمود الفقرى للحياة السياسية، فالحياة السياسية مبنية على رئيس الجمهورية، والحكومة، والجهاز البيروقراطى، والقوات المسلحة فقط، والأحزاب لا تمثل أى قيمة.
هل النظام السياسى المصرى الحالى يقبل الديمقراطية؟
النظام الحالى لا يعادى الديمقراطية، لكنه متخوف منها، ومتخوف من عواقبها، لأن الديمقراطية تحتاج إلى ممارسة وثقافة وقدرة، ومع ذلك توجد درجة كبيرة من نقد الدولة والرئيس السيسى، وذلك لأن مصر تغيرت بعد ثورتين، فالحد الأدنى الآن مختلف عما قبل ال25 من يناير بكثير.
كيف ترى تأجيل الانتخابات البرلمانية بعد صدور حكم قضائى بوجود خلل فى القانون؟
شخصيا لا أعتقد أن تأجيل الانتخابات كان عن عمد، وأميل إلى أن سوء الأداء من جانب الجهات المعنية بهذا الأمر والمسؤولة عن التشريعات، فهم من «ورّطو» الرئيس والدولة بالكامل، وأنا مندهش أن كل فترة نكتشف أن تشريعا معينا «مغلوط أو به مشكلات»، فهذا لا يجوز، وأنا أشدد على أن «الخيبة» فى التشريعات، لا تقل خطورة عن التعمد فى تأجيل الانتخابات، لأن تأثيرهما واحد.
من وجهة نظرك، متى يرى مجلس الشعب النور؟
فى أواخر العام الجارى، وأتمنى أن لا يتأجل مرة أخرى، وأى تأجيل للانتخابات البرلمانية بيضر بمصر، ويضر بصورة مصر، ويضر بالسيسى شخصيا، بصرف النظر عمن سيكونون هم أعضاء المجلس، ولكن تعقد الانتخابات ويأتى مجلس الشعب، وتتم الانتخابات بطريقة ديمقراطية، بالمعايير التى يعرفها العالم، وأى مرشح يفوز فى الانتخابات «أهلا وسهلا».
هل تتمنى وجود فصيل معين داخل البرلمان؟
أتمنى أن يكون للقوى الثورية وجود فى مجلس الشعب، ويكون لها اليد العليا، لأنها كان لها الدور الأساسى فى تغيير البلد، لكن فى جميع الحالات وجود مجلس الشعب ضرورة ملحة، وأن تستكمل مؤسسات الدولة، حتى تخرس الألسنة التى تتحدث عن انقلاب عسكرى.
كيف ترى حزب النور السلفى؟
أنا أعبر عن فكر سياسى يرفض رفضا قاطعا خلط الدين بالسياسة، لأنها خطيئة، فأوروبا أنهت مسألة خلط الدين بالسياسة منذ 5 قرون أو أكثر، وهذه المسألة مرفوضة تماما، والنص الدستورى الذى يتحدث عن تحريم الأحزاب على أساس دينى واجب الاحترام، ولذلك لا مكان للسلفيين ولا للإخوان المسلمين.
وماذا عن قول حزب النور إنه ليس حزبا دينيا، بينما هو حزب ذو مرجعية دينية فقط؟
هذا تلاعب بالألفاظ، و«النور» حزب دينى بلا شك، فلماذا يتركون لحيتهم؟ وهم يقدمون أنفسهم للمواطن باعتبارهم رجال دين، أو رجال «بركة»، وفى مجتمع نسبة الأمية به مرتفعة، والوعى السياسى محدود، يكسب حزب النور بهذه الطريقة الملتوية، وهذا فى منتهى الخطورة، ويجب أن يتفق الشعب المصرى أو النخبة المصرية على أنه لا خلط للدين بالسياسة.
هل معنى هذا أنه ممنوع على السلفيين وأعضاء حزب النور مزاولة السياسة؟
لا، فأى مواطن سلفى مرحب به فى أى من الأحزاب الأخرى كفرد، فالاعتراض ليس على وجوده، ولكن الاعتراض على وجوده فى حزب دينى، فالجميع شركاء فى الوطن، فيكفى «خازوق» الإخوان المسلمين، واعتراضى أن الدولة «متميعة» فى التعامل مع حزب النور.
لماذا ترى أن هناك «تميعا» من الدولة تجاه حزب النور؟
لأن للأسف النظرة الأمنية القديمة هى التى تحكم التعامل مع حزب النور، لأنهم رجالة الأمن، والشعب المصرى يعلم جميعا مدى علاقات السلفيين السابقة بأجهزة الأمن، والانطباع لدى الشعب المصرى «أن كل السلفيين أمنجية»، وهذا أمر خطير، ويجب أن ننظر إلى المسألة بمعايير سياسية محترمة، ورفض الخلط بين الدين والسياسة.
ما تقييمك الآن لجماعة الإخوان المسلمين؟
الإخوان من حيث الجوهر تلقوا ضربة تاريخية، وعودتهم إلى الحياة السياسة فى مصر من جديد مستبعدة تماما على المدى القصير، وذلك لارتكابهم خطأ قاتلا، وهو ارتباطهم الوثيق بالعنف، وهم ينكرون العنف، بينما المواطن البسيط بات على علم تام بأن الإخوان هم المصدر الأول للعنف، والإخوان منذ اليوم الأول لنشأتهم وهم مرتبطون بالعنف من قتل القاضى الخازندار، فالعنف والقتل أمران حاسمان وقاطعان فى رفض الإخوان المسلمين فى الشارع المصرى.
هل من الممكن أن تحدث مصالحة بين الدولة والإخوان؟
المصالحة غير متاحة مع هذا الجيل من الإخوان المسلمين، ولا يمكن أن تتم قبل 10 سنوات، والمسألة ليست سهلة.
كيف ستكون تشكيلة البرلمان المقبل؟
الغالبية ستكون للمستقلين، وللقوى التقليدية ممثلة فى العائلات والقبليات، وحزب المصريين الأحرار داخل الانتخابات من خلال التنسيق مع عدد كبير من هذه العائلات التى ستستمر مسيطرة على الانتخابات البرلمانية فى مصر، ولها كلمة عليا فى فوز المرشحين، وستتجه هذه الأصوات نحو المستقلين، و60% من المستقلين أغلبهم من الفلول، وليس معنى الفلول أن تكون سبة للجميع، وهم ليسوا أشرارا، فهم أعضاء فى الحزب الوطنى منذ 20 و30 سنة، فليس كل الذين كانوا تحت عباءة الحزب الوطنى فاسدين، والمواطن قادر على التفرقة بين الجيد والسيئ.
ما حصة الإخوان والسلفيين فى البرلمان المقبل؟
20% للتيار الإسلامى مجتمعا على أقصى التقديرات، مقسمة 10% للسلفيين، و10% للوجه الخفى للإخوان وغير المعروفين، والإخوان لم يكونوا فى يوم من الأيام أغلبية فى مصر، وحصولهم على 20% فى برلمان 2005 كان بالتنسيق مع الأمن، وتصدرهم المشهد بعد ثورة 25 يناير، لأنهم «قفزوا» على الثورة.
وماذا عن حصة الأحزاب فى البرلمان المقبل؟
لن تتعدى ال20%.
فى رأيك من يقود الثورة المضادة؟
المستفيدون من النظام القديم، وهو نظام مبارك وتضرروا من سقوطه، وأبرز نماذج الثورة المضادة «أحمد موسى وعبد الرحيم على»، فوظيفتهما تتمثل فى تشويه رموز ثورة 25 يناير، وتوصيف المشاركين فى ثورة يناير بالعملاء.
ما انطباعك عن تعيين المستشار أحمد الزند وزيرا للعدل؟
تاريخه بشكل عام عليه تحفظات كثيرة من القوى الثورية بمصر، باعتباره كان من أعمدة نظام مبارك، إنما ما يحسب له أنه وقف وتصدى بقوة للإخوان، وأنا كتبت مقالة بأننى كنت أتمنى أن يكون وزير العدل شخصا غير الزند، لأنه من الممكن أن نختار وزير عدل ضد الإخوان، وفى نفس الوقت لا يكون من الفلول.
كيف ترى أحكام الإعدام المتلاحقة التى يتم إصدارها؟ وتعرضنا لهجوم خارجى بسبب هذه الأحكام؟
القانون المصرى به حكم الإعدام، وأساس الموضوع أن العالم الأوروبى، ومعظم بلاد أوروبا وتحديدا ألمانيا، ترفض حكم الإعدام، ويعتبرون أن حكم الإعدام عمل وحشى، أما نحن فى المجتمع المصرى فالشريعة الإسلامية تبيح الإعدام، فأولا: من حيث المبدأ الإعدام مرفوض عندهم، ثانيا: الأعداد الكبيرة لأحكام الإعدام تشير إلى أن العملية ليست بها «كياسة» ونتعامل ب«غشم»، ولو نحن على دراية بالرأى العام العالمى لم نكن لنصدر مثل كل هذه الأحكام، خصوصا أننا نعلم أن 90% من هذه الأحكام لن يُنفذ وستُخفف العقوبة عبر مراحل التقاضى المختلفة، فللأسف نحن لا نجيد مخاطبة العالم الخارجى.
ما رؤيتك لما هو قادم فى العلاقات المصرية الأمريكية؟
أمريكا دولة تحركها المصالح، ومن أجل مصلحتها تتجاوز كل الحواجز، وعلاقتهم بالإخوان علاقة تاريخية، وكان الإخوان كالطفل المدلل لأمريكا، وسيظل الإخوان عنصرا حساسا فى العلاقة المصرية الأمريكية، والإخوان مدللون من أمريكا وأوروبا، بلا شك وهذا الأمر يعود إلى التاريخ القديم لمواجهة أمريكا مع الشيوعية، فكان أكثر من يخدمهم فى هذه المواجهة هم الإسلاميين، فكان يحارب الاتحاد السوفييتى معتمدا على القوى الإسلامية فى أفغانستان، وكان يعتمد على أسامة بن لادن، لأنه يحارب الشيوعية بالإسلام، ودعم أمريكا للقوى المحافظة فى الخليج فسقطت الشيوعية، وظلت الجماعات التى كانت سببا فى مشكلات فى أمريكا وحدوث تفجيرات ال11 من سبتمبر فى 2011، وكان توجه أمريكا هو التعامل مع القوى الإسلامية المعتدلة، وكان المعتدلون هم الإخوان، وهم يجيدون بيع أنفسهم للخارج.
هل ستمدنا أمريكا بالمعونات العسكرية؟
أمريكا لا تتحمل رفاهية ابتعاد مصر عنها، أو مجرد البعد عن مصر، فهم سيتعاملون مع مصر فى أى وضع من الأوضاع، لأنهم يحتاجون إلى مصر.
ما تقييمك لانفتاح مصر على أكثر من دولة كروسيا؟
هذا شىء جيد بلا شك، ودليل على أن مصر لها إرادة متحررة من أى ضغوط خارجية، وإنما قرارها الخارجى، وفقا لرؤية القيادة والسيادة المصرية الخاصة فقط لا غير، وأن مصر لها حرية الاختيار من حيث اعتبارات الأمن القومى المصرى.
لماذا طالبت بتقنين الحشيش؟
شاهدت أحد البرامج على شاشة إحدى الفضائيات، فكان يتحدث رئيس اتحاد مصدرى السجائر، ويقول اقتراحا بأن يتم بيع الحشيش فى الصيدليات بروشتة، فانهالت عليه المداخلات الهاتفية بسبه، فكان ردى أن نسمع فكرة الرجل، خصوصا أنه لا يقول كلاما شاذا، ففى بعض البلاد الأوروبية الحشيش موجود فى الصيدليات، فكان اعتراضى على الهجوم على رئيس اتحاد مصدرى السجائر، لكنى لست مع أو ضد الفكرة، ولا بد من النقاش، وكانت فكرة الرجل هى تقنين الحشيش، الذى يكبد مصر قرابة ال40 مليار جنيه سنويا، من الممكن أن يتم تحصيلها لصالح خزانة الدولة، وهذا الأمر متبع فى قرابة ال10 دول على مستوى العالم، بينما العقبة أن المجتمع المصرى ليس لديه وعى لمثل هذه الخطوة، وأنا فى ظاهرها أرفضها، لكن بعد نقاش.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.