كتبت- هدى أبو بكر ويارا حلمى: «حظر النشر»، هو القرار الذى دائما ما يصدره المستشار هشام بركات النائب العام فى القضايا المثيرة للجدل، وهو ما يعتبره البعض توسعًا فى استخدامه لهذه الصلاحية المخولة له بموجب قانون الإجراءات الجنائية، وبمراجعة القضايا التى تم فيها «حظر النشر» كان غالبية أطرافها من رجال الشرطة ومن أشهرها مقتل الناشطة شيماء الصباغ ومحامى قسم شرطة المطرية. بركات أصدر أول من أمس قرارًا بحظر النشر فى قضية الآثار الكبرى، والمتهم فيها مدير نيابة مدينة نصر وشقيقه وعدد من ضباط الشرطة، مقررًا حظر تداول المعلومات الخاصة بالقضية فى وسائل الإعلام والالتزام فقط بما تصدره النيابة العامة من بيانات حول تطور التحقيقات، مبررا القرار بأنه من أجل الحفاظ على سرية التحقيقات التى لا تزال تجريها النيابة العامة، ومنع التأثير على الجهات المختصة. النائب العام ليس وحده من يملك «حظر النشر»، فمحكمة الجنايات تملك سلطة إصدار قرار بحظر النشر فى الدعوى فى أثناء نظرها، وهو ما حدث حين قررت محكمة جنايات القاهرة برئاسة المستشار حسن فريد، حظر نشر أى معلومات أو مستندات أو وثائق تتعلق بقضية تنظيم «أنصار بيت المقدس» والمتهم فيها 213 إرهابيا بارتكابهم ل54 جريمة تضمنت اغتيالات لضباط شرطة ومحاولة اغتيال وزير الداخلية محمد إبراهيم والتفجيرات فى سيناء. قرارات حظر النشر فى قضايا ضباط الشرطة كانت هى الأكثر من بين القرارات التى أصدرها النائب العام، ففى نوفمبر من العام الماضى قرر بركات حظر النشر فى قضية مقتل اللواء نبيل فراج مساعد مدير أمن الجيزة فى أثناء اقتحام كرداسة، لضبط المتورطين فى مذبحة قسم شرطة كرداسة، كما أصدر فى نفس التوقيت قرارا بحظر النشر فى قضية اغتيال المقدم محمد مبروك الضابط بقطاع الأمن الوطنى، والذى قتل فى أثناء خروجه من منزله بمدينة نصر. قضايا الإخوان كان لها نصيب أيضا من قرارات حظر النشر، حيث كان المستشار هشام بركات قد أصدر فى نوفمبر من العام الماضى قرارا بحظر النشر فى قضية التخابر مع جهات أجنبية المتهم فيها المعزول محمد مرسى و34 من قيادات الجماعة. أما قضايا الفساد فهى الأقل فى تاريخ قرارات الحظر، ففى أكتوبر من العام الماضى قرر النائب العام حظر النشر فى قضية الرشوة، المتهم فيها رئيس هيئة موانى بورسعيد لتسهيله تراخيص إحدى الشركات بالمخالفة للقانون. من جهته، قال نقيب محامىّ شمال القاهرة، محمد عثمان ل«التحرير»، إن قانون الإجراءات الجنائية منح النائب العام سلطة مطلقة فى اتخاذ جميع الإجراءات التى يراها تصبّ فى مصلحة أى قضية أو تحقيق، باعتباره ينوب عن المجتمع، وهو صاحب الدعوة الجنائية، مضيفا أن قرار الحظر أمر تقديرى للمحقق، فإذا استشعر أن النشر ضد مصلحة التحقيق، يتعين عليه اتخاذ القرار بشكل فورى. عثمان أشار إلى أن الأمر مرتبط قانونا بالمصلحة العامة، وما إذا كان النشر يفيد أو يضر بمصلحة التحقيق، موضحا أن قرار الحظر ملزم منذ لحظة صدوره، قائلا «عند إحالة الدعوى لمرحلة المحاكمة، ينتقل الحق فى إصدار قرار الحظر من عدمه للمحكمة التى تُباشر الدعوى القضائية، فإذا ارتأت أن النشر يضر بحسن سير العدالة أو يعيق المحكمة عن أداء واجبها، فلها أن تتخذ نفس القرار». بدوره، قال المحامى والفقيه القانونى عصام الإسلامبولى إن الأصل فى الدستور أنه أعطى الحق لكل مواطن فى معرفة المعلومات ونشر الحقائق، لذا فالحظر يكون استثناءً على الأصل، بما يلزم الجهة التى تصدر قرار الحظر أن توضح أسباب اتخاذ القرار، مشيرا إلى أن قرار الحظر يحمل اعتداء على حق المواطن فى المعرفة، وبالتالى يجوز الطعن عليه أمام محكمة القضاء الإدارى، لأنه قرار إدارى وليس قضائيا، لافتا إلى أن تطبيق حظر النشر ضرورى فى حالة ما إذا كانت القضية تتعلق بأسرار أو جهات أو معلومات تمس الأمن القومى للبلاد، كذلك إذا كان النشر سيؤثر على معرفة الحقائق، أو يصعِّب الكشف عن الجانى. أما عضو المجلس القومى لحقوق الإنسان ناصر أمين، فيرى أن هناك توسعا من النائب العام فى إصدار قرارات حظر النشر، موضحا أن ما يحدث فى الفترة الأخيرة من التوسع فى اتخاذ قرارات بحظر النشر فى قضايا كثيرة يمس بدرجة كبيرة حق المجتمع فى المعرفة والمنصوص عليه فى دستور 2014.