عاجل رئيس الوزراء يبحث شراكات استراتيجية مع "بلومبرج جرين" لتعزيز الأمن الغذائي والدوائي والزراعة الحديثة في مصر    إقبال كبير من المسنين على التصويت في لجنة أوسيم بالجيزة    وزارة التعليم توافق على زيادة المصروفات السنوية للأنشطة بالمدارس الخاصة    تعيين الدكتور طه عاشور نائبا لرئيس جامعة بنها    رئيس المستقلين الجدد: احترام أحكام الإدارية العليا واجب    الخط الرابع للمترو يستقبل طلاب هندسة طنطا للتعرف على أحدث أساليب حفر الأنفاق    سعر الأسمنت اليوم الجمعة 12 - 12-2025 فى الأسواق    جنوب السودان تتوصل إلى اتفاق ثلاثى لحماية حقل هجليج النفطى.. اعرف التفاصيل    وثيقة سرية تكشف محاولات أمريكية لفصل 4 دول عن الاتحاد الأوروبي    الصين تنفذ اختبارا ناجحا لأول حاملة مسيرات    كأس العرب| بهدف أزارو.. المغرب يهزم سوريا ويتأهل لنصف النهائي    كرة طائرة - سيدات الزمالك تختتمن مشوارهن بالخسارة بصعوبة أمام أورلاندو في كأس العالم للأندية    مصطفى شوبير على رادار جيرونا الإسباني لتدعيم حراسة المرمى    اتحاد الكرة يوافق على تأجيل مباراة الزمالك وبلدية المحلة 24 ساعة    القبض على سائق محافظ الدقهلية لتورطه فى الاتجار بالعقاقير المخدرة    تحريات مكثفة لكشف ملابسات تحرش تلميذ بزميلته داخل مدرسة بمدينة نصر    الإعدام ل3 متهمين.. جريمة ثأر عائلي تنتهي بحبل المشنقة بشبرا الخيمة    بسام راضي : الاكاديمية المصرية للفنون بروما تستضيف الموسيقى العسكرية الإيطالية    أشرف زكى عن عبلة كامل : مختفية عن الأنظار .. ونشكر الرئيس على رعاية كبار الفنانين    المتحدة للخدمات الإعلامية تفتتح موسمًا موسيقيًا عالمياً لحفلات المتحف المصري الكبير (GEM Nights) بحفل تاريخي للعازف العالمي هاوزر    القومى لحقوق الإنسان: تعامل الوطنية للانتخابات مع الشكاوى أنهى المخالفات    ميد تيرم.. مواهب شابة تتولى البطولة بموضوعات قريبة من الجيل الجديد    مدبولي يلتقي رئيس هيئة الدواء المصرية لاستعراض مشروع التتبع الدوائي الوطني    ميدو: صلاح يجب أن يغادر ليفربول.. وأشجعه على خطوة الدوري السعودي    الحكومة تكشف حقيقة انتشار جنيهات ذهبية مغشوشة في الأسواق    «صحة قنا» تعقد اجتماعًا بمديرى المستشفيات لتعزيز جاهزية منظومة الطوارئ والرعاية الحرجة    تسليم 5 أجهزة تعويضية وكراسي متحركة للمرضى غير القادرين بسوهاج    حبس عاطل بتهمة التحرش بفنانة شهيرة أثناء سيرها بالشارع في النزهة    ضبط شخص بحوزته كروت دعائية وأموال لشراء أصوات الناخبين في الأقصر    «المشاط» تبحث مع بنك الاستثمار الأوروبي نتائج زيارته لمصر    مهرجان القاهرة السينمائي الدولي يعلن موعد دورته ال47    حادث مأساوي على طريق الإسماعيلية طريق القاهرة الصحراوي..وفاه شابين وإصابة ثالث في انقلاب سيارة ملاكي    تطورات الوضع في غزة تتصدر مباحيات الرئيس السيسي وملك البحرين    محمد سيحا يستعد لقيادة حراسة الأهلي في أول ظهور رسمي مع الفريق    بروتوكول تعاون بين «القابضة للصوامع» و«الوكالة الإيطالية»    ختام برنامج تدريبي حول إنتاج تقاوي الأرز لمتدربين أفارقة    منشور مثير من نجل سائق محمد صبحي بعد انفعال الفنان على والده    الضباب الكثيف يلغي عددا من الرحلات الجوية إلى مطار حلب بشمال سوريا    الرئيس السيسي وملك البحرين: القضية الفلسطينية ستظل في صدارة الاهتمام العربي والدولي    الليلة.. قناة الوثائقية تعرض فيلم محفوظ وهي    حكم كتابة الأب ممتلكاته لبناته فقط خلال حياته    الهيئة الوطنية للانتخابات تعلن فوز مصطفى البنا وحسام خليل بالدائرة الثانية بأطسا    بعد 7 أيام بحث.. لحظة اصطياد «تمساح الزوامل» بالشرقية    رئيس الوزراء يتابع الموقف التنفيذي لمشروع تطوير مدينة النيل الطبية    الصحة العالمية: ارتفاع حالات الأنفلونزا بالعالم لكن لم نصل بعد لمرحلة الوباء    الخارجية السورية: إلغاء قانون قيصر يمثل انتصارا    ضربات أمنية لضبط الإتجار غير المشروع بالنقد الأجنبي    سباليتي: أداء يوفنتوس أمام بافوس كان محرجا في الشوط الأول    رئيس هيئة الاستثمار يشارك في احتفالية شركة «قرة إنرجي» بمناسبة مرور 25 عامًا على تأسيسها    مؤسسة هولندية تتبرع بأجهزة ومعدات قيمتها 200 مليون جنيه لدعم مستشفى شفاء الأطفال بسوهاج    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الخميس 11-12-2025 في محافظة الأقصر    الدفاع المدني بغزة: تلقينا 2500 مناشدة من نازحين غمرت الأمطار خيامهم    المستشار أحمد بنداري: فتح آخر لجنة بمنشأة القناطر بعد تعطل سيارة القاضي    كأس العرب| طموحات فلسطين تصطدم برغبة السعودية في ربع النهائي    دعاء الفجر| (ربنا لا تجعلنا فتنة للقوم الظالمين)    توقيت أذان الفجر اليوم الخميس 11ديسمبر 2025.. ودعاء مأثور يُقال بعد الانتهاء من الصلاة    بانا مشتاق: إبراهيم عبد المجيد كاتب مثقف ومشتبك مع قضايا الناس    الأوقاف تختتم فعاليات المسابقة العالمية الثانية والثلاثين للقرآن من مسجد مصر الكبير بالعاصمة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



قصيدة على شوقى «مناجاة الطائر»..وريادة الشعر الحُرّ
نشر في التحرير يوم 06 - 04 - 2015

بعد أن وضعت الحرب العالمية أوزارها فى مايو 1945، انطلق العالم كله ليرتب حساباته من جديد، ويهدم بيوتا قديمة، ليبنى مكانها بيوتا حديثة، وعلى المستوى العالم العربى نشأت فى غضون تلك الأيام جامعة الدول العربية، لخدمة أغراض مختلفة، منها المعلن ومنها المضمر، ومنها الصالح ومنها الطالح، وهنا بالطبع يختلط الحابل بالنابل، فلا يعرف المرء لماذا حدث هذا، ولماذا نشأ ذاك.
وعلى مستوى الأدب والفن والفكر فى عالمنا العربى، راح كثيرون يتساءلون عن الهوية، وكان نجيب محفوظ قد خطط لمشروع ضخم عن الرواية التاريخية، التى تعود إلى الحياة المصرية القديمة، وبالفعل كتب رواياته «عبث الأقدار» و«رادوبيس» و«كفاح طيبة» فى تلك السنوات، ليس للعودة إلى الخلف، بل لاكتشاف الجذور والأعماق حتى نتعرّف على أصولنا التى تحركنا وتوجهنا، وعلى هذا الأساس نكون واعين لتلك الأصول، ونستمد منها ما يصلح لنا، ونهمل ما لا يصلح، ولكنه فى ظل الأحداث الجديدة على المستوى السياسى والاجتماعى والفكرى، انتقل إلى مرحلة أخرى تكون أكثر تعبيرا عن تلك المرحلة الجديدة، فكَتَب «السراب» و«زقاق المدق» و«القاهرة الجديدة» وغيرها من كتابات أخرى.
وعلى مستوى الشعر، اتفق مؤرخو ودارسو الأدب أن عام 1947 هو العام الذى بدأ فيه التمرد على أشكال الشعر الجديدة، ففى العراق كتب الشاعر بدر شاكر السياب قصيدة «هل كان حبًّا؟»، وكتبت الشاعرة نازك الملائكة قصيدة «الكوليرا»، واعتبر النقاد أن هاتين القصيدتين قادتا الشعر العربى كله إلى حالة التجديد الكبيرة التى شملت جميع الشعراء فى العالم العربى، وظهر بعد هذه الانتفاضة الشعرية عبد الوهاب البياتى وعبد الرحمن الشرقاوى وكمال عبد الحليم وصلاح عبد الصبور وآخرون.
ولكن فى العام نفسه أصدر الشاعر والأستاذ الجامعى الدكتور لويس عوض ديوانه الأول والأخير، وكان عنوانه غريبا جدا على القرّاء، وكتب له عوض مقدمة تتسم بالانفعال الشديد والعصبية، وكان عنوانها «حطّموا عمود الشعر»، ورغم أنه قدم أفكارا صحيحة فإن جمهور الشعر والنقد فى العالم العربى لم يستقبلوها كما استُقبلت قصيدتا السياب والملائكة، وهذا يعود لأسباب كثيرة، وربما لأن لويس عوض لم يستكمل مشروعه الشعرى، وربما لأن كثيرين تعاملوا مع عوض وإبداعه على أنه إبداع رجل أكاديمى، يريد أن يطبّق نظريات درسها فى الغرب الاستعمارى، وزعم آخرون فى ما بعد أنه يريد هدم اللغة العربية، وربما لأن الديوان فيه تنويعات كثيرة من الأشكال الشعرية، ولم يتوقف عند غرض شعرى واحد.
ورغم ذلك فكثيرون يضعون لويس عوض ضمن طائفة وفريق الشعراء المجددين، بل الأكثر من ذلك، أدرجت أسماء أخرى ضمن هذا التجديد، مثل على أحمد باكثير ومحمد فريد أبو حديد، والأكثر إيغالا فى إدراج أسماء أخرى مثل الشاعر خليل شيبوب، وقد نشر قصيدة فى مجلة «أبوللو» عام 1933، وقدّمها الشاعر فاروق شوشة منذ عدة سنوات، وكتب شوشة تقديما نقديا حول القصيدة، لنضعها فى الاعتبار عندما نتحدث عن المقدمات التى حدثت قبل الثورة الشعرية الكبرى التى جاءت على أيدى كل من ذكرناهم سلفا.
ومن المعلوم أن مصر الشاعرة كانت مهدا لنظريات وحركات شعرية موّارة، منذ عصر الإحياء الذى قاده الشاعر محمود سامى البارودى، ربّ السيف والقلم والشريك العسكرى الضالع فى الثورة العربية، ثم العصر الذى تلاه، وأنجب كوكبة من الشعراء مثل حافظ إبراهيم وأحمد شوقى ومَن حولهما، ثم كانت مدرسة الديوان التى أبدعت عباس محمود العقاد وإبراهيم عبد القادر المازنى وعبد الرحمن شكرى، وهم الذين تمردوا على المدرسة اللفظية والتقليدية فى الشعر، وكتبوا أشعارا كانت مقدمة طبيعية وقوية لمدرسة «أبوللو» فى ما بعد، التى كان روادها إبراهيم ناجى وعلى محمود طه ورهط كبير من الشعراء.
وفى هذا السياق نشرت صحيفة «البلاغ» الأسبوعية فى 6 أبريل عام 1928، أى فى وقت سابق جدا، قصيدة مكتملة الأركان من الناحية التجديدية، ضمن ملفها الشعرى، وكانت القصيدة للشاعر على شوقى، وأزعم أنه ابن أمير الشعراء أحمد شوقى، الذى كتب كتابا بعد رحيل والده، وكان عنوانه «أبى شوقى»، وأعتبر أن هذه القصيدة هى القصيدة الأسبق زمنيا من كل القصائد التى ذكرناها، وهذا يثبت أن مقدمات الثورة الشعرية فى مصر كانت قوية وسابقة على غيرها من الأقطار العربية الأخرى، ولذلك أنشرها هنا لتكون بين أيدى الباحثين والمؤرخين لتوضع فى الاعتبار، وإليكم القصيدة:
مناجاة الطائر للشاعر المجيد صاحب الإمضاء
أيها الطائر غرّد ما تشاء
لست أدرى ما تقول
لست أدرى
...
أعِد اللحنَ وشنّف مسمعى
حسب عينى حسب قلبى الموجعِ
إننى انهلت عليه أدمُعى
بعد أن أزمعت نسيان البكاء
وزكت نار الخليل
خلف صدرى
....
قف وطارحنى أناشيد الهوى
فكلانا عاشق يشكو الجوى
شفّه الوجد وأضناه النوى
غير أنى من عذولى فى عناء
عيل صبرى بالعذول
عيل صبرى
....
يا لقلبى هل لقلبى من طبيب؟
وحبيبى معرض وهو الحبيب
يسمع الشكوى ولكن لا يجيب
ولديه برء قلبى لو يشاء
ليت شعرى هل يميل؟
ليت شعرى
....
ربما مال ولكن لا إلىّ
وانثنى لكن بلا عطف علىّ
يا لقومى لشجىّ من خلىّ
يا لقومى - ولكم طول البقاء
بت من وجدى أقول
ضاع عمرى
«على شوقى»)
هذا هو النص الذى نشرته «البلاغ» الأسبوعية، وعلى الباحثين إدراجه فى الاعتبار لجدته، وحداثة طريقته، رغم أنه يشتبك مع أشكال أخرى فى الكتابة، ولكنه يتفوق، بل يختلف كليا مع كل ما كان يكتب فى تلك الأيام.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.