أستاذى العزيز د.نبيل فاروق.. السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.. أبعث إليك أستاذى بمأساتى، وكلّى ثقة بأن يجعلك الله تعالى سببًا فى انجلاء الغمة عنى وعن آلاف الآباء فى بلدنا الغالية مصر. أستاذى العزيز.. أبعث إليك بشكوى على لسانى ولسان حال آلاف الآباء فى بلدنا مصر. مأساتنا هى عدم توفير القانون آلية محترمة تمكننا من المشاركة فى تربية أبنائنا.. بل منعتنا من أبسط حق وهو حقّنا فى «رؤية» أبنائنا.. أرجو أن يتسع صدرك لمأساتى، وسأحاول أن لا أطيل عليك. مأساتى تتمثَّل فى ما يسمى -عبثًا- بقانون الرؤية.. الذى ينشئ أجيالًا من الأطفال بعيدين كل البعد عن آبائهم، محرومين من عطف وحنان واهتمام آبائهم، محرومين من إحساسهم بوجود الأب، حارمين الطفل أيضًا من حقّه فى التنشئة الاجتماعية ولو بقدر يسير فى كنف والده والمشاركة فى تأديب وتهذيب ابنه، فكان قانون الرؤية سيفًا باترًا دون تحقيق ذلك.. ولتسمح لى أستاذى بسرد المآسى التى تطبَّق على أرض الواقع بما يسمى -عبثًا- قانون الرؤية.. بداية الحضانة حق للطفل وتتم فى كنف أمّه لما أوصى به سيدنا محمد، عليه أفضل الصلاة والسلام.. والرؤية حق للأب.. ولكن كيف تنفذ الرؤية وما الآلية التى يتم التنفيذ بها؟ الجواب هو: لا آلية!!.. والكيفية هى ما سأوضحه لك فى الأسطر التالية. الرؤية تتم لمدة لا تتجاوز الساعات الثلاث أسبوعيًّا فى أى مكان ملائم بجوار الأم يحدَّد من قِبل القاضى.. ماذا يحدث على أرض الواقع؟.. ما يحدث هو امتناع عديد من الأمهات من الحضور ودون إبداء أى أسباب واقعية، اللهم إلا رغبتها فى التشفِّى فى الأب ومنعه من رؤية أبنائه بعد ارتضائه بمهانة السويعات الثلاث، خصوصًا أن القانون ينص على أن الرؤية لا تنفّذ قسرًا لما فى ذلك من تأثير سلبى على نفسية الطفل! أى تأثير سيئ يلحق بالطفل لرؤيته أباه لسويعات ثلاث فى الأسبوع؟.. أى ضرر نفسى سيصيب الطفل لو رأى والده؟.. أى ضرر نفسى سيقع عليه لو شعر بحنان وحب واهتمام والده تجاهه؟.. أى كارثة نفسية ستدمِّر الطفل تدميرًا لا يُبقى ولا يذر لو جلس بكنف والده واطمأن على أحواله؟.. على الأقل اجعلوا الجبر من باب صلة الرحم!.. خصوصًا أن الجبر هنا لو تم فلن يكون للطفل لا حول ولا قوة، بل لحاضنته سواء كانت أمه أو أمها! أخبرتك أستاذى فى البداية أن من حق الأم الامتناع عن الحضور ودون إبداء أسباب فعلية للامتناع، ولكن المشرّع أعطى لها حق التكرار ثلاث مرات متتالية، وبعد ذلك يقوم الأب برفع الأمر إليه، فيقوم بسحب الحضانة منها -مؤقتًا- ونقلها إلى مَن تليها، وهى أُمّها.. ومن ثَمَّ يعود إليها مرة أخرى.. ولعلك تتساءل الآن عن جدوى رسالتى. ليس لى إلا طلب واحد فقط تمت مناقشته من قبل مشيخة الأزهر منذ فترة ولم يتم تفعيله لتدخل جمعيات حقوق المرأة بأسباب ما أنزل الله بها من سلطان، وهى وإن كانت فى ظاهرها حقًّا فما يراد بها فى النهاية إلا باطل، ألا وهو تفعيل قانون الاستضافة للأب وجعله حقًّا أصيلًا للأب وليس بموافقة الأم، بل هو حق أصيل للابن والأب معًا، لما فيه من مصلحة للأب والابن، نظرًا لحضور الصغير لسكن والده، فيعمل على معرفة الصغير لأقاربه، مما يقوّى لديه مفهوم الأسرة ويجعله حريصًا على أن يصل رحمه، بل إنه يساعد الأب فى تربية وتنشئة ابنه تنشئة اجتماعية سليمة.. نظرًا لوجوده معه يومين كاملين، وهو ما لا يحدث بالرؤية، لارتباطها بوقت محدد وفى مكان عام، حتى لو رغب الأب أن يقوم بنزهة مع ابنه فلا يستطيع، مما يجعل لقاء الطفل والأب كالغرباء.. بل إن الابن يرى ويجلس مع بعض رفاقه وأقاربه من جهة أمه أكثر مما يجلس ويلتقى مع أبيه وفى أماكن أكثر احترامًا وخصوصية بمرات عديدة.. مما يؤثّر سلبًا على نفسية الطفل مع مرور الوقت وجعله يظلم بعض أقاربه دون وجه حق على حساب آخرين.. بل والأهم مما سبق يقوى إحساس الابن بحب أبيه له، فحب الأب لابنه هبة من الله تعالى مهما فعل الأبناء، وحب الابن لأبيه مرتبط فى البداية برؤية الصغير له. إن قانون الاستضافة وقبل كل شىء لو تم تفعيله سيكون لصالح الأبناء لما فيه من علاج حازم للقصور الموجود بقانون الرؤية.. جعلك الله تعالى سببًا لحل مشكلة آلاف من الآباء وجعله فى ميزان حسناتك.. كل التقدير والاحترام لسعة صدرك. محمد عبد الرحمن